أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 6 - صـ 1132

جلسة 14 من يونيه سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وحضور السادة الأساتذة: حسن داود، ومصطفى كامل، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمود محمد مجاهد المستشارين.

(330)
القضية رقم 420 سنة 25 القضائية

إثبات. أقوال متهم. التعويل عليها وحدها فى إدانة متهم آخر ولو عدل عنها حتى صدرت منه. جائز.
للمحكمة أن تعول فى إدانة متهم على أقوال متهم آخر متى اطمأنت إليها ولو لم يكن عليه فى الدعوى من دليل سواها، ولها أن تلتفت عن عدوله عن أقوال صدرت منه وتعتمد على تلك الأقوال متى رأت أنها صحيحة وصادقة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من: 1- صلاح أبو سريع ندا و2- محمد محمد هيكل (الطاعن) و3- سعد شعبان عيسى: بأنهم أحرزوا جواهر مخدرة (حشيشا) بقصد الاتجار فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من غرفة الاتهام إحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم طبقا للمواد 1 و2 و33 جـ و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول (أ) الملحق به فقررت بذلك وبعد أن نظرت محكمة جنايات القاهرة هذه الدعوى قضت فيها حضوريا بتاريخ 12 من أكتوبر سنة 1954 - عملا بالمواد 1 و2 و33 جـ و35 من القانون رقم 351 لسنة 1952 والبند رقم 12 من الجدول (أ) الملحق بهذا المرسوم بقانون بالنسبة إلى المتهمين الأول والثانى. أولا: بمعاقبتهما بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريم كل منهما ثلاثة آلاف جنيه وأمرت بالمصادرة. وثانيا: ببراءة سعد شعبان عيسى (المتهم الثالث) مما أسند إليه. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الوجهين الأول والثانى من الطعن أن الحكم المطعون فيه شابه القصور والخطأ فى الاسناد إذ دان الطاعن بتهمة احراز المخدر استنادا إلى اعتراف المتهم الأول فى كافة مراحل التحقيق بأن الطاعن سلمه المخدر لنقله إلى القاهرة مقابل أجر يتقاضاه منه فى حين أن المتهم الأول صلاح أبو سريع ندا لم يثبت على قول واحد فى مراحل التحقيق المختلفة وعدل عن اعترافه قبل الطاعن والمتهم الثالث أمام غرفة الاتهام وقد أغفل الحكم بيان هذا العدول والرد عليه، فجاء قاصرا فى التسبيب مشوبا بخطأ فى الاسناد مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على أوراق الدعوى التى أمرت هذه المحكمة بضمها تحقيقا لوجه الطعن أن اليوزباشى محمد عبد الله النبراوى المعاون بإدارة مكافحة المخدرات قدم إلى نيابة شمال القاهرة محضرا أثبت فيه أن تبين له من التحريات السرية التى قام بها أن الطاعن وآخر يدعى سعد حبلص من أهالى بلدة بركة الحاج التابعة لمركز الخانكة يعملان فى تهريب المخدرات إلى القاهرة ويستخدمان بعض أهل القرية فى أعمال التهريب وأن لديهما حالا كمية من المخدرات ينتويان نقلها إلى القاهرة وطلب الإذن بضبطهما وتفتيشهما لدى وصولهما إلى القاهرة ومن قد يتواجد معهما فأذنت النيابة بذلك فى يوم 26 من أبريل سنة 1953 بعد تحقيق أجرته بمعرفتها وقام الضابط بتنفيذ هذا الأمر في يوم 30 من إبريل سنة 1953 مع اثنين من رجال البوليس الملكي حيث شاهدوا الطاعن والمتهم الثالث سعد شعبان عيسى يغادران القطار القادم من المرج إلى القاهرة عند وصوله محطة كوبرى الليمون فى الساعة 9.50 صباحا وبصحبتهما شخص ثالث هو المتهم الأول صلاح أبو سريع ندا فأخذوا فى مراقبتهم إلى أن ساروا فى ميدان المحطة متجهين إلى جهة كوبرى شبرا ثم قبضوا عليهم وفتشوهم فوجدوا مع المتهم الأول صلاح أبو سريع ندا تربة حشيش يخفيها فى جيب الصديرى الأيمن ولم يجدوا مع الآخرين شيئا سوى مبلغ جنيهين وخمسمائة وخمسين مليما مع الطاعن ولما سئل المتهم الأول بمعرفة المعاون قرر أن المخدر للطاعن وزميله وأنهما عهدا إليه بنقله إلى أحد عملائها بالقاهرة وأن الطاعن هو الذى سلمه المخدر فى بلدة البركة ورافقه إلى محطة المرج حيث كان زميله فى انتظارهما وركبوا ثلاثتهم القطار إلى القاهرة وأنكر الطاعن وزميله علاقتهما بالمخدر المضبوط ثم أحيلا إلى النيابة حيث اعترف أمامها المتهم الأول بضبط المخدر معه وقال إنه للطاعن سلمه إليه لنقله إلى القاهرة فى مقابل أجر وعده به وأنهما تقابلا مع المتهم الثالث سعد شعبان مصادفة بميدان المحطة بالقاهرة وأصر الطاعن وزميله على الإنكار وقالا إنهما كانا يسيران معا على كوبرى شبرا حين قبض عليهما رجال البوليس وقبضوا على المتهم الأول بعد ذلك لدى خروجه من فناء المحطة ثم أحيلت القضية إلى غرفة الاتهام وسئل المتهم الأول فنفى التهمة عن زميليه اللذين أنكرا التهمة، وفى جلسة المحاكمة اعترف المتهم الأول على نفسه وعلى الطاعن وقال إنه هو الذى سلمه المخدر لنقله إلى القاهرة وردد ما قاله فى تحقيق النيابة. لما كان ذلك، وكان يبين من مراجعة أوراق الدعوى أن المتهم الأول الذى ضبط معه المخدر اعترف أمام البوليس وفى تحقيق النيابة وبجلسة المحاكمة بأن المخدر للطاعن وأنه عهد إليه بنقله إلى القاهرة فى مقابل أجر يتقاضاه عند إتمام النقل، فإن قول الحكم المطعون فيه بأن المتهم الأول اعترف على الطاعن فى كافة مراحل التحقيق وتأسيس قضائه بإدانته على هذا الاعتراف وعلى الأدلة الأخرى التى ساقها، يكون صحيحا ومستندا إلى ما هو ثابت فى التحقيقات، وكان للمحكمة أن تعول فى إدانة متهم على أقوال متهم آخر متى اطمأنت إليها ولو لم يكن عليه فى الدعوى من دليل سواها ولها أن تلتفت عن عدوله عن أقوال صدرت منه وتعتمد على تلك الأقوال متى رأت أنها صحيحة وصادقة، فإن الطعن لا يخرج عن كونه معاودة للجدل فى موضوع الدعوى وتقدير أدلتها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى أخيرا على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإدانته وبراءة المتهم الثالث، يكون قد وقع فى تناقض يعيبه ويستوجب نقضه، ذلك بأن مركز المتهمين واحد إذ اعترف عليهما المتهم الأول ودلت التحريات على أنهما يعملان معا فى تهريب المخدرات. ولما كان هذا القول فى حقيقته لا يخرج عن كونه جدلا فى موضوع الدعوى وتقدير أدلة الثبوت فيها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تقبل إثارته أمام محكمة النقض، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه.