أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة الأولى - من 27 أكتوبر سنة 1949 لغاية يونيه سنة 1950 - صـ 224

جلسة 2 من فبراير سنة 1950

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وحضور حضرات أصحاب العزة: محمد علي رشدي بك وعبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك المستشارين.

( 62 )
القضية رقم 95 سنة 18 القضائية

موظف:
ا - نقل موظف. كونه يتضمن تنزيلاً للموظف أو لا. العبرة في ذلك بمؤدي القرار لا بلفظه. استخلاص التنزيل من اختلاف الوظيفتين في النوع وفي مجال الترقي. اعتبار أن النقل كان تجاوزاً لسلطة من أصدره. سائغ.
ب - وظائف. جريان العمل بتوزيعها بين فنية وإدارية وكتابية. كون الكادر لا يتضمن نصوصاً خاصة بذلك. لا يؤثر في اعتبارها مقسمة إلى هذه الأنواع.
جـ - وظائف. الفرق بين الدرجة الكتابية أو الإدارية وبين الدرجة الفنية. ليس هو بدء المربوط فقط بل أيضاً مجال الترقي.
1 - العبرة في تحديد ما إذا كان قرار النقل المتضرر منه يتضمن أو لا يتضمن تنزيلاً لوظيفة الموظف المنقول هي بمؤدى هذا القرار وأثره لا بلفظه وشكله. فإذا كانت محكمة الموضوع قد استخلصت استخلاصاً سائغاً من اختلاف نوع الوظيفة التي نقل إليها الموظف عن نوع الوظيفة التي كان يشغلها قبل النقل ومن تباين شروط التعيين فيهما، ومن كون مجال الترقي في الوظيفة الفنية التي كان يشغلها أوسع منه في الوظيفة الكتابية التي نقل إليها - استخلصت من ذلك كله أن أمر النقل في هذه الحالة يعد بمثابة جزاء تأديبى بتنزيل الموظف فإنها لا تكون قد أخطأت في تطبيق القانون.
وإذا كان الحكم حين اعتبر أمر النقل تنزيلاً لوظيفة الموظف المنقول كان من الواجب أن يصدر به قرار من السلطة التي تملك تأديبه وبني على هذا الاعتبار أن الرئيس الذي أصدر أمر النقل كان مجاوزاً حدود سلطته فإنه بذلك لا يكون قد خالف القانون.
2 - ما دام العمل قد جرى على توزيع الوظائف في مصلحة ما بين فنية وإدارية وكتابية فمن الطبيعي أن يستتبع ذلك أن يكون لكل قسم درجات مبينة وشروط خاصة للتعيين في وظائف وما يتلو التعيين من ترقيات وعلاوات، وذلك سواء أكان الكادر الذي كان معمولاً به متضمناً نصوصاً خاصة بالوظائف الفنية وغيرها أو غير متضمن.
3 - إن الأمر في التفريق بين الوظائف لا يقف عند حد الفرق بين الدرجة الكتابية أو الإدارية وبين الدرجة الفنية في بدء مربوطها بحسب ما هو مقرر فعلاً، بل هو يتناول أيضاً مجال الترقي الذي بقدر ما يضيق في الوظائف الكتابية وأشباهها يتسع في الوظائف الفنية بسبب المؤهلات التي تتطلبها في شاغليها وقلة عددهم.


الوقائع

في يوم 26 من مايو سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة القاهرة الصادر يوم 11 من أبريل سنة 1948 في الاستئناف رقم 64 س ق 65. وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنتان الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع نقض الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون عليه. واحتياطياً إحالة الدعوى على محكمة استئناف القاهرة وإلزام المطعون عليه في كلتا الحالتين بالمصروفات وأتعاب المحاماة الخ الخ.


المحكمة

ومن حيث إنه بني على سببين يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون من ثلاثة أوجه: (الأول) إذ اعتبر النقل من وظيفة فنية إلى أخرى كتابية بمثابة جزاء تأديبي بتنزيل الوظيفة في حين أن الجزاء التأديبي يجب أن يصدر به نطق صريح في صورة قرار أو حكم فلا يعتبر النقل ولو ترتب عليه تنزيل الوظيفة بحكم الأمر الواقع جزاء تأديبياً. (الثاني) إذ اعتبر النقل من وظيفة فنية إلى أخرى إدارية أو كتابية أمراً مخالفاً للقوانين واللوائح في حين أنه حق أصيل للرئيس ليس ما يقيده إلا ما ورد استثناءً في بعض القوانين خاصاً بالمستشارين وأنه متى كان لا يوجد تشريع يرتب الدرجات بعضها فوق بعض فلا يصح القول بأن نقل الموظف من وظيفة إلى أخرى قد انطوى على تنزيل لوظيفته، هذا فضلاً عن أن الكادر الذي كان معمولاً به في سنة 1937 لم يكن يفرق بين أنواع الوظائف فنية كانت أو إدارية أو كتابية. (الثالث) إذ بني تقريره أن نقل المطعون عليه قد انطوى على تنزيل لوظيفته على أن بدء مربوط الدرجة السادسة الإدارية 180 جنيهاً سنوياً بينما أن بدء مربوط الدرجة السادسة الفنية 252 جنيهاً سنوياً. ووجه الخطأ في هذا هو أن الكادر الذي كان معمولاً به وقتئذ ليس فيه درجة سادسة فنية وأخرى كتابية أو إدارية بل إن مربوط هذه الدرجة فيه هو دائماً من 180 جنيهاً إلى 468 جنيهاً سنوياً.
ومن حيث إن هذا السبب بجميع أوجهه مردود: (أولاً) بأن العبرة في تحديد ما إذا كان قرار النقل المتضرر منه يتضمن أو لا يتضمن تنزيلاً لوظيفة المطعون عليه هي بمضمون هذا القرار وأثره لا بلفظه ولا بشكله ومتى كانت محكمة الموضوع قد استخلصت استخلاصاً سائغاً من اختلاف نوع الوظيفة التي نقل إليها المطعون عليه عن نوع الوظيفة التي كان يشغلها قبل النقل ومن تباين شروط التعيين فيهما ومن أن مجال الترقي في الوظيفة الفنية التي كان يشغلها أوسع منه في الوظيفة الكتابية التي نقل إليها - متى كانت المحكمة قد استخلصت من ذلك كله أن أمر النقل في هذه الحالة يعد بمثابة جزاء تأديبي بتنزيل الوظيفة فهي لم تخطئ في تطبيق القانون، ومردود (ثانياً) بأن الحكم إذ اعتبر أمر النقل تنزيلاً لوظيفة المطعون عليه كان يجب أن يصدر به قرار من السلطة التي تملك تأديبه وبني على هذا الاعتبار أن الرئيس الذي أصدره كان متجاوزاً حدود سلطته لا يكون قد خالف القانون كذلك، ومردود (أخيراً) بما قرره الحكم " من أنه سواء تضمن الكادر نصوصاً خاصة بالوظائف الفنية أو لم يتضمن فإن العمل جرى على توزيع الوظائف بين فنية وإدارية وكتابية. وليس أدل على ذلك من منشور المالية رقم 19 لسنة 1926 الذي تعتمد عليه الوزارة في دفاعها فقد أشار إلى هذه الأنواع الثلاثة، وما دامت الوظائف تقسم هذا التقسيم فمن الطبيعي أن يستتبع ذلك أن يكون لكل قسم درجات مبينة وشروط خاصة للتعيين في وظائفه وما يتلو التعيين من علاوات وترقيات "، وما قرره في موضع آخر من " أن الأمر لا يقف عند حد الفرق بين الدرجة الكتابية أو الإدارية وبين الدرجة الفنية في بدء مربوطها بحسب ما هو مقرر فعلاً فهنالك مجال الترقي وهو بقدر ما يضيق في الوظائف الكتابية وأشباهها يتسع في الوظائف الفنية بسبب المؤهلات التي تتطلبها في شاغليها وقلة عددهم وقد أشار كامل أفندي شلبي (المطعون عليه) في مذكرته إلى أقرانه سواء في الوظيفة الفنية التي نقل منها أو في مصالح أخرى ومن حقه أن يؤمل في أن يتساوى بهم وهو أمل مشروع متى كان قائماً بعمله باستقامة وأمانة وبمقارنة حالته بحالة هؤلاء الأقران يتضح الفرق جلياً بين ما حصلوا عليه وبين ما استقر عليه في وضعه الحالي هذا، إلى ما هنالك من اعتبارات أخرى أخصها أنه يعمل في بيئته ويستخدم مؤهلاته ومعلوماته القانونية ويتمتع بما لها من مزايا متنوعة " - إلى أن قال " إنه لا يجوز التحدي بأن قرار النقل أملته المصلحة العامة لأنه يكفي لاعتباره مخالفاً للقانون أن يكون فيه إهدار لحقوق اكتسبها الموظف وأحاطها الشارع بكفالته وحرم المساس بها صوناً للموظف من أن تمتد إليه يد الجبروت والطغيان ".
ومن حيث إن حاصل السبب الثاني هو بطلان الحكم لقصور أسبابه إذ أيد الحكم الابتدائي دون أن يحيل على أسبابه في لفظ صريح فجاء خلواً من بيان كيف أن النقل أضر بالمطعون عليه وما هي عناصر هذا الضرر مادية كانت أو معنوية وهل أدخل في حسابه ما فات المطعون عليه من الترقية وهل هذه الترقية هي من حق الموظف أم ليست كذلك وهل لاحظت المحكمة أنه مع بقائه في وظيفته التي نقل إليها كان أمامه مجال للترقية إذا كان صالحاً لها وهل مجال ترقيته في الوظيفة التي نقل إليها يقل عن المجال الذي كان أمامه في الوظيفة السابقة.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم المطعون فيه بعد أن رد على أسباب استئناف مفنداً أياها قال " مما تقدم يبين أن المحكمة الابتدائية إذ قضت بمخالفة قرار النقل للقانون قد أصابت كما أنها أصابت في تقدير التعويض وهو ما تقرها عليه هذه المحكمة باعتباره شاملاً للضرر من ناحيتيه المادية والأدبية ومن ثم يتعين تأييد الحكم المستأنف، وفي هذه العبارة ما يكفي لاعتبارها إحالة على أسباب الحكم الابتدائي في خصوص أسس التعويض وعناصره التي عني الحكم الابتدائي ببيانها بما فيه الكفاية.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.