أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الرابع - السنة 6 - صـ 1482

جلسة 19 من ديسمبر سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسين المستشارين.

(437)
القضية رقم 807 سنة 25 القضائية

(أ) وصف التهمة. دفاع. تغيير وصف التهمة دون لفت نظر الدفاع. متى يجوز؟
(ب) إثبات. اعتراف. تقدير حجيته فى حق المتهم المعترف وفى حق غيره. موضوعى.
(ج) إثبات. اعتراف. تجزئة الدليل فى المواد الجنائية ولو كان اعترافا. جائز.
1- إذا كانت المحكمة حين أخذت المتهم بوصف معين بدلا من الوصف الذى اتهمته به النيابة للاعتبارات التى رأتها وأشارت إليها فى حكمها لم تستند فى ذلك إلى واقعة جديدة غير تلك الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتى كانت مطروحة بالجلسة ودارت المرافعة عليها - فإن المحكمة إذا لم تلتفت نظر الدفاع إلى هذا التعديل لا تكون قد أخلت بدفاعه.
2- حجية الاعتراف فى حق المتهم المعترف أو فى حق غيره من المتهمين الذين تناولهم هذا الاعتراف هى مسألة يقدرها قاضى الموضوع وله أن يأخذ بهذا الاعتراف إن اعتقد صدقة، أو يستبعده إن شك فى صحته.
3- للمحكمة فى المواد الجنائية أن تجزئ الدليل ولو كان اعترافا وتأخذ منه بما تطمئن إليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز جواهر مخدرة (حشيشا) في غير الأحوال المصرح بها قانونا، وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و33 و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول أ الملحق به، فقررت بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة سمعت الدعوى وقضت حضوريا عملا بالمواد 1و2 و34 و 35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول أ الملحق به بمعاقبة المتهم بالسجن خمس سنوات ومصادرة المخدر المضبوط.
وبتاريخ 27 من فبراير سنة 1955 حصل الأستاذ عبد المجيد منصور المحامى عن المحكوم عليه على شهادة رسمية تفيد أن الحكم الاستئنافى لم يودع قلم الكتاب مختوما حتى التاريخ المذكور. وقد أعلن فى أول مارس سنة 1955 بإيداع الحكم المذكور موقعا عليه، فقرر المحكوم عليه الطعن فيه بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن يبنى طعنه على أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وشابه القصور. ذلك بأن المحكمة عاقبت المتهم بالمادة 34 من القانون رقم 351 لسنة 1952 بدلا من المادة التى طلب الاتهام تطبيقها بوصف أن الطاعن يتجر فى المخدرات، ولما كان منزل المتهم (الطاعن) قد فتش فلم يعثر فيه على مخدرات، فكان يجب على المحكمة أن تقضى ببراءته، ولكنها دانته بوصف آخر دون أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك، وتمنحه فرصة لتحضير دفاعه على مقتضى ما أوجبه القانون. وفوق ذلك طلب الدفاع عن الطاعن إلى المحكمة تحقيق ما إذا كانت الآثار التى وجدت عالقة بجيب الصديرى ناتجة من تلوث أصابع المخبر واستدعاء الطبيب الشرعى لمناقشته فى هذه النقطة، فلم ترد المحكمة على طلب الدفاع، واعتمد الحكم كذلك فى إدانة الطاعن على اعتراف متهم آخر قولا منه بأن هذا المتهم أصر فى جميع أدوار التحقيق على أنه أخذ المخدرات من المتهم الأول، مع أن أقواله فى التحقيق ليست على وتيرة واحدة، فقد عدل عن اتهام الطاعن أمام النيابة، وكذلك أمام قاضى المعارضة وأبدى أن اعترافه الأول إنما كان بعد تهديده. وفضلا عما تقدم فإن شهادة رجال البوليس أسست على تحرياتهم وحدها، دون أن يذكر أحد منهم شاهدا يؤيد صحة هذه التحريات، ومن ثم يكون الدليل المستمد من أقوالهم دليلا قاصرا لا يكفى فى الاستدلال على إسناد التهمة إلى الطاعن.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة إحراز المخدرات بقصد استعمالها وأورد على ثبوتها فى حق الطاعن أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، ولما كانت المحكمة قد استخلصت من ضآلة كمية المخدرات المضبوطة، أن الطاعن إنما كان يحرزها لاستعماله الشخصى، ولم تأخذ بما قرره المتهم الثانى من أن الطاعن يتجر فى المخدرات، وانتهت إلى معاقبة الطاعن بالعقوبة المنصوص عليها فى المادة 34 من القانون رقم 351 لسنة 1952 لما كان ذلك، وكانت المحكمة حين آخذت المتهم (الطاعن) بوصف أنه أحرز المخدرات لتعاطيها بدلا من الوصف الذى اتهمته به النيابة للاعتبارات التى رأتها وأشارت إليها فى حكمها، لم تستند فى ذلك إلى واقعة جديدة غير تلك الواقعة المادية المبينة بأمر الاحالة والتى كانت مطروحة بالجلسة ودارت المرافعة عليها، فإن المحكمة - إذ لم تلفت نظر الدفاع إلى هذا التعديل لا تكون قد أخلت بدفاعه - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد ردا سائغا على ما أثاره الدفاع من احتمال تلوث جيب صديرى الطاعن من أصابع المخبر الذى فتشه وفند هذا الاحتمال، وكان الحكم قد آخذ المتهم الثانى باعترافه بأنه يحوز المخدرات المضبوطة، وأنه حصل عليها من المتهم الأول (الطاعن) وقال إن عدول المتهم الثانى إنما كان جزئيا وفى خصوص اتجار الطاعن فى المواد المخدرة، ولما كانت حجية الاعتراف فى حق المتهم المعترف، أو فى حق غيره من المتهمين الذين تناولهم هذا الاعتراف، هى مسألة يقدرها قاضى الموضوع، وله أن يأخذ بهذا الاعتراف إن اعتقد صدقه، أو يستبعده إن شك فى صحته، لما كان ذلك، وكان للمحكمة فى المواد الجنائية أن تجزئ الدليل، ولو كان اعترافا، وتأخذ منه بما تطمئن إليه، وكان الدفاع عن الطاعن وعن المتهم الآخر على السواء لم يدفعا أمام المحكمة بأن اعتراف المتهم الثانى كان وليد تهديد أو إكراه حتى يتسنى لها تحقيق هذا الدفاع لتقول كلمتها فيه، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن هذا الاعتراف لم يدل به المتهم الثانى فى التحقيقات وحدها، بل إنه أعترف كذلك أمام المحكمة بالجلسة - لما كان ذلك، فإن مجادلة الطاعن فى قيمة هذا الاعتراف لا تكون مقبولة، أما ما يقوله من أن الاستدلال بما شهد به رجال البوليس هو استدلال قاصرا فمحض جدل فى تقدير المحكمة لأدلة الدعوى لا تلتفت إليه محكمة النقض.
وحيث إنه ما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعاً.