أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 6 - صـ 1056

جلسة 31 من مايو سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين المستشارين.

(310)
القضية رقم 136 سنة 25 القضائية

(أ) ضرب. ركن القصد الجنائى. متى يتوافر؟
(ب) إثبات. شاهد. الأخذ بأقواله ولو كان قريبا للمجنى عليه. موكول إلى اطمئنان المحكمة.
(ج) نقض. سبب جديد. عدم مسئولية المتهم عما وقع منه من اعتداء طبقا للمادة 63 ع. الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض. لا يقبل.
1-إن كل مبلغ يتسلمه الصراف لتوريده فى الأموال الأميرية يعتبر بمجرد تسلمه إياه من الأموال الأميرية.
2- إن الأخذ بأقوال شاهد ولو كان قريبا للمجنى عليه أمر موكول إلى اطمئنان محكمة الموضوع لصحة ما شهد به.
3 - إذا كان الدفاع عن المتهم لم يبد أمام محكمة الموضوع بأن موكله غير مسئول عما وقع منه من اعتداء على المجنى عليه طبقا للمادة 63 من قانون العقوبات، فإن إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لا تكون مقبولة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما ضربا: عبد الحميد عبد الرحمن مهران عمدا بالعصا على رأسه فأحدث كل منهما به الاصابات الموضحة بالتقرير الطبى والتى تخلف عن كل ضربة عاهة مستديمة يستحيل برؤها وهى فقد جزء من عظام قبوة الرأس لن يملأ بنسيج عظمى وتحرم المخ من وقايته الطبيعية وتعرضه لخطر الإصابات والتقلبات الجوية والتهابات السحايا ونوبات الصرع والجنون والتى ما كان يتعرض لها لو كان المخ محميا بالعظام. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمادتين 240/ 1 و242/ 1 من قانون العقوبات. فقررت بذلك وادعى عبد الحميد عبد الرحمن مهران بحق مدنى قدره 200 جنيه قبل المتهمين على سبيل التعويض بالتضامن. ومحكمة جنايات قنا قضت حضوريا عملا بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من القانون المذكور بحبس كل من محمد ابراهيم حمد ومحمد الصاوى محمد ستة أشهر مع الشغل وبإلزامهما متضامنين بأن يدفعا إلى المدعى بالحق المدنى عبد الحميد عبد الرحمن مهران مبلغ ماية جنيه والمصاريف المدنية المناسبة وثلثماية قرش أتعاب محاماة. فطعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابه التناقض والقصور وأخطأ فى تطبيق القانون وبنى على إجراءات باطلة إذ أغفل التدليل على توافر ركن العمد فى الجريمة التى دان الطاعن بها واستند إلى شهادة المجنى عليه وعلى عبد الرحمن محمد مع أن أقوال الأخير فى التحقيق الابتدائى تكذب رواية المجنى عليه، وفضلا عن ذلك فإن الدفاع عن الطاعن الأول أبدى للمحكمة أن شهود الإثبات من أقارب المجنى عليه وقد تحققت المحكمة من قيام هذه الصلة عندما ناقشت المجنى عليه وعلى الرغم من ذلك قالت إن الطاعنين لم يستطيعا تجريح أولئك الشهود ويضيف الطاعنان أن ما دون بمحضر الجلسة من أن الدفاع اكتفى بأقوال الشهود فى التحقيقات ليس صحيحا لأن هذه العبارة مثبتة قبل العبارة الأخرى التى تشير إلى حضور المحامين، أما وجه الخطأ فى تطبيق القانون فهو أن الحكم أدان الطاعن الأول مع أنه بصفته شيخا للبلد لا يكون مسئولا عن الضرب الذى وقع منه طبقا للمادة 63 من قانون العقوبات.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أورد بيان واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر القانونية لجنائية العاهة المستديمة التى دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان ركن القصد الجنائى فى جرائم الضرب العمد عموما يتحقق بارتكاب الجانى فعل الضرب عن علم بأنه فعله يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجنى عليه، وكان ذلك مستفادا مما بينه الحكم فى واقعة الدعوى، وكان الواضح من الحكم كذلك أن المحكمة أخذت بأقوال المجنى عليه وشاهد الاثبات على مهران محمد غير أنها ذكرت خطأ اسم "على عبد الرحمن على" بدلا من "على مهران محمد" وهو الاسم الصحيح للشاهد الذى عناه الحكم بما أورده فى صدره من أن الواقعة ثابتة مما قرره المجنى عليه والشاهد "على مهران محمد" لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات التى أمرت المحكمة بضمها لتحقيق ما جاء بالطعن أن ما حصله الحكم من أقوال هذا الشاهد له أصله الثابت فى الأوراق، وكان الأخذ بأقوال شاهد ولو كان قريبا للمجنى عليه أمرا موكولا إلى اطمئنان محكمة الموضوع لصحة ما شهد به ما دامت المحكمة لم تر فيما ذكره الدفاع من وجود قرابة بينه وبين المجنى عليه وجها لتجريحه، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة "أن شهود الاثبات حضروا عدا الثانى والسابع وأبعدوا خارج الجلسة بالمكان الخاص بهم، وحضر شهود النفى عدا الأخيرين واكتفى الدفاع بأقوال الجميع بالتحقيق" وبعد ذلك مباشرة أثبت كاتب الجلسة "حضور المحامين عن المتهمين" وكان مجرد تعاقب العبارتين على هذا النحو لا يفيد بذاته ما يذهب إليه الطاعنان من أن أولاهما قد أثبتت فى غير حضورهم أو أنها لا تطابق الحقيقة، خصوصا وأنه جاء بعد ذلك بالمحضر المذكور أن المحكمة بعد أن سمعت شهادة المجنى عليه أمرت بتلاوة أقوال الشاهد الغائب "على مهران محمد" وكان ذلك بحضور الدفاع عن المتهمين ولم يعترض أو يتمسك عندئذ أو فى مرافعته بحضور أحد من شهود الاثبات أو النفى، لما كان ذلك، فإن النعى على المحكمة عدم سماعها لأحد من هؤلاء الشهود لا يكون مقبولا ومع ذلك فإن المحكمة لم تعول فى قضائها بادانة الطاعنين إلا على شهادة المجنى عليه الذى سمعته وشاهد الاثبات الآخر على مهران محمد الذى تليت أقواله، لما كان ما تقدم وكان الدفاع عن المتهم الأول (الطاعن الأول) لم يبد أمام محكمة الموضوع بأن موكله غير مسئول عما وقع منه من اعتداء على المجنى عليه طبقا للمادة 63 من قانون العقوبات على نحو ما ذكره فى طعنه، وكان الحكم قد أثبت أن هذا الطاعن اعتدى على المجنى عليه بضربه عصا على رأسه من الخلف بسبب منع أفراد من عائلته من المرور وسط زراعة عائلة المجنى عليه، لما كان ذلك، فإن إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لا يكون مقبولا.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.