أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الرابع - السنة 6 - صـ 1421

جلسة 5 من ديسمبر سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ حسن داود المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين المستشارين.

(420)
القضية رقم 761 سنة 25 القضائية

(أ) دفاع. طلب فتح باب المرافعة لتحقيق أوجه دفاع لم يطلب تحقيقها بالجلسة. عدم اجابته. لا اخلال بحق الدفاع.
(ب) قانون. قانون المرافعات. متى يجوز الرجوع إليه؟
(ج) مواد مخدرة. تقديم متهم الأفيون لآخر للتعاطى. يستلزم توقيع العقوبة المغلظة المنوه عنها فى المادة 33 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 مهما كان قصد مقدم المخدر من حيازتها أو إحرازها.
(د) تفتيش. صدور إذن من النيابة بتفتيش شخص معين ومن يوجد معه وقت إجراء التفتيش إذا قامت شبهات قوية على إحرازه مادة مخدرة. صحة التفتيش الحاصل نفاذا لهذا الإذن. مثال.
1- من المقرر أنه ما دامت المحكمة قد أمرت باقفال باب المرافعة وحجزت القضية للحكم فهى بعد غير ملزمة باجابة طلب فتح باب المرافعة لتحقيق أوجه دفاع لم يطلب تحقيقها بالجلسة.
2- الرجوع إلى نصوص قانون المرافعات لا يكون إلا عند غياب النص على الاجراء فى قانون الاجراءات الجنائية.
3- اذا قدم متهم الأفيون لآخر للتعاطى فإن هذه الواقعة تتحقق بها بإحدى الحالات المنصوص عليها فى الفقرة ج من المادة 33 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 وهى حالات أوجب القانون فيها توقيع العقوبة المغلظة بغض النظر عن قصد مقدم المادة المخدرة من حيازتها أو إحرازها، إذ يستوى فى ذلك أن يكون القصد هو الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى.
4- إذا كان الحكم قد أثبت أن النيابة العامة أصدرت أمرها بتفتيش الطاعن الأول ومن يوجد معه وقت ضبطه وتفتيشه إذا قامت شبهات قوية على أنه يحمل مواد مخدرة أو على اشتراكه فى الجريمة فلما انتقل رئيس مكتب المخدرات ومعه أعوانه إلى مكان الطاعن الأول وجدوه واقفا فى الشارع على مقربة من منزله ومعه الطاعن الثانى وعندما شعر بهم هذا الأخير حاول الهرب وجرى فتبعه وكيل المكتب وقبض عليه وأحضره إلى رئيس المكتب الذى فتشه فوجد معه قطعة من الأفيون، فإن التفتيش على هذه الصورة يكون صحيحا فى القانون لأن وجود الطاعن الثانى مع الطاعن الأول الذى صدر الأمر بتفتيشه ومحاولة الطاعن الثانى الهرب عند رؤية رجال البوليس تتحقق بها الشبهة القوية على اتهامه مما يسوغ القبض عليه وتفتيشه استنادا إلى نص الأمر الصادر بتفتيش من يتفق وجوده مع الطاعن الأول من ناحية، وإلى حكم المادة 34 من قانون الاجراءات الجنائية من ناحية أخرى ولو كان أمر التفتيش مقصورا على الطاعن الأول فقط.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: حازا وأحرزا جواهر مخدرة "أفيونا" بقصد الاتجار فيها وكان ذلك فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 1 و2 و7 و33 و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند 1 من الجدول أ المرافق للقانون المذكور، فقررت الغرفة بذلك. نظرت محكمة جنايات الاسكندرية هذه الدعوى وأمامها دفع الحاضر عن المتهمين ببطلان إذن التفتيش لأنه بنى على تحريات غير جدية. كما دفع الحاضر مع المتهم الأول ببطلان الاعتراف الصادر منه لأنه صدر منه تحت تأثير الاكراه، وبعد أن أتمت المحكمة المذكورة نظرها قضت حضوريا عملا بالمواد 1 و2 و33 ج و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 الخاص بمكافحة المخدرات والجدول الملحق به وذلك بالنسبة إلى المتهم الأول و2 و34 و35 من نفس القانون بالنسبة إلى المتهم الثانى بمعاقبة على محمد الزينى بالأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة 300 جنيه والمصادرة ومعاقبة اسماعيل محمد سعيد بالسجن سبع سنين وغرامة 500 جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة وذلك على اعتبار أن المتهم الأول أحرز مواد مخدرة بقصد الاتجار والثانى أحرزها بقصد التعاطى، وقالت فى حيثيات حكمها إن الدفوع فى غير محلها. فطعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

التقرير المقدم من الطاعن الأول محمد على الزينى
من حيث إن حاصل الوجه الأول هو أن الدفاع عن الطاعن المذكور تمسك فى المذكرة المقدمة منه إلى محكمة الجنايات بطلب ضم دفتر أحوال مكتب المخدرات ومناقشة الضابط السباعى النبوى للتوصل إلى إثبات أن إجراءات الضبط والتفتيش تمت قبل صدور الأمر من النيابة العامة باتخاذها، ولإثبات عدم حصول تحريات عن الطاعن ولا مراقبته مراقبة جدية قبل استصدار ذلك الأمر، غير أن المحكمة ضربت صفحا عن هذا الطلب ولم ترد عليه، فجاء حكمها مشوبا بالقصور منطويا على الإخلال بحق الطاعن فى الدفاع.
وحيث إنه يبين من مراجعة محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة ضم دفتر الأحوال، ولا طلب مناقشة الشاهد المشار إليه بوجه الطعن، كما يبين أن المحكمة بعد أن سمعت مرافعة محامى الطاعن أمرت بإصدار الحكم بعد المداولة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى اليوم التالى مع الترخيص للمحامى فى تقديم مذكرة بدفاعه، ولما كان من المقرر أنه ما دامت المحكمة قد أمرت بإقفال باب المرافعة وحجزت القضية للحكم فهى بعد غير ملزمة بإجابة طلب فتح باب المرافعة لتحقيق أوجه دفاع لم يطلب تحقيقها بالجلسة، فاذا كانت المحكمة قد التفتت عن هذا الطلب ولم ترد عليه فإن ذلك يدل بذاته على أنها فى حدود سلطتها لم تر محلا لإجابته وتكون دعوى القصور والإخلال بحق الدفاع لا أساس لها.
وحيث إن مبنى الوجه الثانى، هو وقوع بطلان فى الإجراءات أثر فى الحكم ذلك بأن الحكم لم يودع قلم كتاب المحكمة فى الثمانية الأيام التالية على النطق به، كما توجب ذلك المادة 312 من قانون الاجراءات الجنائية، ولم تبين المحكمة الأسباب القوية التى حالت دون إيداعه فى هذه المدة. وإذا كانت المحكمة لم تنطق بالحكم فى ذات اليوم الذى تمت فيه المرافعة وإنما أجلت النطق به لجلسة أخرى وهى جلسة اليوم التالى، فإنه كان يتعين عليها أن تودع الحكم بأسبابه عقب النطق به وفقا لحكم الفقرة الثانية من المادة 346 من قانون المرافعات.
وحيث إن ما يثيره الطاعن فى هذا الوجه مردود بما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن ما نص عليه الشارع فى المادة 312 من قانون الاجراءات الجنائية إنما قصد به فقط مجرد التوصية بالتوقيع على الحكم فى خلال ثمانية أيام من تاريخ صدوره، ولم يرتب البطلان على عدم مراعاته وكل ما رتبه من أثر على عدم التوقيع على الحكم فى هذا الميعاد هو قبول الطعن وتقرير الأسباب من صاحب الشأن فى ظرف عشرة أيام من تاريخ إعلانه بإيداعه قلم الكتاب إذا حصل منه على شهادة بعدم وجود الحكم فى الميعاد المذكور. لما كان ذلك، وكان تنظيم التوقيع على الأحكام الصادرة فى المواد الجنائية وبيان الأثر المترتب على مخالفته مبينا فى المادة 312 السالفة الذكر التى تنص فى فقرتها الأخيرة على أن الحكم يبطل إذا لم يوقع عليه فى ظرف ثلاثين يوما من تاريخ النطق به مما مفاده إجازة التوقيع على الأحكام الجنائية خلال المدة المذكورة، فان ما يثيره الطاعن من ذلك لا يكون له محل، أما استناده إلى حكم المادة 346 من قانون المرافعات فليس جائزا لأن الرجوع إلى نصوص هذا القانون لا يكون إلا عند غياب النص على الإجراء فى قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن مبنى الأوجه الثالث والرابع والخامس هو أن الطاعن دفع بالجلسة وبالمذكرة المقدمة منه ببطلان أمر القبض والتفتيش لعدم استناده إلى تحريات جدية تبرر إهداره فلم يعرض الحكم لذلك ولم يبين مصدر وماهية هذه التحريات التى أخذت بها النيابة وأقرتها عليها المحكمة، وكذلك دفع الطاعن ببطلان الاعتراف الذى نسب إليه أنه أدلى به لأن هذا الاعتراف لم يصدر منه إلا تحت تأثير الخوف والاضطراب وإغراء رجال مكتب المخدرات، ولكن الحكم أغفل الرد على هذا الدفاع، أما ما نسبه إليه الحكم من أنه أعترف بالإحراز فى جميع مراحل التحقيق فانه لا يطابق الواقع تماما لأن الطاعن فسر بالجلسة اعترافه أمام قاضى المعارضة بأنه مقصور على القطعة الصغيرة التى عزى إليه أنه قدمها للطاعن الثانى دون القطعة الكبيرة التى وجدت فى العلبة، ويضيف الطاعن أن الحكم المطعون فيه ذكر أنه مما يؤيد تحريات البوليس بأن الطاعن يتجر فى المواد المخدرة أنه وجد معه وقت ضبطه 88 قرشا ووجد فى منزله 155 قرشا وأنه يرجح أن يكون هذان المبلغان متحصلين من بيع الأفيون، وهذا الذى ذكره الحكم لا يؤدى إلى اعتبار الطاعن تاجرا، فضلا عن أن الأحكام لا تبنى على الاحتمال والترجيح بل على الجزم واليقين.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد على ثبوت جريمة إحراز المواد المخدرة فى حق الطاعن أدلة سائغة مقبولة من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها ومن بين هذه الأدلة اعترافه فى التحقيق وفى الجلسة بأنه ضبطت معه علبة مملوءة بالأفيون، وبأنه كان قد اشتراه بمبلغ جنيه، كما اعترف بأنه هو الذى قدم للطاعن الثانى قطعة الأفيون التى ضبطت مع هذا الأخير بدون مقابل ليتعاطاها، بعد أن بين الحكم ذلك عرض لما يثيره الطاعن فيما تقدم فقال "إنه ردا على الدفع بعدم جدية التحريات التى انبنى عليها الإذن فالأمر فى تقدير الجدية وعدمها متروك لوكيل النيابة الذى أعطى الإذن على أن يكون خاضعا لتقدير المحكمة، وهنا تبين أن البوليس لما نما إلى علمه أن المتهم الأول (الطاعن الأول) يتجر فى بالمخدرات راقبه وكيل المكتب بنفسه، ولما تأكد له صحة ما علم به استصدر الإذن بالتفتيش، وكان قد سبقه زميل له من قبل باستصدار إذن آخر بالتفتيش ضد نفس المتهم مما يدل على أن هذا المتهم معلوم لمكتب المخدرات بأنه تاجر، وقد اقتنع وكيل النيابة الذى أصدر الإذن بصحة التحريات فأصدر الإذن، وعلى ذلك فالدفع ببطلان الإذن لعدم جدية التحريات فى غير محله ويتعين رفضه. وحيث إن ما دفع به وكيل المتهم الأول من بطلان اعترافه لصدوره تحت تأثير الإكراه قولا منه بأنه إنما اعترف بالتعاطى ليفلت من عقوبة الاتجار لشدتها، فهذا قول لا تأخذ به المحكمة إذ أن ذلك لا يعتبر إكراها، كما أن اعترافه أمام المحكمة صدر منه بكامل حريته بضبطه متلبسا بالمادة المخدرة، وعليه يتعين رفض هذا الدفع أيضا" ولما كان ما قاله الحكم من ذلك صحيحا فى القانون ويصح الاستناد إليه فى رفض ما يدفع به الطاعن إذ أن تقدير مدى جدية التحريات وكفايتها فى إصدار الأمر بالتفتيش أمر متروك لسلطة التحقيق تحت إشرافه محكمة الموضوع، وكان تقدير قيمة الاعتراف كدليل إثبات فى الدعوى هو من شأن محكمة الموضوع فلها أن تأخذ به وتعول عليه فى الإدانة متى كانت قد اطمأنت إلى صحته وصدوره من المتهم عن حرية واختيار غير متأثر بما يعيبه ويفسده، وكان قضاء هذه المحكمة مستقرا على أنه لا يشترط لتوقيع العقوبة المغلظة المنصوص عليها فى المادة 33 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 أن يثبت اتجار الجانى فى الجواهر المخدرة وإنما يكفى لتوقيعها أن يثبت حيازته أو إحرازه لها على أية صورة، ولا يكون ثمة محل لتطبيق العقوبة المخففة التى نص عليها فى المادة 34 من ذلك المرسوم إلا إذا ثبت للمحكمة أن الحيازة أو الإحراز لم يكن إلا بقصد التعاطى أو الاستعمال الشخصى، وكان الواضح من الحكم أن هذا القصد لم يثبت فى واقعة الدعوى وظروفها، هذا من ناحية، ومن الناحية الأخرى فإن الحكم قد أثبت على الطاعن الأول أنه قدم الأفيون للطاعن الثانى للتعاطى مما تتحقق به إحدى الحالات المنصوص عليها فى الفقرة ج من المادة 33 السالفة الذكر، وهى حالات أوجب القانون فيها توقيع العقوبة المغلظة بغض النظر عن قصد مقدم المادة المخدرة من حيازتها أو إحرازها، إذ يستوى فى ذلك أن يكون القصد هو الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى، لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن فيما تقدم لا يكون له سند من القانون.
وحيث إن مبنى الوجه السادس هو أن الطاعن لم يتم دفاعه بالجلسة وطلب إلى المحكمة أن تصرح له بتقديم مذكرة ليستكمل بها دفاعه، فأجابته المحكمة إلى طلبه ولكنها لم تمنحه أجلا لتقديمها إلا يوما واحدا وهو أجل قصير لا يسمح بتمكين الطاعن من إبداء دفاعه على الوجه الأكمل. وفى ذلك إخلال بحق الدفاع مبطل للحكم.
وحيث إن هذا الوجه مردود بأن المحكمة إذ سمعت من محامى الطاعن دفاعه الشفوى وحجزت القضية للحكم لليوم التالى وصرحت له بتقديم مذكرة بدفاعه فقدمها ثم أصدرت حكمها فى الدعوى، لا تكون قد أخلت بحق الدفاع ما دام الطاعن لا يدعى فى طعنه بأن المذكرة التى قدمها للمحكمة تضمنت الاعتراض على قصر الأجل الذى حددته المحكمة لتقديم المذكرة، وأنه طلب لذلك أجلا جديداً.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
(التقرير الأول المقدم من الطاعن الثانى)
إسماعيل محمد سعيد فى 6 من فبراير سنة 1955
من حيث إن الأوجه الثلاثة الأول تتحصل فى أن النيابة العامة لم تصدر أمرا بتفتيش الطاعن المذكور وإنما صدر أمرها مقصورا على تفتيش الطاعن الأول، فإن إجراءات القبض على الطاعن الثانى وتفتيشه تكون باطلة، أما محاولته الفرار بعد القبض عليه فلا تأثير لها على بطلان تلك الإجراءات، وقد تمسك الطاعن بهذا الدفاع ولكن المحكمة لم تأخذ به واستندت فى رفضه إلى أسباب مخالفة للقانون، كذلك أبدى الطاعن فى مرافعته وفى المذكرة المقدمة منه للمحكمة أوجه دفاع أخرى أغفلتها المحكمة ولم تعن بالرد عليها، كما لم تبين العلة فى محاولة الطاعن الثانى الهرب هل هى خشيته من تبعة الجريمة أو من عدوان رجال البوليس عليه والبطش به وهل كان هربه قبل أو بعد التعرض له، على أنه بفرض قيام حالة التلبس بالنسبة إلى الطاعن الأول فإن ذلك لا يبيح القبض على الطاعن الثانى الذى لم تكن له بالجريمة صلة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة إحراز المخدر التى دان الطاعن الثانى بها واستند فى إدانته إلى الأدلة التى أوردها، ومنها شهادة رئيس مكتب المخدرات بأنه فتش الطاعن المذكور فوجد معه قطعة من الأفيون، واعترف الطاعن فى محضر البوليس بأنه أخذ هذه القطعة من الطاعن الأول بقصد تعاطيها واعتراف هذا الأخير بهذه الواقعة، وعرض الحكم للدفع ببطلان القبض والتفتيش فقال: "إنه يلاحظ أن الإذن صدر ضد المتهم الأول ومن يوجد معه وقت الضبط وقد كان المتهم الثانى (الطاعن الثانى) موجودا مع المتهم الأول وقت الضبط فكان إذن التفتيش يشمله هذا فضلا عن أنه عندما شعر برجال البوليس جرى هربا وقد فتش قبله المتهم الأول، وضبطت معه علبة المخدرات وأصبحت الجريمة فى حالة تلبس تبيح لرجل البوليس ضبط من يوجد مع المتهم، لأنه يعتبر مساهما فى ارتكابها وعليه يتعين رفض الدفع ببطلان الإذن بالتفتيش الذى أبداه وكيل المتهم الثانى". لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت فى بيان واقعة الدعوى أن النيابة العامة أصدرت أمرها بتفتيش الطاعن الأول و من يوجد معه وقت ضبطه وتفتيشه إذا قامت شبهات قوية على أنه يحمل مواد مخدرة أو على اشتراكه فى الجريمة، فلما انتقل رئيس مكتب المخدرات ومعه أعوانه إلى مكان الطاعن الأول وجدوه واقفا فى الشارع على مقربة من منزله ومعه الطاعن الثانى وعندما شعر بهم هذا الأخير حاول الهرب وجرى فتبعه وكيل المكتب وقبض عليه واحضره إلى رئيس المكتب الذى فتشه فوجد معه قطعة من الأفيون، ولما كان التفتيش على هذه الصورة صحيحا فى القانون لأن وجود الطاعن الثانى مع الطاعن الأول الذى صدر الأمر بتفتيشه، ومحاولة الطاعن الثانى الهرب عند رؤيته رجال البوليس تتحقق بها الشبهة القوية على اتهامه مما يسوغ القبض عليه وتفتيشه استنادا إلى نص الأمر الصادر بتفتيش من يتفق وجوده مع الطاعن الأول من ناحية، واستنادا إلى حكم المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية من ناحية أخرى، ولو كان أمر التفتيش مقصورا على الطاعن الأول فقط. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن الثانى غير ذلك لا يعدو أن يكون جدلا واردا على موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن محصل الوجه الرابع هو بمعنى ما ورد بالوجه الأول من التقرير المقدم من الطاعن الأول وقد سبق الرد عليه فيما سلف.
التقرير الثانى المقدم من الطاعن الثانى
فى 15 من فبراير سنة 1955
من حيث إن الطاعن الثانى يعيب على الحكم المطعون فيه فى هذا التقرير بطلان أمر التفتيش بالنسبة إليه لأن الشروط التى شرطتها النيابة العامة لتفتيش من يكون موجودا مع الطاعن الأول لم تتوافر فى الطاعن الثانى، هذا فضلا عن أن النيابة على أى حال لا تملك قانونا إصدار أمر بتفتيش شخص مجهول لم تجر عنه تحريات ولا تناوله تحقيق سواء قيدت أمرها بشروط أو لم تقيده، وسواء تحققت هذه الشروط أو لم تتحقق، ولا يصح الاحتجاج بقيام حالة التلبس لأن الثابت من أوراق الدعوى أن القبض على الطاعن الثانى كان سابقا على قيام هذه الحالة.
وحيث إن ما يثيره الطاعن فيما تقدم مردود بما سبق بيانه بالرد على ما جاء بالتقرير الأول المقدم منه ومردود كذلك بأن الأمر الذى تصدره النيابة العامة بتفتيش شخص معين ومن قد يكون موجودا معه وقت التفتيش على مظنة اشتراكه معه فى الجريمة التى صدر أمر التفتيش من أجلها يكون صحيحا لا مخالفة فيه للقانون، ويكون التفتيش الواقع تنفيذا لهذا الأمر صحيحا أيضا دون حاجة لقيام حالة التلبس بالجريمة قبل حصول القبض والتفتيش.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعاً.