أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة الأولى - من 27 أكتوبر سنة 1949 لغاية يونيه سنة 1950 - صـ 269

جلسة 23 من فبراير سنة 1950

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: محمد علي رشدي بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك المستشارين.

( 71 )
القضية رقم 97 سنة 18 القضائية

ا - إثبات. تقدير الأدلة. سلطة محكمة الموضوع في ذلك. مثال.
ب - هبة. صغير. هو يملك المال الذي يهبه إياه وصيه أو من هو في حجره وتربيته بمجرد الإيجاب. إقرار المورث بمديونيته لولديه القاصرين بقيمة سند. هو إيجاب بهبة لهما تتم به دون حاجة إلى قبول من وصى يقام عليهما ليتسلم السند.
جـ - نقض. خطأ الحكم إلى تقريره أن الهبة للقاصر من مورثه تمت بتحرير السند وتسليمه في حين اعتباره تحرير السند إيجاباً للهبة له، مما يكفي لإتمامها دون إجراء آخر. لا يقدح في صحة الحكم ما دام أنه قضى باعتبار السند هبة تامة.
1 - ما دامت المحكمة حين رجحت ما شهد به شهود الصادر لمصلحته العقد محل الدعوى على شهود الطاعن فيه من أن السند حرر من المورث وهو في حال صحته قبل وفاته بمدة طويلة، قد أقامت قضاءها بذلك على أدلة سائغة استخلصتها من واقع ما أثبته التحقيق أمام محكمة الدرجة الأولى، فإنها لا تكون قد تعدت سلطتها في تقدير الأدلة المقدمة في الدعوى والأخذ بما اطمأنت إليه منها.
2 - الأصل أن الصغير يملك المال الذي يهبه إياه وصيه أو مربيه، أي من هو في حجره وتربيته، بمجرد الإيجاب، ولا يحتاج للقبض. وعليه لو وهب الأب لطفله شيئاً في يده أو عند مستودعه أو مستعيره تتم الهبة بمجرد قوله: وهبت، ولا حجة للقبول لتمام الهبة، لأن المال لما كان في قبض الأب ناب مناب قبض الصغير. فإذا اعتبر الحكم بناءً على أسباب مسوغة أن إقرار المورث بأنه مدين بقيمة السند موضوع الدعوى لولديه القاصرين، هو إقرار من جانبه يشمل إيجاباً بالهبة من مال في قبضه، وبه تتم الهبة للقاصرين بغير حاجة إلى قبول من وصي يقام عليهما ليتسلم السند - فإنه لا يكون قد أخطأ.
3 - إن خطأ هذا الحكم في تقريره أن الهبة تمت بتحرير السند وتسليمه في حين أنه اعتبر تحرير السند إيجاباً للهبة للقاصرين، وهذا الإيجاب وحده كاف لإتمامها دون حاجة إلى إجراء آخر - ذلك لا يقدح في صحته ما دام أنه قضى باعتبار السند هبة تامة.


الوقائع

في يوم أول يونية سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر يوم 16 من مارس سنة 1948 في الاستئناف رقم 874 س ق 64 وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً برفض دعوى المطعون عليها الأولى بصفتها، واحتياطياً إحالة القضية على دائرة أخرى للفصل فيها مجدداً مع إلزام المطعون عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجات التقاضي الثلاث.
وفي 3 من يونية سنة 1948 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن.
وفي 13 منه أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان الخصوم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتها. ولم يقدم المطعون عليهما دفاعاً.
وفي أول ديسمبر سنة 1949 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات الخ الخ.


المحكمة

ومن حيث إنه (الطعن) بني على سببين حاصل أولهما أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ تطبيق القانون كما عاره بطلان جوهري لأخذه بغير ما أثبتته الأوراق وما قامت عليه الأدلة والقرائن من أن السند موضوع دعوى المطعون عليها قد حرر في مرض موت مورث الطرفين ذلك أن المورث المذكور قد اعتراه مرض الموت قبل وفاته بفترة من الزمن لشهادة شهود الإثبات والنفي على السواء وإنما انحصر الخلاف بين الطرفين في التاريخ الحقيقي الذي حرر فيه السند هل هو سنة 1943 - التاريخ الثابت بالسند - أو قبل الوفاة بعشرة أيام. وواضح من قرينة عدم إثبات تاريخ السند ومن عدم ظهوره حتى الوفاة أن شهادة شهود الإثبات هي الصحيحة فلا ترجحها شهادة شاهدي المطعون عليها الأولى، وهما كاتب عمومي عرف تدبير مثل هذه الأمور وآخر قريب لها.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن محكمة الاستئناف بترجيحها شهادة شهود المطعون عليها الأولى على شهود الطاعنة على أن السند حرر من المورث وهو في حال صحته قبل وفاته بمدة طويلة - أقامت قضاءها بذلك على أدلة سائغة استخلصتها من واقع ما أثبته التحقيق أمام محكمة الدرجة الأولى. وهي في هذا لم تتعد سلطتها في تقدير الأدلة المقدمة في الدعوى والأخذ بما اطمأنت إليه منها.
ومن حيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم إذ قضى باعتبار السند موضوع الدعوى هبة تمت بالقبض بتسليم السند دون بيان لمن سلم إليه السند يكون قد أخطأ تطبيق القانون لأن التسليم بالنسبة إلى الموهوب لهما وهما قاصران يجب أن يكون لوصي يقام عليهما لهذا الغرض.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الأصل أن الصغير يملك المال الذي يهبه إياه وصيه أو مربيه أي من هو في حجره وتربيته مجرد الإنجاب ولا يحتاج للقبض. وعليه لو وهب الأب لطفله شيئاً في يده أو عند مستودعه أو مستعيره تتم الهبة بمجرد قوله: وهبت، ولا حاجة للقبول لتمام الهبة. لأن المال لما كان في قبض الأب ناب مناب قبض الصغير.
ومن حيث إن إقرار مورث الطرفين بأنه مدين بقيمة السند موضوع الدعوى لولديه القاصرين هو إقرار اعتبر الحكم المطعون فيه أن حقيقته هبة لهما - بناء على الأسباب السائغة التي استند إليها - وهذا الإقرار من جانبه يشمل إيجاباً بالهبة عن مال قبضه. وبه تتم الهبة للقاصرين بغير حاجة إلى قبول من وصى يقام عليهما ليتسلم السند.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وإن كان أخطأ في تقريره أن الهبة تمت بتحرير السند وتسليمه في حين أنه اعتبر تحرير السند إيجاباً للهبة للقاصرين وهذا الإيجاب وحده كاف لاتمامها دون حاجة إلى إجراء آخر إلا أن هذا الخطأ لا تأثير له في النتيجة التي انتهى إليها الحكم.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.