أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الرابع - السنة 6 - صـ 1368

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ حسن داود المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين المستشارين.

(400)
القضية رقم 697 سنة 25 القضائية

(أ) اختلاس أشياء محجوزة. حجز. وجوب احترامه ما لم يقض ببطلانه.
(ب) إثبات. حرية المحكمة فى تكوين عقيدتها. اختلاس أشياء محجوزة. تحرير محضر بالاختلاس. غير لازم. إثبات الجريمة بكل الطرق. جائز.
1- الحجز قضائيا كان أو إداريا واجب الاحترام حتى يقضى من جهة القضاء ببطلانه، فإذا وقع التبديد على مال محجوز حجزا باطلا قبل أن يقضى ببطلانه حق العقاب.
2- القانون لا يوجب على الصراف أو مندوب البيع أن يحرر محضرا خاصا بوقوع جريمة التبديد التى لا تخضع لقواعد خاصة فى الإثبات وإنما يجوز إثباتها بكافة الطرق.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن فى دعواها رقم 280 لسنة 1954 الواسطى بأنه فى يوم 15 من ديسمبر سنة 1953 بدائرة مركز الواسطى: بدد الأشياء الموضحة بالمحضر المحجوز عليها إداريا لصالح الحكومة، وطلبت عقابه بالمادتين 341 و344 من قانون العقوبات.
ومحكمة الواسطى الجزئية سمعت الدعوى وقضت حضوريا فى 23 من أكتوبر سنة 1954 طبقا للمادتين المذكورتين والمادتين 55 و56 من قانون العقوبات المعدلتين بالقانون رقم 435 لسنة 1953 بحبس المتهم شهرا مع الشغل ووقف التنفيذ ثلاث سنوات تبدأ من صيرورة هذا الحكم نهائيا. فاستأنف، وقيد استئنافه برقم 2217 سنة 1954، ومحكمة بنى سويف الابتدائية نظرت هذا الاستئناف وقضت حضوريا فى 14 من ديسمبر سنة 1954 بقبوله شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه فى الحكم الأخير بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن إجراءات الحجز الإدارى الذى وقع على الطاعن جاءت باطلة لمخالفتها لأحكام الأمر العالى الصادر فى 4 من نوفمبر سنة 1885 المعدل لبعض أحكام الأمر العالى الصادر فى 22 من مارس سنة 1880، ذلك بأن مندوب الحجز أثبت فى صدر محضره أنه انتقل إلى ناحية صفط الغربية فى حين أنه أثبت فى ذات المحضر أنه حجز على قنطار من القطن بمنزل محمود حسن عطيه بناحية صفط الشرقية مع استقلال كل من الناحيتين عن الأخرى، ولم يثبت المندوب أنه انتقل إلى ناحية صفط الشرقية وأوقع الحجز بها، وهذه المحجوزات التى وجدت بناحية صفط الشرقية من بين الحاصلات التى اتهم الطاعن بتبديدها، كذلك وقع المندوب الحجز على محصولات أخرى بمنازل خمسة أشخاص آخرين مع أن القانون يوجب توقيع الحجز فى نفس العقار الذى استحق عليه المال، وذكر فى محضره أن هذه المحصولات ناتجة من العين دون أن يبين المدة التى مضت على نقلها منها، ودون أن يثبت أنه وزن القطن وكال الذرة المحجوز عليها، وخالف مندوب المديرية أحكام المادة التاسعة من الأمر العالى فى 22 من مارس سنة 1880 حين لم يستصحب شاهدين عند الانتقال إلى السوق وإلى مكان الحجز، وقد تمسك الدفاع عن الطاعن أمام المحكمة الاستئنافية ببطلان تلك الإجراءات، ولكن المحكمة أعرضت عن هذا الدفع ورفضته واستندت فى رفضه إلى أسباب مخالفة للقانون، هذا إلى أن الحكم أثبت قيام الطاعن بسداد الدين دون أن يبين ما إذا كان السداد قد تم فى خلال مدة الأربعين يوما المشار إليها بالأمر العالى الصادر فى سنة 1885، وهى المدة التى لا يجوز فيها بيع المحجوز، فجاء الحكم قاصرا بما يعيبه ويستوجب نقضه. وحيث إن الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه قد بين واقعة الدعوى بما مؤداه أنها تخلص "فى أنه بتاريخ أول نوفمبر سنة 1953 أوقع صراف صفط الغربية حجزا إداريا على زراعة قطن وذرة مملوكة للمتهمين أبو الوفا مصطفى (الطاعن) ومحمود حسن عطيه ومحمد عبد السميع واسحق حسن ومحمد عبد التواب وفاء لمبلغ 33 جنيها و619 مليما أموال أميرية لم تسدد وتعين المتهم الأول حارسا وتحدد للبيع يوم 15 من ديسمبر سنة 1953 بسوق الواسطى وفى التاريخ الأخير أبلغ الصراف أن الحارس على المحجوزات رغم علمه بميعاد ومكان البيع لم يقدم المحجوزات للسوق لبيعها وأنه بحث عنها فى مكان حجزها فلم يجدها.... وبسؤال المتهم الأول بمحضر جمع الاستدلالات الذى أجرى بتاريخ 18/ 1/ 1954 وعد بالسداد، فأقامت النيابة الدعوى العمومية باتهام المتهم الأول بالتبديد حالة كونه مدينا وحارسا والآخرين بتهمة الاشتراك..." وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة فى حق الطاعن أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى إدانته بجريمة اختلاس المالك لأشيائه المحجوز عليها قضائيا أو إداريا والمعين حارسا عليها، وهى الجريمة المنصوص عليها فى المادة 342 من قانون العقوبات - ولما كان الطاعن لا ينازع فى حصول الحجز على المحصولات التى وجدت بناحية صفط الغربية وفى تبديدها، فلا جدوى مما يثيره من بطلان الحجز الموقع بناحية صفط الشرقية، فضلا عن أن الحجز قضائيا كان أو إداريا واجب الاحترام حتى يقضى من جهة القضاء ببطلانه، فإذا وقع التبديد على مال محجوز حجزا باطلا قبل أن يقضى ببطلانه حق العقاب أسوة بالتبديد فى الحجز الصحيح - لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت أن الحجز توقع على زراعة قطن وذرة خلافا لما يدعيه الطاعن من أنه توقع على محصولات وجدت فى بعض المنازل، كما أثبت أيضا أن الصراف حرر محضرا بالتبديد مؤرخا فى 15 من ديسمبر سنة 1953، وهو اليوم الذى كان محددا للبيع، وكان القانون مع ذلك لا يوجب على الصراف أو مندوب البيع أن يحرر محضرا خاصا بوقوع جريمة التبديد التى لا تخضع لقواعد خاصة فى الإثبات، وإنما يجوز إثباتها بكافة الطرق، وكان الحكم قد استدل على وقوع هذه الجريمة من الطاعن بمحضر التبديد المتقدم الذكر وبشهادة الصراف بالجلسة فإن ما يثيره الطاعن فى طعنه لا يكون له محل، أما ما يثيره فى شأن القصور، فإنه مردود بأن الحكم المطعون فيه أثبت أن الحجز توقع بتاريخ أول نوفمبر سنة 1953 وتحدد للبيع يوم 15 من ديسمبر سنة 1953، أى بعد مدة تجاوز الأربعين يوما وهى المدة التى لم يجز دكريتو 4 من نوفمبر سنة 1885 فى المادة الأولى منه بيع المحجوز خلالها، كما أثبت الحكم أن الطاعن سئل فى محضر البوليس فى 8 من يناير سنة 1954 فوعد بالسداد، مما مفاده أنه لم يقم بسداد الدين المحجوز من أجله خلال المدة المذكورة.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعاً.