أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 6 - صـ 1144

جلسة 20 من يونيه سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وبحضور السادة الأساتذة مصطفى كامل، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين المستشارين.

(333)
القضية رقم 441 سنة 25 القضائية

(أ) دفاع شرعى. يكفى لقيام حالته وقوع فعل يخشى منه المدافع لأسباب معقولة أن يقع الاعتداء. تقدير ذلك. العبرة فيه هى بما يراه المدافع فى الظروف التى كان فيها.
(ب) اختصاص. محكمة الجنايات. متى يتعين عليها إحالة الجنحة إلى المحكمة الجزئية للفصل فيها؟
(ج) وصف التهمة. دفاع. تغيير المحكمة وصف الفعل المسند إلى المتهم من جناية إحداث عاهة إلى جنحة ضرب بسيط. اعتمادها فى ذلك على نفس الواقعة المبينة بأمر الإحالة والتى كانت مطروحة بالجلسة ودارت عليها المرافعة. لفت نظر الدفاع إلى ذلك. غير لازم.
1- إن حق الدفاع الشرعى عن النفس أو عن الغير قد ينشأ ولو لم يقع اعتداء بالفعل ممن وقع عليه الضرب استعمالا لحق الدفاع ما دام أنه من فريق المعتدين بل يكفى أن يكون قد وقع فعل يخشى منه المدافع لأسباب معقولة أن يقع هذا الاعتداء. والعبرة فى تقدير ذلك هى بما يراه المدافع فى الظروف التى كان فيها.
2- متى كانت الدعوى العمومية قد رفعت على المتهمين بتهمة إحداث إصابات بالمجنى عليه تخلفت عنها عاهة مستديمة وأحيلت إلى محكمة الجنايات بهذا الوصف فأخذت المحكمة فى نظرها وتبين لها بعد التحقيق الذى أجرته أن الواقعة جنحة فعليها أن تحكم فيها باعتبارها جنحة. أما الحكم بعدم الاختصاص والإحالة إلى المحكمة الجزئية فمحله إذا رأت محكمة الجنايات أن الواقعة كما هى مبينة فى أمر الاحالة وقبل تحقيقها بالجلسة تعد جنحة.
3- إذا كانت المحكمة قد غيرت وصف الفعل المسند إلى المتهمين من جناية إحداث عاهة إلى جنحة ضرب بسيط بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات، وكانت الواقعة المادية التى اتخذتها المحكمة فى حكمها أساسا للوصف الجديد هى نفس الواقعة المبينة بأمر الاحالة والتى كانت مطروحة بالجلسة ودارت عليها المرافعة دون أن تضيف إليها شيئا بل اقتصرت على استبعاد مسئوليتهم عن العاهة - فإنها لا تكون قد أخلت بدفاع المتهمين إذا هى عدلت الوصف فى حكمها دون أن تلفت الدفاع إلى ذلك.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من: 1- أبو الوفا راسم السيد و2- راضى راشد السيد و3- محمد راشد السيد (الطاعنين الثلاثة الأول) و4- أبو ضيف راشد السيد و5- فؤاد عبد العال السيد (الطاعن الرابع) و6- الزهرى راشد السيد و7- محمد محمود أحمد سعيد (الطاعن الخامس) و8- السيد عبد العزيز أحمد و9- سعيد عبد العزيز أحمد بأنهم: 1- الستة الأول: أحدثوا عمدا مع سبق الاصرار بأحمد عبد العزيز أحمد الاصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى تخلف لديه بسبب إحداها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى فقد جزء من العظام الجبهى الجدارى الأيسر مساحة أبعادها 2.5 × 2 سم ولا ينتظر ملؤها بنسيج عظمى مما يعرض المصاب لخطر الاصابات الخفيفة والتهاب السحايا وخراجات المخ ونوبات الصرع والجنون والتى ما كانت تؤثر عليه لو ظل المخ محميا بالعظام وتقدر العاهة بنحو 10% و2- المتهم السابع محمد محمود أحمد سعيد: أحدث عمدا بالزهرى راشد السيد الاصابات المبينة بالتقرير الطبى والتى تقرر لعلاجها مدة تزيد عن العشرين يوما و3- الثامن والتاسع: أحدثا عمدا بأبى ضيف راشد السيد الاصابات المبينة بالتقرير الطبى والتى لا تحتاج لعلاج و4- المتهم الثانى: أحدث عمدا بمحمد محمود سعيد الاصابة المبينة بالتقرير الطبى والتى تقرر لعلاجها مدة تزيد عن العشرين يوما و5- المتهم الثالث: أحدث عمدا بسعيد عبد العزيز أحمد الاصابة المبينة بالتقرير الطبى والتى تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على العشرين يوما. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 240/ 1 - 2 و241/ 1 و242/ 1 من قانون العقوبات. فقررت إحالتهم إلى محكمة جنايات سوهاج مع تعديل وصف التهمة بالنسبة للمتهم السابع بأنه فى الزمان والمكان سالفى الذكر: أحدث عمدا بالزهرى راشد السيد الإصابات المبينة بالتقرير الطبى والتى تخلف لديه بسببها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى إعاقة لحركتى ثنى الرسغ للأمام والخلف بنحو 10% ومحاكمته بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات وقد ادعى أحمد عبد العزيز بحق مدنى قدره 100 جنيه قبل المتهمين الستة الأول بالتضامن. ومحكمة جنايات سوهاج نظرت الدعوى ثم قضت حضوريا عملا بالمواد 240/ 1 للسابع مع تطبيق المادة 17 عقوبات وبالمادة 242/ 1 للأول والثاني والثالث الخامس والثامن مع تطبيق المادة 32/ 2 للثاني والمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات للباقين - بعد أن استبعدت ظرف سبق الإصرار. أولا - باعتبار الواقعة المسندة للمتهمين الستة الأول جنحة ضرب وبمعاقبة كل من أبو الوفا راسم السيد وراضى راشد السيد ومحمد راشد السيد وفؤاد عبد العال السيد بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وإلزامهم أن يدفعوا متضامنين للمدعى بالحق المدنى أحمد عبد العزيز أحمد مبلغ مائة جنيه والمصروفات المدنية وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. وثانيا - بمعاقبة محمد محمود أحمد سعيد بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور. وثالثا - بتغريم السيد عبد العزيز أحمد مائة قرش. ورابعا - ببراءة محمد راشد السيد من تهمة ضربه سعيد عبد العزيز أحمد وببراءة كل من أبو ضيف راشد السيد والزهرى راشد السيد وسعيد عبد العزيز أحمد مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية المقامة ضد أبو ضيف راشد السيد والزهرى راشد السيد. فطعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

.... وحيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن الأخير (محمد محمود أحمد سعيد) أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وشابه القصور إذ دانه بجريمة إحداث عاهة بالزهرى راشد مع أنه دفع بقيام حالة الدفاع الشرعى عن نفسه وعن ابن عمه أحمد عبد العزيز الذى اعتدى عليه من فريق المجنى عليه اعتداء تخلفت عنه عاهة مستديمة ولكن المحكمة حين عرضت لدفاع الطاعن ونفى حالة الدفاع الشرعى قالت إنه لم يثبت وقوع اعتداء من المجنى عليه فى حين أنه كان بين فريق المعتدين ووجهت إليه تهمة الاعتداء على أحمد عبد العزيز ومع أنه يكفى لقيام حالة الدفاع الشرعى أن تقوم فى نفس الطاعن حالة تجعله يتخوف من وقوع خطر عليه أو على غيره ويبين من التحقيقات أن الطاعن أصيب من اعتداء الفريق الثانى عليه وعلى ابن عمه وأنه كان فى حالة دفاع شرعى عن نفسه ونفس ابن عمه المذكور.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن النيابة العامة اتهمت الطاعنين الأربعة الأولين وأبو ضيف راشد والزهرى راشد بأنهم أحدثوا عمدا ومع سبق الإصرار بأحمد عبد العزيز أحمد الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى تخلفت لديه بسبب إحداها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى فقد جزء من العظم الجبهى الجدارى الأيسر. واتهمت الطاعن الأخير محمد محمود أحمد سعيد بأنه أحدث عمدا بالزهرى راشد السيد الاصابات المبينة بالتقرير الطبى والتى تقرر لعلاجها مدة تزيد على عشرين يوما. كما اتهمت الطاعن الثانى بأنه أحدث عمدا بمحمد محمود أحمد سعيد (الطاعن الأخير) الاصابة المبينة بالتقرير الطبى والتى تقرر لعلاجها مدة تزيد على عشرين يوما. وقد بين الحكم المطعون فيه واقعة الدعوى فى قوله: "إنها تخلص فى أنه فى يوم 23/ 12/ 1951 منع المجنى عليه أحمد عبد العزيز أحمد الفتاة روض مصطفى أبو النصر وهى من عائلة المتهمين الستة الأولين (من بينهم الطاعنون الأربعة الأولون) المرور فى زراعته حتى لا تتلفها فشكته إلى أهلها وأخبرتهم بأنه سبها بألفاظ نابية فاعتدى عليه بعضهم بالضرب وأحدثوا به إصابات طفيفة فأبلغ العمدة الذى استدعى أحدهم وهو علي راسم وكان المجنى عليه قد قصد إلى دكانه بعد إبلاغ العمدة ولما اقترب منه قابله المتهمون الأول أبو الوفا راسم والثانى راضى راشد السيد والثالث محمد راشد السيد والخامس فؤاد عبد العال السيد (الطاعنون الأربعة الأولون) وبادلوه حديثا أنكروا عليه فيه أن يشكوهم بعد ما سب قريبتهم وأصر هو على موقفه فاعتدوا عليه بالضرب فأحدثوا به عدة إصابات منها إصابة بقبوة الرأس تخلف لديه بسببها عاهة مستديمة ثم اتسعت دائرة المشاجرة فاعتدى المتهم الثانى بالضرب على المتهم السابع محمد محمود أحمد سعيد (الطاعن الخامس) فأحدث به إصابات عولجت فيما لا يزيد على العشرين يوما واعتدى المتهم السابع (الطاعن الخامس) بالضرب على المتهم السادس الزهرى راشد السيد فأحدث إصابة بساعده الأيسر تخلفت لديه بسببها عاهة مستديمة" ثم عرض لنفى حالة الدفاع الشرعى التى دفع بها الطاعن فقال: "وحيث إن تهمة إحداث العاهة بالزهرى راشد السيد ثابتة قبل المتهم السابع (الطاعن) مما شهد به المذكور من أن هذا المتهم ضربه بعصا على يده ومن التقرير الطبى الذى أثبت وجود إصابات بيده مصحوبة بكسر عظمتى الزند والكعبرة وأنه يجوز حدوثها من الضرب بجسم صلب راض وأنه قد تخلف لديه بسببها عاهة مستديمة ولا تعول المحكمة على ما دفع به المذكور من أنه كان فى حالة دفاع شرعى عن نفسه وعن أحمد عبد العزيز إذ لم يثبت كما تقدم أن الزهرى راشد السيد قد اعتدى على أحد ومن ثم لا يكون قد وقع عنه فعل يعد جريمة ويبرر استعمال حق الدفاع الشرعى ضده". لما كان ذلك وكان ما قاله الحكم لا يصلح ردا لنفى ما أثاره الطاعن من أنه حين اعتدى على المجنى عليه كان فى حالة دفاع شرعى عن نفسه وعن ابن عمه من اعتداء المهاجمين لهما ذلك بأن الحكم قد بين أن الاعتداء قد بدأ من فريق الطاعنين الأربعة الأولين ضد أحمد عبد العزيز ابن عم الطاعن الخامس ونشأ عنه عاهة مستديمة وأن الاعتداء الذى وقع من الطاعن الخامس إنما حصل عقب ذلك وقد اتهمت النيابة العامة الزهرى راشد السيد الذى وقع عليه الضرب من الطاعن الخامس بأنه كان من فريق المعتدين وإن كان الحكم قد برأه من تهمة ضرب أحمد عبد العزيز إلا أن ذلك لا ينفى أنه كان من ضمن أفراد الفريق المذكور. لما كان ما تقدم. وكان حق الدفاع الشرعى عن النفس أو عن الغير قد ينشأ ولو لم يقع اعتداء بالفعل ممن وقع عليه الضرب استعمالا لحق الدفاع ما دام أنه من فريق المعتدين بل يكفى أن يكون قد وقع فعل يخشى منه المدافع لأسباب معقولة أن يقع هذا الاعتداء والعبرة فى تقدير ذلك هى بما يراه المدافع فى الظروف التى كان فيها وكان الحكم لم يستظهر ذلك ولم يرد عليه فإنه يكون قاصرا فى الرد على دفاع الطاعن ويتعين نقضه بالنسبة له.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعنين الأربعة الأولين أنه وقع فى إجراءات المحاكمة بطلان أثر فى الحكم ذلك بأن محكمة الجنايات و قد رأت أن الواقعة المسندة إلى الطاعنين جنحة منطبقة على المادة 242/ 1 من قانون العقوبات كان يتعين عليها أن تحيلها إلى محكمة الجنح للفصل فيها طبقا للمادة 382 من قانون الاجراءات الجنائية ولا تنظرها بنفسها كما أنها أغفلت تنبيه الدفاع إلى هذا التعديل حتى يتمسك بالإحالة إلى محكمة الجنح.
وحيث إنه متى كانت الدعوى العمومية قد رفعت على الطاعنين بتهمة إحداث إصابات بالمجنى عليه تخلفت عنها عاهة مستديمة وأحيلت إلى محكمة الجنايات بهذا الوصف فأخذت المحكمة فى نظرها وتبين لها بعد التحقيق الذى أجرته أن الواقعة جنحة فعليها أن تحكم فيها باعتبارها جنحة. أما الحكم بعدم الاختصاص والاحالة إلى المحكمة الجزئية فمحله إذا رأت محكمة الجنايات أن الواقعة كما هى مبينة فى أمر الإحالة وقبل تحقيقها بالجلسة تعد جنحة. لما كان ذلك وكانت المحكمة قد غيرت وصف الفعل المسند إلى الطاعنين من جناية إحداث عاهة إلى جنحة ضرب بسيط بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات وكانت الواقعة المادية التى اتخذتها المحكمة فى حكمها للوصف الجديد هى نفس الواقعة المبينة بأمر الإحالة والتى كانت مطروحة بالجلسة ودارت عليها المرافعة دون أن تضيف إليها شيئا بل اقتصرت على استبعاد مسئوليتهم عن العاهة فإنها لا تكون قد أخلت بدفاع الطاعنين إذا هى عدلت الوصف فى حكمها دون أن تلفت الدفاع إلى ذلك ويكون ما يثيره الطاعنون فى هذا الوجه غير سديد.
وحيث إن مبنى الوجه الثانى أن الحكم أخطأ فى الاسناد إذ أثبت وجود إصابتين برأس المجنى عليه أحمد عبد العزيز فى حين أن الثابت بالتقرير الطبى الشرعى أن به إصابة واحدة فى الرأس هى التى تخلفت عنها العاهة.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين الواقعة عرض لدفاع الطاعنين فقال: "وحيث إنه وإن كان أحمد عبد العزيز قد أصيب فى رأسه فى المشاجرة الأولى إلا أن تلك الإصابة لم تكن هى التى أحدثت برأسه العاهة بدليل ما قرره هو ونائب العمدة وسعيد عبد العزيز أحمد من أن إصابته الأولى كانت خفيفة وأنه أصيب فى الحادث الثانى بإصابة أخرى فى رأسه وقد تأيدت أقوالهم فى ذلك بأنه استطاع بعد إصابته الأولى أن يدلى بأقواله للعمدة ثم توجه إلى دكانه فى حين أنه سقط فاقد النطق بعد إصابته فى الحادث الثانى".
لما كان ذلك وكان ما قاله الحكم له سنده فى الأوراق من أقوال المجنى عليه وأخيه ونائب العمدة فإن ما ينعاه الطاعنون فى هذا الوجه لا يكفى له محل.