أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الرابع - السنة 6 - صـ 1479

جلسة 19 من ديسمبر سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسين المستشارين.

(436)
القضية رقم 804 سنة 25 القضائية

مواد مخدرة. حكم. تسبيبه. ركن العلم بحقيقة المادة المخدرة. التحدث عنه فى الحكم على استقلال. غير لازم ما دام ما أورده يكفى فى الدلالة عليه.
إذا كان ما أورده الحكم كافيا فى الدلالة على أن المتهم كان يعلم بأن ما يحرزه مخدر فإن المحكمة لا تكون مكلفة بعد ذلك بالتحدث استقلالا عن ركن العلم بحقيقة المادة المضبوطة اكتفاء بما تكشف عنه حكمها من توافر هذا الركن عند المحرز.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة مركز أبو تيج من أعمال مديرية أسيوط: حاز وأحرز جواهر مخدرا "أفيونا" فى غير الأحوال المصرح بها قانونا وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و7 و33 جـ و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والفقرة الأولى من الجدول رقم (أ) المرفق به، فأمرت بذلك. ومحكمة جنايات أسيوط سمعت الدعوى وقضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قاصر البيان إذ لم يتحدث عن القصد الجنائى لدى الطاعن، أى عن علمه بأن الصندوق الذى كان يحمله يحوى مواد مخدرة، وأن هذا الصندوق هو نفسه الذى ضبطه فى النيل.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه جميع الأركان القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها، وأورد الأدلة التى استخلص منها ثبوتها، وهى تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وتحدث عن كيفية ضبط المواد المخدرة ومحاولة الطاعن التخلص منها فقال "من حيث إن وقائع الدعوى حسبما استبانته المحكمة من أوراقها والتحقيقات التى تمت فيها بمعرفة البوليس والنيابة ومن أقوال من سمعت شهادتهم بجلسة المرافعة ومن مطالعة تقرير المعمل الكيماوى بشأن فحص وتحليل المضبوطات - تتحصل فى أنه نما إلى علم الملازم ثان قطب اسماعيل محمد ضابط مباحث مركز أبوتيج أن المتهم عبد الرحمن جابر نعمة الله يتجر مع أخويه فى المخدرات فتحرى عنه حتى إذا ما تأكد له صحة ذلك حرر محضرا بتاريخ 19 من سبتمبر سنة 1954 وعرضه على وكيل النيابة المختص فأجرى تحقيقا مفتوحا سأله فيه وبانت له جدية التحريات فأذن له بتفتيش المتهم و أخويه وتفتيش منازلهم خلال أسبوع من تاريخ الإذن الصادر فى الساعة 1.20 من مساء يوم 19 من سبتمبر سنة 1954 وتنفيذا لهذا الإذن انتقل ضابط المباحث بتاريخ 21 من سبتمبر سنة 1954 مع قوة من رجاله إلى بلدة النخيلة بدائرة مركز أبو تيج حيث يقيم المتهم ولما وصلوا منزله وكانت قرابة الساعة الثالثة مساء نظم الضابط مهمة حراسة المنزل من الخارج فكلف المخبرين حمد الله حسنين ومحمود محمد عبد الرحمن بحراسة المكان وملاحظته من الناحية البحرية كما كلف المخبرين عبد الرحيم محمد أحمد وعبد اللطيف علام بالمراقبة من الناحية القبلية ودخل هو مع رجلى البوليس السرى محمد عبد اللطيف عبد الجواد ومحمود محمد الشيخ إلى منزل المتهم وكان الباب مفتوحا وهناك شاهدوا المتهم فى الردهة وما أن وقع بصره عليهم حتى التقط صندوقا خشبيا من الأرض وأسرع بالخروج من باب المنزل البحرى وأخذ يعدو للناحية الشرقية صوب نهر النيل وتبعه الضابط وفى أثره المخبران محمد عبد اللطيف عبد الجواد ومحمود محمد الشيخ وجدوا فى اللحاق به حتى أدركوه عند مصب النهر بعد أن تمكن وقت ذلك من إلقاء الصندوق الخشبى فى اليم، فقبض عليه الضابط وفتشه ثم سلمه لبعض رجاله ثم استقل قاربا صغيرا يقوده غلام يدعى جميل مفيد بشاى واصطحب معه المخبرين محمد عبد اللطيف ومحمود محمد الشيخ وسار القارب صوب الصندوق الخشبى وكان عائما يطفو على سطح الماء حتى اقتربوا منه وتمكن المخبر محمد عبد اللطيف عبد الجواد من التقاطه وسلمه لرئيسه ضابط المباحث ولما فتحه تبين أن به جانبا من مادة تنبعث منها رائحة الأفيون مغلفة بلفافة من الورق، كما وجد به كيسا من المشمع ومقصا صغيرا من الحديد وصفيحتين من وزن 12 و6 درهم وقطعت من العملة النيكل من ذات المليمين ولما عاد الضابط ورجاله إلى منزل المتهم وفتشوه عثروا به على كيس من الورق المقوى به أوراق ومستندات ومبلغ من المال. هذا وقد ثبت من مطالعة تقرير المعمل الكيماوى بشأن فحص وتحليل المضبوطات أن المادة المضبوطة هى الأفيون وأنها تزن بغلافها الورق 85.7 جم - كما ثبت أن كيس المشمع والمقص الحديدى والصفيحتين وقطعة العملة المعدنية وجدت ملوثة بمادة الأفيون كذلك" - ولما كان ما أورده الحكم من ذلك كافيا فى الدلالة على أن الطاعن كان يعلم بأن ما يحرزه مخدر، وكانت المحكمة غير مكلفة بعد ذلك بالتحدث استقلالا عن ركن العلم بحقيقة المادة المضبوطة اكتفاء بما تكشف عنه حكمها عن توافر هذا الركن عند المحرز. لما كان ما تقدم، فإن ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون جدلا فى موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.