أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة الأولى - من 27 أكتوبر سنة 1949 لغاية 22 يونيه سنة 1950 - صـ 534

جلسة 25 من مايو سنة 1950

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك ومحمد علي رشدي بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك المستشارين.

(134)
القضية رقم 154 سنة 18 القضائية

1 - وفاء. مشترى تأخر في دفع الثمن. إعطاؤه مهلة للوفاء بدلاً من الحكم بالفسخ. رخصة للقاضي. النعي على الحكم بعدم بيانه أسباب إعطاء المهلة. لا يقبل. (المادة 333 مدني قديم).
ب - بيع عقار القاصر بالممارسة مع تصديق المجلس الحسبي. لا مخالفة فيه للقانون. المادة 614 لا تنطبق إلا في حالة بيع عقار القاصر المأذون في بيعه من الجهة المختصة بالمزايدة.(المادة 614 مرافعات قديم).
جـ - حكم. تسبيبه. تقرير الحكم أن إيداع المشترى جزءاً من الثمن كان ناقصاً لما شابه من عيوب. اعتباره قيام المشتري بإيداع ما هو مستحق على متأخر الثمن من فوائد لغاية تاريخ إيداع ذلك الجزء هو كل ما يجب على المشتري الوفاء به. عدم بيانه علة عدم إلزامه بفوائد متأخر الثمن من تاريخ ذلك الإيداع لغاية إيداع تكملة الثمن. قصور.
1 - إن إعطاء المشتري المتأخر في دفع الثمن ميعاداً للوفاء بدلاً من الحكم بالفسخ إعمالاً للمادة 333 من القانون المدني القديم من الرخص التي أطلق الشارع فيها لقاضي الموضوع الخيار في الأخذ بأحد وجهي الحكم في القانون حسبما يراه هو في ظروف كل دعوى بغير معقب عليه. فلا يقبل النعي على الحكم بقصور أسبابه عن بيان الاعتبارات التي اعتمد عليها في منح للوفاء بمتأخر الثمن.
2 - إن المادة 614 من قانون المرافعات القديم لا توجب إجراء بيع عقار القاصر بطريق المزايدة ولا ترتب البطلان على عدم اتباع هذا الطريق، كما أن قانون المجالس الحسبية الصادر في سنة 1925 لم يشر باتباع الإجراءات المنصوص عليها في المادة المشار إليها. ولازم ذلك أن بيع عقار القاصر بالممارسة مع تصديق المجلس الحسبي لا مخالفة فيه للقانون ولا للمادة المشار إليها، ويكون حكم النص المذكور غير واجب الاتباع إلا في حالة بيع عقار القاصر المأذون في بيعه من الجهة المختصة بالمزايدة.
3 - إذا كان الحكم الاستئنافي مع تقريره أن محكمة أول درجة قد أصابت في قضائها بفسخ البيع لعدم قيام المشتري بالوفاء بالتزاماته بإيداع الثمن جميعه مع الفوائد المستحقة، والجزء الذي أودعه كان ناقصاً لما شاب إيداعه من عيوب، قد اعتبر قيام المشتري بإيداع ما هو مستحق على متأخر الثمن من فوائد لغاية تاريخ إيداع ذلك الجزء ورسوم الإيداع السابق خصمها من أقساط الثمن - اعتبر ذلك هو كل ما يجب على المشتري الوفاء به دون بيان العلة التي من أجلها لم ير موجباً لإلزامه بفوائد متأخر الثمن من تاريخ الإيداع الذي اعتبرته المحكمة غير مبرئ للذمة لغاية التاريخ الذي أجلت إليه الدعوى لإيداع تكملة الثمن، فإنه سكوته عن إيراد أسباب لقضائه في هذا الخصوص مع كون الفوائد المشار إليها مستحقة الأداء وتعد جزءاً من الثمن وفقاً لنصوص العقد وإعمالاً لأحكام المادة 330، والوفاء بالثمن وملحقاته شرط أساسي لتوقي الفسخ، فإنه يكون قاصراً متعيناً نقضه.


الوقائع

في يوم 9 من أغسطس سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر يوم 7 من مارس سنة 1948 في الاستئناف رقم 720 س ق 63، وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنة قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع نقض الحكم المطعون فيه وتأييد حكم محكمة أول درجة الصادر بتاريخ 21 من مايو سنة 1946، واحتياطياً إحالة الدعوى على محكمة استئناف القاهرة وإلزام المطعون عليهما الأولين بالمصروفات وأتعاب المحاماة. وفي 9 من أغسطس سنة 1948 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 29 منه أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتها. وفي 7 من سبتمبر سنة 1948 أودع المطعون عليهما الأولان مذكرة بدفاعهما مشفوعة بمستنداتهما طلبا فيها الحكم: (أولاً) أصلياً بعدم قبول السبب الثاني من أسباب الطعن واحتياطياً برفضه، (وثانياً) برفض السببين الأول والثالث. (وثالثاً) بإلزام الطاعنة بصفتها بالمصروفات وأتعاب المحاماة، ولم يقدم باقي المطعون عليهم دفاعاً، وفي 23 من سبتمبر سنة 1948 أودعت الطاعنة مذكرة بالرد مشفوعة بمستنداتها، وفي 4 من أكتوبر سنة 1948 أودع المطعون عليهما الأولان مذكرة بملاحظاتهما على الرد.
وفي 12 من مارس سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى السبب الثالث وإحالة الدعوى على محكمة استئناف القاهرة وإلزام المطعون عليهما الأولين بالمصروفات الخ الخ.


المحكمة

ومن حيث إنه بني على ثلاثة أسباب، حاصل الأول منها أن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى الطاعنة بفسخ البيع المبرم بينها وبين المطعون عليهما الأولين مع أنهما لم يدفعا ثمن المبيع في الميعاد المتفق عليه ورغم إعطائها ميعاداً للوفاء به، إذ قضى الحكم بذلك شابه القصور في التسبيب، ذلك لأنه لم يورد أسباباً لمنحهما تلك المهلة مع أن مناط استعمال المحكمة سلطتها في إعطاء المشتري مهلة للوفاء بمتأخر الثمن وفقاً لأحكام المادة 333 من القانون المدني (القديم) وجود أسباب قوية تبرر هذا الإمهال.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه لما كان إعطاء المشتري المتأخر في دفع الثمن ميعاداً للوفاء بدلاً من الحكم بالفسخ إعمالاً للمادة 333 من القانون المدني (القديم) من الرخص التي أطلق الشارع فيها لقاضي الموضوع الخيار في الأخذ بأحد وجهي الحكم في القانون حسبما يراه هو في ظروف كل دعوى بغير معقب عليه، لما كان ذلك، كان غير مقبول النعي على الحكم بقصور أسبابه عن بيان الاعتبارات التي اعتمد عليها في منح المهلة للوفاء بمتأخر الثمن.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم إذ قضى بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر من الطاعنة بصفتها وصية على قاصرها ومأذوناً لها به من المجلس الحسبي إلى المطعون عليما الأولين دون مراعاة الإجراءات المنصوص عليها في المادة 614 من قانون المرافعات (القديم) والتي توجب أن يكون بيع عقار القاصر المأذون ببيع عقاره بالمزايدة على ثمن يقدره القاضي الجزئي أو المحكمة الابتدائية ويكون ذلك بمقتضى قائمة شروط يحررها القائم مقام القاصر وتودع في قلم كتاب المحكمة وتشتمل زيادة على البيانات المقررة بالمادة 558 مرافعات (قديم) على بيان حجة الملك والقرار الصادر بالإذن بالبيع عند الاقتضاء، إذ قضى الحكم بذلك مع أنه لم تتبع في شأنه الإجراءات المشار إليها يكون قد أخطأ تطبيق القانون.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن المادة 614 من قانون المرافعات (القديم) لا توجب إجراء بيع عقار القاصر بطريق المزايدة ولا ترتب البطلان على عدم اتباع هذا الطريق، كما أن قانون المجالس الحسبية الصادر في سنة 1925 لم يشر باتباع الإجراءات المنصوص عليها في المادة المشار إليها. ولازم ذلك، كما قرر الحكم المطعون فيه بحق، "أن بيع عقار القاصر بالممارسة مع تصديق المجلس الحسبي لا مخالفة فيه للقانون ولا للمادة المشار إليها ويكون حكم النص المذكور غير واجب الاتباع إلا في حالة بيع عقار القاصر المأذون ببيع عقاره من الجهة المختصة بالمزايدة".
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم خالف القانون إذ لم يقض بالفسخ مع ثبوت تقصير المطعون عليهما الأولين في الوفاء بفوائد الثمن وهي كالثمن تأخذ حكمه لغاية تاريخ الإيداع الأخير الحاصل في 7 من مارس سنة 1948، كما شابه القصور في التسبيب إذ لم يورد أسباباً لقضائه باعتبار الإيداع صحيحاً مبرئاً لذمة المطعون عليهما الأولين مع أن ما أودعاه خزانة المحكمة لم يكن شاملاً للثمن وملحقاته، بل كان مقصوراً على ما استحق من فوائد الثمن لغاية مايو سنة 1944.
ومن حيث إن الثابت بالحكم الابتدائي الذي ألغاه الحكم المطعون فيه "أن المطعون عليهما الأولين لم يدفعا للطاعنة باقي ثمن الأطيان المبيعة وقدره ألف جنيه عدا الفوائد التي نص عليها في العقد من وقت التأخير وهي 7% سنوياً فضلاً عن مصاريف تلك الدعوى. أما البالغ التي قاما بإيداعها خزينة محكمة مصر على النحو السابق ذكره (في 18 من مايو سنة 1944 و19 من نوفمبر سنة 1944) فإنها مودعة بشروط معينة ولا يمكن اعتبار هذا الإيداع في مقام دفع الثمن الذي يمنع الفسخ إذ أنه لا يبرئ ذمة المشترين لأنهما لم يودعا فوائد المبالغ المتأخرة رغم وضع يدهما على الأطيان المبيعة واستغلالها من وقت البيع من وقت التنبيه عليهما رسمياً بسداد تلك المبالغ وفوائدها، كما أنهما خصماً رسم الإيداع بغير حق إذ أن العرض كان ناقصاً ومقيداً لتعليق الثمن على إتمام التسجيل وهذا إجراء خاص بالمشتريين ولا دخل للبائعة في تأخيره كما يزعمان، بل إن التقصير واقع من جانبهما حتى ترتب على ذلك رفع دعوى بفسخ عقد البيع".
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه مع تقريره أن محكمة أول درجة "قد أصابت في قضائها بالفسخ لعدم قيام المشتريين بالوفاء بالتزاماتهما بإيداع الثمن جميعه والفوائد المستحقة، وأن الإيداع كان ناقصاً لما شابه من عيوب"، فإنه اعتبر قيام المطعون عليهما الأولين بإيداع ما هو مستحق على متأخر الثمن من فوائد لغاية 18 من مايو سنة 1944 ورسوم الإيداع السابق خصمها من أقساط الثمن اعتبره كل ما يجب على المطعون عليهما الأولين الوفاء به دون بيان العلة التي من أجلها لم ير موجباً لإلزامها بفوائد متأخر الثمن من مايو سنة 1944 وهو تاريخ الإيداع الأول - الذي اعتبرته المحكمة إيداعاً غير مبرئ للذمة - لغاية 7 من مارس سنة 1948 وهو التاريخ الذي أجلت إليه الدعوى ليودع المطعون عليهما الأولان في فترته تكملة الثمن.
ومن حيث إنه لما كان الحكم قد سكت عن إيراد أسباب لقضائه في هذا الخصوص مع أن الفوائد المشار إليها مستحقة الأداء وتعد جزءاً من الثمن وفقاً لنصوص العقد وإعمالاً لأحكام المادة 330 من القانون المدني (القديم) وكان الوفاء بالثمن وملحقاته شرطاً أساسياً لتوقي الفسخ - لما كان ذلك كان الحكم قاصر التسبيب في هذا الخصوص متعين النقض.