أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 6 - صـ 912

جلسة 26 من أبريل سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، و محمد عبد الرحمن يوسف، ومحمود محمد مجاهد المستشارين.

(272)
القضية رقم 132 سنة 25 القضائية

إثبات. اعتراف. تقديره موضوعى ما دام يقوم على أسباب تبرره.
إن لمحكمة الموضوع أن تقدر الاعتراف الذى يصدر من المتهم وتفصل فيما إذا كان قد صدر عن إرادة حرة أم أنه كان مشوبا بالإكراه، وتقديرها فى ذلك كما هو الشأن فى تقديرها لسائر الأدلة الأخرى هو من المسائل الموضوعية التى لا معقب عليها فيه ما دام يقوم على أسباب تبرره.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه اشترك مع آخرين فى ارتكاب جريمة سرقة بطريق المساعدة بأن نقلا الأسلاك المسروقة فى سيارتهما فوقعت الجريمة بناء على هذه المساعدة. وطلبت عقابه بالمواد 40/ 3 و41 و317/ 4 من قانون العقوبات. ومحكمة ههيا الجزئية قضت فيها حضورياً عملا بمواد الاتهام بحبسه ستة أشهر مع الشغل وشملت الحكم بالنفاذ. فاستأنف المتهم ومحكمة الزقازيق الابتدائية قضت فيها حضوريا بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم شهرا واحدا مع الشغل بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ فى تطبيق القانون وشابه القصور إذ دان الطاعن بجريمة الاشتراك فى السرقة دون أن يبين أركان الجريمة والأفعال الإيجابية التى أتاها الطاعن والمكونة لفعل الاشتراك، وإذا استند فى القضاء بإدانته إلى اعتراف صدر منه تحت تأثير الإكراه والتهديد مما لا يجوز الاستناد إليه ولو توافرت عناصر أخرى فى الدعوى، وذلك لتساند الأدلة الجنائية بحيث يكمل بعضها البعض، ولأن المحكمة قد كونت عقيدتها منها مجتمعة فلا يستطاع الوقوف على مبلغ الأثر الذى كان لهذا الاعتراف المشوب فى الرأى الذى انتهت إليه. وإذ أغفلت محكمة الدرجة الأولى بيان واقعة الدعوى كما استخلصتها من العناصر المطروحة أمامها مما يجعل حكمها قاصر البيان قصورا يعيبه ولم تتدارك محكمة الدرجة الثانية هذا النقص فى حكمها المطعون فيه والذى أخذ بأسباب حكم محكمة الدرجة الأولى بالإضافة إلى الأسباب الأخرى التى أوردها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله "وحيث إن الواقعة تتحصل فى أنه اكتشفت سرقة أسلاك تليفونية وأنه ثبت مرور سيارة بمحل الحادث فبدأت تحريات البوليس حتى أمكن معرفة رقم السيارة وهى التى يعمل عليها المتهم "الطاعن" صبيا لسائقها. وحيث إن المتهم ذكر بمحضر البوليس المؤرخ 29/ 8/ 1952 أنه يعمل صبيا على السيارة رقم 17993 منذ شهرين سابقين على هذا المحضر وأن الذى يقود السيارة هو صاحبها محمد محمد قيوب اللهم إلا فى بعض الأحيان يقودها عزت على نصار وهو الذى كان يقود السيارة فى يوم الحادث وأنه وشريكه المتهم المذكور قصدا بالسيارة بعائلة استأجرتها إلى القاهرة حيث بات فيها إلى الصباح وعادا بها إلى الزقازيق متخذين منيا القمح وبلبيس طريقا لهما ولم يسيرا بطريق ههيا وهذه الرواية ذاتها هى رواية المتهم عزت على نصار ثم عاد المتهم وبعد أن ظهر أن السيارة التى يعمل عليها المتهم مرت بطريق ههيا وهو الطريق الذى وقع فيه الحادث وأنها لم تمر بطريق منيا القمح وبلبيس كما سبق أن قرر - عاد فذكر أن شخصين اتفقا مع السائق عزت ليسير بهما إلى ههيا واتفق معهما على الأجر وتركهما أحد الشخصين وركب الثانى معهما وفى الطريق قابلهما الأول واستوقفهما... وطلب منهما هذا الشخصان نقل ثلاثة أجولة مليئة بالأسلاك ووضعت الأجولة داخل "شنطة السيارة" وكان قبوله هو والسائق حمل هذه الأسلاك نتيجة لتهديد هذين الشخصين لهما بمسدس وسكين ثم عادا بحملهما إلى الزقازيق يرافقهما هذان الشخصان ثم إلى ميت غمر وأخذ السائق أجرا على ذلك ثلاثة جنيهات وقرر أنه لم يذكر أقواله هذه في بادئ الأمر خوفا ورهبه من التهديد الذى حصل له" وسرد الأدلة التى خلص منها إلى هذه الواقعة وهى تؤدى إلى ما رتبه عليها ثم تحدث عن اعتراف الطاعن واستند إليه فى ثبوت التهمة فى حقه فقال "ويؤكد هذه الأدلة ومنها اعتراف الطاعن أن المتهم ذكر أول الأمر رواية تبعد به عن الجريمة، فلما ثبت كذب ادعائه عن الطريق الذى سلكته السيارة ذكر روايته الثانية وأضاف إليها أنه كان واقعا تحت تأثير التهديد من الشخصين الآخرين. وقد يكون مفهوما هذا الخوف أثناء التهديد ولكنه وبعد أن وقف أمام البوليس فى حصن أمين فيكون ادعاء الخوف لا مبرر له إلا أنه أراد أن يخفى به أمر ما ارتكب من إثم وليبعد بنفسه عن عقاب الجريمة ويكون من مقتضى ذلك أن المتهم وشريكه قد اتفقا مع المجهول على نقل الأسلاك من قبل لأنه إن لم يكن الأمر كذلك ما أنكر المتهم هذا الإنكار التام واقعة الجريمة بل لفصل وقائعها دون خشية أو رهبة" لما كان ذلك، وكان فيما أورده الحكم من بيان لواقعة الدعوى مما تتوافر به أركان جريمة الاشتراك فى السرقة التى دان الطاعن بها، وكان لمحكمة الموضوع أن تقدر الاعتراف الذى يصدر من المتهم وتفصل فيما إذا كان قد صدر عن إرادة حرة أم أنه كان مشوبا بالإكراه وكان تقديرها فى ذلك كما هو الشأن فى تقديرها لسائر الأدلة الأخرى هو من المسائل الموضوعية التى لا معقب عليها فيه ما دام يقوم على أسباب تبرره كما هو الحال فى الدعوى، فإن الطعن لا يكون له أساس ويتعين رفضه.