أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 6 - صـ 1068

جلسة 6 من يونيه سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: محمود ابراهيم اسماعيل، واسحق عبد السيد، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين المستشارين.

(314)
القضية رقم 437 سنة 25 القضائية

قذف. علانية. بيان طرق العلانية الواردة بالمادة 171 ع. ليس بيان حصر.
إن المادة 171 من قانون العقوبات لم تبين طرق العلانية بيان حصر وتحديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة 1 - جلال على قاسم (الطاعن) و2 - محمد كامل عبد اللاه. بأنهما، أولا: قذفا علنا فى حق موظف عام هو فضيلة الأستاذ محمد البربرى قاضى محكمة سوهاج الجزئية الشرعية بأن أسندا إليه أمرا لو كان صادقا لأوجب عقابه واحتقاره عند أهل وطنه، وذلك بأن قدما ضده شكوى لفضيلة رئيس محكمة سوهاج الابتدائية الشرعية نسبا له فيها التزوير فى محضر لسنة 3 من يونيه سنة 1953 فى القضية رقم 543 سنة 1953 جزئى شرعى سوهاج، كما نسبا له فيها المكر السيئ وثانيا: فى يوم 6 من يونيه سنة 1953 قذفا علنا فى حق المجنى عليه سالف الذكر بأن أسندا إليه أمرا لو كان صادقا لأوجب عقابه قانونا وذلك بأن كتبا عريضة الدعوى فى القضية رقم 1124 لسنة 1953 جزئى شرعى سوهاج ونسبا له فيها التزوير فى محضر الجلسة السالف ذكره فى التهمة الأولى وثالثا: فى يوم 18 يونيه سنة 1953 قذفا علنا فى حق المجنى عليه سالف الذكر بأن أسندا إليه أمرا لو كان صادقا لأوجب عقابه قانونا وذلك بأن قدما ضده شكوى ينسبان إليه فيها التزوير فى محضر الجلسة السالف ذكره فى التهمتين الأولى والثانية، وطلبت عقابهما بالمواد 171 و302/ 1 و303/ 2 من قانون العقوبات. ومحكمة سوهاج الجزئية قضت حضوريا بحبس كل من المتهمين شهرا ونصفا مع الشغل وكفالة لكل منهما عشرة جنيهات لوقف التنفيذ وذلك عملا بالمواد 171 و185 و32/ 2 من قانون العقوبات. فاستأنفا، وقيد استئنافهما برقم 245 لسنة 1955، ومحكمة سوهاج الابتدائية نظرت هذا الاستئناف وقضت حضوريا فى 19 من يناير سنة 1955 بقبوله شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه الأول وحده فى الحكم الأخير بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون، وشابه قصور فى الأسباب، إذ دان الطاعن بجريمة القذف طبقا للمادة 302/ 1 عقوبات، مع أن ما أتاه الطاعن لا يعدو أن يكون تظلما مما ثبت فى محضر الجلسة، واعتقد الطاعن - بحبس نية - أنه لا يتفق مع ما دار بها، وإذ أغفل الحكم التحدث عن القصد الجنائى، وافترض توافره، مع أن الطاعن لا يعرف القراءة ولا الكتابة، وقد صور إمضاءه على الشكوى والعريضة دون أن يعرف مضمونهما، ولم يكن يقصد تداول التبليغ الذى صاغه المتهم الثانى، بل قصد تظلما لمن يملك النظر فيه، الأمر الذى لا يتوافر مع ركن العلانية.
وحيث إن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر معه العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها، وذكر الأدلة التى استخلص منها ثبوت الواقعة وهى تؤدى إلى ما رتبه عليها، وعرض لدفاع الطاعن، وتحدث عن توافر القصد الجنائى، والعلانية فقال: "إنه من المتفق عليه فقها وقضاء أن عبارات القذف الواردة فى الشكاوى المرسلة للرؤساء وفى عرائض الدعاوى تتوفر فيها العلنية، لأنها وإن كانت غير معرضة لاطلاع الجمهور عموما، إلا أنها بطبيعتها متداولة بين أيدى هيئة خاصة من الناس. وحيث إن المحكمة ترى فى حدود ما تقدم أن التهم الثلاث متوافرة الدليل قبل المتهمين من اعترافهما الصريح الأول بإرسال الشكاوى ورفع الدعوى وثانيهما بتحرير ما دون فيها، ومن أن العبارات الواردة بها، فيها معنى الإهانة ولو صحت لأوجبت عقوبة المجنى عليه واحتقاره عند أهل وطنه ومن أن المجنى عليه موظف عمومى" قاض شرعى" وقد وقع له الحادث بسبب وظيفته، ومن عدم دفعهما التهمة بما ينفيها ومن ثم يتعين عقابهما بالمادتين 171 و185 عقوبات".
كما تحدث الحكم الاستئنافى بشأن ذلك فقال "ومن حيث إن الحكم المستأنف قد بين واقعة الدعوى، واستخلص الأدلة على ثبوتها، وتعرض لدفاع المتهمين، ولم يأخذ به للاعتبارات التى ساقها ومتى كان الأمر كذلك وكان من شأن ما أورده أن يؤدى إلى ما رتبه عليه، وتأخذ به هذه المحكمة، ولا عبرة بما أثاره الحاضر مع المتهم الأول من أنه يجهل القراءة والكتابة إزاء الثابت من ظروف الواقعة وملابساتها، والتى تقطع بعلم المتهم بما تضمنته الشكاوى التى بعث بها إلى الجهات المختلفة من قذف وإسناد أمور من شأنها - لو كان صادقا - لأوجبت عقاب المجنى عليه قانونا، يؤيد هذا النظر ما قال به المتهم الثانى من أن العبارات الواردة بالشكاوى من إملاء المتهم الأول. هذا ولم يأت المتهم الثانى بما من شأنه التأثير فيما انتهى إليه الحكم المستأنف والذى قضى بإدانته" - لما كان ذلك، وكانت المادة 171 عقوبات لم تبين طرق العلانية بيان حصر وتحديد، وكانت المحكمة قد استخلصت توافر العلانية من ظروف الدعوى استخلاصا سائغا، وكانت العبارات الواردة بالشكاوى وعريضة الدعوى شائنة وتدل بذاتها على توافر القصد الجنائى - لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه.