أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة الأولى - من 27 أكتوبر سنة 1949 لغاية يونيه سنة 1950 - صـ 328

جلسة 9 من مارس سنة 1950

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك ومحمد علي رشدي بك وعبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك المستشارين.

( 83 )
القضية رقم 169 سنة 17 القضائية

وقف. إذن القاضي في استبدال وقف. الاستبدال لا يتم إلا إذا أوقعت المحكمة الشرعية صيغة البدل. اعتبار عقد البيع الابتدائي تصرفاً بالبدل دون عرض الأمر على المحكمة الشرعية خطأ.
إذا أذن القاضي في استبدال وقف فإن الاستبدال لا يتم ولا ينتج آثاره القانونية إلا إذا أوقعت المحكمة الشرعية صيغة البدل. وذلك بغض النظر عما يكون للعقد الابتدائي من آثار أخرى. فإذا كان الحكم قد اعتبر عقد البيع الابتدائي منتجاً آثاره كتصرف بالبدل ومجرداً العين المبيعة من صفتها كوقف بغير حاجة إلى عرض الأمر على المحكمة الشرعية لتوقع صيغة البدل فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


الوقائع

في يوم 11 من أغسطس سنة 1947 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر يوم 18 من ديسمبر سنة 1946 في الاستئناف رقم 555 س ق 64 وذلك بتقرير طلب فيه الطاعنان الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة استئناف القاهرة للحكم فيها من جديد وإلزام المطعون عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن جميع درجات التقاضي.
وفي 13 من أغسطس سنة 1947 أعلنت المطعون عليها بتقرير الطعن. وفي 30 منه، أودع الطاعنان أصل ورقة إعلان المطعون عليها بالطعن - وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهما، وفي 9 من سبتمبر سنة 1947 أودعت المطعون عليها مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها رفض الطعن مع إلزام الطاعنين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 26 من يناير سنة 1948 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بقبول السببين الثاني والثالث ونقض الحكم المطعون فيه من أجلهما وإحالة القضية على محكمة استئناف القاهرة للفصل فيها من جديد مع إلزام المطعون عليها بالمصروفات.
وبجلسة 10 من مارس سنة 1949 قررت المحكمة إيقاف الدعوى لوفاة المطعون عليها، ثم حركت وأعلن ورثتها وحدد لنظرها جلسة 19 من مايو سنة 1949 الخ الخ.


المحكمة

ومن حيث إن السبب الأول يتحصل في أن وقف المرحوم سليمان بك غنام (الذي يمثله الآن الطاعنان) كان مشمولاً في سنة 1927 بنظر أربعة نظار حرم على أيهم الانفراد بأي عمل من أعمال الوقف وذلك في كتاب الوقف وفي قرار النظر وفي القرار الصادر من محكمة المنصورة الشرعية بالترخيص لهم في إبدال أعيان الوقف، ولكن أحد النظار وهو المرحوم محمد نبيه غنام انفرد بالتصرف وباع المطعون عليها قطعة أرض من أعيان الوقف فرفع الطاعنان دعوى ببطلان هذا البيع وتسليم المبيع لهما، وذلك لأسباب منها أن انفراد أحد النظار المشروط اجتماعهم بالتصرف يقع باطلاً، ولكن الحكم المطعون فيه رفض الدعوى بمقولة إن الناظر حين أجرى هذا التصرف كان وكيلاً عن باقي النظار، وقد أخطأ في تطبيق القانون، إذ استند في قيام هذه الوكالة إلى ما ثبت له من أن الناظر الذي انفرد بالتصرف سبق له أن صرف مبلغاً مودعاً إحدى المحاكم عن نفسه وعن باقي النظار فاعتبر توكيل النظر لزميلهم في هذا الخصوص يشمل جميع التصرفات ومنها البيع مع أن التصرف بالبيع يستلزم توكيلاً خاصاً وذلك وفقاً للمواد 516 و519 و520 من القانون المدني القديم.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم لم يقم قضاءه بثبوت نيابة المرحوم محمود نبيه غنام باقي شركائه في النظر على ما تبين للمحكمة من أنه صرف نيابة عنهم مبلغاً من إحدى المحاكم فحسب بل على ما اقتنعت به من أنه أجرى هذا التصرف بعلمهم وموافقتهم للأسباب التي فصلها، وفي هذا الذي أقنع المحكمة ما يكفي لحمل حكمها في هذا الصدد، وما يصبح معه من غير المنتج بحث ما ينعاه عليه الطاعنان في هذا السبب.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون إذ اعتبر مجرد إذن المحكمة الشرعية لنظار الوقف باستبدال أعيانه كافياً لاعتبار البيع الذي يجريه أحد النظار بمثابة استبدال صحيح منتج لجميع آثاره ومجرداً العين المبيعة من صفتها كوقف، وذلك دون التحقق من أن الشروط التي حواها قرار المحكمة الشرعية قد روعيت وهي وجوب إيداع الثمن خزينة المحكمة الشرعية ووجوب عرض الأمر عليها لإجازة البيع وتوقيع صيغة البدل.
ومن حيث إن الثابت بالأوراق أن محكمة المنصورة الابتدائية الشرعية قررت في 12 من أبريل سنة 1927 " التصريح لنظار وقف سليمان بك غنام (الذي يمثله الآن الطاعنان) بإبدال أعيان الوقف المبينة بالقرار والاتفاق مع راغبي الشراء... وعمل عقود ابتدائية معهم بالبيع على أن لا ينفذ ذلك إلا بعد دفع جميع الثمن لخزينة المحكمة وتوقيع صيغة البيع بواسطة المحكمة.... " وبناء على هذا القرار حرر أحد نظار الوقف عن نفسه وبالنيابة عن الباقين في 13 من أكتوبر سنة 1927 عقد بيع قطعة أرض تابعة للوقف بالثمن المسمى بالعقد والذي نص على دفعه في مواعيد محددة لنظار الوقف - لا لخزينة المحكمة الشرعية - ونص في البند الرابع على أن ملكية العين تبقى للوقف كما هي فلا تنتقل للطرف الثاني أو لورثته إلا بعد دفع كل الأقساط في مواعيدها وعند ذلك يحرر العقد النهائي بتوقيع الصيغة الشرعية بمحكمة المنصورة الابتدائية الشرعية... ".
ومن حيث إن الطاعنين بصفتهما ناظري الوقف يتمسكان ببطلان هذا العقد باعتباره متضمناً إبدالاً للعين الموقوفة، لأن البدل لا يتم إلا إذا أودع الثمن خزانة المحكمة الشرعية وعرض الأمر على المحكمة الشرعية للموافقة على البدل وتحرير صيغته. وقد قضى الحكم المطعون فيه برفض الدعوى بمقولة إن ما نص عليه قرار محكمة الشرعية من وجوب إيداع الثمن في خزانة المحكمة الشرعية ليس بشرط صحة وإنه ليس للطاعنين أن ينقصا ما تم من جهتهما، فلا يجوز لهما وقد اشتركا في قبض الثمن أن يتحديا بعدم إيداعه خزانة المحكمة، وأغفل الحكم التحدث عن شرط عرض الأمر على المحكمة الشرعية لتوقيعها صيغة البدل، واعتبر عقد البيع منتجاً لآثاره، ومجرداً العين من صفتها كوقف دون تحقق هذا الشرط.
ومن حيث إنه إذا أذن القاضي باستبدال الوقف فإن الاستبدال لا يتم ولا ينتج آثاره القانونية إلا إذا أوقعت المحكمة الشرعية صيغة البدل - وذلك بغض النظر عما يكون للعقد الابتدائي من آثار أخرى - وهو ما عنيت محكمة المنصورة الشرعية بتوكيده في قرارها الصادر في 12 من أبريل سنة 1927 والذي سعى النظار في نطاقه في الاتفاق مع المطعون عليها وما حرصوا على الإشارة إليه وترديده في البند الرابع من العقد الابتدائي الذي حرر في 13 من أكتوبر سنة 1927 كما سبق البيان. وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ اعتبر عقد البيع الابتدائي المشار إليه منتجاً لآثاره - كتصرف البدل - ومجرداً العين المبيعة من صفتها كوقف بغير حاجة إلى عرض الأمر على المحكمة الشرعية لتوقيعها صيغة البدل قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.