أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الرابع - السنة 6 - صـ 1178

جلسة 3 من أكتوبر سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ حسن داود المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين المستشارين.

(343)
القضية رقم 528 سنة 25 القضائية

إثبات. حرية المحكمة فى تقدير الأدلة. هى أساس الأحكام الجنائية.
إن أساس الأحكام الجنائية إنما هو حرية محكمة الموضوع فى تقدير الأدلة القائمة فى الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة محمد مسلم شحاته بأنه: تسبب من غير قصد ولا تعمد فى إصابة جمال عبد العزيز بالإصابات الموضحة بالتقرير الطبى وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احتياطه بأنه لم يقف بالترام قيادته فى المحطة المقررة تمام الوقوف بل هدأ من سرعته ثم أسرع فجأة فسقط المجنى عليه من الترام أثناء محاولته الركوب وحدثت إصابته. وطلبت عقابه بالمادة 244 من قانون العقوبات. وادعى جمال الدين عبد العزيز (المجنى عليه) بحق مدنى قدره 2000 جنيه على سبيل التعويض قبل المتهم وشركة ترام القاهرة باعتبارها مسئولة عن الحقوق المدنية. ومحكمة بندر الجيزة نظرت هذه الدعوى وقضت حضوريا عملا بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للمتهم - أولا - بحبس المتهم شهرين مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ بلا مصروفات جنائية. ثانيا - بإلزام المتهم والشركة المسئولة عن الحقوق المدنية متضامنين بأن يدفعا للمدعى بالحق المدنى مبلغ 2000 جنيه (ألفى جنيه) والمصروفات المناسبة وخمسماية قرش أتعابا للمحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فاستأنف هذا الحكم كل من المتهم والمسئولة عن الحقوق المدنية والمدعى بالحق المدنى. ومحكمة الجيزة الابتدائية بعد أن أتمت سماعه قضت حضوريا بتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم والمسئولة عن الحقوق المدنية بالمصاريف المدنية الاستئنافية وأعفت المتهم من المصاريف الجنائية. فطعن الوكيل عن وكيل الطاعنين فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

بعد تلاوة التقرير وسماع المرافعة والإطلاع على الأوراق والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور فى أسبابه واستند إلى دليل باطل. إذ أنه اطرح جانبا الدليل القاطع المستفاد من المعاينة التى أجراها ضابط البوليس عن وقوع الحادث والتى ثبت منها أن الحادث وقع على مسافة خمسين مترا من محطة الترام مما يقطع بأن المصاب حاول الركوب بعد أن غادر الترام المحطة بمسافة طويلة. واستند الحكم فى ذلك إلى أنه لم يثبت وجود دماء فى مكان وقوف الترام، مع أن الضابط أثبت فى محضر المعاينة أنه شاهد العربة الخلفية للترام قد رفعت من الجهة اليمنى لإخراج المصاب من أسفلها وهو دليل على أن الحادث وقع فى هذا المكان ولا حاجة بعد ذلك إلى إثبات وجود الدماء - كما أن الحكم أخطأ فى تطبيق القانون لأنه دان المتهم بجريمة الإصابة الخطأ على الرغم من انتفاء علاقة السببية بين خطئه المزعوم وإصابة المجنى عليه إذ أنه على فرض صحة التصوير الذى أخذ به الحكم من أن المتهم لم يوقف الترام فى المحطة بل هدأ من سرعته وأن المجنى عليه سقط من الترام عندما حاول ركوبه فإن خطأ السائق فى عدم الوقوف بالمحطة لم يكن سببا فى إصابة المجنى عليه وإنما السبب المباشر فى ذلك هو خطأ المجنى عليه بمحاولته ركوب الترام قبل أن يقف تماما.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الإصابة الخطأ التى دان الطاعن بها ورتب عليها مسئولية الطاعنة الثانية مدنيا فبين ركن الخطأ الواقع من الطاعن الأول وعلاقة السببية بينه وبين الضرر واستدل على ثبوت الواقعة بأدلة تؤدى إلى ما رتبه عليها - لما كان ذلك.
وكان أساس الأحكام الجنائية إنما هو حرية محكمة الموضوع فى تقدير الأدلة القائمة فى الدعوى. وكانت المحكمة فى حدود سلطتها التقديرية لم تعول على ما جاء بالمعاينة التى أجراها ضابط البوليس بشأن تحديد مكان إصابة المجنى عليه بل عولت فى ذلك على أقوال شهود الإثبات فإن ما يثيره الطاعنان فى هذا الشأن لا يكون مقبولا.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين لذلك رفضه موضوعا.