أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 6 - صـ 922

جلسة 26 من أبريل سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، واسحق عبد السيد، ومحمود محمد مجاهد المستشارين.

(275)
القضية رقم 138 سنة 25 القضائية

(أ) إجراءات. الأصل فيها الصحة.
(ب) إجراءات. لجنة الشئون الوقتية المنوه عنها فى المادة 33 من القانون رقم 188 لسنة 1952 فى شأن استقلال القضاء. هى التى تقدر صفة الاستعجال للمسائل التى تنظرها.
(ج) إجراءات. محاكم الجنايات. الأصل أن تنعقد كل شهر ما لم يصدر قرار من وزير العدل يخالف ذلك.
(د) إجراءات. ما نصت عليه المادة 370 أ. ج بخصوص تحديد تاريخ افتتاح كل دور من أدوار انعقاد محاكم الجنايات. المقصود به.
(هـ) إثبات. اعتراف. قول الضابط إن المتهمة اعترفت له إثر استدعائها لعرضها على الكلب البوليسى. لا يحمل معنى التهديد ما دام هذا الإجراء تم بأمر عضو النيابة وبقصد إظهار الحقيقة.
(و) دعوى مدنية. لا حاجة لتوجيهها إلى من يمثل المتهم إلا إذا كان فاقد الأهلية.
1 - الأصل فى الإجراءات الصحة.
2 - إن تقدير صفة الاستعجال للمسائل التى تنظرها لجنة الشئون الوقتية (المنوه عنها فى المادة 33 من المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 فى شأن استقلال القضاء) هو مما يدخل فى سلطتها.
3 - الأصل طبقا للمادة 369 من قانون الإجراءات الجنائية أن تنعقد محاكم الجنايات كل شهر ما لم يصدر قرار من وزير العدل يخالف ذلك.
4 - إن المادة 370 من قانون الإجراءات الجنائية فيما نصت عليه من تحديد تاريخ افتتاح كل دور من أدوار انعقاد محاكم الجنايات قبله بشهر بقرار من وزير العدل بناء على طلب رئيس محكمة الاستئناف ونشر هذا القرار فى الجريدة الرسمية لم تهدف إلا إلى وضع قواعد تنظيمية فى الأحوال العادية التى لا تطرأ فيها ضرورة توجب الاستعجال ولا يترتب على مخالفتها أى بطلان.
5- إن قول الضابط إن المتهمة اعترفت له بارتكاب الجريمة إثر استدعائها لعرضها على الكلب البوليسى لا يحمل معنى التهديد أو الإرهاب ما دام هذا الإجراء قد تم بأمر محقق النيابة وبقصد إظهار الحقيقة.
6- إن المادة 253 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن الدعوى المدنية بتعويض الضرر ترفع على المتهم بالجريمة إذا كان بالغا ولا حاجة لتوجيهها إلى من يمثله إلا إذا كان فاقد الأهلية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة: بأنها قتلت عمدا ومع سبق الإصرار مديحه حسن الفحام بأن بيتت النية على قتلها وأعدت لذلك "يد هون وسكينا" وانتهزت فرصة نوم المجنى عليها وخلو المسكن وانهالت بهما ضربا وطعنا فى رأسها وبطنها ووجهها وباقى أجزاء جسمها قاصدة من ذلك قتلها فأحدثت بها الإصابات المبينة فى تقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتها وكان القصد من ذلك سرقة حليها ونقودها من منزلها المسكون وحالة كونها خادمه لديها بالأجرة. الأمر المنطبق على المادة 317/ 1 - 2 عقوبات - وطلبت من غرفة الاتهام إحالتها إلى محكمة الجنايات لمعاقبتها بالمواد 230، 231، 234/ 3 من قانون العقوبات، فقررت بذلك. وقد ادعى حسن الفحام (والد المجنى عيها) وجليله عيسى (والدتها) بمبلغ عشرة مليمات على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهمة كما أدعى أيضا محمد عزام بصفته زوج المجنى عليها ووليا شرعيا على ولديه القاصرين بحق مدنى قدره عشرة مليمات تعويضا مؤقتا قبل المتهمة. ومحكمة جنايات اسكندرية قضت حضوريا عملا بالمادة 72 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمة نادرين طه عبد الرحيم المسيرى بالسجن لمدة خمس عشرة سنة وبإلزامها بأن تدفع لكل من صاحبى الدعويين المدنيتين مبلغ قرش على سبيل التعويض والمصاريف وألف قرش مقابل أتعاب المحاماه. فطعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن الوجه الأول من الطعن يتحصل فى أن إجراءات تشكيل محكمة الجنايات التى أصدرت الحكم المطعون فيه وإجراءات تحديد دور انعقادها قد وقعت باطلة مما يجعل المحكمة لا ولاية لها فى إصدار الحكم، ذلك بأن المحكمة شكلت بقرار من رئيس محكمة الاستئناف ولجنة الشئون الوقتية بها لنظر هذه الدعوى فى شهر أغسطس أى فى زمن العطلة القضائية على غير ما قررته الجمعية العمومية وخلافا لأحكام المادتين 266، 367 من قانون تحقيق الجنايات والمواد 33 و40 و41 و42 من قانون استقلال القضاء وفى حين أن لجنة الشئون الوقتية غير مختصة بتشكيل محكمة الجنايات وأن هذه اللجنة نفسها لم تكن مشكلة وفق القانون، هذا إلى أن قرار وزير العدل بتحديد دور انعقاد محكمة الجنايات ابتداء من 21 أغسطس سنة 1954 لم يصدر إلا فى 7 أغسطس سنة 1954 بينما تقضى المادة 370 من قانون تحقيق الجنايات، أن يحدد الدور قبل افتتاحه بشهر وأن ينشر عنه فى الجريدة الرسمية إلا أن هذا النشر لم يحصل إلا فى 23 أغسطس سنة 1954 أما قرار وزير العدل الصادر فى 25 من مايو سنة 1954 بتخويل لجنة الشئون الوقتية حق تعيين القضايا المستعجلة التى يصح نظرها فى العطلة الصيفية فمخالف للقانون إذ ليس له أن يفوض غيره فى تعيين القضايا التى تنظر فى زمن العطلة.
وحيث إنه لما كانت محكمة الجنايات التى أصدرت الحكم المطعون فيه مشكلة من وكيل محكمة استئناف الاسكندرية واثنين من مستشاريها وفقا للمادة الرابعة من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 و المادة 366 من قانون الإجراءات الجنائية وكانت المادة 42 من قانون نظام القضاء تخول الجمعية العمومية لمحكمة الاستئناف ندب مستشارى المحكمة للعمل بمحاكم الجنايات - وكانت المادة 33 من المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 فى شأن استقلال القضاء تقضى بتأليف لجنة فى كل محكمة تسمى "لجنة الشئون الوقتية" من رئيس المحكمة رئيسا ووكيلها أو من يقوم مقامه وأقدم قاضيين فيها وتقوم بمباشرة سلطة الجمعية العمومية عند تعذر دعوتها أثناء العطلة القضائية فى المسائل المستعجلة، ولما كان الأصل فى الاجراءات الصحة إلى أن ثبت العكس ولم يقدم الطاعن دليلا على أن تشكيل اللجنة المذكورة لم يكن وفق القانون أو أن الجمعية العمومية لم يكن متعذرا دعوتها وكان الظاهر يؤيد تعذر هذه الدعوة بسبب انصراف مستشارى المحكمة فى العطلة الصيفية وكان تقدير صفة الاستعجال للمسائل التى تنظرها اللجنة هو مما يدخل فى سلطتها فضلا عن أن نظر قضايا المحبوسين ينطوى بطبيعته على هذه الصفة وكان الأصل طبقا للمادة 369 من قانون الاجراءات الجنائية أن تنعقد محاكم الجنايات كل شهر ما لم يصدر قرار من وزير العدل يخالف ذلك - ولما كان ذلك فإن تشكيل محكمة الجنايات التى نظرت دعوى الطاعنة بقرار من لجنة الشئون الوقتية أثناء العطلة القضائية وبموافقة وزير العدل لا يكون مخالفا للقانون - ولما كانت المادة 370 من قانون الإجراءات الجنائية فيما نصت عليه من تحديد تاريخ افتتاح كل دور من أدوار انعقاد محاكم الجنايات قبله بشهر بقرار من وزير العدل بناء على طلب رئيس محكمة الاستئناف وينشر هذا القرار بالجريدة الرسمية لم تهدف إلا إلى وضع قواعد تنظيمية فى الأحوال العادية التى لا تطرأ فيها ضرورة توجب الاستعجال ولا يترتب على مخالفتها أى بطلان. لما كان ذلك فإن كل ما تثيره الطاعنة فى هذا الوجه غير سديد.
وحيث إن حاصل باقى أوجه الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابه الفساد فى الاستدلال والقصور إذ آخذ الطاعنة بالاعتراف المنسوب إلهيا فى حين أنه لم يصدر عنها أى اعتراف وبفرض أنه صدر منها فهو مشوب بالإكراه إذ وقعت تحت تأثير الخوف من الكلب البوليسى وما وجه إليها من ضرب وتعذيب وإذ استند فى إثبات صحة اعتراف الطاعنة إلى ما لا يؤدى إلى ما انتهى إليه وإذ لم يرد على ما تمسكت به الطاعنة من انفراد ضابط البوليس بها وإكراهها على الاعتراف ولا على ما قاله الدفاع عنها من أن الواقعة كما هى موصوفة بالتقرير الطبى لا يمكن أن يرتكبها إلا جملة أشخاص أقوياء وتضيف الطاعنة إلى ذلك أن الحكم لم يبين الأسباب التى أخرت التوقيع عليه فى ظرف ثمانية أيام وأنه أخطأ إذ قبل الدعوى المدنية ضدها وهى قاصر لا تبلغ من العمر سوى السابعة عشرة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر الجريمة التى دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها فى حقها تفصيل اعترافها لضابط المباحث اليوزباشى عبد الرحمن اللقائى بارتكابها الجريمة وارشادها عن مكان اخفائها للمسروقات واعترافها فى التحقيق بارشادها عن الأشياء المسروقة وباقى الأدلة والقرائن الأخرى التى استند إليها والتى من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها - لما كان ذلك - وكان الدفاع عن الطاعنة لم يتمسك أمام المحكمة بأن اعتراف الطاعنة كان وليد أى اكراه أو تعذيب، وكانت الطاعنة نفسها عند مناقشة المحكمة لها بموافقة الدفاع لم تدع شيئاً من ذلك بل قالت إن الضرب وقع عليها بعد إدلائها بأقوالها لضابط المباحث وبعد ارشادها إلى مكان اخفاء المسروقات - وكان ما جاء بأقوال الضابط عن اعترافها له بارتكاب الجريمة إثر استدعائها لعرضها على الكلب البوليسى لا يحمل معنى التهديد أو الإرهاب ما دام هذا الإجراء قد تم بأمر محقق النيابة وبقصد بإظهار الحقيقة - لما كان ما تقدم وكانت المحكمة غير ملزمة أن تتعقب ما يثيره الدفاع عن المتهم فى كل مناحيه ما دام الرد عليه مستفادا من أدلة الثبوت التى أوردتها - وكان بيان أسباب تأخير التوقيع على الحكم فى الثمانية أيام التالية للنطق به غير لازم فى القانون، وكانت المادة 253 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن الدعوى المدنية بتعويض الضرر ترفع على المتهم بالجريمة إذا كان بالغا ولا حاجة لتوجيهها إلى من يمثله إلا إذا كان فاقد الأهلية - لما كان ذلك فإن ما أثارته الطاعنة فى هذه الأوجه لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعاً.