أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 6 - صـ 1107

جلسة 7 من يونيه سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وحضور السادة الأساتذة: حسن داود، ومحمود إبراهيم اسماعيل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين المستشارين.

(323)
القضية رقم 445 سنة 25 القضائية

إجراءات. شفوية المرافعة. إثبات. تعويل المحكمة على أقوال شهود فى أى دور من أدوار التحقيق إلى جانب شهادة الشهود الذين سمعتهم. لا تثريب عليها فى ذلك متى كان فى إمكان المتهم مناقشة أقوالهم أو أن يطلب من المحكمة سماعهم.
إن الطعن على الحكم لمخالفته أحكام المادة 187 من قانون الإجراءات الجنائية والتمسك بأحكام المادة 379 منه التى تعطى للنيابة العامة والمتهم والمدعى بالحقوق المدنية والمسئول عنها الحق فى أن يعارض فى سماع الشهود الذين لم يسبق إعلانهم بأسمائهم، إنما محله أن يعلن الاتهام أو الدفاع عن المتهم شهودا لم تدرج أسماؤهم بالقائمة، كما أن الطعن على الحكم لمخالفته أحكام المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية إنما محله أن لا يكون للدليل أصل فى التحقيقات، ولما كان القانون لا يمنع المحكمة من أن تعول على أقوال شاهد فى التحقيقات الأولية، وفى أى دور من أدوار التحقيق- إلى جانب شهادة الشهود الذين سمعتهم وكان لها فى سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بأقوال الشاهد وإن لم تسمع شهادته بنفسها متى كانت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث فى الجلسة واطمأنت إلى صحتها، لما كان ذلك فإنه لا تثريب على المحكمة إن هى استشهدت فى حكمها بأقوال الشهود التى أدلوا بها فى التحقيق، ولو لم تسمعهم بنفسها، ما دامت الطاعنة كان فى إمكانها مناقشة أقوالهم أو أن تطلب من المحكمة سماعهم إذا رأت فى ذلك ما يسند دفاعها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها: قتلت مهران السيد أحمد عمدا مع سبق الإصرار بأن انتوت قتله، فأعدت لذلك آلة راضة ثقيلة واعتدت بها عليه قاصدة من ذلك قتله فأحدثت به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته، وطلبت من قاضى الإحالة إحالتها إلى محكمة الجنايات لمعاقبتها بالمادتين 230 و231 من قانون العقوبات، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات سوهاج سمعت الدعوى وقضت حضوريا بمعاقبة المتهمة بالأشغال الشاقة خمس سنوات عملا بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات. فطعنت المحكوم عليها فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وأخل بحق الطاعنة فى الدفاع، إذ استندت المحكمة فى تكوين عقيدتها إلى أقوال شهود ثلاثة سئلوا فى التحقيق ولم تشملهم قائمة الإثبات المعلنة إلى الطاعنة، ولم تسمع المحكمة أقوالهم وهم محمد حسنى محمد وحسن مصطفى أحمد ومحمد محروس سعيد، فخالفت بذلك أحكام المادة 187 من قانون الإجراءات الجنائية، التى توجب إعلان الشهود الذين لم تدرج أسماؤهم بالقائمة، مع بيان موضوع شهادة كل منهم، وأحكام المادة 302 منه، والتى تقض بأنه لا يجوز للقاضى أن يبنى حكمه على دليل لم يطرح فى الجلسة حتى لا يضيع على المتهم فرصة مناقشة هذا الدليل.
وحيث إن الطعن على الحكم لمخالفة أحكام المادة 187 من قانون الإجراءات الجنائية والتمسك بأحكام المادة 379 منه، والتى تعطى للنيابة العامة والمتهم والمدعى بالحقوق المدنية والمسئول عنها الحق فى أن يعارض فى سماع الشهود الذين لم يسبق إعلانهم بأسمائهم - إنما محله أن يعلن الاتهام أو الدفاع عن المتهم شهودا لم تدرج أسماؤهم بالقائمة، كما أن الطعن على الحكم لمخالفته أحكام المادة 302 من قانون الاجراءات الجنائية، إنما محله أن لا يكون للدليل أصل فى التحقيقات، ولما كان القانون لا يمنع المحكمة من أن تعول على أقوال شاهد فى التحقيقات الأولية - وفى أى دور من أدوار التحقيق - إلى جانب شهادة الشهود الذين سمعتهم، وكان لها فى سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بأقوال الشاهد - وإن لم تسمع شهادته بنفسها - متى كانت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث فى الجلسة واطمأنت إلى صحتها - لما كان ذلك، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هى استشهدت فى حكمها بأقوال الشهود الذين ذكرتهم الطاعنة، والتى أدلوا بها فى التحقيق، ولو لم تسمعهم بنفسها ما دامت الطاعنة كان فى إمكانها مناقشة أقوالهم، أو أن تطلب من المحكمة سماعهم إذا رأت فى ذلك ما يسند دفاعها.
وحيث إن مبنى باقى أوجه الطعن هو أن الحكم شابه فساد فى الاستدلال، وقصور فى التسبيب، إذ استند فى إدانة الطاعنة بالجريمة المسندة إليها إلى أنها تؤكد عدم وجود سبب من أسباب النزاع بين المجنى عليه وبين أحد آخر، وإلى أن أحدا فى التحقيق لم يقل بقيام مثل هذا السبب، فى حين أن الطاعنة ذكرت فى التحقيقات وجود ضغينة بين المجنى عليه وبين شيخ النجع. كما وجه شيخ النجع الاتهام إلى إخوته وأقربائه لسب الميراث. وإذ استخلص الحكم من أقوال شيخ النجع والخفير عبد الحميد عبد الغفار كذب الدفاع الذى ذكرته الطاعنة من أنها وجدت المواشى مطلقة من قيودها، مع أن هذين الشاهدين لم يحضرا إلا بعد حضور الأهالى، وعدم رؤيتهما للمواشى مطلقة، لا يمكن أن يستفاد منه الدليل على كذب هذا الدفاع. كما ولم يرد الحكم ردا مقنعا على ما ذكره الدفاع من احتمال وقوع المجنى عليه على الأرض لمرضه بارتفاع ضغط الدم وحصول إصابته نتيجة وقوعه.
وحيث إن ما استخلصه الحكم المطعون فيه من أقوال الطاعنة من عدم وجود نزاع بين المجنى عليه وأحد آخر يدعوه إلى قتله - وأن أحدا آخر لم يذكر فى التحقيق قيام مثل هذا السبب له كله أصل فى التحقيقات، إذ يبين من تقرير أسباب الطعن المقدم من الطاعنة، أنها أجابت على سؤال موجه إليها فى التحقيق أن نزاعا قام بين المجنى عليه وبين شيخ النجع، ولكنها لم توجه إلى هذا الأخير تهمة القتل، ولم تذكر أن هذا النزاع بينهما يدعوها إلى الاشتباه فى أن يكون هو القاتل، وعندما سئلت فى محضر جلسة المحاكمة عن التهمة المسندة إليها، لم تذكر شيئا عن هذا النزاع، وقالت إنها كانت تبيت فى المنزل مع المجنى عليه، ولم يكن يبيت معها أحد آخر، ولما كشفت انطلاق المواشى من قيودها، أرادت أن توقظه ليربطها، فوجدته ميتا، ويبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن شيخ النجع اشتبه فى سبب وفاة المجنى عليه عندما رأى الدم ينزل من أنفه، ووجه الاتهام إلى زوجة القتيل وإخوته ليحفزهم على أن يقرروا الحقيقة ويذكروا اسم القاتل، وذكر الأسباب التى تدعوا الطاعنة إلى التخلص من زوجها، ولم يذكر أى سبب يدعو أقرباءه الآخرين إلى قتله - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر معه جميع عناصر الجريمة التى دان الطاعن بها، وأورد الأدلة التى استخلص منها ثبوتها، وأطرح دفاعها للاعتبارات التى ذكرها، وكان لهذه الأدلة والاعتبارات أصل فى الأوراق - فإن ما تثيره الطاعنة بصدد باقى أوجه الطعن لا يعدو أن يكون جدلا فى واقعة الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما تستقل به محكمة الموضوع دون معقب عليها ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ويتعين لذلك رفض الطعن موضوعاً.