أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 6 - صـ 1165

جلسة 27 من يونيه سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل المستشار، وحضور السادة الأساتذة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، واسحق عبد السيد، ومحمد محمد حسنين المستشارين.

(339)
القضية رقم 400 سنة 25 القضائية

حكم. تسبيبه. ضرائب. دفاع. متهم بعدم سداد رسم التمغة على أوراق معينة. اعترافه بأن ذلك حصل منه سهوا. تمسكه بأن الأوراق موضوع التهمة لا ينطبق عليها القانون. إدانته استنادا إلى اعترافه. عدم بحث دفاعه الهام. قصور.
إذا كانت المحكمة قد دانت المتهم بجريمة عدم سداد رسم التمغة على أوراق معينة، استنادا إلى اعترافه بأن ذلك حصل منه بطريق السهو، ودون أن تحقق دفاعه الذى تمسك به أمامها من أن الأوراق موضوع الجريمة لا ينطبق عليها القانون، فإن حكمها يكون قاصرا، إذ ليس من شأن اعتراف المتهم أن يلزمه بضريبة التمغة إذا كان القانون يعفيه منها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن بأنه: قبل 10874 إيصالا باستلام ما لا يقل قيمته منها عن جنيه دون سداد رسم الدمغة النوعى المستحق على كل منها وقدره خمسة مليمات حتى آخر نوفمبر سنة 1951 وعشرة مليمات من أول ديسمبر حتى آخر سنة 1951، وطلبت عقابه بمواد القانونين رقمى 44 لسنة 1939 و224 لسنة 1951 ومحكمة الضرائب الجزئية سمعت الدعوى وقضت حضوريا فى 31 من مايو سنة 1954 عملا بمواد الإتهام بتغريم المتهم خمسة قروش عن كل إيصال وزيادة ما لم يسدد من الرسم وقدره 56 جنيها و155 مليما بما يعادل ثلاثة أمثاله كتعويض فاستأنف، وقيد استئنافه برقم 3255 سنة 1954، ومحكمة مصر الابتدائية نظرت هذا الاستنئاف وقضت حضوريا فى 11 من سبتمبر سنة 1954 بقبوله شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن فى الحكم الأخير بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه جاء قاصر البيان وشابه القصور، ذلك بأن الطاعن أسس دفاعه أمام محكمتى أول وثانى درجة على أن الأوراق موضوع الاتهام هى من الأوراق الداخلية التى تحررها الشركة لضبط حساب مخازنها وتنظيم أعمالها، وترسل منها صورا لعملائها لمجرد تذكيرهم بما تسلموه، وليس فيما تضمنته تلك الأوراق معنى التخالص الذى جعله القانون مناطا لفرض ضريبة الدمغة، ذكر الدفاع ذلك للمحكمة، غير أنها قضت بإدانة الطاعن دون أن تحققه أو ترد عليه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محاضر الجلسات أن محامى الطاعن قال فى دفاعه أمام محكمة أول درجة بجلستى 26 من يناير سنة 1952 و11 من يناير سنة 1954 إن الأوراق موضوع التهمة لا تخضع لرسم الدمغة، وبتاريخ 19 من أغسطس سنة 1952 قدم مذكرة مودعة ملف المفردات المضمومة تتضمن دفاعه فى هذه القضية والقضايا الأخرى المماثلة المقدمة لنفس الجلسة ضد الطاعن أشار فيها لدفاعه السابق، وطلب فى نهايتها تحقيق هذا الدفاع، كما طلب ضم الأوراق موضوع الاتهام، وأمام المحكمة الاستئنافية عاد يتمسك بما تضمنه دفاعه السابق وقال "إن الإيصالات لا يستفيد بها المتهم ويمكن الاستغناء عنها".
وحيث إنه يبين من الاطلاع على المفردات التى أمرت هذه المحكمة بضمها تحقيقا لوجه الطعن، أن الإيصالات موضوع التهمة لم تقدم فى التحقيق الابتدائى، وإنما أشار إليها مأمور الضرائب إجمالا فى محضره، ووصفها بأنها إيصالات بإستلام بضائع لا تقل قيمة كل منها عن 100 قرش وأن المتهم (الطاعن) عندما ووجه بالتهمة أجاب بأن "هذا حصل بطريق السهو".
وحيث إن الشارع فى المادة الأولى من القانون رقم 224 لسنة 1951 بتقرير رسم الدمغة (وهى المقابلة للمادة الأولى من القانون رقم 44 لسنة 1939 الملغى) فرض تحصيل رسم دمغة على "العقود والمحررات والأوراق والمطبوعات والسجلات وغيرها مما ورد ذكره فى الجداول الملحقة بهذا القانون" ثم أورد فى الجداول المذكورة بيانا مفصلا لهذه العقود والمحررات.... الخ، كما بين ما يرد عليه الإعفاء منها، ولما كان ما استخلصته محكمة أول درجة من قول الطاعن فى محضر ضبط الواقعة - وهو فى سبيل الدفاع عن نفسه - أن ما وقع حصل بطريق السهو، وسمته اعترافا منه بالتهمة يجعلها ثابتة فى حقه، فدانته بها مكتفية فى حكمها بنقل ما جاء بالمحضر وصفا لهذه الأوراق، وجارتها فى ذلك المحكمة الاستئنافية مؤيدة الحكم الابتدائى لأسبابه، بغير التفات إلى ما ردده الطاعن أمامها خاصا بمنازعته فى استحقاق الرسم على تلك المحررات - لما كان ما استخلصه الحكم وأورده من ذلك غير مجزئ فى الرد على دفاع الطاعن الذى تمسك به امام المحكمتين، فلم تستقصه أيتهما، وهو دفاع هام لتعلقه بتحقيق الدعوى، ومن شأنه لو صح أن يؤثر فى كيان الجريمة، وكان اعتراف الطاعن بأن عدم دفع رسم الدمغة حصل بطريق السهو - وهو الاعتراف الذى أسس عليه الحكم قضاءه بالإدانة - ليس من شأنه أن يلزمه بضريبة التمغة إذا كان القانون يعفيه منها، ولا يترتب عليه إعفاء المحكمة من الاطلاع على الأوراق موضوع التهمة، وبيان ما إذا كان قانون التمغة يسرى عليها أو لا يسرى - لما كان ذلك، فإن الحكم يكون قاصرا قصورا يعيبه و يتعذر معه على محكمة النقض أن تراقب صحة تطبيق القانون، ومن ثم يتعين نقضه وذلك دون حاجة لبحث ما جاء بباقى أوجه الطعن.