أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الرابع - السنة 6 - صـ 1269

جلسة أول نوفمبر سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين المستشارين.

(371)
القضية رقم 620 سنة 25 القضائية

دفاع. طلب المعاينة. عدم تحديده أو بيان الغرض من إجراء المعاينة. إغفاله لا إخلال بحق الدفاع.
إذا كان المتهم وإن طلب المعاينة إلا أنه لم يحدد طلبه ولم يبين غرضه من إجرائها فإن الطلب على هذه الصورة يكون قد ورد مجهلا بحيث لا يبين منه أن للمعاينة أثرا منتجا فى الدعوى، فإذا أغفلته المحكمة فإنها لا تكون قد أخلت بحق الدفاع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين المذكورين بأنهما دخلا محل تجارة ألبيرايلى بقصد ارتكاب جريمة فيه. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمادة 370 من قانون العقوبات. فقررت بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة نظرت هذه الدعوى وقضت فيها حضوريا عملا بمادة الاتهام بمعاقبة عبد الحميد محمد القصبى ومحمد فرج مبروك بالحبس مع الشغل لمدة أربعة شهور وإعفائهما من المصروفات الجنائية. فطعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

.... حيث إن الطاعن الأول عبد الحميد محمد القصبى ينعى على الحكم المطعون فيه أنه أخل بحقه فى الدفاع وشابه القصور وفساد الاستدلال كما انطوى على خطأ فى تحصيل الواقعة، وفى بيان ذلك يقول الطاعن أن الدفاع عنه طلب فى جلسة المحاكمة أن تنتقل المحكمة لإجراء المعاينة فأغفلت الرد على دفاعه أو الإشارة إليه كما أغفلت الرد على ما أثاره من بطلان إجراءات القبض والتحريز استنادا إلى نص المواد 55 و56 و57 من قانون الإجراءات الجنائية ولم تسمع شاهدا تنازل الدفاع عن سماع أقواله خطأ منه مع أهمية الواقعة التى يشهد عليها وأخطأ الحكم حين قال إن المتهمين حاولا الاعتداء على المجنى عليه ودانتهما بجريمة دخول محل معد لحفظ المال بقصد ارتكاب جريمة فيه فى حين أن أوراق الدعوى خلو من وقوع أى اعتداء على المجنى عليه أو محاولة الاعتداء عليه أو أن دخولهما كان بقصد ارتكاب جريمة ما كما أخطأ فى بيان تاريخ الواقعة فجعله 28 من يناير سنة 1954 وصحته 3 من مايو سنة 1954
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر معه العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها وأورد الأدلة التى استخلص منها ثبوتها وهى من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وتعرض لأوجه الدفاع الهامة التى تمسك بها الطاعن ورد عليها بما يفندها - لما كان ذلك وكان يبين من محضر الجلسة أن الدفاع عن الطاعن الأول وإن طلب المعاينة إلا أنه لم يحدد طلبه ولم يبين غرضه من إجرائها وما دام الطلب قد ورد مجهلا على هذه الصورة بحيث لا يبين منه أن للمعاينة أثرا منتجا في الدعوى فإن المحكمة إذ أغفلته لا تكون قد أخلت بحق الطاعن فى الدفاع، ولما كانت المحكمة قد تناولت الدفع ببطلان القبض وردت عليه بأن الطاعن لم يحدد وجه البطلان المدعى به وهو رد سائغ وكانت مخالفة المواد 55 وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية لا تستوجب بطلان الحكم ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة ضبط المضبوطات كما هو الحال فى الدعوى، وكان الدفاع لم يتمسك بسماع الشاهد الذى عاب على الحكم عدم سماعه بل تنازل الدفاع عنه ولم تر المحكمة وجها لسماعه وكان ما ساقه الحكم من أسباب للإدانة له أصله الثابت فى الأوراق، وكان ما ورد به عن تاريخ الواقعة من قبيل الخطأ المادى الذى لا يقدح فى سلامته - لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن برمته لا يكون له محل ويتعين رفضه.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن الثانى هو أن المحكمة إذ اعتبرت فى حكمها ما وقع من الطاعنين جريمة دخول عقار بقصد ارتكاب جريمة فيه دون أن توجه نظر الدفاع إلى ذلك قد أخلت بدفاعهما وخالفت حكم المادة 308 من قانون الاجراءات الجنائية.
وحيث إن الدعوى العمومية رفعت على الطاعنين أمام محكمة الجنايات لأنهما فى يوم 28 من يناير سنة 1954 بدائرة قسم السيدة زينب بمحافظة القاهرة مع آخر شرعوا فى سرقة محل تجارة ألبيرايلى بطريق الاكراه الواقع على المجنى عليه المذكور بأن هدده أولهما بالاعتداء عليه بمسدس وأوثقه الثانى بقطعة من الحبل وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لارادتهم فيه هو مراقبة رجال البوليس لهم وضبطهم قبل إتمام السرقة. وبعد أن نظرت المحكمة الدعوى واستمعت إلى ما قدمه الطاعنان من دفاع قضت باعتبار الحادث جنحة دخول عقار (محل تجارة) بقصد ارتكاب جريمة فيه وهى الجريمة المنطبقة على المادة 370 من قانون العقوبات وبمعاقبة كل منهما بالحبس مع الشغل لمدة أربعة أشهر وقالت فى ذلك "وحيث إن الذى ثبت للمحكمة من الاطلاع على التحقيقات التى تمت فى هذه القضية ومن مناقشة الشهود والمجنى عليه بالجلسة هو أن المتهمين الثانى والثالث "الطاعن" قدموا إلى محل المجنى عليه وأخرج أولهما المسدس وشهره نحوه بينما حاول الثانى وثاقه بالحبل وقبل أن يوثقه إنقض البوليس عليهما وضبط المسدس والحبل.... وحيث إنه إزاء ما قرره المجنى عليه من أنه لا يدرى إن كان قصد المتهمين الثانى والثالث هو سرقة نقوده أو مجرد إيذائه أو محاولة قتله وإزاء ما قرره البوليس الملكى سعيد بدر عز الدين فى التحقيقات من أن الكونستابل علي حموده أخبره بأن أناسا انتووا تهديد المجنى عليه وضربه وإزاء ما قرره البوليس الملكى كمال محمد أحمد بحبح فى التحقيقات من أن أحدا من المتهمين الثانى والثالث لم يحاول فتح الخزانة أو سرقة شئ منها وإزاء أنه لم يصدر من المتهمين أى عمل من الأعمال التى تعتبر بدءا فى تنفيذ جريمة السرقة وإزاء ما تكشف فى الجلسة من أن المجنى عليه رجل مكروه فى الحى الذى هو فيه وأنه يقرض نقودا بفائدة.... فإن المحكمة ترى أن المتهمين الثانى والثالث وإن كان حقيقة دخلا محل المجنى عليه وحاولا الاعتداء عليه فإنه لم يتضح من الظروف قصدهما من ذلك إذ لم تنكشف نيتهما إن كانا قد انتويا سرقة الخزانة أو انتويا إيذاء المجنى عليه بالاعتداء عليه وضربه ولذلك يكون قصدهما من دخول المنزل غير معين ولا تستطيع المحكمة اسناد جريمة معينة إليهما وإن كان قد ثبت أن دخولهما كان دخولا آثما ومن ثم ترى أن الجريمة التى يمكن اسنادها إليهما هى الجريمة المنصوص عليها فى المادة 370 من قانون العقوبات وهى أنهما دخلا محلا لحفظ المال بقصد ارتكاب جريمة فيه" - لما كان ذلك وكان للمحكمة أن تغير وصف الأعمال المسندة إلى المتهم والمطروحة أمامها دون حاجة إلى لفت الدفاع ما دامت لا تستند فى ذلك إلا إلى الوقائع التى شملها التحقيق ورفعت بها الدعوى وما دام أن التعديل كان باسقاط بعض عناصر التهمة الأولى واطراح بعض ظروفها وقد تناولها الدفاع بحذافيرها وليس فى ذلك إخلال بحق الدفاع - لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن لا يكون له محل ويتعين رفضه.