أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الرابع - السنة 6 - صـ 1299

جلسة 7 من نوفمبر سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ حسن داود المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين المستشارين.

(380)
القضية رقم 658 سنة 25 القضائية

(أ) نقض. طعن لا مصلحة منه. لا جدوى من إثارته. مثال فى قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد.
(ب) سبق إصرار. ترصد. لا يشترط لوجود أحدهما أن يكون مقترنا بالآخر.
(ج) نقض. عقوبة مبررة. لا مصلحة من الطعن. مثال فى قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد.
1- لا جدوى للمتهم من نفى ظرف سبق الإصرار إذا كان لا ينازع فيما أثبته الحكم من قيام ظرف الترصد لأن هذا الظرف وحده كاف لتغليظ عقوبة القتل العمد بصرف النظر عن توافر ظرف سبق الإصرار.
2- إن القانون وقد غاير فى نصه بين ظرفى سبق الإصرار والترصد أفاد أنه لا يشترط لوجود أحدهما أن يكون مقترنا بالآخر.
3- إذا كانت العقوبة المقضى بها على المتهم تدخل فى نطاق العقوبة المقررة للقتل العمد مجردا عن سبق الإصرار والترصد فلا تكون للمتهم جدوى مما يثيره فى خصوص عدم توافر هذين الظرفين.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: قتل نجاة حسن علي عمدا مع سبق الإصرار والترصد بأن انتوى قتلها وأعد لذلك سلاحا حادا "خنجرا" ذا حدين وترصد لها فى الطريق الذى اعتادت المرور منه حتى ظفر بها فطعنها عدة طعنات قاصدا قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتها. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة بذلك وبعد أن نظرت محكمة جنايات سوهاج هذه الدعوى قضت فيها حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 ع بمعاقبة حامد محمد علي بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات.
فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

.... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه، قد جاء قاصرا فى التدليل على توافر ظرف سبق الاصرار، ولم يبين الوقائع التى استخلص منها أن الطاعن كان وقت اقترافه الجريمة فى حالة هادئة: ذلك أنه ابن عم المجنى عليها، وقد رآها فى الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم الحادث بدكان من يدعى فؤاد أحمد، ورأى هذا الأخير يغازلها فاهتاج هو لهذا المنظر الذى مس شرفه وشرف أسرته، فتوجه فور ذلك، وأحضر سكينا فى منتصف الساعة السادسة وانتظر مرور المجنى عليها وطعنها بتلك السكين فى الساعة الثامنة من مساء ذلك اليوم مما أودى بحياتها، وقد اعترف الطاعن بهذه الوقائع، وعللها بأنه لم يطق رؤية ما رآه وقد لازمه الهياج من وقت أن رآها إلى أن مرت عليه بالطريق. إلا أن المحكمة اعتبرت ركن سبق الإصرار متوافرا، وقالت إن الطاعن صمم على القتل لمرور ثلاث ساعات بين التصميم على القتل وتنفيذه وهى مدة كافية لكى يتروى ويراجع نفسه فيما صمم عليه. ووجه الخطأ فى ذلك أنه ما كان للمحكمة أن تدلل على توافر سبق الإصرار بمرور الوقت على النحو المتقدم، بل كان يتعين عليها أن تورد الوقائع والأدلة على عدم وجود حالة الهياج وتوافر حالة الهدوء فى الفترة التالية للتصميم على القتل.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد الأدلة السائغة على ثبوتها فى حق الطاعن، استظهر ظرف سبق الإصرار فى قوله "وبما أنه فيما يختص بظرف سبق الإصرار فقد قرر المتهم فى تحقيق النيابة أنه صمم على قتل المجنى عليها، وأعد الخنجر لهذا الغرض حوالى الساعة الخامسة والنصف مساء وأنه قتلها حوالى الساعة الثامنة والنصف مساء وقرر أمام المحكمة أنه أعد الخنجر لهذا الغرض فى الساعة الرابعة مساء، وثبت من أقوال الجنديين أنه قتلها حوالى الساعة الثامنة والنصف مساء، وبذا يكون الثابت سواء من اعترافه هذا أو ذاك، أنه مضت نحو ثلاث ساعات أو أكثر منذ أن صمم على قتلها حتى قتلها بالفعل، وهى مدة تكفى لأن يهدأ المتهم، وأن يتروى وأن يراجع نفسه فيما صمم عليه". ولما كان ما قاله الحكم من ذلك كافيا فى التدليل على توافر ظرف سبق الإصرار، ويؤدى فى المنطق والقانون إلى ما انتهى إليه وكان لا جدوى للطاعن مما يثيره فى هذا الخصوص بنفى هذا الظرف، إذ أن الحكم أثبت قيام ظرف الترصد. وهو ما لا ينازع فيه الطاعن - وذلك الظرف كاف وحده لتغليظ العقوبة بصرف النظر عن توافر ظرف سبق الإصرار، إذ أن القانون وقد غاير بين الظرفين فى نصه، أفاد أنه لا يشترط لوجود أحدهما أن يكون مقترنا بالآخر، هذا إلى أن العقوبة المقضى بها على الطاعن وهى الأشغال الشاقة عشر سنوات تدخل فى نظاق العقوبة المقررة للقتل العمد مجردا من سبق الإصرار والترصد. لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن فى طعنه لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين لذلك رفضه موضوعاً.