أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة الأولى - من 27 أكتوبر سنة 1949 لغاية 22 يونيه سنة 1950 - صـ 632

جلسة 22 من يونيه سنة 1950

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.

(155)
القضية رقم 191 سنة 17 القضائية

ا - دعوى فرعية. مدعى عليه. له أن يرفع دعوى فرعية على كل من تقضي مصلحته باختصاصه فيها ولو كان مدعى عليه معه. انعقاد الخصومة في الدعوى منوط بتوجيهها بإجراء معتبر قانوناً إلى من يراد اختصامه فيها. العبرة في قيام الدعوى وتحديد الطلبات المقدمة فيها والخصوم الموجهة إليهم هي بالثابت بالأوراق وبمحاضر الجلسات. الحكم الصادر في الدعوى الفرعية المرفوعة من المدعى عليه. الحكم بعدم حجيته بمقولة إن هذه الدعوى إنما توجه من المدعى عليه إلى المدعي دفعاً للدعوى الأصلية. خطأ.
ب - قوة الشيء المحكوم فيه. تسليم الخصم بطلبات خصمه أو سكوته عن الإجابة عنها ليس من شأنه أن يهدر حجية الحكم الصادر عليه.
جـ - دعوى تسليم بناء على حكم سبق صدوره بتثبيت ملكية المدعى للعقار وصحة عقوده. رأي المحكمة أن هذا الحكم ليست له حجية الشيء المحكوم فيه. عليها أن تفصل في صحة عقود المدعي وفي ملكيته. لا يصح أن ترفض دعوى التسليم وتترك للمدعي أن يرفع دعوى جديدة بملكيته.
1 - للمدعى عليه أن يرفع دعوى فرعية (دعوى عارضة) على كل من تقضي مصلحته باختصامه فيها وحتى ولو كان مدعى عليه معه في الدعوى الأصلية.
وانعقاد الخصومة في أية دعوى أصلية كانت أو فرعية منوط بتوجيهها بإجراء معتبر قانوناً إلى كل من يراد اختصامه فيها. ومتى تحقق ذلك ترتبت عليها آثارها وحاز الحكم النهائي الصادر فيها قوة الأمر المقضي؛ وإذن فمن الخطأ القول بعدم حجية الحكم الصادر في الدعوى الفرعية المرفوعة من المدعى عليه لأنها إنما توجه من المدعى عليه إلى المدعي دفعا للدعوى الأصلية، والعبرة في التحقق من قيام الدعوى وتحديد الطلبات المقدمة فيها والخصومة الموجهة إليهم هي بما يكون ثابتاً بالأوراق ومحاضر الجلسات.
2 - تسليم الخصم بطلبات خصمه أو سكوته عن الإجابة عنها ليس من شأنه أن يهدر حجية الحكم الصادر عليه.
3 - إذا رفعت دعوى بطلب تسليم عقار استناداً إلى حكم سبق صدوره بتثبيت ملكية المدعي لهذا العقار وصحة العقود الصادرة له به وإلى أن المدعي مالك للعقار بمقتضى هذه العقود، ثم رأت المحكمة لسبب ما أن الحكم السابق ليست له حجية الشيء المحكوم فيه، فإنه يكون عليها للقضاء في طلب التسليم أن تفصل في ملكية المدعي وفي صحة عقوده على أساس أنهما مطروحان عليها. ولا يصح لها أن تقضي برفض دعوى التسليم وتترك المدعي وشأنه في رفع دعوى جديدة بملكيته وصحة عقوده.


الوقائع

في يوم 20 من أكتوبر سنة 1947 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر يوم 11 من يونيه سنة 1947 في الاستئناف رقم 156 س ق 62 وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع نقض الحكم المطعون فيه وتأييد الحكم المستأنف الصادر من محكمة المنصورة الابتدائية في 30 من أكتوبر سنة 1944 في القضية رقم 12 لسنة 1944 كلي وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، واحتياطياً إحالة الدعوى على محكمة استئناف القاهرة للحكم فيها من جديد.
وفي 30 منه أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 9 من نوفمبر سنة 1947 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان الخصوم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. في 29 منه أودع المطعون عليهم مذكرة بدفاعهم مشفوعة بمستنداتهم طلبوا فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 13 من ديسمبر سنة 1947 أودع الطاعن مذكرة بالرد. وفي 29 منه أودع المطعون عليهم مذكرة بملاحظاتهم على الرد مشفوعة بمستنداتهم.
وفي 19 من مايو سنة 1949 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع نقض الحكم المطعون فيه نقضاً كلياً وتأييد الحكم المستأنف الصادر من محكمة المنصورة الابتدائية في 30 من أكتوبر سنة 1944 في القضية رقم 512 سنة 1944 وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات الخ الخ.


المحكمة

ومن حيث إنه بني على سبعة أسباب: حاصل السبب الأول منها أن الحكم المطعون فيه خالف المادة 229 من القانون المدني القديم والمادة 29 من قانون محكمة النقض، ذلك أن المحكمة قالت إن الحكم الصادر من محكمة المنصورة الابتدائية في 11 من أبريل سنة 1927 في الدعوى الفرعية التي أقامها الطاعن أثناء قيام الدعوى رقم 220 كلي المنصورة سنة 1925 والقاضي بتثبيت ملكيته إلى الأطيان التي يطالب بتسليمها له في الدعوى الحالية لم يحز قوة الأمر المقضي بالنسبة إلى المطعون عليهما الأول والثالثة، مع أن محكمة النقض بحكمها الصادر في 9 من مايو سنة 1946 والقاضي بنقض الحكم السابق صدوره في الدعوى في 28 من مارس سنة 1945 قد فصلت في حجية محكمة المنصورة المشار إليه من ناحية تعيين خصومه، إذ قطعت في أن المطعون عليهما الأول والثالثة كانا من بين هؤلاء الخصوم، وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخل بحجية حكم محكمة النقض في هذا الخصوص.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بما يبين من حكم محكمة النقض الصادر في 9 من مايو سنة 1946 في الطعن رقم 70 سنة 15 قضائية من أن نقض حكم محكمة استئناف مصر السابق صدوره في الدعوى في 28 من مارس سنة 1945 إنما بنته المحكمة على أن هذا الحكم إذ أقيم على أن حكم محكمة الاستئناف المختلطة الصادر في 8 من يناير سنة 1927 قد حاز قوة الأمر المقضي وأن حكم محكمة المنصورة الصادر في 11 من أبريل سنة 1927 قد أخل بهذه الحجية، قد أخطأ تطبيق القانون؛ ذلك أن الخصومة التي فصل فيها الحكم المختلط كانت بين الدائنين الأجانب وبين مدينهم (مورث الطاعن والمطعون عليهم) ومن تصرف المدين إليهم، في حين أن الخصومة التي فصل فيها حكم محكمة المنصورة كانت بين المتصرف إليهم وباقي ورثة المدين، الأمر الذي ينتفي معه ركن وحدة الخصوم بين الحكمين، وهذه هي المسألة التي فصلت فيها محكمة النقض وليس في الحكم المطعون فيه ما يخالفها.
ولا يغير من هذا النظر استناد الطاعن إلى ما جاء بحكم محكمة النقض من قولها "إن الخصوم في الدعويين الأصلية والفرعية المحكوم فيهما بحكم محكمة المنصورة الابتدائية الصادر في 11 من أبريل سنة 1927 هم في الدعوى الأصلية أسما وفلة والسيدة وهنومة (المطعون عليها الثانية) طرفاً مدعياً والطاعن (بيبرس أحمد حسن عابدين) والمطعون عليه الأول (السيد أحمد حسن عابدين) وبدوية ونجيبة وشامة وعلية (المطعون عليها الثالثة) طرفاً مدعى عليهم. وفي الدعوى الفرعية كان الطاعن وحده مدعياً وباقي من ذكروا مدعى عليهم"، ذلك أن هذا القول لم يكن من محكمة النقض فصلاً في حجية حكم محكمة المنصورة الصادر في 11 من أبريل سنة 1927 في الدعوى الفرعية، إذ لم تكن هذه الحجية محل بحثها اكتفاء بما انتهت إليه كما جاء في ختام أسباب حكمها.
ومن حيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ تطبيق القانون، إذ أهدر حجية حكم محكمة المنصورة المشار إليه آنفاً كما نفى قيام الخصومة بين الطاعن والمطعون عليهما الأول والثالثة في الدعوى الفرعية الصادر فيها، ذلك أن المحكمة استندت إلى أن الدعوى الفرعية ليست إلا دعوى يرفعها المدعى عليه في مواجهة المدعي دفعاً لدعواه الأصلية، وأن الحكم لا يحوز قوة الأمر المقضي إلا إذا صدر في خصومة حقيقية يفصل فيها القاضي بعد دفع ودفاع بين المتخاصمين، وأنه لما كان المطعون عليهما الأول والثالثة مدعي عليهما في الدعوى الأصلية شأنهما فيها شأن الطاعن نفسه فيها شأن الطاعن نفسه فلا يكون الحكم الصادر في الدعوى الفرعية صادراً في مواجهتهما، مع أنه ليس هناك ما يمنع قانوناً من توجيه الدعوى الفرعية من أحد المدعي عليهم إلى من تقضي مصلحته باختصامه فيها حتى ولو كان مدعى عليه معه في الدعوى الأصلية، وأن الخصومة تنعقد فيها بمجرد رفعها بإجراء مقبول قانوناً، ومتى تحقق ذلك يكون للحكم الصادر فيها قوته وذلك بغض النظر عن مسلك الخصوم فيها، وأن حقيقة الواقع في الدعوى هي أن الطاعن قد وجه دعواه الفرعية إلى جميع الورثة سواء منهم من كانوا في الدعوى الأصلية مدعين أو مدعى عليهم.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة ذهبت إلى أن حكم محكمة المنصورة الابتدائية الصادر في 11 من أبريل سنة 1927 في دعوى الطاعن الفرعية لم يحز قوة المقضي بالنسبة إلى المطعون عليهما الأول والثالثة بناء على "أن الحكم لا يمكن أن يحوز الحجية بين المختصمين إلا إذا فصل في خصومة حقيقية قامت بينهما وبعد دفع ودفاع من كليهما يفصل فيه القاضي، والدعوى الفرعية ليست إلا دعوى يرفعها المدعى عليه في مواجهة المدعي وتعتبر دفعاً للدعوى الأصلية، والحكم الصادر فيها لا يتعدى أثره المتخاصمين فيها وهما المدعى عليه والمدعي بالدعوى الأصلية والمستأنفان السيد أحمد حسن عابدين والسيدة علية لم يكونا في هذه الدعوى الفرعية لا مدعيين ولا مدعى عليهما، بل كانا مدعى عليهما في الدعوى الأصلية شأنهما فيها شأن بيبرس نفسه، فيعتبر الحكم الصادر في تلك الدعوى الفرعية صادراً في غير مواجهتهما، إذ لم تكن بينهما وبين بيبرس خصومة حقيقية فصل فيها الحكم الصادر في تلك الدعوى الفرعية، فلم يحز هذا الحكم قوة الشيء المحكوم فيه حتى يبنى عليه التسليم في الأطيان المحكوم بها في تلك الدعوى. يضاف إلى هذا أن السيد أحمد حسن عابدين كان وهو مدعى عليه في الدعوى الأصلية يؤيد بيبرس في دعواه الفرعية إذ كانت له هو الآخر عقود بيع صادرة من المورث باثنين وأربعين فداناً وكان يهمه أن يقضي بصحة عقود بيبرس ليكون ذلك الحكم سنداً هو الآخر للمطالبة بصحة عقوده، فلم تقم أية خصومة حقيقية بين السيد أحمد حسن عابدين وبيبرس حتى يقال إن القضاء قد فصل فيها ويعتبر الحكم الصادر فيها حجة عليه ويصلح دعامة للمطالبة بالتسليم".
ومن حيث إنه لما كان يحق للمدعى عليه أن يرفع دعوى فرعية (دعوى عارضة) على كل من تقضى مصلحته باختصامه فيها حتى ولو كان مدعى عليه معه في الدعوى الأصلية، وكان انعقاد الخصومة في أية دعوى أصلية كانت أو فرعية منوطاً بتوجيهها بإجراء معتبر قانوناً إلى كل من يراد اختصامه فيها، ومتى تحقق ذلك ترتب عليها آثارها ويحوز الحكم النهائي الصادر فيها قوة الأمر المقضي، ولما كانت العبرة في التحقق من قيام الدعوى وتحديد الطلبات المقدمة فيها والخصومة الموجهة إليهم هي بما يكون ثابتاً بالأوراق ومحاضر الجلسات، وكان تسليم الخصم بطلبات خصمه أو سكوته عن الإجابة عنها ليس من شأنه أن يهدر حجية الحكم الصادر عليه، لما كان ذلك كان خطأ ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من عدم حجية حكم محكمة المنصورة الابتدائية الصادر في 11 من أبريل سنة 1927 في دعوى الطاعن الفرعية بالنسبة إلى المطعون عليهما الأول والثالثة، استناداً إلى قاعدتين غير صحيحتين مؤداهما أن الدعوى الفرعية إنما توجه من المدعى عليه إلى المدعي دفعاً للدعوى الأصلية، وأن عدم منازعة أحد الخصوم في الدعوى في طلبات المدعي أو سكوته عن الإجابة عنها من شأنه أن يجعل الحكم معدوم الحجية بالنسبة إليه، وذلك دون الرجوع إلى الأوراق ومحاضر الجلسات لتتبين منها المحكمة ما تدل عليه من ناحية تعيين خصوم الدعوى الفرعية التي رفعها الطاعن أثناء قيام الدعوى الأصلية رقم 220 كلي المنصورة سنة 1925، وهو ما كان يجب أن يتجه إليه بحث المحكمة بدلاً من الاعتماد على تلك التقريرات الخاطئة.
ومن حيث إن حاصل السبب الخامس أن المحكمة إذ قالت إن حكم محكمة المنصورة الابتدائية سالف الذكر لم يعد سنداً لطلب تسلم الأطيان المحكوم بتثبيت ملكية الطاعن إليها سواء بالنسبة إلى المطعون عليهما الأول والثالثة اللذين لم يكونا من خصوم الدعوى الفرعية أو بالنسبة إلى المطعون عليها الثانية التي صدر الحكم المذكور في مواجهتها ولم تستأنفه، وذلك بناء على أن الطاعن من جهة سكت عن تنفيذ هذا الحكم مدة تقرب من سبعة عشر عاماً من تاريخ صدوره في 11 من أبريل سنة 1927 حتى تاريخ رفع الدعوى الحالية في 11 من مايو سنة 1944، وأنه من جهة أخرى أتى من التصرفات خلال هذه المدة الطويلة ما يفيد تنازله عن التمسك به واستندت المحكمة في ذلك إلى ستة من هذه التصرفات - إذ قالت المحكمة بذلك يكون حكمها مشوباً بالبطلان لقصور أسبابه ومسخه أوراق الدعوى وخطئه في الإسناد وذلك للأدلة العديدة التي أوردها الطاعن تفصيلاً في تقرير طعنه.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه جاء به "وحيث إن حكم 11 أبريل سنة 1927 الصادر في الدعوى الفرعية وإن كان لم يكتسب قوة الشيء المحكوم فيه بالنسبة للسيد أحمد حسن عابدين وعلية من المستأنفين لأنهما لم يكونا طرفا فيه ولم يفصل في خصومة بينهما وبين بيبرس فإنه أيضاً لا يصح الاحتجاج به قبل هنومة، لأن المستأنف عليه فضلاً عن سكوته عن تنفيذه بالنسبة للتسليم من 1927 إلى 1944 حيث رفع دعوى التسليم الحالية أي ما يقرب من السبعة عشر عاماً، أتى من التصرفات والإجراءات في بحر هذه الفترة الطويلة ما يفيد تنازله عن التمسك به ومن هذه التصرفات التي يؤخذ منها تنازله عن التمسك بالحكم ما يأتي:
(أولاً): كانت الأطيان جميعها تحت الحراسة القضائية في سنة 1931 ومؤجرة من الحارس إلى بيبرس المستأنف عليه وأخيه السيد أحمد حسن عابدين المستأنف الأول فرفعت من الحارس دعوى بمطالبتهما بالإيجار فطلب الاثنان من المحكمة أن يخصم لهما من الأجرة نصيبهما الشرعي في تركة المتوفى وقدره 6س و9ط فأجابتهما المحكمة إلى طلبهما وأثبتته في حكمها الصادر منها بجلسة 16 من مارس سنة 1931، فلو أن بيبرس تمسك بحكم أبريل سنة 1927 الذي قضى له بالملكية ولم يعتبر الأطيان تركة عن المورث لما أبدى هذا الطلب دون أي تحفظ ولما سكت عن استئناف هذا الحكم.
(ثانياً): في سنة 1930، اشترك المستأنف عليه مع المستأنف الأول في رفع دعوى على الحارس هي الدعوى رقم 319 سنة 1930 كلي المنصورة طالباً فيها قصر مأمورية الحارس على نصيب السيدات المستأنفات وقدره 7ط والتصريح له ولباقي المدعين باستلام باقي الريع، وفي 30 يولية سنة 1930 حكمت المحكمة بتكليف الحارس بتسليم المدعي إيراد نصيبهم في الأطيان.
وبمحضر جلسة 7 فبراير سنة 1931 في القضية المرفوعة من الحارس ضد المستأنفين والمستأنف عليه سألت المحكمة وكيل المستأنف عليه من موضوع الأربعة عشر قيراطاً المطلوب استبعادها تطبيقاً لحكم تعديل الحراسة فأجاب أن الأربعة عشر قيراطاً هي له وللحاج سيد أحمد عابدين والست بدوية والست نجية علي، ولا يتفق هذا مع تمسك بيبرس بالحكم الصادر بملكية الـ 85 فداناً في أبريل سنة 1927.
(ثالثاً): وفي سنة 1941 قدم المستأنف الأول السيد أحمد حسن عابدين استمارة شراء أسمدة وبيبرس عمدة الناحية. وقد قرر المستأنف عليه (بيبرس) في هذه الاستمارة بأن أخاه المستأنف الأول يملك الأطيان المقدم عنها طلب الأسمدة وهي داخلة ضمن عقوده وقدرها 12س و12ط و19 ف وهذا الإقرار الصادر منه في ورقة رسمية قاطع في عدم تمسكه بالحكم الصادر بملكيته في أبريل سنة 1927.
(رابعاً): توقيعه على عقد اتفاق المحاسبة بينه وبين المستأنف الأول وزينب مصطفى عادين في 8 فبراير سنة 1941 وفيه يقر بملكية المستأنف الأول للأطيان موضوع النزاع.
(خامساً): توقيع المستأنف عليه على ورقة الإقرار المؤرخة في 6 ديسمبر سنة 1942 المأخوذة عليه وعلى الست علية نجية باستلام أنصبائهم التي وقعت لهم بحكم القسمة الصادر من محكمة المنصورة المختلطة في 7 من يونية سنة 1938 والمؤيد استئنافياً من محكمة الاستئناف المختلطة في 27 يناير سنة 1942 ومقدم صورة فوتوغرافية من هذا الإقرار الذي لم يطعن عليه جدياً وهذا الإقرار لا يتفق مع تمسك المستأنف عليه بالحكم الصادر لصالحه في أبريل سنة 1927.
(سادساً): بتاريخ 8 مايو سنة 1944 توقع الحجز على أربعة أفدنة مزروعة شعيراً على اعتبار أن الأطيان مملوكة للست علية إحدى المستأنفين وعين المستأنف عليه حارساً عليها حيث أقر في محضر الحجز أنه يضع يده على هذه الأطيان بصفته مستأجراً من الست علية وهذه الأطيان ضمن اثنى عشر فداناً من الأطيان التي اختصت بها الست علية وتدخل ضمن عقود بيبرس، وما كان للمستأنف عليه أن يقر بملكية الست علية وبأنه مجرد مستأجر منها لو أنه يتمسك بالحكم الصادر بملكيته للخمسة وثمانين فداناً التي تدخلها الأطيان التي يقر باستئجارها. وحيث إن هذه القرائن مجتمعة لا تدع مجالاً للشك في أن المستأنف عليه تنازل عن التمسك بالحكم الصادر لصالحه في الدعوى الفرعية في أبريل سنة 1927 ومن ثم لم يعد هذا الحكم يصلح دعامة لهذه الدعوى التي يرفعها بالتسليم في سنة 1944 لا بالنسبة للسيد أحمد حسن عابدين والست علية اللذين لم يكونا بين خصوم الدعوى الفرعية بل ولا بالنسبة للست هنومة الصادر الحكم في مواجهتها ولم تستأنفه".
ومن حيث إنه لما كان ما استخلصته المحكمة من التصرفات الستة المشار إليها غير صحيح:(أولاً) لما هو ثابت بالأوراق المقدمة والخاصة بالدعوى رقم 9 كلي المنصورة سنة 1931، وهي التي استمدت منها المحكمة واقعة التصرف الأول، من أن الطاعن والمطعون عليه الأول لم يكونا هما اللذان طلبا خصم ما يقابل نصيبهما الشرعي في تركة المورث من الأجرة التي كان الحارس محمد بك السيد يطالبهما بها، وإنما الذي طلب إجراء هذا الخصم هو الحارس المذكور وقد أجابته المحكمة إلى طلبه وأثبتت ذلك صراحة في أسباب حكمها الصادر في 16 من مارس سنة 1931، (وثانياً) لأن قول وكيل الطاعن بمحضر جلسة 7 من فبراير سنة 1931 في نفس الدعوى رقم 9 المشار إليها بأن الـ14 قيراطاً المطلوب استبعاد ما يقابلها من الأجرة وصحتها 14 قيراطاً و16س كما جاء بالحكم الصادر في الدعوى رقم 319 كلي المنصورة سنة 1930، هي مملوكة إلى الطاعن والمطعون عليه الأول ونجيبة علي عابدين وبدوية سليمان، هذا القول يتضمن عكس ما استخلصته منه المحكمة في خصوص التصرف الثاني، ذلك أن الـ14ط و16س المشار إليها هي عبارة عن الأطيان التي باعها المورث إلى الأشخاص المذكورين بمقتضى العقود المطعون فيها بعد استنزال نصيب أسما وفلة والسيدة هنومة رافعات الدعوى الأصلية رقم 220 كلي المنصورة سنة 1925 وقدره 9ط و8س واعتراف الطاعن بملكية من عداه من المشترين المذكورين لا يتعارض مع تمسكه بملكيته للأطيان التي بيعت إليه وحده وقضى بتثبيت ملكيته إليها في الدعوى الفرعية، استناداً إلى عقود شرائه، ولا أدل على ذلك من قوله صراحة في المذكرة المقدمة منه في نفس الدعوى رقم 9 سنة 1931 بأن الأطيان الخارجة عن مأمورية الحارس (وهي الـ14ط و16س المشار إليها) مملوكة لأولئك المشترين بعقود مسجلة وأنه يملك فيها وحده 85 فداناً قضى بتثبيت ملكيته إليها، (وثالثاً) لأن توقيع الطاعن على استمارة طلب شراء الأسمدة التي قدمت إليه من المطعون عليه الأول، وهو التصرف الثالث، لا يفيد تنازل الطاعن عن التمسك بحكم الملكية الصادر له؛ ذلك أن هذه الاستمارة لا تعد لتحقيق الملكية وإنما فقط لإثبات الحيازة المبررة لطلب الأسمدة. وفضلاً عن ذلك فقد كان توقيع الطاعن عليها في سنة 1941 أي في ذات الوقت الذي كان يناضل فيه عن حقوقه قبل المطعون عليهم أمام محكمة الاستئناف المختلطة في الاستئناف رقم 825 سنة 63 الذي رفع منه عن حكم القسمة الصادر من محكمة المنصورة الابتدائية المختلطة في الدعوى رقم 561 سنة 61 مما تنتفي معه مظنة التنازل المزعوم. (ورابعاً) لأن توقيع الطاعن على اتفاق المحاسبة المحرر في 18 من فبراير سنة 1941، وهو التصرف الرابع الذي استندت إليه المحكمة، لا يفيد تنازله عن حكم الملكية، ذلك أنه لم يرد بهذا الاتفاق أي بيان عن الأطيان التي ذكر فيها أنها مملوكة إلى المطعون عليه الأول، كما أنه جاء خلواً من أي دليل على أنها تدخل ضمن الأطيان موضوع النزاع في الدعوى الحالية.
(وخامساً) لأن توقيع الطاعن على إقرار تسليم الأنصبة المقسومة والمحرر في 6 من ديسمبر سنة 1942، وهو التصرف الخامس الذي اعتمدت عليه المحكمة لا يؤدي إلى ما استخلصته منه، ذلك أنه يبين من عبارة هذا الإقرار أنه صدر من الموقعين عليه إلى الحارس الذي كانت محكمة المنصورة المختلطة أقامته أثناء نظر دعوى القسمة لتسلم أنصبتهم في الأطيان التي حصلت قسمتها وإخلاء مسئولية الحارس بعد انتهاء مأموريته، وذلك كله تنفيذاً لحكم القسمة، ولم يكن للطاعن بد من التوقيع عليه وتسلم النصيب الذي خص به وليس في ذلك ما يفيد تنازله عن التمسك بحكم الملكية السابق صدوره له في سنة 1927. (وسادساً) لأن الإقرار المنسوب إلى الطاعن بمحضر الحجز الإداري الموقع في 8 مايو سنة 1944 قد استمدته المحكمة من واقعة لا وجود لها وجعلته التصرف السادس، ذلك أن الثابت بصورة محضر الحجز المذكور المقدمة من الطاعن أنه اعترض أثناء توقيع الحجز على ما ذكر به من أن المحجوز عليها علية أحمد حسن عابدين (المطعون عليها الثالثة) مالكة للأطيان المحجوز على زراعتها خلافاً لما قرره شهود الحجز. ولما كان يبين من الأوراق المقدمة أن الطاعن لم ينفك عن التمسك بحكم الملكية الصادر له في سنة 1927 وأنه ظل يناضل عن حقوقه المستمدة منه في كافة مراحل النزاع وفي جميع الدعاوى التي رفعت سواء أمام المحاكم الأهلية أو المحاكم المختلطة حتى قام برفع الدعوى الحالية في سنة 1944، وأن المطعون عليهم أقروا بذلك صراحة في مذكرتهم الختامية أمام محكمة الاستئناف، إذ جاء فيها بصفحة 35 (وبعد صدور حكم محكمة المنصورة الابتدائية في سنة 1927 كان الخصم "الطاعن" يتمسك بهذا الحكم دائماً. وبعد صدور حكم الاستئناف في سنة 1931 كان يزداد تمسكاً بحكم سنة 1927 ويقول إن حكم سنة 1931 لم يلغه إلا في حدود حق السيدات المستأنفات) ولما كان يبين كذلك من الأوراق أن سكوت الطاعن عن تنفيذ الحكم المذكور من تاريخ صدوره حق شروعه في تنفيذه في أول يناير سنة 1944 إنما نشأ عن أسباب لا تتم عن التنازل عنه، ذلك (أولاً) أن جميع الأطيان كانت موضوعة تحت الحراسة القضائية بالحكم الصادر في 7 من سبتمبر سنة 1926 في الدعوى رقم 220 كلي المنصورة سنة 1925 حتى قضى بانتهاء هذه الحراسة في 10 من أغسطس سنة 1931 بالحكم الصادر في الدعوى رقم 4587 مركز المنصورة سنة 1931 التي أقامها الطاعن بعد الفصل في الاستئناف رقم 977 سنة 1944 الذي رفع من أسما وفلة والسيدة.(ثانياً) أن هذه الأطيان ظلت بعد ذلك في حيازة الطاعن بصفته شريكاً بعد أن كان مستأجراً لها وذلك بناء على الإقرارات المدونة بمحضر جلسة 12 من ديسمبر سنة 1932 في الدعوى رقم 278 مركز المنصورة سنة 1932. (وثالثاً): أنها وضعت بعد ذلك تحت الحراسة القضائية مرة أخرى بالحكم الصادر من محكمة المنصورة الابتدائية في دعوى القسمة رقم 561 سنة 61 التي أقامتها أسما وفلة والسيدة في سنة 1936 وبقيت تحت يد الحارس حتى صدر حكمها الابتدائي في 17 من يونيه سنة 1938 ثم حكمها النهائي في 27 من يناير سنة 1942 في الاستئناف رقم 825 سنة 63 وقام كل من خصصت له حصة مفرزة بتسلمها من الحارس المذكور خلال المدة من سنة 1938 حتى سنة 1942 - لما كان ذلك كذلك يكون الحكم المطعون فيه مشوباً بالبطلان فيما ذهب إليه من تنازل الطاعن عن التمسك بحكم الملكية الصادر إليه من محكمة المنصورة الابتدائية في 11 من أبريل سنة 1927.
ومن حيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ لم يفصل في طلب التسليم على أساس عقود التمليك التي استند إليها الطاعن في دعواه، بحجة أن المطعون عليهم يطعنون على هذه العقود بالصورية وأن للطاعن أن يرفع دعوى جديدة بصحتها.
ومن حيث إنه جاء بالحكم المطعون فيه "وحيث إنه لم يبق للفصل في دعوى التسليم إلا أن يرتكن بيبرس (الطاعن) على عقود التمليك الصادرة له من والده المرحوم أحمد حسن عابدين ولا يسع المحكمة أن تحكم بالتسليم على أساس هذه العقود التي يطعن المستأنفون (المطعون عليهم) بصوريتها صورية مطلقة وببطلانها على هذا الأساس بطلاناً مطلقاً وهذه الصورية فيما بين الورثة بعضهم والبعض الآخر ما زالت حتى الآن لم تعرض على القضاء الأهلي ولم يقل فيها كلمته. والحكم الصادر في الدعوى الأهلية تحاشى الفصل فيها... ولما استؤنف هذا الحكم إلى محكمة الاستئناف الأهلية جعلت هذه المحكمة كل همها أن تبحث فيما إذا كانت الصورية التي قضت بها محكمة الاستئناف المختلطة في يناير سنة 1939 صورية نسبية فيما بين الدائن ومدينه، أو صورية مطلقة فيما بين الورثة وأنفسهم، وخرجت من بحثها إلى أن الصورية المحكوم بها من القضاء المختلط صورية مطلقة يترتب عليها بطلان مطلق سواء فيما بين الدائن ومدينه أو فيما بين الورثة وأنفسهم..." كما جاء به "وحيث إنه إزاء عدم حجية الحكم الصادر في الدعوى الفرعية في أبريل سنة 1927 قبل السيد أحمد حسن عابدين والست علية من المستأنفين وإزاء تنازل المستأنف عليه عن التمسك بهذا الحكم كما تقدم وإزاء عدم طرح موضوع الصورية في العقود فيما بين الورثة وأنفسهم حتى الآن لا في حكم 1927 الصادر من محكمة المنصورة الابتدائية ولا في حكم 1931 الصادر من هذه المحكمة، لا يسع المحكمة أن تقضي بالتسليم ارتكاناً على هذه العقود المطعون فيها بالصورية من المستأنفين والمستأنف عليه، وشأنه في المطالبة بصحة عقوده الصادرة إليه في هذه الدعوى الجديدة التي له أن يرفعها إذا شاء هو أن يناقش أدلة الجدية التي يدلى بها وأدلة الصورية التي يدلى بها خصومه، شأن العقود إليه من المورث يحكم بجديتها أو بصوريتها فيما بين الورثة وأنفسهم".
ومن حيث إنه لما كان يبين من الأوراق المقدمة أن الطاعن أسس دعواه الحالية ليس فقط على الحكم الصادر له بملكية الأطيان التي يطالب بتسليمها إليه، وإنما كذلك على أنه مالك لهذه الأطيان بمقتضى العقود التي يستند إليها، وإن المطعون عليهم تناولوا في دفاعهم في كافة مراحل الدعوى الطعن على هذه العقود بالصورية. لما كان ذلك كان من المتعين على المحكمة بعد أن تحدد النزاع أمامها بين الطرفين على هذه الصورة أن تفصل فيه في نفس الدعوى متى تراءى لها من أدلة مقبولة عدم حجية حكم محكمة المنصورة الابتدائية الصادر في 11 من أبريل سنة 1927 في دعوى الطاعن الفرعية سواء بالنسبة إلى جميع المطعون عليهم أو بالنسبة إلى بعضهم، ومن ثم يكون مخالفاً للقانون إرجاؤها الفصل فيه إلى دعوى جديدة بعد أن طرح أمامها وانعقدت الخصومة في شأنه.
ومن حيث إنه بناء على جميع ما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه بغير حاجة إلى بحث أسباب الطعن الأخرى.