أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة الأولى - من 27 أكتوبر سنة 1949 لغاية 22 يونيه سنة 1950 - صـ 425

جلسة 13 من أبريل سنة 1950

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.

(109)
القضية رقم 196 سنة 18 القضائية

ا - نقض. إعلان الطعن إلى المطعون عليه في محله المختار. عدم اعتراضه عليه مع عدم بيانه محله الأصلي وإثباته في إعلان الحكم المطعون فيه المحل المختار الذي اتخذه. دفعه ببطلان الطعن لإعلانه بمكتب المحامي الذي اتخذه محلاً مختاراً. لا يقبل. كون هذا المحامي غير مقرر أمام محكمة النقض. لا يهم.
ب - شفعة. سقوط الحق في الشفعة المقرر بالمادة 22 من قانون الشفعة بمضي ستة أشهر على تاريخ تسجيل عقد البيع. مضي هذه المدة على تسجيل صحيفة دعوى صحة تعاقد أو صحة التوقيع. لا يسقط هذا الحق.
جـ - دفاع موضوعي. التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض غير جائز.
د - نقض. حكم. تسبيبه .بيانه. إثبات المحكمة في حكمها أنها اطلعت على تقرير الخبير وأخذت بالنتيجة التي انتهى إليها. الأسباب الواردة بتقرير الخبير تعتبر أسباباً لحكمها. الطعن على الحكم بالقصور في بعض مسائل مما محصه في تقريره. عدم تقديم صورة رسمية من تقرير الخبير ومحاضر أعماله مع الطعن. طعن عار عن الدليل.
هـ - شفعة. ملحقات الثمن. الخلاف على مقدارها. قضاء الحكم بالملحقات دون بيان مقدارها. قصور في الحكم.
1 - إذا كان المطعون عليه لم يبين محله الأصلي بل كان دائماً يتخذ مكتب فلان المحامي محلاً مختاراً له وأثبت ذلك في إعلان الحكم المطعون فيه، وتم إعلان تقرير الطعن إليه في هذا المحل دون اعتراض منه ووصل إلى علمه فعلاً بدليل تقديمه مذكراته ومستنداته في الميعاد القانوني، فلا يقبل منه أن يدفع ببطلان هذا الطعن تأسيساً على أنه أعلن إليه بمكتب هذا المحامي، ولا يهم بعد أن يكون المحامي المذكور غير مقرر أمام محكمة النقض لأن التقرير أمامها لا دخل له في تسليم الإعلانات الخاصة بالطعن.
2 - إن المواد 7، 10، 12 من قانون التسجيل رقم 18 لسنة 1923 إذ أجازت تسجيل صحائف دعاوى بطلان العقود واجبة التسجيل أو فسخها أو إلغائها أو الرجوع فيها ودعاوى استحقاق الحقوق العينية العقارية ورتبت على التأشير بمنطوق الحكم الذي يصدر في هذه الدعاوى على هامش تسجيل صحائفها انسحاب أثر التسجيل بالحكم إلى تاريخ التسجيل الصحيفة فإنما أجازت ذلك على سبيل الاستثناء حماية لأصحاب تلك الدعاوى قبل من تترتب لهم حقوق عينية على العقار أو ديون عقارية منذ تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى، فهي لا تفيد أن تسجيل الصحيفة في هذه الأحوال يقوم مقام تسجيل العقد في جميع ما يترتب على هذا التسجيل من آثار. وإذا كانت المادة 22 من قانون الشفعة صريحة في النص على سقوط الحق في الشفعة بعد مضي ستة أشهر من يوم تسجيل عقد البيع، وإذا كان النص على سقوط حق إذا لم يستعمل في مدة معينة يجب التزام حدوده فإن الحق في الشفعة لا يسقط بمضي ستة أشهر على تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى المرفوعة بشأن عقد شراء الأطيان المشفوع فيها سواء أكانت هذه الدعوى دعوى صحة تعاقد أم صحة توقيع.
3 - الطعن بأن الحكم قد بني على إجراء باطل إذ إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة قد حصل للبائع عن نفسه فقط في حين أن البيع صدر منه عن نفسه وبصفته وصياً على أولاده لا يجوز التمسك به أمام محكمة النقض لأول مرة.
4 - متى كانت المحكمة قد أثبتت في حكمها أنها اطلعت على تقرير الخبير ومحاضر أعماله وتحققت منه أنه انتقل إلى العين محل النزاع وعاينها وسمع أقوال الطرفين وحقق دفاعهما واطلع على مستنداتهما وطبقها على الطبيعة، ثم أخذت بالنتيجة التي انتهى إليها فإن الأسباب التي أوردها الخبير في تقريره تصبح أسباباً لحكمها، وإذا كان الطاعن لم يقدم إلى محكمة النقض صورة رسمية من تقرير هذا الخبير ومحاضر أعماله حتى تستطيع محكمة النقض أن تتبين ما ينعاه على الحكم من قصور فإن طعنه لا يكون له وجه.
5 - إذا كان الحكم قد قضى بملحقات الثمن دون أن يبين مقدارها وكان هذا المقدار كما هو ثابت من المستندات المقدمة في الطعن محل نزاع بين الطرفين، فإن إغفاله يكون قصوراً مستوجباً في هذا الخصوص.


الوقائع

في يوم 17 من أكتوبر سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 15 من يونية سنة 1948 في الاستئناف رقم 37 س ق 4. وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم أصلياً بسقوط حق المطعون عليه الأول في أخذ العين المبيعة بالشفعة ورفض دعواه، واحتياطياً بعدم قبول تلك الدعوى، ومن باب الاحتياط الكلي إحالة الدعوى على محكمة استئناف الإسكندرية، وإلزام المطعون عليه الأول في جميع الحالات بالمصروفات وأتعاب المحاماة عن الدرجات الثلاث.
وفي 23 و25 من أكتوبر سنة 1948 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن.
وفي أول نوفمبر سنة 1948 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهما بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظتين بمستنداته، وفي 20 منه أودع المطعون عليه الأول مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها الحكم أصلياً ببطلان الطعن لأنه لم يعلن للمطعون عليه الأول في محله الأصلي، واحتياطياً رفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات وأتعاب المحاماة عن جميع درجات التقاضي، ولم يقدم المطعون عليه الآخر دفاعاً.
وفي 4 من ديسمبر سنة 1948 أودع الطاعن مذكرة بالرد، وفي 18 منه أودع المطعون عليه الأول مذكرة بملاحظاته على الرد.
وفي 21 من فبراير سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها برفض الدفع ببطلان إعلان تقرير الطعن والحكم بصحته وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة استئناف الإسكندرية وإلزام المطعون عليه الأول بالمصروفات الخ الخ.


المحكمة

من حيث إن المطعون عليه الأول دفع ببطلان الطعن تأسيساً على أنه أعلن به بمكتب الأستاذ عبد المنعم أفندي الشرقاوي المحامي باعتباره محله المختار حالة أنه لم يتخذ هذا المكتب محلاً مختاراً ليعلن فيه بإجراءات الطعن أمام محكمة النقض فضلاً عن أن المحامي المذكور غير مقرر أمام هذه المحكمة.
ومن حيث إن هذا الدفع مردود بأن المطعون عليه الأول لم يبين محله الأصلي بل كان يتخذ دائماً مكتب الأستاذ عبد المنعم الشرقاوي محلاً مختاراً له وأثبت ذلك في إعلان الحكم المطعون فيه وقد تم إعلان تقرير الطعن في هذا المحل دون اعتراض ووصل إلى علم المطعون عليه الأول فعلاً بدليل أنه قدم مذكرته ومستنداته في الميعاد القانوني، ولا يهم بعد أن يكون المحامي المذكور غير مقرر أمام محكمة النقض لأن تقريره أمام هذه المحكمة لا دخل له في تسليم الإعلانات الخاصة بالطعن على ما جرى به قضاء هذه المحكمة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه بني على أربعة أسباب: يتحصل الأول منها في أن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي في قضائه برفض الدفع بسقوط حق الشفعة لمضي أكثر من ستة شهور بين تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى 369 سنة 1942 كلي الإسكندرية التي أقامها الطاعن على المطعون عليه الثاني بطلب صحة التوقيع على عقد بيع العين المشفوع فيها، وبين تاريخ إعلان الرغبة في الشفعة تأسيساً على أن الدعوى المذكورة هي دعوى صحة توقيع لا تدخل ضمن الدعاوى المنصوص عليها في المادة 7 من قانون التسجيل - إذ قضى الحكم بذلك يكون أخطأ في تطبيق القانون كما أخطأ في وصف الدعوى المذكورة بأنها دعوى صحة توقيع مع أنها في الحقيقة دعوى صحة تعاقد، إذ تناولت المحكمة عند الحكم فيها بحث صحة التعاقد أثناء نظر الدعوى الفرعية التي أقامها المطعون عليه الثاني بطلب فسخ البيع.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه سواء اعتبرت الدعوى المذكورة دعوى صحة توقيع أم صحة تعاقد، فإن المادة 22 من قانون الشفعة صريحة في النص على سقوط الحق في الشفعة بعد مضي ستة أشهر من يوم تسجيل عقد البيع والأصل أن أثر التسجيل لا يترتب إلا على تسجيل العقد أو الحكم الذي من شأنه إنشاء حق الملكية أو أي حق عيني عقاري أو نقله أو تغييره أو زواله أو الذي من شأنه تقرير هذه الحقوق وأن هذا الأثر لا ينسحب إلى الماضي ولا يحتج على ذلك بالمواد 7، 10، 12 من قانون التسجيل 18 سنة 1923، لأن النص المقرر لسقوط حق إذا لم يستعمل في خلال مدة معينة يجب التزام حدوده ولأن المواد المذكورة إذ أجازت تسجيل صحائف دعاوى بطلان العقود واجبة التسجيل أو فسخها أو إلغائها أو الرجوع فيها، ودعاوى استحقاق الحقوق العينية العقارية ورتبت على التأشير بمنطوق الحكم الذي يصدر في هذه الدعاوى على هامش تسجيل صحائفها انسحاب أثر التأشير بالحكم إلى تاريخ تسجيل الصحيفة، فإنما أجازته على سبيل الاستثناء حماية لأصحاب تلك الدعاوى قبل من تترتب لهم حقوق عينية على العقار أو ديون عقارية منذ تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى فهي لا تفيد أن تسجيل الصحيفة في هذه الأحوال يقوم مقام تسجيل العقد في جميع ما يترتب على هذا التسجيل من آثار.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في وقوع بطلان في الإجراءات أثر في الحكم، أساسه أن البيع صدر من المطعون عليه الثاني عن نفسه وبصفته ولياً على أولاده القصر ولكن المطعون عليه الأول أعلنه بالرغبة في الأخذ بالشفعة وبصحيفة الدعوى عن نفسه فقط وصدر الحكم عليه وحده دون أولاده القصر.
ومن حيث إن هذا السبب غير مقبول لأنه لم يدفع به أمام محكمة الموضوع فلا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم عاره قصور في التسبيب من وجهين الأول أن الطاعن تمسك أمام محكمة الاستئناف بتقرير الخبير الأول وبحكم رسو المزاد وما سبقه ولحقه من إجراءات وطعن في تقرير الخبير الثاني في خصوص ما يدعيه من جوار في الحد الشرقي ولكن الحكم لم يرد على شيء من هذا.( والثاني) أنه تمسك بمذكرته الختامية التي قدمها إلى محكمة الاستئناف بدفاع جوهري مؤثر في الدعوى وهو أن الشفيع مسخر من قبل البائع وقال في بيان هذا التسخير "إن الشفيع عرض عليه أن يدفع إليه مائة جنيه مقابل تركه دعوى الشفعة أمام شهود" ولم يرد الحكم المطعون فيه على ذلك.
ومن حيث إن هذا السبب بشقيه مردود:( أولاً) بأن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه لأسبابه أثبت أن المحكمة لم تأخذ بتقرير الخبير الأول لأنه لم يقم بالمأمورية التي كلف بها وفقاً للحكم التمهيدي الصادر بندبه وأن المحكمة اطلعت على تقرير الخبير الثاني ومحاضر أعماله وتحققت من أنه انتقل إلى العين موضوع النزاع، وعاينها وسمع أقوال الطرفين وحقق دفاعهما واطلع على مستنداتهما وطبقها على الطبيعة وأخذت بالنتيجة التي انتهى إليها وبذلك أصبحت الأسباب التي أوردها في تقريره أسباباً لحكمها ولم يقدم الطاعن صورة رسمية من تقرير هذا الخبير ومحاضر أعماله مما يعجز محكمة النقض عن تبين وجه القصور الذي يعيبه على الحكم، ومردود ثانياً بأن الطاعن بعد أن ذكر عرضاً في مذكرته المقدمة صورة منها إلى هذه المحكمة أن الشفيع مسخر من البائع لم يقدم على هذه الواقعة دليلاً ولم يطلب إلى محكمة الموضوع إحالة الدعوى على التحقيق لإثباتها فلا يجوز أن يعيب عليها القصور إذا هي لم تتعرض لهذا الوجه من الدفاع المجرد من الدليل.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم عاره قصور إذ قضى بالملحقات دون أن يبين مقدارها مع قيام النزاع بشأنها بين الطرفين.
ومن حيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المحكمة إذ قضت بالملحقات لم تحدد مقدارها، ولما كان الثابت من المستندات المقدمة في الطعن أن هذا التحديد كان مثار نزاع بين الطرفين وكان يتعين على المحكمة الفصل فيه، ومن ثم يكون إغفاله قصوراً يوجب نقض الحكم في هذا الخصوص.