أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة الأولى - من 27 أكتوبر سنة 1949 لغاية 22 يونيه سنة 1950 - صـ 388

جلسة 30 من مارس سنة 1950

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك ومحمد علي رشدي بك وعبد المعطي خيال بك ومحمد نجيب أحمد بك المستشارين.

(97)
القضية رقم 114 سنة 18 القضائية

دعوى بوليسية. جواز إثارتها كدفع لدعوى طلب نفاذ التصرف. لا يلزم أن ترفع في صورة دعوى مستقلة. تسجيل التصرف لا يؤثر في ذلك.
إنه لما كانت الدعوى البوليسية يقصد بها عدم نفاذ التصرف الصادر من المدين في حق دائنه كان من الجائز إثارتها كدفع للدعوى التي يرفعها المتصرف إليه بطلب نفاذ هذا التصرف، ولا يلزم أن ترفع في صورة دعوى مستقلة، ولا يغير من هذا شيئاً أن يكون التصرف مسجلاً فإن تسجيله لا يحول دون أن يدفع الدائن في مواجهة المتصرف إليه الذي يطلب تثبيت ملكيته استناداً إلى عقده المسجل بالدعوى البوليسية، إذ ليس من شأن تسجيل التصرف أن يغير من طريقة إعمال هذه الدعوى ولا الآثار المترتبة عليها.


الوقائع

في يوم 22 من يونيه سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر يوم 17 من مارس سنة 1948 في الاستئناف رقم 124 س ق 2 وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنات الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة استئناف الإسكندرية وإلزام المطعون عليهم السبعة الأولين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 30 من يونيه و1 و3 من يوليه سنة 1948 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن، وفي 11 من يوليه سنة 1948 أودعت الطاعنات صورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهن وفي 31 من يوليه سنة 1948 أودع المطعون عليهم السبعة الأولون مذكرة بدفاعهم مشفوعة بمستنداتهم طلبوا فيها الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعنات بالمصروفات وأتعاب المحاماة ولم يقدم باقي المطعون عليهم دفاعاً، وفي 14 من أغسطس 1948 أودعت الطاعنات مذكرة بالرد مشفوعة بمستنداتهن.
وفي 12 من فبراير سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص الوجهين الثاني والثالث من السبب الثانى وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات الخ الخ.


المحكمة

ومن حيث إن مما تنعاه الطاعنات على الحكم المطعون فيه أنه إذ أقام قضاءه بعدم قبول الدفع المقدم منهم ببطلان عقد البيع موضوع الدعوى وفقاً للمادة 143 من القانون المدني بوصفهن دائنات للبائع بثمن الأطيان محل العقد والمبيعة منه لمورثهم بالعقد العرفي المؤرخ في سنة 1925 ويوصف إحداهن - أيضاً - دائنة للبائع والمشتري معاً بالدين المقضي به بالحكم الصادر من محكمة الإسكندرية في سنة 1935 إذ أقام الحكم قضاءه بذلك على أساس أن هذا الدفع لا يقبل منهن في دعوى تثبيت الملكية من المشتري بل يجب رفعه بدعوى على حدة بطريقة أصلية أو فرعية يكون قد أخطأ تطبيق القانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قرر"أن الدفع بأن هذا التصرف حصل من مدينهن إضراراً بحقوقهن. وطلب بطلان هذا التصرف طبقاً للمادة 143 مدني الوارد في مذكرتهن الاستئنافية. هذا الدفع معناه جدية العقد ونفاذه بين طرفيه. ثم إن هذا الدفع لا يقبل دفعاً لدعوى إثبات الملكية من قبل المشتري بل يجب رفعه بدعوى على حدة بطريقة فرعية أو أصلية لتبحث شروطه ابتداء واستئنافاً. ولذلك يتعين التجاوز عن بحثه وحفظ الحق للمستأنفات بشأنه بدعوى على حدة".
ومن حيث إن هذا الذي ذهب إليه الحكم يخالف القانون. ذلك أنه لما كانت الدعوى البوليسية يقصد بها عدم نفاذ التصرف الصادر من المدين في حق دائنه، كان من الجائز إثارتها كدفع للدعوى التي يرفعها المنصرف إليه بطلب نفاذ هذا التصرف، ومن ثم فلا يلزم أن ترفع في صورة دعوى مستقلة.
ومن حيث إنه لا يغير من هذا النظر شيئاً أن يكون التصرف مسجلاً ذلك أن تسجيله لا يحول دون أن يدفع الدائن - في مواجهة المتصرف إليه الذي يطلب تثبيت ملكيته استناداً إلى عقده المسجل - بالدعوى البوليسية، إذ ليس من شأن تسجيل التصرف أن يغير من طريقة إعمال هذه الدعوى ولا الآثار المترتبة عليها.
ومن حيث إن الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أقيمت من مورث المطعون عليهم السبعة الأولين على الطاعنات وباقي المطعون عليهم بطلب الحكم بتثبيت ملكيته للأطيان التي اشتراها من مورث باقي المطعون عليهم وكف منازعة الطاعنات له فيها وبإلزامهن بريعها فهي بحسب الطلبات فيها دعوى بنفاذ البيع في حق الطاعنات. فإذا دفعنها بأن هذا التصرف لا ينفذ في حقهن لأنهن دائنات للبائع صدر إضراراً بهن، كان هذا الدفع مقبولاً قانوناً وكان متعيناً على المحكمة تحقيق توافر أركان الدعوى البوليسية والفصل فيها على ضوء ما ينتهي إليه تحقيقها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ تجاوز عن الفصل في دفع الطاعنات للدعوى بمقولة أنه غير مقبول قانوناً وإنه يجب لقبول الدعوى البوليسية أن ترفع بدعوى أصلية أو فرعية - إذ قضى الحكم بذلك يكون قد خالف القانون. ومن ثم يتعين نقضه بغير حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.