أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 6 - صـ 867

جلسة 25 من إبريل سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين المستشارين.

(262)
القضية رقم 124 سنة 25 القضائية

(أ) تزوير. جريمة استعمال ورقة مزورة. طبيعتها.
(ب) إثبات. تزوير. التعويل على المضاهاة التى تجرى على أى ورقة تقتنع المحكمة بصدورها من شخص معين ولو أنكر صدورها منه. جائز.
1- إن جريمة استعمال الورقة المزورة جريمة مستمرة تبدأ من تقديم الورقة والتمسك بها وتظل مستمرة ما بقى مقدمها متمسكا بها.
2- إن القاضى الجنائى بما له من الحرية فى تكوين عقيدته فى الدعوى غير ملزم بإتباع قواعد معينة مما نص عليه قانون المرافعات فيما يتعلق بأوراق المضاهاة، بل له أن يعول على مضاهاة تجرى على أى ورقة يقتنع هو بصدورها من شخص معين ولو كان ينكر صدورها منه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: استعمل محررا مزوراً (عقد تحويل دين) مع علمه بتزويره بأنه قدمه لمحكمة شبين الكوم الجزئية الوطنية. وطلبت عقابه بالمواد 211 و212 و215 من قانون العقوبات. وقد أدعى كل من أمينه يونس الجندى وحسن محمد الحفناوى بحق مدنى قدره ستون جنيهاً قبل المتهم على سبيل التعويض. ومحكمة شبين الكوم الجزئية قضت حضورياً عملاً بالمادتين 211 و215 من قانون العقوبات بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة 1000 قرش لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يدفع للمدعيين بالحق المدنى أمينة يونس الجندى وحسن محمد الحفناوى مبلغ 40 جنيهاً مصرياً والمصاريف المدنية المناسبة مع رفض ما زاد على ذلك من الطلبات بلا مصاريف جنائية. فأستأنف المتهم، و محكمة شبين الكوم الابتدائية قضت حضورياً بتأييد الحكم المستأنف بشقيه وألزمت المتهم بالمصروفات المدنية الاستئنافية بلا مصروفات جنائية. فطعن الطاعن فى هذه الحكم بطريق النقض.. الخ.


المحكمة

... ومن حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم أخطأ فى تطبيق القانون إذ قضى برفض الدفع المقدم من الطاعن بسقوط جريمة استعمال الورقة المزورة لمضى أربع سنوات ونصف سنة على وقوعها بمقولة إن الاستعمال من الجرائم المستمرة مع أن هذه الجريمة وقتية تحتسب مدة التقادم فيها من تاريخ وقوعها.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على أسباب الحكم المطعون فيه أن الطاعن قدم السند المطعون فيه بالتزوير للمحكمة المدنية فى 2 من فبراير سنة 1947 وظل متمسكا به أمام محكمتى أول وتانى درجة إلى أن حكم استئنافيا بتاريخ 28 من ديسمبر سنة 1948 برده وبطلانه - لما كان ذلك - وكانت جريمة استعمال الورقة المزورة جريمة مستمرة تبدأ من تقديم الورقة والتمسك بها وتظل مستمرة ما بقى مقدمها متمسكا بها - وقد ظل الطاعن متمسكا بالسند المطعون فيه إلى أن قضى فى 28 من ديسمبر سنة 1948 استئنافيا برده وبطلانه - ولما كان لم يمض من هذا التاريخ إلى يوم 15 من أكتوبر سنة 1951 الذى استقر قضاء هذه المحكمة على أن يطبق فيه قانون الإجراءات الجنائية فيما هو أصلح للمتهم من نصوصه - مدة أربع سنوات ونصف فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع يكون صحيحاً ولا مخالفة فيه للقانون.
ومن حيث إن مبنى الوجه الثانى من الطعن أن الحكم أخطأ فى تطبيق القانون إذ دان الطاعن بالمادتين 211 و215 من قانون العقوبات فى حين أن المادة الأولى منهما لا تنطبق على حالة الطاعن لأنها خاصة بالموظفين العمومين وليس الطاعن من بينهم.
ومن حيث إن هذا الوجه مردود بأنه لما كان يشترط لسلامة الحكم المطعون فيه فوق بيانه للواقعة التى دان الطاعن بها - أن يشتمل على نص القانون الذى أنزلت المحكمة بموجبه العقاب على المتهم - ولما كانت النيابة العامة قد طلبت عقاب الطاعن بالمادتين 211 و215 من قانون العقوبات وكانت المادة الثانية منهما تنص على عقاب الجريمة التى اقترفها الطاعن وتحيل على أولاهما بالنسبة لطرق ارتكاب جريمة التزوير - لما كان ذلك وكان الحكم قد دان الطاعن عن الجريمة المسندة إليه فإن ذكر المادتين اللتين أنزل العقاب بموجبهما لا يكون فيه مخالفة للقانون. وبما أن مبنى الوجه الثالث من الطعن أن الحكم المطعون فيه بنى على إجراء باطل وشابه القصور إذ لم يجب الطاعن إلى ما طلبه من ندب خبير لإجراء المضاهاة واستند إلى تقرير الخبير الذى استندت إليه المحكمة المدنية عندما قضت بالرد والبطلان - دون أن يلتفت الحكم إلى ما دفع به الطاعن من أن هذا التقرير أسس على نتيجة المضاهاة التى أجراها الخبير على ورقة عرفية غير معترف بها - وإذا أغفل ما جاء فى التقريرين الطبيين الشرعيين من أن ورقة الاستكتاب التى حررها الشاهد المطعون على إمضائه لا تصلح للمضاهاة لطول المدة الفاصلة بينها وبين عقد الرهن المؤرخ فى 10 من أبريل سنة 1933 - هذا بالإضافة إلى أن الحكم لم يلق بالا إلى أن الطاعن لم يكن فى حاجة إلى تزوير ختم والده لما هو مسلم من أن الختم الصحيح كان فى حيازته وقال بأن تاريخ العقد كان سنة 1930 ثم غير إلى سنة 1933 مع أن الخبير لا يمكن أن يصل فى ذلك إلى قرار صحيح - ومع أنه لا مصلحة للطاعن فى هذا التغيير.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى وأورد الأدلة التى استخلص منها ثبوتها وأرجعها إلى أصولها فى الأوراق - وتعرض لدفاع الطاعن واطرحه للاعتبارات التى ذكرها - لما كان ذلك - وكانت هذه الأدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها - وكان الحكم قد تناول ما طلبه الطاعن من ندب خبير ورد عليه "بأن المحكمة لا ترى أي مبرر لإجابة المتهم إلى طلبه حيث إنه تبين من الإطلاع على الأوراق المقدمة منه أنها لا تعاصر الورقة المطعون فيها بالتزوير موضوع التهمة علاوة على أنها تكتفى بما جاء بتقرير الخبير المودع فى القضية الجزئية والتى حكم فيها نهائياً برد وبطلان الورقة موضوع التهمة" وكان القاضى الجنائى بما له من الحرية فى تكوين عقيدته فى الدعوى غير ملزم باتباع قواعد معينة مما نص عليه قانون المرافعات فيما يتعلق بأوراق المضاهاة بل له أن يعول على مضاهاة تجرى على أى ورقة يقتنع هو بصدورها من شخص معين ولو كان ينكر صدورها منه - وكانت المحكمة قد تعرضت لتقرير الخبير المنتدب أمام المحكمة المدنية ورأت للاعتبارات السائغة التى أوردتها الأخذ به مما مفاده أنها وجدت فى أوراق الدعوى من العناصر ما كفاها فى تكوين عقيدتها ولم تجد نفسها فى حاجة إلى اتخاذ أى إجراء آخر من إجراءات التحقيق لتكوين ما انتهت إليه من رأى - لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.