أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة الأولى - من 27 أكتوبر سنة 1949 لغاية يونيه سنة 1950 - صـ 306

جلسة 2 من مارس سنة 1950

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك المستشارين.

( 80 )
القضية رقم 137 سنة 18 القضائية

ا - نقض. تقرير الطعن. عدم إعلانه إلى المطعون عليه. بطلان الطعن.
ب - حكم. تسبيبه. القضاء باعتبار العقد المتنازع عليه صادراً في مرض الموت حكمه حكم الوصية لأجنبي، وتعيين خبير لحصر أموال البائع المتوفي وتقدير ثمنها لمعرفة ما إذا كان القدر المبيع يخرج من ثلثها أم لا. لا تعارض بين شطري الحكم القطعي والتمهيدي.
جـ - عقد. تحصيل المحكمة أنه صدر في مرض الموت من أقوال الشهود تحصيلاً سائغاً. كون مدة المرض قد استطالت. لا أهمية له ما دامت المحكمة قد استخلصت أن العقد صدر من البائع في فترة اشتداد المرض الذي انتهت بوفاته.
د - نقض. نعى الطاعن على الحكم أنه أخطأ في تأويل شهادة شاهد في التحقيق الذي أجرته المحكمة. عدم تقديمه صورة رسمية من هذا المحضر. لا يلتفت إلى هذا المطعن.
1 - إذا لم يعلن تقرير الطعن إلى المطعون عليه بطل الطعن.
2 - إذا قضت المحكمة باعتبار العقد المتنازع عليه عقد بيع صادراً في مرض الموت حكمه حكم الوصية لأجنبي لا ينفذ إلا في ثلث تركة البائع، ثم حكمت في الوقت نفسه تمهيدياً بندب خبير لحصر أموال البائع وتقدير ثمنها لمعرفة ما إذا كانت الأطيان محل العقد تخرج من ثلثها أم لا، فلا تعارض في حكمها بين شطره القطعي وشطره التمهيدي، إذ أنه مع اعتبار العقد صادراً في مرض الموت حكمه حكم الوصية لأجنبي يصبح الفصل في طلب صحته ونفاذه كلياً أو جزئياً متوقفاً بالبداهة على نتيجة تقرير الخبير في المهمة التي كلفه بها.
3 - إذا كانت المحكمة في قولها إن العقد محل الدعوى صدر من البائع وهو في مرض الموت قد حصلت ذلك مما أجمع عليه الشهود من أنه كان مريضاً بالزلال في قول بعضهم وبالزلال والبول السكري في قول بعض وأنه كان يلزم داره وقت اشتداد العلة به ولا يخرج منها إلا إذا برئ، كما قرر بعضهم أن المورث كان وقت التوقيع على العقد مريضاً ملازماً ما داره وأنه لم يخرج منها حتى أدركته الوفاة بعد ذلك بنحو عشرين يوماً، فهذا يكفي في تبرير ما قالت به وليس فيه ما يخالف تعريف مرض الموت. ولا أهمية لكون مدة المرض قد استطالت متى كانت المحكمة قد استخلصت استخلاصاً سائغاً من الأدلة التي ساقتها أن العقد صدر من البائع في فترة اشتداد المرض الذي انتهى بوفاته.
4 - ما دام الطاعن لم يقدم صورة رسمية من التحقيق المشتمل على شهادة الشاهد الذي يقول إن الحكم أخطأ في تأويلها فلا يلتفت إلى ما ينعاه على الحكم من ذلك.


الوقائع

في يوم 22 من يولية سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف أسيوط الصادر يوم 28 من أبريل سنة 1948 في الاستئناف رقم 107 س ق 22 وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنتان الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى على محكمة استئناف أسيوط. وفي 23 من يولية سنة 1948 أعلن المطعون عليهما الأولان بتقرير الطعن ولم يعلن المطعون عليه الثالث.
وفي 11 من أغسطس سنة 1948 أودعت الطاعنتان أصل ورقة إعلان المطعون عليهما الأولين بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن ولم يودع المطعون عليهم دفاعاً.
وفي 28 من ديسمبر سنة 1949 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً بالنسبة إلى المطعون عليهما الأولين وبطلانه بالنسبة إلى الثالث وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعنتين بالمصروفات الخ الخ.


المحكمة

ومن حيث إن المطعون عليه الثالث (عبد السلام مصطفى محمد حسن عبد الغفار) لم يعلن بتقرير الطعن، فيكون الطعن بالنسبة إليه باطلاً للمادة 17 من المرسوم بقانون رقم 68 لسنة 1931 بإنشاء محكمة النقض.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة إلى المطعون عليهما الأولين.
ومن حيث إنه بني على أربعة أسباب. حاصل أولها أن المحكمة خالفت ما هو ثابت بمحضر التحقيق الذي أجرته محكمة الدرجة الأولى، ذلك أن الشهود قالوا فيه إن البائع (مورث المطعون عليهم) أقر لهم بقبض الثمن من الطاعنتين، ولم ينكر المطعون عليهم هذه الواقعة مكتفين بالطعن على العقد بصدوره من مورثهم في مرض الموت وبذلك ظلت واقعة دفع الثمن واعتراف البائع بقبضه في عقد البيع وأمام الشهود ثابتة لا شك فيها ومع ذلك ذهبت المحكمة إلى افتراض عدم صحتها ناعية على الطاعنتين أنهما لم تقدما دليلاً عليها، ثم اتخذت من هذا الفرض المخالف للواقع دليلاً على مرض موت البائع، مع أنه كان واجباً عليها وقد اتجهت هذا الاتجاه أن تأمر بتحقيق الواقعة قبل أن تقرر عدم صحتها لما لها من أهمية في الحكم وفيما سيترتب عليه من آثار.
ومن حيث إن هذا السبب مرفوض لعدم تقديم الطاعنتين صورة رسمية من محضر التحقيق المشار إليه في نعيمها. ومن جهة أخرى فإنه يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة استنتجت عدم دفع الثمن من عدم حضور الطاعنتين مجلس التوقيع على العقد ومما شهد به الشهود من أنهم لم يروا ثمناً دفع أمامهم وأن البائع أخرج العقد من دولابه مكتوباً جاهزاً وطلب منهم التوقيع عليه معه، ومما شهد به الشاهد فؤاد علي حماد في التحقيق وما قرره الشيخ محمد الأمين زوج إحدى الطاعنتين في شكوى إدارية من أن البائع تصرف إليهما بدون مقابل في كل ما كان يملك من أطيان، وهي في مجموعها قرائن من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي استخلصتها منها المحكمة، مما لم تكن معه في حاجة إلى أن تأمر بتحقيق جديد في هذا الخصوص.
ومن حيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه مشوي بالبطلان لقيام التعارض بينه وبين شطره التمهيدي، ذلك أن المحكمة قضت قطعياً باعتبار عقد البيع صادراً في مرض الموت حكمه حكم الوصية لأجنبي لا تنفذ إلا في ثلث تركة البائع ثم حكمت في الوقت نفسه تمهيدياً بندب خبير لحصر أموال البائع وتقدير ثمنها لمعرفة ما إذا كانت الأطيان المبيعة تخرج من ثلثها أم لا، فإن تبين أن قيمتها تساوي الثلث أو أقل كان العقد صحيحاً نافذاً، وفي هذا القضاء تعارض ظاهر، لأن صحة ونفاذ العقد وهو ما قضى فيه شطر الحكم القطعي معلق على النتيجة التي ستترتب على تنفيذ شطره التمهيدي.
ومن حيث إن هذا السبب غير صحيح إذ لا تعارض في حقيقة الأمر بين الشطر القطعي والشطر التمهيدي من الحكم. ذلك لأنه بعد أن قضت المحكمة باعتبار العقد صادراً في مرض الموت حكمه حكم الوصية لأجنبي لا تنفذ إلا في ثلث مال البائع وقت البيع أصبح الفصل في طلب صحته ونفاذه كلياً أو جزئياً متوقفاً بداهة على نتيجة تقرير الخبير في المهمة التي كلفته بها المحكمة.
ومن حيث إن حاصل السبب الثالث أن المحكمة فسرت مرض الموت بما لا يتفق مع حقيقته ولا مع تعريفه المجمع عليه. ذلك أنه ثبت من التحقيق أن مرض البائع استطال زهاء ثلاث سنوات سابقة على وفاته وأنه كان يباشر أعماله خلالها وأن المرض لم يقعده عن الخروج من منزله حتى في فترة توقيعه على العقد إذ ذهب بنفسه إلى منزل أحد الشهود وأنه لم يعتكف إلا قبل الوفاة بأسبوع واحد وأن أغلب الشهود قرروا أن توقيعه على العقد وإن لم يكن في تاريخ تحريره إلا أنه حصل في يوم سابق على الوفاة بفترة تتراوح بين شهر وشهر ونصف شهر، وأنه في ضوء هذه الوقائع التي تثبت من التحقيق قضت محكمة الدرجة الأولى بصحة ونفاذ عقد البيع بعد أن نفت عن البائع مرض الموت وقت صدوره منه ولكن محكمة الاستئناف أغفلت الرد على ما استندت إليه محكمة الدرجة الأولى مكتفية بالاستناد إلى وقائع لا يربطها بمرض الموت سبب كعدم مطابقة تاريخ العقد لتاريخ التوقيع عليه من البائع والشهود وعدم حضور الطاعنتين مجلس العقد وعدم تقديمهما الدليل على دفع الثمن وكلها أمور لا يستفاد منها مرض الموت ولا تصلح دليلاً عليه.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بما جاء في الحكم المطعون فيه من أن " الشهود أجمعوا على أن البائع كان مريضاً وقال بعضهم إن مرضه هو الزلال وقال البعض الآخر إنه الزلال والبول السكري. وقرروا جميعاً أنه كان يلزم داره وقت اشتداد العلة به ولا يخرج منها إلا إذا بريء كما ذكروا أنه دعاهم إلى منزله وفي هذا ما يدل على أنه كان وقت اشتداد العلة به وبهذا شهد صراحة الشاهد عمر رمضان إذ قال إنه وجده مريضاً معتكفاً في داره وظل كذلك حتى أدركته منيته. وشهادة هذا الشاهد وقد ارتضتها الطاعنتان قاطعة في أن المورث كان وقت على العقد مريضاً ملازماً داره، وأنه لم يخرج منها حتى أدركته الوفاة بعد ذلك بنحو عشرين يوماً ". وهذا الذي قالته المحكمة يكفي لإثبات مرض الموت عند البائع وقت صدور عقد البيع منه، وهو يتعلق بتحصيل فهم الواقع في الدعوى مما لا سبيل لإثارة الجدل بشأنه أمام هذه المحكمة كما أنه ليس فيه ما يخالف تعريف مرض الموت، كذلك لا أهمية لطول مدة المرض متى كانت المحكمة قد استخلصت استخلاصاً سائغاً من الأدلة سالفة الذكر أن العقد صدر من البائع في فترة اشتداد المرض الذي انتهى بوفاته.
ومن حيث إن حاصل السبب الرابع أن المحكمة أخطأت في تأويل شهادة أحد الشهود وخرجت منها باستنتاج فاسد، ذلك أنها قالت إن شهادة الشاهد عمر رمضان صريحة في أن البائع كان وقت التوقيع على العقد مريضاً ملازماً داره ولم يخرج منها حتى أدركته الوفاة بعد ذلك بنحو عشرين يوماً، مع أن حقيقة شهادة هذا الشاهد كما هي ثابتة بمحضر التحقيق تخالف هذا الاستنتاج. هذا فضلاً عما أجمع عليه باقي الشهود من أن البائع لم يعتكف بمنزله بسبب المرض إلا قبل وفاته بأسبوع واحد.
ومن حيث إن هذا السبب عار عن الدليل لعدم تقديم الطاعنين صورة رسمية من محضر التحقيق المشتمل على شهادة الشاهد المذكور وباقي الشهود المشار إليه.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.