أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة الأولى - من 27 أكتوبر سنة 1949 لغاية 22 يونيه سنة 1950 - صـ 519

جلسة 25 من مايو سنة 1950

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: محمد بك ومحمد على رشدي بك وعبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك المستشارين.

(131)
القضية رقم 18 سنة 18 القضائية

ا - نقض. إعلان الطعن إلى المطعون عليه في محل عمله يصبح. صورة واقعة.
ب - جنسية. جنسية مصرية. تتقرر بحكم القانون متى توافرت شروطها. الفصل فيها من اختصاص المحاكم. هي ليست من إطلاقات الحكومة.
جـ - جنسية. ولد الأجنبي الذي يدخل في الجنسية المصرية. شروط ذلك. المادة 7 من قانون الجنسية. محل انطباق المادة العاشرة من هذا القانون.
1 - يصح إعلان المطعون عليه في محل عمله. فإذا كان المطعون عليه قد جهل محل إقامته في مراحل إقامته في مراحل التقاضي السابقة فتحرى الطاعن عنه من جهة الإدارة فعلم أنه يعمل مع والده في مكتبته بجهة كذا، ثم لما انتقل المحضر إلى هذه المكتبة على أنه عنوان المراد إعلانه هو جهة كذا فانتقل من فوره إلى هذا المكان وفيه أجرى الإعلان مخاطباً موظفاً بالمحل تسلم منه صورة الإعلان، وكان ثابتاً من كتاب الحكمدارية المقدم إلى محكمة النقض ضمن أوراق الطعن أن المطعون عليه يعمل مع والده في المكان الذي أعلن فيه، وكان فضلاً عن ذلك لم يلحق المطعون عليه أي ضرر من إعلانه في المحل المذكور إذ قدم أوراقه في الميعاد القانوني- فإن دفعه بعدم قبول الطعن بسبب هذا الإعلان لا يكون على أساس ويتعين رفضه.
2 - الجنسية المصرية بمقتضى قانون الجنسية رقم 19 لسنة1929 مقررة بحكم القانون متى توافرت شروطها وليست من إطلاقات الحكومة حتى يصح القول بأن الفصل فيها هو فصل في أمر من الأمور المتعلقة بسيادة الدولة. فإذا نازعت وزارة الداخلية شخصاً في جنسيته المصرية كان له أن يلجأ إلى المحاكم لتقضي له بثبوت جنسيته لقيام مصلحته في الدعوى.
3 - إن المشروع إذ أوجب لدخول ولد الأجنبي الذي يولد بالمملكة المصرية في الجنسية المصرية بمقتضى المادة السابعة من قانون الجنسية رقم 19 سنة 1929 شروطاً منها أن يتنازل عن جنسيته الأصلية وأن يقرر اختياره الجنسية المصرية في خلال سنة من بلوغه سن الرشد، فقد دل بذلك على أن هذين الشرطين مستقل أحدهما عن الآخر، وأنه لابد من توافرهما معا. فلا يغنى تقرير الطالب اختيار الجنسية المصرية عن تقديمه ما يثبت سبق تنازله عن جنسيته الأصلية وفقا للأوضاع المقررة في قانون هذه الجنسية، فإذا كان هذا الشخص قد قرر صراحة في الطلب المقدم منه إلى وزارة الداخلية لمنحه الجنسية المصرية أنه لم يتخذ أي إجراء للتنازل عن جنسيته الإيطالية وظل محتفظاً بهذه الجنسية زمنا بدليل استخراجه جواز إيطاليا بعد تقديم طلبه، فأن شرطا من شروط كسب الجنسية المصرية وفقاً للمادة السابعة السالفة الذكر يكون قد تخلف، فلا يجوز اعتباره مصريا بمقتضى هذه المادة.
وتحدى هذا الشخص بأنه ما دام قد أعطى بناء على طلبه شهادة بالجنسية المصرية من وزير الداخلية ولم يصدر مرسوم بإسقاطها عنه في خلال خمس سنوات من ذلك التاريخ وفقاً للمادة 10 من قانون الجنسية، فلا مناص من اعتباره مصرياً ولو كانت الشهادة قد صدرت بطريق الخطأ، لا يقبل؛ ذلك لأن المادة العاشرة المشار إليها إنما تنطبق على حالة من دخل في الجنسية المصرية بناء على طلب استوفي في الظاهر الشروط المقررة قانونا ثم تبين فيما بعد أنه تضمن تقريرات كاذبة أو وقائع غير صحيحة انبنى عليها كسب الجنسية المصرية، ففي هذه الحالة يجوز إسقاطها عنه بمرسوم تذكر فيه الأسباب بشرط ألا يكون قد مضر على كسب الجنسية أكثر من خمس سنوات، وهى حالة تختلف عن حالة من لم يدخل الجنسية المصرية أصلا بحكم القانون إذ انعدم في شأنه منذ البداية شرط من الشروط التي يتطلبها القانون لهذا الغرض وهو شرط سبق التنازل عن الجنسية الأصلية، والشهادة المعطاة له من وزارة الداخلية ليس من شأنها أن تكسبه الجنسية المصرية، إذ هي وفقا للمادة 9 من قانون الجنسية لا تعدو كونها قرينة على الجنسية يجوز إثبات عكسها بأي طريق من الطرق التي تراها المحكمة.


الوقائع

في يوم 10 من فبراير سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر يوم 30 من نوفمبر سنة 1947 في الاستئناف رقم 678 س ق 63. وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم الاستئنافي وتأييد الحكم الابتدائي وإلزام المطعون عليه بالمصروفات وأتعاب المحاماة.
وفي 10 من فبراير سنة 1948 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن. وفي 22 منه أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتها. وفي 6 من مارس سنة 1948 أودع المطعون عليه مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها الحكم بعدم قبول الطعن شكلا لبطلان إعلان تقرير الطعن، واحتياطيا برفضه موضوعا وإلزام الطاعنة بالمصروفات وأتعاب المحاماة. وفي 20 من مارس سنة 1948 أودعت الطاعنة مذكرة بالرد مشفوعة بمستنداتها. وفي أول أبريل سنة 1948 أودع المطعون عليه مذكرة بملاحظاته على الرد.
وفي 24 من ديسمبر سنة 1949 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضي به من ثبوت الجنسية المصرية للمطعون عليه ورفض الدعوى موضوعا وإلزام المطعون عليه بالمصروفات الخ الخ.


المحكمة

من حيث إن المطعون عليه دفع بعدم قبول الطعن شكلا تأسيسا على أن تقرير الطعن لم يعلن إليه إعلانا صحيحاً إذ أثبت المحضر أنه أعلنه في محله بشارع الشواربي رقم 6 بالزمالك "مخاطبا مع شفيق أفندي يوسف الموظف بالمكتبة" مع أن هذا المحل ليس محل إقامته بل هو محل والده، ومع أن شفيق أفندي يوسف الذي تسلم صورة الإعلان ليس تابعا له بل هو موظف عند والده.
ومن حيث إن هذا الدفع مردود بأنه لما كان المطعون عليه قد جهل محل إقامته في مراحل التقاضي السابقة ارتأت الطاعنة أن تتحرى عنه من وجهة الإدارة فعلمت أنه يعمل مع والده في مكتبته بميدان مصطفي كامل باشا، ولما انتقل المحضر المنوط به إعلان تقرير الطعن إلى هناك أخبر من موظفي المكتبة بأن عنوان المراد إعلانه هو شارع الشواربي رقم 6 فانتقل من فوره إلى هذا المكان وفيه أجرى الإعلان مخاطبا شفيق أفندي يوسف الموظف بالمحل الذي تسلم منه صورة الإعلان، ولما كان ثابتاً من كتاب الحكمدارية المؤرخ في 9/3/1948 والمتقدم إلى هذه المحكمة ضمن أوراق الطعن أن المطعون عليه يعمل مع والده بمكتبته بشارع الشواربي رقم 6 حيث تم إعلانه، ولما كان الإعلان في محل عمل المطعون عليه صحيحاً على ما جرى به قضاء هذه المحكمة، وقد تسلم صورته أحد موظفي المحل دون أي اعتراض من جانبه، ولم يلحق المطعون أي ضرر من جراء إعلانه في هذا المحل، إذ قدم أوراقه في الميعاد القانوني - لما كان ذلك كذلك كان الدفع بعدم قبول الطعن شكلا على غير أساس ويتعين رفضه.
ومن حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية. ومن حيث إنه بني على سببين يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه إذ قضي بإلغاء الحكم الابتدائي وبرفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم بنظر دعوى المطعون عليه بثبوت جنسيته المصرية أخطأ في تفسير القانون وتطبيقه. ذلك أن مسائل الجنسية وهى تنطوي على مشاكل سياسية هي من صميم أعمال السيادة التي تخرج عن ولاية المحاكم فلا يجوز أن تتعرض لها بصفة مباشرة أو غير مباشرة، وبالتالي لا تختص بالفصل في طلب الجنسية بصفة أصلية، وكل ما تملكه هو أن تطبق قانون الجنسية لتحدد اختصاصها بنظر الدعوى المطروحة أمامها قبل الفصل في موضوعها، وقضاؤها في جنسية الخصوم في هذه الحالة لا يجوز قوة الأمر المقضي حتى بين الخصوم أنفسهم.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم لم يخالف القانون في قضائه برفض الدفع سالف الذكر. ذلك أن طلب المطعون عليه ثبوت الجنسية المصرية له وفقا للمادة السابعة من قانون الجنسية رقم 19 لسنة 1929 لا يترتب عليه أي مساس بسيادة الدولة، إذ الجنسية المصرية بمقتضى هذه المادة مقررة بحكم القانون متى توافرت شروطها، وليست من إطلاقات الحكومة حتى يصح القول بأن الفصل فيها هو فصل في أمر من الأمور المتعلقة بسيادة الدولة، ولما كانت هذه الجنسية منازعاً فيها من الطاعنة كان للمطعون عليه مصلحة قائمة في دعواه قبلها.
ومن حيث إن محصل السبب الآخر للطعن أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون وعابه بطلان في الإسناد من ثلاثة أوجه: الأول إذ اعتبر أن الطلب المقدم من المطعون عليه إلى وزارة الداخلية في 10 من سبتمبر سنة 1936 لمنحة الجنسية المصرية بطريق التجنس عملا بالمادة الثامنة من قانون الجنسية رقم 19 لسنة 1929 كان المقصود منه اختيار الجنسية المصرية عملا بالمادة السابعة من القانون المذكور، من أن الطلب صريح في المعنى الأول دون الثاني، ولكن وزارة الداخلية أخطأت إذا أعطت المطعون عليه شهادة الجنسية على أساس المادة السابعة وهذا الخطأ لا يكسب المطعون عليه حقا. والثاني إذ اعتبر أن المطعون عليه باختياره الجنسية المصرية يكون قد تنازل ضمنا عن جنسيته الإيطالية مع أن المطعون عليه صرح في طلبه بأنه لم يتخذ أي إجراء للتنازل عن جنسيته الأصلية ومع أنه استصدر بعد طلبه المشار إليه جواز سفر إيطاليا مما يدل على تمسكه بجنسيته الإيطالية حتى بعد تقديم طلبه. والثالث إذ قال إن قانون الجنسية الإيطالي الصادر في سنة 1902 أجاز في المادة السابعة منه للإيطاليين المقيمين في أرض دولة أجنبية التنازل عن جنسيتهم الإيطالية عند بلوغهم سن الرشد وذلك من غير قيد أو شرط، مع أن المادة الخامسة من اللائحة التنفيذية رقم 949 الصادرة في 2 من أغسطس سنة 1912 بتنفيذ قانون الجنسية الإيطالي أوجبت حصول التنازل في هذه الحالة بتقريره أمام الممثل السياسي أو القنصلي للمحل الذي يقيم فيه المتنازل وأن يسجل هذا الإقرار في سجل خاص ترسل صورة منه إلي وزارة الداخلية الإيطالية التي تقوم بدورها بإثباته في سجل خاص ترسل صورة منه إلى وزارة الداخلية الإيطالية التي تقوم بدورها بإثباته في سجل خاص، وما لم تحصل هذه الإجراءات لا يعتبر التنازل صحيحاً وبالتالي ينعدم شرط من الشروط التي أوجبتها المادة السابعة سالفة الذكر.
ومن حيث إن المشرع إذ أوجب لدخول ولد الأجنبي الذي يولد بالمملكة المصرية في الجنسية المصرية بمقتضى المادة السابعة من قانون الجنسية رقم 19 لسنة 1929، إذ أوجب لذلك شروطاً منها أن يتنازل عن جنسيته الأصلية وأن يقرر اختياره الجنسية المصرية في خلال سنة من بلوغه سن الرشد، فقد دل بذلك على أن الشرطين مستقل أحدهما عن الآخر وأنه لابد من توافرهما معاً، فلا يغني تقرير الطالب اختيار الجنسية المصرية عن تقديمه ما يثبت سبق تنازله عن جنسيته الأصلية وفقاً للأوضاع المقررة في قانون هذه الجنسية، ولما كان المطعون عليه قد قرر صراحة في الطلب المقدم منه إلى وزير الداخلية في 10 من سبتمبر سنة 1936 إنه لم يتخذ أي إجراء للتنازل عن جنسيته الإيطالية وظل محتفظاً بهذه الجنسية حتى سنة 1938 بدليل استخراجه جواز سفر إيطاليا في تلك السنة، لما كان ذلك فإن شرطاً من شروط كسب الجنسية المصرية وفقاً للمادة السابعة سالفة الذكر يكون قد تخلف، وبالتالي لا يجوز اعتباره مصرياً بمقتضى هذه المادة.
ومن حيث إن تحدى المطعون عليه في رد على هذا السبب بأن لا جدوى من بحثه لأنه بعد أن دخل في الجنسية المصرية من تاريخ طلبه في 10 من سبتمبر سنة 1936 وأعطى شهادة بذلك من وزير الداخلية ولم يصدر مرسوم بإسقاطها عنه في خلال خمس سنوات من ذلك التاريخ وفقاً للمادة 10 من قانون الجنسية سالف الذكر، فلا مناص من اعتباره مصرياً ولو كانت الشهادة التي سبق إعطاؤها له بجنسيته المصرية قد صدرت بطريق الخطأ، هذا التحدي في غير محله. ذلك أن المادة العاشرة المشار إليها إنما تنطبق على حالة من دخل في الجنسية المصرية بناء على طلب استوفي في الظاهر الشروط المقررة قانونا ولكن تبين فيما بعد أنه تضمن تقريرات كاذبة أو وقائع غير صحيحة انبنى عليها كسبة الجنسية المصرية، ففي هذه الحالة يجوز إسقاطها عنه بمرسوم تذكر فيه الأسباب بشرط أن لا يكون قد مضي على كسب الجنسية أكثر من خمس سنوات، وهى حالة تختلف تماما عن حالة المطعون عليه لأنه لم يدخل الجنسية المصرية أصلاً بحكم القانون إذ انعدم في شأنه منذ البداية شرط من الشروط التي يتطلبها القانون لهذا الغرض وهو شرط سبق التنازل عن جنسيته الأصلية، ولا يجديه نفعا تمسكه بشهادة الجنسية المصرية التي سبق إعطاؤها له من وزير الداخلية في 19 من أكتوبر سنة 1939 لأن هذه الشهادة ليس من شأنها أن تكسبه الجنسية المصرية إذ هي وفقا للمادة 9 من قانون الجنسية لا تعدو كونها قرينة على الجنسية يجوز إثبات عكسها بأي طريق من الطرق التي تراها المحكمة مؤدية لذلك.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن الحكم خالف القانون إذ قضي بثبوت الجنسية المصرية للمطعون عليه استنادا إلى "أن اختياره(المطعون عليه) للجنسية المصرية قد حقق الغرضين في آن واحد فقد أسقط عنه جنسيته الإيطالية وأكسبه في الوقت نفسه الجنسية المصرية التي أصبح متمتعا بها من تاريخ الإختيار في 10 سبتمبر سنة 1936" ومن ثم يتعين نقضه في هذا الخصوص.
ومن حيث إن الدعوى صالحة للحكم فيها.
ومن حيث إن المطعون عليه غير محق في طلب ثبوت جنسيته المصرية، استنادا سواء إلى الطلب سالف الذكر أو إلي الشهادة السابق اعطاؤها له من وزير الداخلية، للأسباب السابق بيانها ويتعين رفض هذا الطلب.