أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 6 - صـ 1104

جلسة 7 من يونيه سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وحضور السادة الأساتذة: حسن داود، ومحمود إبراهيم اسماعيل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين المستشارين.

(322)
القضية رقم 440 سنة 25 القضائية

(أ) دفاع. تولى محام واحد الدفاع عن متهمين بجناية. جائز إذا كان ثبوت الفعل المكون للجريمة فى حق أحدهما لا يؤدى إلى تبرئة الآخر.
(ب) إثبات. شاهد. الأخذ بأقواله فى حق متهم دون آخر. الأخذ بشطر من أقواله دون شطر. جائز.
(ج) دفاع شرعى. عدم الدفع بقيام حالته أمام محكمة الموضوع. واقعة الدعوى كما بينها الحكم لا تفيد ولا ترشح لقيام تلك الحالة. التمسك بقيامها لأول مرة أمام محكمة النقض. لا يقبل.
1 - إذا كان ثبوت الفعل المكون للجريمة فى حق أحد المتهمين لا يؤدى إلى تبرئة الآخر من التهمة فإن ذلك يجعل مصلحة كل منهما غير متعارضة مع مصلحة الآخر ولا يقتضى أن يتولى الدفاع عن كل منهما محام خاص.
2 - لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد، فتأخذ بها فى حق متهم ولا تأخذ بها فى حق متهم آخر، وتأخذ بشطر منها دون شطر آخر إذ الأمر فى ذلك كله مرجعه إلى اطمئنانها إلى الدليل الذى تأخذ به.
3 - إذا كان المتهمان لم يدفعا أمام محكمة الموضوع بأنهما كانا فى حالة دفاع شرعى عن النفس، وكان لا يبين من الحكم المطعون فيه قيام هذه الحالة أو ما يرشح لقيامها فإن ما يثيره المتهمان فى هذا الشأن أمام محكمة النقض لا يكون مقبولا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة: 1 - حسن عبد الله محمد عبد الوهاب. و2 - عبد الله محمد عبد الوهاب (الطاعنين) و3 - حافظ ابراهيم دحروج. و4 - السيد محمد العطار بأنهم فى يوم 17 من يوليه سنة 1951 الموافق 13 من شوال سنة 1370 بناحية دائرة بندر فوه مديرية الفؤادية: أحدثوا بمحمد ابراهيم الرخاوى عمدا الإصابات المبينة بالتقرير الطبى والتى تخلف لديه من جراء إحداها عاهة مستديمة يستحيل برؤها، وهى انفصال شبكى بالعين اليسرى نشأ عنه انخفاض قوة إبصارها بالنظارة المناسبة إلى 60/ 6، وكان ذلك مع سبق الإصرار والترصد. والمتهم الأول ضرب عمدا فتحى ابراهيم الرخاوى فأحدث به الإصابتين الموصوفتين بالتقرير الطبى والتى تقرر لعلاجهما مدة لا تزيد على العشرين يوما. وطلبت من غرفة الإتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمادتين 240/ 1 و2 و242/ 1 و2 من قانون العقوبات، فقررت الغرفة بذلك. ومحكمة جنايات كفر الشيخ سمعت الدعوى وقضت حضوريا أولا - بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثانى بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة شهور عملا بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات لأنهما ضربا محمد ابراهيم الرخاوى فأحدثا به الإصابات المبينة بالكشف الطبى واحتاجت لعلاجها مدة أقل من عشرين يوما. وثانيا - ببراءة المتهمين الثالث والرابع مما أسند إليهما عملا بالمادتين 304 و381 من قانون الإجراءات الجنائية.
فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن، أن إجراءات المحاكمة قد شابها بطلان أثر فى الحكم، إذ تولى الدفاع عن الطاعنين معا محاميان رغم تعارض المصلحة.
وحيث إن الدعوى العمومية رفعت على الطاعنين وآخرين بأنهم: أحدثوا عمدا بمحمد ابراهيم الرخاوى الإصابات المبينة بالتقرير الطبى والتى تخلفت عن إحداهما عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى انفصال شبكى بالعين اليسرى نشأ عنه انخفاض قوة إبصارها إلى 60/ 6، وذلك مع سبق الإصرار والترصد، وقد حضر للدفاع عنهما محاميان أقاما دفاعهما على أن الطاعن الأول حضر بعد الاصابة، وأن المجنى عليه لم يتهم الطاعنين فى محضر البوليس، وأن تهمة العاهة شائعة بين المتهمين، وأخذت المحكمة بهذا الدفاع الأخير، وانتهت إلى استبعاد ظرف سبق الاصرار، ودانت الطاعنين بالقدر المتيقن فى حق كل منهما وهو إحداث إصابات بالمجنى عليه تقرر لعلاجها مدة تقل عن العشرين يوما، وقضت بمعاقبة كل منهما بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة أشهر، وببراءة المتهمين الآخرين - لما كان ذلك، وكان الثابت مما تقدم، أن الواقعة التى أسندت إلى كلا الطاعنين هى إحداث إصابات متعددة بالمجنى عليه نشأ عن إحداها العاهة، وأن ثبوت الفعل المكون للجريمة فى حق واحد منهما لا يؤدى إلى تبرئة الآخر من التهمة فإن ذلك يجعل مصلحة كل منهما غير متعارضة مع مصلحة الآخر، فلا يقتضى أن يتولى الدفاع عن كل منهما محام خاص به، ويكون ما جاء بوجه الطعن على غير أساس.
وحيث إن الوجه الثانى أن الحكم قد شابه التناقض وفساد الاستدلال، إذ استند فى إدانة الطاعنين إلى أقوال أخى المجنى عليه الذى شهد بأن الطاعن الأول لم يكن يحمل فأسا، ولم يعتد على المجنى عليه، على خلاف ما جاء بأقوال هذا الأخير مما مفاده أن الحكم أطرح أقوال المجنى عليه لتناقضها مع أقوال أخيه، وكان يتعين تبعا لذلك القضاء ببراءة الطاعن الأول.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر المكونة لجريمة الضرب التى دان الطاعنين بها، وأورد على ثبوتها فى حقهما أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، وأخذ بأقوال المجنى عليه فى إدانة الطاعن الأول، وإن كان قد اختلف مع أخيه فى بيان نوع الآلة التى كان يحملها الطاعن المذكور، أهى فأس أم عصا - لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد، فتأخذ بها فى حق متهم، ولا تأخذ بها فى حق متهم آخر، وتأخذ بشطر منها دون شطر آخر، إذا الأمر فى ذلك كله مرجعه إلى اطمئنانها إلى الدليل الذى تأخذ به، فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث أن الحكم شابه القصور، إذ أغفل التحدث عن إصابة الطاعنين رغم تمسك الطاعن الثانى بأنه اعتدى عليه من جانب المجنى عليه، مما كان يقتضى اعتباره فى حالة دفاع شرعى عن النفس.
وحيث إنه لما كان الطاعنان لم يدفعا أمام محكمة الموضوع بأنهما كانا فى حالة دفاع شرعى عن النفس، وكان لا يبين من الحكم المطعون فيه قيام هذه الحالة أو ما يرشح لقيامها، فإن ما يثيره الطاعنان فى هذا الشأن أمام محكمة النقض لا يكون مقبولا.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع أن الحكم أخطأ فى تطبيق القانون إذ فصل الجناية عن الجنحة مع وجود الارتباط الوثيق بينهما.
وحيث إن هذا الوجه مردود بأن تقدير الارتباط أمر موضوعى تستقل بتقديره محكمة الموضوع.
وحيث إنه لكل ما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.