أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة الأولى - من 27 أكتوبر سنة 1949 لغاية يونيه سنة 1950 - صـ 198

جلسة 19 من يناير سنة 1950

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك ومحمد علي رشدي بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك المستشارين.

( 55 )
القضية رقم 70 سنة 18 القضائية

ا - إجارة. مستأجر. متعرض. ليس للمستأجر أن يطلب إلزام المتعرض بالريع.
ب - إجارة. ريع. التنازل عنه. حوالة. لا تصح إلا برضاء المحال عليه.
جـ - إجارة. تعرض للمستأجر مبني على سبب قانوني. لا يجوز للمستأجر مقاضاة المتعرض.
1 - يجب على المؤجر أن يسلم العين المؤجرة خالية من جميع العوائق التي تحول دون الانتفاع بها وأن يمنع كل تعرض من الغير سواء أكان هذا التعرض مادياً أم مبنياً على سبب قانوني ما دام قد حدث قبل التسليم، والمؤجر يضمن التعرض المبنى على سبب قانوني سواء أكان حاصلاً قبل تسليم العين للمستأجر أم بعد التسليم. فإذا ما تحقق التعرض وجب على المستأجر إخطار المؤجر به في وقت لائق، ولا بد من تدخل المؤجر في الدعوى بين المستأجر والمتعرض لأن المستأجر ليس له حق عيني على العين المؤجرة حتى يستطيع رفع دعوى الريع على المتعرض فضلاً عن أنه ليست هناك صلة بينه وبين المتعرض تخول له مقاضاته ومن ثم فليس للمستأجر أن يطلب إلزام المتعرض بالريع [(1)].
2 - التنازل عن الريع إن هو إلا حوالة حق متنازع فيه فيشترط لصحتها رضاء المحال عليه وفقاً للمادة 349 من القانون المدني القديم. فإذا كان الحكم قد أثبت أن المتعرض تمسك في دفاعه بعدم قبول دعوى المستأجر قبله مما مفاده عدم رضائه بالحوالة بالريع فلا يجوز قبول هذه الدعوى على أساس حصول التنازل عن الريع من المؤجر إلى المستأجر. ولا يقال هنا رداً على ذلك إن المستأجر استعمل حق مدينه المؤجر في مطالبة المتعرض بالتعويض عملاً بالمادة 141 من القانون المدني القديم، إذ هذا القول ينفيه أنه قد رفع الدعوى باسمه وطلب أن يقضي له بالريع، في حين أمه يشترط في الدعوى غير المباشرة التي تقام وفقاً للمادة المذكورة أن ترفع باسم المدني ليقضي له فيها.
3 - إذا كان التعرض للمستأجر في الأرض التي استأجرها مبنياً على سبب قانوني هو ادعاء المتعرض تملك هذه الأرض بطريق البدل الحاصل بينه وبين المؤجر فلا يجوز للمستأجر أن يقاضي المتعرض لأنه ليس له حق عيني على العين المؤجرة ولا تربطه به علاقة قانونية تجيز له مقاضاته.


الوقائع

في يوم 21 من أبريل سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف أسيوط الصادر يوم 9 من ديسمبر سنة 1947 في الاستئناف رقم 83 س ق 21. وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع نقض الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً بإلغاء الحكم المطعون فيه وعدم قبول دعوى المطعون عليه الأول قبل الطاعن - واحتياطياً إعادة الدعوى إلى محكمة استئناف أسيوط وإلزام المطعون عليه الأول في مواجهة الثاني والثالث بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجات التقاضي الثلاث.
وفي 25 و26 من أبريل سنة 1948 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن - وفي 10 من مايو سنة 1948 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته، وفي 25 مايو سنة 1948 أودع المطعون عليه الأول مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وفي 29 من مايو سنة 1948 أودع المطعون عليه الثالث مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها إخراجه من الدعوى بدون مصروفات وإلزام الطاعن بمقابل أتعاب المحاماة - ولم يقدم المطعون عليه الثاني دفاعاً - وفي 5 من يونيه سنة 1948 أودع الطاعن مذكرة بالرد، وفي 15 منه أودع المطعون عليه الأول مذكرة بملاحظاته على الرد.
وفي 25 من أكتوبر سنة 1949 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإلغاء الحكم المستأنف وعدم قبول دعوى المطعون عليه الأول قبل الطاعن مع إلزامه بالمصروفات عن درجات التقاضي الثلاث ومقابل أتعاب المحاماة عنها الخ الخ.


المحكمة

ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قرر أن تعرضه للمطعون عليه الأول يعتبر تعرضاً مبنياً على سبب قانوني هو ادعاؤه بملكية الأطيان التي كان المطعون عليه الأول يطالب بريعها بوصفه مستأجراً لها من المطعون عليه الثالث وأن المؤجر يضمن هذا التعرض سواء حصل قبل تسليم العين للمستأجر أو بعد ذلك كان من مقتضى هذا التقرير أن يقضي بقبول الدفع بعدم قبول دعوى المطعون عليه الأول قبله ولكن الحكم رفض هذا الدفع تأسيساً على أن المؤجر - المطعون عليه الأخير - إذ طلب أن يقضي للمستأجر بطلباته فإنه يكون بذلك قد تنازل له عن حقه في الريع، وهذا خطأ في القانون. ذلك أن المادة 349 من القانون المدني (القديم) تشترط لصحة حوالة الديون رضا المدين بالحوالة كتابة والمدين هنا هو الطاعن وهو لم يقبل هذه الحوالة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن قرر " أن المؤجر يجب عليه تسليم العين خالية من جميع العوائق التي تحول دون الانتفاع بها وأن يمنع كل تعرض من الغير سواء أكان هذا التعرض مادياً أم مبنياً على سبب قانوني ما دام قد حدث قبل التسليم، والمؤجر يضمن التعرض المبني على سبب قانوني سواء أكان حاصلاً قبل تسليم العين للمستأجر أم بعد التسليم، فإذا تحقق التعرض وجب على المستأجر إخطار المؤجر به فى وقت لائق ولا بد من تدخل المؤجر في الدعوى بين المستأجر والمتعرض لأن المستأجر ليس له حق عيني على العين المؤجرة حتى يستطيع رفع دعوى الريع على المتعرض فضلاً عن أنه ليست هناك صلة بينه وبني المتعرض تخول له مقاضاته ومن ثم فليس للمستأنف ضده الأول (المطعون عليه الأول) بصفته مستأجراً أن يطلب إلزام المستأنف (الطاعن) بالريع " بعد أن قرر الحكم هذا وهو صحيح قانوناً قال " إنه تبين من الاطلاع على مذكرة المستأنف ضده الثالث (المطعون عليه الثالث) وهو المؤجر أنه قرر أن المستأنف ضده الأول (المطعون عليه الأول) محق في طلب الحكم له بريع الأطيان المغتصبة قبل المغتصب وهو اسكندر جرجس ميخائيل المستأنف وقد أشارت المحكمة الابتدائية إلى ذلك في حكمها المستأنف بقولها إن المستأنف ضده الأخير (المؤجر) طلب أن يقضي للمدعي (المستأجر) المستأنف ضده الأول بطلباته الأصلية قبل المغتصب ومن ذلك يتضح أن المستأنف ضده الأخير وهو المالك المؤجر صاحب الحق في مطالبة المغتصب بالريع قد تنازل عن حقه إلى المستأنف ضده الأول المستأجر منه ولذا فإن لهذا الأخير بهذه الصفة الحق في طلب الريع من المغتصب وهو المستأنف " ولما كان هذا الذي أسس عليه الحكم قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى مخالفاً للقانون ذلك أن التنازل عن الريع إن هو إلا حوالة حق متنازع فيه يشترط لصحتها رضاء المحال عليه وهو هنا الطاعن وفقاً للمادة 349 من القانون المدني (القديم) ولما كان الحكم قد أثبت أن الطاعن تمسك في دفاعه بعدم قبول دعوى المطعون عليه الأول قبله مما يفيد عدم رضائه بالحوالة المشار إليها فما كان يجوز في هذه الحالة قبول الدعوى على أساس حصول التنازل عن الريع من المطعون عليه الثالث (المؤجر) إلى المطعون عليه الأول (المستأجر).
ومن حيث إن رد المطعون عليه الأول على هذا السبب بأنه إنما استعمل حق مدينه المطعون عليه الأخير في مطالبة الطاعن بالتعويض عملاً بالمادة 141 من القانون المدني (القديم) هذا الرد ينفيه أنه إنما رفع الدعوى باسمه وطلب أن يقضي له هو بالريع وصدر له الحكم به دون المؤجر مع أنه يشترط في الدعوى غير المباشرة التي تقام وفقاً للمادة 141 سالفة الذكر أن ترفع باسم المدين ليقضي فيها له. ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه لخطأ في تطبيق القانون.
ومن حيث إن الدعوى صالحة للحكم فيها.
ومن حيث إنه لما كان يبين من الأسباب السابقة أن تعرض الطاعن للمطعون عليه الأول في الأرض التي استأجرها من المطعون عليه الأخير إنما كان تعرضاً مبنياً على سبب قانوني هو ادعاء الطاعن تملك هذه الأرض بطريق البدل الحاصل بينه وبين المطعون عليه الأخير - لما كان ذلك لا يجوز للمطعون عليه الأول بوصفه مستأجراً مقاضاة الطاعن لأنه ليس له حق عيني على العين المؤجرة ولا تربطه بالطاعن علاقة قانونية تجيز له مقاضاته ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم قبول دعوى المطعون عليه الأول قبل الطاعن.


[(1)] هذه قاعدة الحكم المطعون فيه وقد أقرتها محكمة النقض.