أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الرابع - السنة 6 - صـ 1282

جلسة أول نوفمبر سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين المستشارين.

(375)
القضية رقم 632 سنة 25 القضائية

ا- تلبس. قبض. تفتيش. مواد مخدرة. مشاهدة الضابط جريمة إحراز مخدر متلبسا بها عندما اشتم رائحة الحشيش تتصاعد من المقهى. يجيز له تفتيش المقهى والقبض على كل متهم له اتصال بالجريمة.
ب- حكم. تسبيبه. مواد مخدرة. استناد الحكم فى إدانة متهم بجريمة إحراز مواد مخدرة بقصد التعاطى إلى مجرد وجوده فى المقهى مع متهم آخر ضبط محرزا للمخدر وإلى أنه هو صاحب المقهى الذى كان يحرق فيه الحشيش. قصور.
1- إذا كان الضابط قد شاهد جريمة إحراز المخدر متلبسا بها عندما اشتم رائحة الحشيش تتصاعد من المقهى فإنه يكون من حقه أن يفتش المقهى ويقبض على كل متهم يرى أن له اتصالا بالجريمة.
2- إذا كان الحكم إذ دان المتهم بجريمة إحراز مواد مخدرة بقصد التعاطى قد اقتصر فى بيان واقعة الدعوى وفى إيراد الأدلة المثبتة لها على القول بأنه وجد فى المقهى مع المتهم الأول الذى ضبط محرزا للمخدر وأنه هو صاحب المقهى الذى كان يحرق فيه الحشيش - وهو ما لا يؤدى إلى ثبوت التهمة فى حقه - فإنه يكون حكما قاصرا ويتعين نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: أحرزا بقصد التعاطى والاستعمال الشخصى جواهر مخدرة (حشيشا وأفيونا) وبذور سيقان نبات الحشيش فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 1، 2، 7، 33 والبندين 1، 12 من الجدول أ والبند 1 من الجدول ب الملحق بالمرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1955 فقررت بذلك وفى أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات دمنهور دفع الحاضر عن المتهمين ببطلان القبض والتفتيش وما ترتب عليهما من إجراءات. والمحكمة المذكورة بعد أن أتمت نظرها قضت حضوريا عملا بالمواد 1، 2، 7، 34، 35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبندين 1، 12 من الجدول أ والبند 1 من الجدول ب الملحق بالقانون المذكور مع تطبيق المادتين 32 للأول و17 من قانون العقوبات للاثنين بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريم كل منهما 500 ج والمصادرة وأعفتهما من المصاريف وقد ذكرت فى أسباب حكمها أن الدفع فى غير محله. فطعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه بنى على إجراء باطل وشاب أسبابه القصور والتناقض وأخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقول الطاعنان إنهما دفعا أمام محكمة الموضوع ببطلان القبض والتفتيش لأن الضابط الذى قام بهما لم يستصدر إذنا بالتفتيش من الجهة المختصة بإصداره ولم تأخذ المحكمة بهذا الدفاع وردت عليه ردا قاصرا. أما وجه الخطأ فى تطبيق القانون والتناقض فهو أن المحكمة اعتبرت الفعل المسند إلى الطاعن الأول يكون جريمتين مرتبطتين ببعضهما ارتباطا لا يقبل التجزئة وأنزلت به العقاب على الجريمتين معا فى حين أنها فى تحصيل الواقعة أسندت إليه واقعة جنائية واحدة وهى الاحراز بقصد التعاطى فجاء حكمها متناقضا مخطئا فى تطبيق القانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى فى قوله "وحيث إن وقائع الدعوى حسبما ثبت للمحكمة من مجموع التحقيقات وأقوال الشهود بالجلسة وتقرير المعمل الكيماوى بمصلحة الطب الشرعى تتحصل فى أنه فى يوم 12 من فبراير سنة 1954 الموافق 9 من جمادى الآخرة سنة 1373 بناحية حوش عيسى بمديرية البحيرة أثناء مرور الملازم ثان مصطفى عوض حسن ضابط مباحث مركز حوش عيسى ومعه المخبران السيد أحمد عبد العاطى والسيد شحاته العشماوى شم رائحة حشيش تنبعث من المقهى الملحق بمحطة السكة الحديد الذى يديره المتهم الثانى "الطاعن الثانى" زكى أندراوس عبد الملاك فأسرع والمخبران بدخول المقهى وعندئذ شاهدوا عامل المقهى المتهم الأول "الطاعن الأول" منصور أندراوس عبد الملاك عند النصبة وبيده جوزة يعدها للتدخين فأخذها ضابط المباحث من يده حيث عثر بحجرها على دخان معسل وقطعتين من الحشيش كما عثر على علبة ثقاب فى مكان يقع بين النصبة وبين مكتب كان يجلس عليه المتهم الثانى ولما فتح هذه العلبة وجد بها الضابط قطعا من الحشيش والأفيون ثم فتش النصبة فعثر بدرجها على قرطاسين صغيرين كان بداخلهما بذور وأوراق صغيرة خضراء وجافة ثبت من تحليلها أنها عبارة عن بذور الحشيش فضبط المتهمين وأبلغ عن الحادث" ثم عرض لدفاع الطاعنين فقال: "وحيث إن المتهمين قد أنكرا ما أسند إليهما كما دفع الحاضر معهما ببطلان الضبط والتفتيش قائلا بأن المتهمين لم يكونا فى إحدى حالات التلبس التى تجيز القبض والتفتيش. وحيث إن الثابت من الاطلاع على الأوراق أن التفتيش قد وقع فى محل عمومى هو مقهى للمتهم الثانى يباح فيه لرجال الضبط دخوله فى أى وقت لمراقبة ما يحدث فيه من تنفيذ صحيح للأوامر الادارية والصحية ومن ثم فلا غبار على دخول ضابط المباحث ذلك المكان خصوصا وأن رائحة الحشيش كانت تنبعث من المقهى مما دعا الضابط والمخبرين إلى دخول ذلك المكان بحثا عن الجريمة التى كانت ترتكب فيه ولا يؤثر فى ذلك ما ذهب إليه الدفاع من أنه لم تكن هناك رائحة الحشيش بناء على ما قرره ضابط المباحث من أن المتهم الأول كان يعد الجوزة للتدخين لأن ذلك القول مردود عليه بأن تقرير المعمل الكيماوى قد ثبت منه وجود قطعتين صغيرتين من الحشيش محترق بعض أطرافها مما يدل على صدق الشهود فيما قرروه عن سبق احتراق الحشيش قبل دخولهم المقهى وانبعاث رائحته التى شموها ومن ثم فيكون هذا الدفع فى غير محله ويتعين لذلك رفضه" لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم أن الضابط فى واقعة هذه الدعوى قد شاهد جريمة إحراز المخدر متلبسا بها عندما اشتم رائحة الحشيش تتصاعد من المقهى وكان من حقه أن يفتش المقهى ويقبض على كل متهم يرى أن له اتصالا بها وكان لا جدوى لما أثاره الطاعن الأول من أن المحكمة أخطأت حين طبقت المادة 32 من قانون العقوبات لأن العقوبة المقضى بها تدخل فى نطاق العقوبة المقررة لجريمة الإحراز بقصد التعاطى - لما كان ذلك فان ما يثيره الطاعنان فيما تقدم لا يكون له محل.
وحيث إن الطاعن الثانى ينعى على الحكم أيضا أنه أغفل التحدث عنه ولم يقم الدليل على نسبة المخدر المضبوط إليه، وهذا النعى على أساس إذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه جاء قاصرا فى بيان واقعة الدعوى التى دان الطاعن الثانى بها وفى إيراد الأدلة المثبتة لها مكتفيا بالقول بأنه وجد فى المقهى مع الطاعن الأول الذى ضبط محرزا للمخدر وأنه هو صاحب المقهى الذى كان يحرق فيه الحشيش وهو ما لا يؤدى إلى ثبوت التهمة فى حقه مما يتعين مع قبول هذا الوجه ونقض الحكم بالنسبة للطاعن الثانى وحده.