أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة الأولى - من 27 أكتوبر سنة 1949 لغاية يونيه سنة 1950 - صـ 203

جلسة 19 من يناير سنة 1950

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك ومحمد علي رشدي بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك المستشارين.

( 56 )
القضية رقم 88 سنة 18 القضائية

ا - دعوى صحة تعاقد. رفضها بناءً على أن البيع لم ينعقد تحصيلاً من وقائع الدعوى.
ب - بيع. إقرار بقبول البيع بشروط. منازعة المتمسك بالإقرار في انعقاد البيع على أساس هذه الشروط. لا تلاقي بين الإيجاب والقبول.
1 - متى كان الحكم قد حصل تحصيلاً سائغاً أن البيع محل الدعوى لم ينعقد لعدم الاتفاق على العين المبيعة وأن كل ما حصل إن هو إلا مجرد أعمال تحضيرية لم تنته باتفاق ملزم للطرفين، وبناءً على ذلك رفض دعوى صحة التعاقد على هذا البيع فلا يقبل النعي عليه أنه أخطأ في تطبيق القانون على واقعة الدعوى.
2 - متى كان الإقرار المتنازع على تكييفه صريحاً في الإفصاح عن قبول المقر البيع بالشروط التي ارتضاها وكان المتمسك بهذا الإقرار ينازع في انعقاد البيع على أساس هذه الشروط، فلا يمكن مع هذا القول بتلاقي الإيجاب والقبول اللازمين لانعقاد البيع.


الوقائع

في يوم 19 من مارس سنة 1928 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر يوم 18 من فبراير سنة 1947 في الاستئناف رقم 1155 س ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع نقض الحكم المطعون فيه والحكم في موضوع استئناف الطاعن بإلغاء الحكم المستأنف وصحة التعاقد الحاصل بينه وبين المطعون عليها المؤرخ في 29 من سبتمبر سنة 1943 وإلزامها بالمصروفات عن الدرجتين وأتعاب المحاماة عنهما.
وفي 22 من مايو سنة 1948 أعلنت المطعون عليها بتقرير الطعن. وفي 5 من يونيو سنة 1948 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليها بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته، وفي 17 من يونيه سنة 1928 أودعت المطعون عليها مذكرة بدفاعه طلبت فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات وأتعاب المحاماة، وفي 3 من يونيه سنة 1948 أودع الطاعن مذكرة بالرد مشفوعة بمستنداته، وفي 7 منه أودعت المطعون عليها مذكرة بملاحظاتها على الرد.
وفي 28 من نوفمبر سنة 1949 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات الخ الخ.


المحكمة

ومن حيث إنه بني على سببين يتحصل أولهما في أن الحكم إذ قضى برفض دعوى الطاعن بصحة التعاقد المبرم بينه وبين المطعون عليها ببيعها له قطعة الأرض الفضاء البالغ مساحتها 1692 متراً والمبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى بسعر 45 قرشاً للمتر دفع من ثمنها مائة جنيه مقدماً - إذ قضى الحكم بذلك، أخطأ في تطبيق القانون على واقعة الدعوى، ذلك أنه بعد أن ذكر نص العقد موضوع النزاع وصفه بأنه مجرد أعمال تحضيرية لم تنته باتفاق ملزم للطرفين مع أن هذا العقد تضمن الإيجاب من جانب المشتري بالشراء والقبول من جانب البائع بالبيع، والاتفاق على تحديد وحدة الثمن والعين المبيعة.
ومن حيث إن الحكم إذ قضى برفض دعوى صحة التعاقد قال " إن الذي تستخلصه المحكمة من استعراض نصوص المستندات المشار إليها، أن كل ما تم بين القس بسطا بشاي (الطاعن) والسيدة فاطمة هانم فهمي المطعون عليها إن هو إلا أعمال تحضيرية لبيع ابتدائي لم يتم ولم يحرر عقده فلم يستطع القس بسطا أن يقدم هذا العقد وكل ما قدمه هو الإيصال المؤرخ في 29 من سبتمبر سنة 1943 والموقع عليه من ناظر الزراعة باستلامه مبلغ مائة جنيه تأميناً على قبوله مشتري قطعة الأرض الفضاء ولم ينص في هذا الإيصال على أن الدائرة قد باعت هذه الأرض وقد أشير في هذا الإيصال إلى أمر الدائرة (31) وقد وضح أن هذا الأمر يتطلب تحرير عقد بيع ابتدائي الشيء الذي لم يتم. كما أنه يؤخذ من إشارة ناظر الزراعة المؤرخة 4 من أكتوبر سنة 1943 إلى حضرة وكيل الدائرة أن تحرير هذا العقد يتوقف على عمل خط الابعاد لمعرفة مسطح قطعة الأرض وقد نبه على المهندس بتاريخ 5/ 10/ 1943 بمساحة الأرض فأشر هذا الأخير بأنه سيقوم بعمل المقاس وأوراق القضيه خالية مما يفيد أن خط الابعاد قد عمل أو أن المقاس قد أجرى وأن المساحة قد حددت وأن عقد البيع الابتدائي قد حرر. والظاهر أنه قام خلاف على مساحة قطعة الأرض موضوع الدعوى فبينما يقول القس بسطا في دعواه إنها عبارة عن 1692 متراً، إذا بالسيدة عائشة هانم فهمي تقول إنها 1750 متراً وإذا بعقد القسمة المحرر بين ورثة المرحوم علي باشا فهمي بتاريخ أول مايو سنة 1932، ينطق بأن مساحتها 1741. كما أن السيدة فاطمة هانم فهمي المالكة تعارض في إنذارها السابقة الإشارة إليه في وجود شارع عمومي بين قطعة الأرض وبين أملاك السيدة عائشة هانم فهمي وتقول فيه أيضاً إنها لا تمانع في إتمام البيع بالحدود الصحيحة فكانت مساحة الجزء المقول بأنه شارع مختلف على دخولها في المبيع ومعنى ذلك أن البائعة لم تكن تقر القس بسطا على الحدود التي يدعيها ولا على مقدار المساحة المبيعة.
ومن حيث إن اختلاف الطرفين على مساحة المبيع وحدوده يمنع من تلاقي الإرادتين وانعقاد العقد. ومن حيث إنه قد استبان للمحكمة أنه لم يكن هناك بيع بالمعنى الصحيح لعدم استكمال شرائطه القانونية وأن كل ما حصل هو مجرد أعمال تحضيرية لم تنته باتفاق ملزم للطرفين فتكون دعوى صحة التعاقد المرفوعة من القس بسطا على غير أساس، ومن هذا الذي قاله الحكم يبين أنه حصل تحصيلاً سائغاً فهم الواقع في الدعوى وهو أن البيع لم ينعقد لعدم الاتفاق على العين المبيعة. ومن ثم لا محل لما ينعاه عليه الطاعن من مخالفة القانون.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم أخطأ في تكييف المستندات المقدمة من الطاعن كما أغفل الرد على إقرار المطعون عليها بحصول البيع في الإنذار المرسل منها إليه في 11 من ديسمبر سنة 1943، وكذلك أغفل الرد على إقرارها بالبيع الثابت بمحضر جلسة 7 من مارس سنة 1944 في القضية رقم 75 سنة 1944 كلي المنيا.
ومن حيث إن هذا السبب بوجهيه مردود بأن الشق الأول منه إنما هو ترديد لما جاء بالسبب الأول وأن الحكم تعرض للإنذار الموجه من المطعون عليها إلى الطاعن واستخلص منه أن الاتفاق بينها وبين الطاعن لم يكن شاملاً، وأن إيجاب الطاعن لم يصادف قبولاً منها يحقق الأركان القانونية لانعقاد البيع. أما ما ينعاه الطاعن على الحكم من إغفاله الرد على الإقرار الثابت بمحضر جلسة 7 من مارس سنة 1944 فمردود بأنه فضلاً عن أنه لم يقدم ما يثبت أنه تمسك بهذا الوجه أمام محكمة الموضوع فإن هذا الإقرار إنما كان مفصحاً عن قبول المطعون عليها البيع بالشروط التي ارتضتها هي والتي كان الطاعن ينازع في انعقاد البيع على أساسها مما لا يمكن معه القول بتلاقي الإيجاب والقبول اللازمين لانعقاد البيع.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الطعن على غير أساس ومتعين الرفض.