أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الرابع - السنة 6 - صـ 1463

جلسة 12 من ديسمبر سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ حسن داود المستشار، وحضور السادة الأساتذة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين المستشارين.

(432)
القضية رقم 790 سنة 25 القضائية

(أ) قتل خطأ. مسئولية صاحب المنزل عن قتل أحد السكان خطأ نتيجة عدم اتخاذ الاحتياطات عند إجراء إصلاحات بالمنزل. لا يشترط فيها أن تكون هناك رابطة قانونية بين المالك والساكن.
(ب) قتل وإصابة خطأ. رابطة السببية. الخطأ المشترك. لا ينفى المسئولية.
1- إذا قتل أحد سكان المنزل خطأ نتيجة عدم اتخاذ مالكه الاحتياطات اللازمة لحماية السكان عند إجراء إصلاحات به فإنه لا يشترط لمسئولية صاحب المنزل أن تكون هناك رابطة قانونية بينه وبين المجنى عليه.
2- عدم إذعان سكان المنزل لطلب الإخلاء الموجه إليهم من مالكه لا ينفى عن هذا الأخير الخطأ الموجب لمسئوليته عن الحادث الناتج من إجراء إصلاحات بالمنزل أدت إلى تهدمه، إذ يصح فى القانون أن يكون الخطأ الذى أدى إلى وقوع الحادث مشتركا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: تسبب من غير قصد ولا تعمد فى قتل عزيزة حسن أبو دومة وإصابة كل من حسن أحمد المدنى وعنايات أحمد المدنى وسعاد عبد الباسط عزام وناهد محمد عطيه وكان ذلك بإهماله وعدم احتياطه بأن لم يتخذ الاحتياطات اللازمة لحماية سكان منزله وقام بهدم سطح المنزل دون أن يتأكد من المخالفة فسقط وتسبب فى إحداث الأعراض المبينة بالتقارير الطبية المرفقة بالأوراق وبالمعاينة. وطلبت عقابه بالمادتين 238 و244 من قانون العقوبات. وقد ادعى بحق مدنى كل من محمد محمد على البرعى عن نفسه وبصفته وليا شرعيا على أولاده القصر وعبد الباسط حسن عزام عن نفسه وبصفته وليا شرعيا عن كريمته سعاد عبد الباسط وطلب كل القضاء له قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد تعويضا مؤقتا. ومحكمة جنح المنشية الجزئية قضت فيها حضوريا عملا بالمادتين 238 و32 من قانون العقوبات بتغريم المتهم عشرين جنيها وإلزامه بأن يدفع لكل من المدعيين بالحق المدنى عن نفسهما وبصفتهما مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية بغير مصاريف جنائية. فاستأنف المتهم. ومحكمة اسكندرية الابتدائية بهيئة استئنافية قضت حضوريا بتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى وجهى الطعن هو أن المحكمة دانت الطاعن رغم انتفاء ركن الخطأ ذلك بأنه حين بدأ باتخاذ الاحتياطات اللازمة لإصلاح الشقة التى سقط فيها السقف على المجنى عليهم نبه على شاغليها بإخلائها، فإذا كانوا لم يمتثلوا لهذا التنبيه فان المسئولية لا تقع إلا عليهم وحدهم، وقد اعترف المستأجر الأصلى عبد الباسط حسن عزام وهو أحد المدعين بالحقوق المدنية - فى محضر البوليس بحصول هذا التنبيه أما المدعى الآخر وهو زوج المجنى عليها عزيزة حسن أبو دومة التى توفيت بسبب الحادث فهو مستأجر من الباطن ولا تربطه بالطاعن صلة قانونية وقد أقر أيضا بأن الطاعن نبه على المستأجر الأصلى بالإخلاء، هذا إلى أن المحكمة أغفلت فى حكمها بيان الخطأ الذى يعتبر الطاعن مسئولا عنه يضاف إلى ذلك أن رابطة السببية بين الاصلاحات التى كان يقوم الطاعن بإجرائها وبين وقوع الحادث منتفية لأن الحادث نجم عن خطأ المجنى عليهم حين امتنعوا عن إخلاء المسكن أو لم يتخذوا من الاحتياطات ما يكفل منع إصابتهم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه الذي أيد الحكم الابتدائى لأسبابه قد بين بواقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية المكونة لجريمتى القتل الخطأ والإصابة الخطأ، وأورد على ثبوتها فى حق الطاعن أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، واستظهر ركن الخطأ فيما روته الشاهدة إقبال فرحات أبو حطب من أنها شاهدت الطاعن وآخر يشرعان فى هدم جزء من سطح المسكن الذى تقيم فيه فاعترضت على ذلك ولكنهما لم يستمعا إليها ومضيا فى عملهما وكان يضعان الأنقاض المتخلفة عن الهدم فى سطح المنزل وبعد قليل سمعت صوت انهيار السطح على بعض الحجرات، وفيما نقله الحكم عن شهادة المهندس رءوف القلش بالجلسة من أنه أخطر بصفته مهندسا ببلدية الاسكندرية بسقوط المنزل فقام بمعاينة وتبين له أن سقف الشقة الكائنة بالدور الثالث العلوى وتطل على الطريق قد سقط واتضح له أن المتهم كان يجرى إصلاح أسقف بعض الغرف الخاصة بالمساكن التى لا تطل على الطريق ووضع حديدا جديدا بدلا من الحديد القديم وشرع فى إقامة مبان حديثة وصل بها إلى ارتفاع متر واحد وعندما انتقل لإصلاح أسقف الغرفة المطلة على الطريق سقط سقفها لتأكل الكمر الحديد. وأضاف أنه كان فى استطاعة المتهم (الطاعن) مفاداة الحادث لو قام بعملية تقوية للسقف ولو أنه لم يضع أنقاض الأسقف التى هدمها على السقف الذى سقط كما قدم تقريره المؤرخ 19/ 11/ 1953 والمتضمن أقواله سالفة الذكر ونتيجة معاينته ثم أورد الحكم مؤدى التقارير الطبية التى جاء فيها أن وفاة المجنى عليها عزيزة حسن أبو دومة نشأت عن أسفكسيا الردم وأن الإصابات التى شوهدت بجثتها حدثت نتيجة سقوط الأنقاض عليها، استخلص الحكم مما تقدم رابطة السببية بين خطأ الطاعن ووفاة المجنى عليها المذكورة وإصابة الأخيرين وهو استخلاص سائغ مقبول - لما كان ذلك وكان لا يشترط لمسئولية الطاعن عن الحادث أن تكون ثمة رابطة قانونية بينه وبين المجنى عليهم وكان عدم إذعان المجنى عليهم لطلب الإخلاء الموجه إليهم من الطاعن بفرض حصوله لا ينفى عنه الخطأ الموجب لمسئولية الحادث إذ يصح فى القانون أن يكون الخطأ الذى أدى إلى وقوع الحادث مشتركا بين المتهم والمجنى عليه فلا ينفى خطأ أحدهما مسئولية الآخر، فإن ما يثيره الطاعن فى طعنه يكون غير سديد.