أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة الأولى - من 27 أكتوبر سنة 1949 لغاية 22 يونيه سنة 1950 - صـ 611

جلسة 15 من يونيه سنة 1950

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد الحميد وشاحي بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.

(152)
القضية رقم 171 سنة 18 القضائية

ا - إثبات. وضع اليد. واقعة مادية. العبرة فيه بما يثبت قيامه فعلاً ولو كان يخالف ما هو ثابت من الأوراق. دعوى منع تعرض. إحالتها على التحقيق لإثبات وضع اليد. لا تثريب على المحكمة في ذلك ولو كان هناك محضر تسليم رسمي في تاريخ سابق.
ب - وضع يد. محضر تسليم أطيان لا يحتوي على بيان الأطيان المسلمة بموجبه. رأي المحكمة أنه لا ينهض دليلاً على أن الأطيان محل النزاع كانت مما شمله المحضر. تقدير موضوعي.
1 - وضع اليد واقعة مادية العبرة فيه هي بما يثبت قيامه فعلاً. فإذا كان الواقع يخالف ما هو ثابت من الأوراق فيجب الأخذ بهذا الواقع واطراح ما هو غير حاصل، وإذن فلا على المحكمة إذا هي أحالت دعوى منع التعرض على التحقيق وكلفت المدعى فيها إثبات وضع يده الذي ينكره عليه خصمه، ولو كان بيده محضر تسليم رسمي في تاريخ سابق.
2 - إذا ارتأى قاضي الموضوع أن محضر تسليم الأطيان المقدم في الدعوى لا يحتوي على بيان الأطيان المسلمة بموجبه فلا ينهض دليلاً مقنعاً على أن الأطيان محل النزاع كانت مما شملها هذا المحضر، فذلك تقدير للدليل مما يستقل به قاضي الموضوع ولا يقبل الجدل فيه أمام محكمة النقض.


الوقائع

في يوم 4 من سبتمبر سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة الفيوم الابتدائية (منعقدة بهيئة استئنافية) الصادر يوم 16 من مارس سنة 1948 في الاستئناف رقم 174 سنة 1947. وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإلغاء حكم محكمة أول درجة والحكم بمنع تعرض المطعون عليهم في مقدار خمسة الأفدنة المبينة الحدود والمعالم بعريضة الدعوى وإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا إلى الطاعن عشرين جنيهاً على سبيل التعويض وإلزامهم بالمصروفات وأتعاب المحاماة عن جميع درجات التقاضي.
وفي 12 من ديسمبر سنة 1948 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 23 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان الخصوم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحوافظ بمستنداته، وفي 11 من أكتوبر سنة 1948 أودع المطعون عليهم مذكرة بدفاعهم مشفوعة بمستنداتهم وطلبوا فيها: (أولاً) عدم قبول الطعن شكلاً فيما يتعلق بنقض الحكم فيما قضى به من رفض دعوى التعرض. (ثانياً) رفض الطعن موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 25 منه أودع الطاعن مذكرة بالرد. وفي 10 من نوفمبر سنة 1948 أودع المطعون عليهم مذكرة بملاحظاتهم على الرد.
وفي 29 من مارس سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات الخ الخ.


المحكمة

ومن حيث إن السبب الأول يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى الطاعن، وهي دعوى منع تعرض لخمسة أفدنة مبينة الحدود في صحيفة الدعوى تأسيساً على أنه لا يضع اليد على الأطيان، قد خالف أحكاماً نهائية عدة صدرت لمصلحة الطاعن مقررة وضع يده وقاضية بتوقيع العقاب على من تعرض له ومنهم مورث المطعون عليهم وبعض المطعون عليهم أنفسهم.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الأحكام التي يتحدى بها الطاعن لم تحز قوة الأمر المقضي بالنسبة إلى خصوم الدعوى؛ إذ الحكم الصادر في الجنحة رقم 3500 سنة 1941 مركز الفيوم علي عبد الظاهر محمد أبو شناف والحكم الصادر في 10 من ديسمبر سنة 1947 علي سنوسي السيد سليمان، لم يصدرا على أحد من المطعون عليهم، أما الحكم الصادر من قاضي الأمور المستعجلة في 3 من يونيه سنة 1943 برفض إشكال مورث المطعون عليهم في تسليم الأطيان إلى سلف الطاعن فيكفي في بيان عدم حجيته اختلاف الموضوع، إذ موضوع الدعوى الحالية وضع يد الطاعن على العقار موضوع النزاع في السنة السابقة على رفع الدعوى في 24 من مارس سنة 1947، أما موضوع الدعوى السابقة فكان عن مدة سابقة، وأما الحكم الصادر في 21 من فبراير سنة 1946 فليس هناك ما يدل على أن الزراعة موضوع النزاع فيه كانت في نفس الأطيان موضوع الدعوى الحالية، فضلاً عن اختلاف الخصوم في الدعويين.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم إذ اعتبر وضع يده الطاعن محل شك وأحال الدعوى على التحقيق مع تكليفه بإثبات وضع يده قد خالف القانون، لأن التحقيق إنما يكون لإثبات واقعة متنازع عليها، فإذا كانت الواقعة ثابتة بمقتضى أوراق رسمية فلا محل للإثبات، ووضع يد الطاعن ثابت من محضر التسليم الرسمي ومن الأحكام السابق بيانها في السبب الأول.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن وضع اليد واقعة مادية، العبرة فيه بما يثبت قيامه فعلاً، فإذا كان الواقع يخالف ما هو ثابت من الأوراق فيجب الأخذ بالواقع واطراح ما هو غير حاصل، فلا على المحكمة إذا هي أحالت دعوى منع التعرض على التحقيق وكلفت المدعى فيها بإثبات وضع يده الذي ينكره عليه خصمه، ولا يحول دون ذلك أن يكون بيد الطاعن محضر تسليم رسمي في تاريخ سابق.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم أخطأ إذ لم يعتد في إثبات وضع يد الطاعن بمحضر التسليم بمقولة إنه لا يحوى تحديداً للأطيان التي تسلمها.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأنه جدل في تقدير الدليل الذي يستقل به قاضي الموضوع، الذي رأى أن عدم احتواء محضر التسليم على بيان للأطيان التي سلمت لا يقوم معه الدليل المقنع على أن الأطيان محل النزاع في الدعوى كانت مما شملها محضر التسليم.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم أخطأ إذ أهدر الأدلة القانونية الدالة على وضع يده والمستمدة من أحكام ومحضر تسليم بحجة أن عدم احتوائها على تحديد الأطيان التي وردت بشأنها يجردها من أية قيمة قانونية.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن المحكمة لم تتعد فيما قضت به سلطتها في تقدير الدليل على واقعة مادية متنازع عليها وهي وضع اليد.
ومن حيث إن السبب الخامس يتحصل في أن الحكم أخطأ في عدم اعتداده بمحضر التسليم الرسمي المحرر في 16 من أبريل سنة 1945 بمساعدة وإرشاد المطعون عليه الأول وقد حوى الأطيان موضوع النزاع، وفي هذا إهدار لقيمة الدليل الرسمي المستفاد من هذا المحضر.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الأطيان موضوع النزاع إنما تقع في جهة أخرى غير تلك التي اشترك المطعون عليه الأول في الإرشاد عنها، إذ تقع في ناحية الناصرية، أما ما أرشد عنه المطعون عليه الأول فيقع في ناحية الصالحية، فلم يحو محضر التسليم حجة قانونية قبل المطعون عليه الأول أهدرها الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعين الرفض.