أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة 28 - صـ 1653

جلسة 9 من نوفمبر سنة 1977

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد الباجورى وصلاح نصار محمود رمضان وإبراهيم فراج.

(284)
الطعن رقم 10 لسنة 46 ق أحوال شخصية

(1) نقض " رفع الطعن ". أحوال شخصية.
الطعن بالنقض. رفعه بصحيفة تودع قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التى أصدرت الحكم محل الطعن. وجوب إيداع المستندات المؤيدة له فى ذات الوقت وبذات المحكمة التى أودعت الصحيفة قلم كتابها.
(2) استئناف " إعتبار الاستئناف كأن لم يكن " أحوال شخصية.
عدم تعويل المحكمة على إعلان تعجيل الجلسة الأولى الموجه للمستأنف. حضور جلسات تالية. لا محل من بعد لاعتبار الاستئناف كأن لم يكن جزاء تخلف المستأنف عن حضور الجلسة التعجيل باعتبار الأولى المحددة لنظر الاستئناف.
1 - مفاد المادتين 253، 255 من قانون المرافعات، أن المشرع أجاز رفع الطعن بالنقض بصحيفة تودع قلم كتاب محكمة النقض أو قلم كتاب المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه ابتغاء تيسير الإجراءات وحتى لا يتجشم محامى الطاعن مشقة الانتقال بنفسه إلى قلم كتاب محكمة النقض بالقاهرة لرفع الطعن، وأوجب أن يودع فى ذات وقت إيداع صحيفة الطعن المستندات المؤيدة للطعن، وهذا التلازم بين إيداع الصحيفة وبين إرفاق المستندات بها قاطع الدلالة فى أنه لا يجوز الفصل بين الإجراءين بإيداع أحدهما فى قلم كتاب محكمة النقض وإيداع الآخر فى قلم كتاب المحكمة التى أصدرت الحكم. ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن انتقل إلى قلم كتاب محكمة النقض يوم 29/ 3/ 1976 وأودع صحيفة الطعن وأرفق بها صورة رسمية من الحكم الابتدائى والحكم المطعون فيه وحافظة تحوى المستندات التى خالها مؤيدة لطعنه مع مذكرة شارحة وبذلك يكون الطعن قد استقام واستوفى الإجراءات القانونية، فإذا ما تقدم الطاعن يوم 30/ 3/ 1976 إلى قلم كتاب محكمة استئناف أسيوط (مأمورية قنا) التى أصدرت الحكم المطعون فيه وطلب إرسال حافظتين أخريين بمستندات جديدة إلى محكمة النقض، فان هذا الإجراء لا يظاهره القانون ولا يجوز قبول هذه المستندات ويكون الطلب المقدم متعين الرفض.
2 - مؤدى نص المادتين 316، 319 من المرسوم بقانون 78 لسنة 1939 للائحة ترتيب المحاكم الابتدائية والإجراءات المتعلقة بها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع لم يطلق عبارة " الميعاد المحدد " الواردة فى المادة 319 وإنما قيدها بما سبق النص عليه فى المادة السابقة عليها من أنه " الميعاد المحدد بورقة الاستئناف " ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه حدد لنظر الاستئناف بداءة يوم 26/ 10/ 1975 غير أن المطعون عليها عجلته لجلسة 19/ 5/ 1975 وأعلن الطاعن ومثل عنه محام قرر أنه مريض وطلب التأجيل لاستحضار توكيل، ودفعت المطعون عليها باعتبار الاستئناف كأن لم يكن، وبعد أن اطلعت المحكمة على الإعلان كلفتها بإعادة إعلانه وأجلت نظر الاستئناف لجلسة 21/ 6/ 1975، وأعلن الطاعن من جديد وحضر وقدم مذكرات بدفاعه، ومضت المحكمة فى نظر الموضوع عدة جلسات وإلى جلسة 29/ 1/ 1976 حيث حكمت باعتبار الاستئناف كأن لم يكن على سند من عدم حضوره بجلسة 19/ 5/ 1975. لما كان ذلك وكان الجزاء الذى شرعته المادة 319 من اللائحة الشرعية إنما توقعه المحكمة على المستأنف الذى لم يحضر فى الميعاد المحدد بصحيفة الاستئناف، وكانت محكمة الاستئناف - وفى نطاق سلطتها - لم تعول على الإعلان الموجه للطاعن بعريضة التعجيل، فإنه ما كان لها أن تعود بعد ذلك فترتب على هذا الإعلان أثره وتحكم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن تبعاً لعدم حضوره، لما كان ما تقدم وكان لا يغير من ذلك حضور ممثل عن الطاعن بالجلسة المحددة لنظر التعجيل واستئجاله الدعوى لمرضه ولاستحضار توكيل منه لأنه المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الحكم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن عملاً بالمادة 319 آنفة الذكر إنما يفترض علم المستأنف علماً يقينياً بالجلسة المحددة لنظر استئنافه والتى أقام هو صحيفتها وتخلفه عن الحضور فيها، إذ أن تخلفه عن حضور هذه الجلسة بالذات من شأنه أن يدل على أنه غير جاد فى طعنه فلا تلزم المحكمة بتحقيق موضوعه.


المحكمة:

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 20 لسنة 1974 أحوال شخصية ( نفس ) أمام محكمة قنا الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بتطليقها منه طلقة بائنة للضرر وأمره بعدم التعرض لها فى أمور الزوجية وقالت شرحا لها بأنه زوجه له بصحيح العقد الشرعى المؤرخ 21/ 2/ 1972، ولم يدخل بها ولا تزال على عصمته وفى طاعته، وإذ أساء إليها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما فقد أقامت دعواها. وبتاريخ 1/ 4/ 1974 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليها أن زوجها الطاعن لم يدخل بها ولم يعاشرها وأنه أساء إليها بصورة لا يستطاع معها دوام العشرة بين أمثالهما، وبعد سماع شهود الطرفين عادت وحكمت بتاريخ 24/ 3/ 1975 بالتطليق. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 6 سنة 50 ق أحوال شخصية أسيوط طالباً إلغاءه ورفض الدعوى. وبتاريخ 29/ 1/ 1976 حكت محكمة الاستئناف باعتبار الاستئناف كأن لم يكن. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن تقدم بطلب يلتمس فيه إعادة القضية إلى المرافعة لضم مستنداته التى سبق له تقديمها لقلم كتاب المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه خلال الميعاد المحدد بالمادة 255 من قانون المرافعات والتى رفض قلم كتاب محكمة النقض قبولها.
وحيث إن الطلب فى غير محله، ذلك أن النص فى المادة 253 من قانون المرافعات على أن " يرفع الطعن بصحيفة تودع قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه ويوقعها محام مقبول أمام محكمة النقض ..."وفى المادة 255 من ذات القانون معدلة بالقانون رقم 13 لسنة 1973 على أنه " يجب على الطاعن أن يودع قلم الكتاب وقت تقديم الصحيفة صوراً منها بقدر عدد المطعون ضدهم ... كما يجب عليه أن يودع فى ذات الوقت: أولاًَ... ثانياً - المستندات التى تؤيد الطعن فإن كانت مقدمة فى طعن آخر فيكفى أن يقدم الطاعن ما يدل على ذلك، وللمحكمة أن تتخذ ما تراه فى سبيل الاطلاع على هذه المستندات. وإذ كانت صحيفة الطعن قد أودعت قلم كتاب المحكمة التى أصدرت الحكم فيجب على قلم كتابها إرسال جميع أوراق الطعن محكمة النقض فى اليوم التالى لتقديم الصحيفة..." يدل على أن المشرع أجاز رفع الطعن بالنقض بصحيفة تودع قلم كتاب محكمة النقض أو قلم كتاب المحكمة التى أصدرت الحكم المطعون فيه ابتغاء تيسير الإجراءات وحتى لا يتجشم محامى الطاعن مشقة الانتقال بنفسه إلى قلم كتاب محكمة النقض بالقاهرة لرفع الطعن، وأوجب أن يودع فى ذات وقت إيداع صحيفة الطعن المستندات المؤيدة للطعن، وهذا التلازم بين إيداع الصحيفة وبين إرفاق المستندات بها قاطع الدلالة فى أنه لا يجوز الفصل بين الإجراءين بإيداع أحدهما فى قلم كتاب محكمة النقض وإيداع الآخر فى قلم كتاب المحكمة التى أصدرت الحكم. ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن انتقل إلى قلم كتاب محكمة النقض يوم 29/ 3/ 1976 وأودع صحيفة الطعن وأرفق بها صورة رسمية من الحكم الابتدائى والحكم المطعون فيه وحافظة تحوى المستندات التى خالها مؤيدة لطعنه مع مذكرة شارحة ، وبذلك يكون الطعن قد استقام واستوفى الإجراءات القانونية. فإذا ما تقدم الطاعن يوم 30/ 3/ 1976 إلى قلم كتاب محكمة استئناف أسيوط (مأمورية قنا) التى أصدرت الحكم المطعون فيه وطلب إرسال حافظتين أخريين بمستندات جديدة إلى محكمة النقض، فإن هذا الإجراء لا يظاهره القانون ولا يجوز قبول هذه المستندات، ويكون الطلب المقدم متعين الرفض.
وحيث إن الطعن بنى على سبب واحد، ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم قضى باعتبار الاستئناف كأن لم يكن استناداً إلى المادة 319 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية لعدم حضور الطاعن جلسة 19/ 5/ 1975 باعتبارها الجلسة الأولى المحددة لنظر الاستئناف، مع أنه فى هذه الجلسة أجلت المحكمة الاستئناف لجلسة 21/ 6/ 1975 لإعلان الطاعن إعلاناً صحيحاً، وفيها حضر الطاعن وقدم مذكرة بدفاعه، ومضت المحكمة فى نظر الاستئناف عدة جلسات تالية، وإذ تعلق للطاعن حق بقرار إعادة إعلانه، وعاودت المطعون عليها إعلانه مسلمة ببطلان الإعلان الأول، فإنه ما كان للمحكمة أن تتحلل من قرارها ، وهو ما يعيب حكمها بالخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن النعى صحيح، ذلك أن النص فى المادة 316 من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالإجراءات المتعلقة بها فى أنه " يحضر الخصوم أو وكلاؤهم فى الميعاد المحدد بورقة الاستئناف ويعتبر المستأنف مدعياً"، وفى المادة 319 منه على أنه " إذا لم يحضر المستأنف فى الميعاد المحدد أعتبر الاستئناف كأن لم يكن، صار الحكم الابتدائى واجب التنفيذ إلا إذا كان ميعاد الاستئناف باقياً"، وهما من المواد الباقية التى تحكم إجراءات الاستئناف فى المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية والوقف التى كانت من اختصاص المحاكم الشرعية، يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع لم يطلق عبارة " الميعاد المحدد " الواردة فى المادة 319 وإنما قيدها بما سبق النص عليه فى المادة 316 السابقة عليها من أنه " الميعاد المحدد بورقة الاستئناف " ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه حدد لنظر الاستئناف بداءة يوم 26/ 10/ 1975، غير أن المطعون عليها عجلته لجلسة 19/ 5/ 1975 وأعلن الطاعن ومثل عنه محام قرر أنه مريض وطلب التأجيل لاستحضار توكيل، ودفعت المطعون عليها باعتبار الاستئناف كأن لم يكن، وبعد أن اطلعت المحكمة على الإعلان كلفتها بإعادة إعلانه، وأجلت نظر الاستئناف لجلسة 21/ 6/ 1975، وأعلن الطاعن من جديد وحضر وقدم مذكرات بدفاعه، ومضت المحكمة فى نظر الموضوع عدة جلسات وإلى جلسة 29/ 1/ 1976 حيث حكمت باعتبار الاستئناف كأن لم يكن على سند من عدم حضوره بجلسة 19/ 5/ 1975. لما كان ذلك وكان الجزاء الذى شرعته المادة 319 من اللائحة الشرعية إنما توقعه المحكمة على المستأنف الذى لم يحضر فى الميعاد المحدد بصحيفة الاستئناف، وكانت محكمة الاستئناف - وفى نطاق سلطتها - لم تعول على الإعلان الموجه للطاعن بعريضة التعجيل، فإنه ما كان لها أن تعود بعد ذلك فترتب على هذا الإعلان أثره وتحكم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن تبعاً لعدم حضوره، لما كان ما تقدم وكان لا يغير من ذلك حضور ممثل عن الطاعن بالجلسة المحددة لنظر التعجيل واستجاله الدعوى لمرضه ولاستحضار توكيل منه لأنه المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الحكم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن عملاً بالمادة 319 آنفة الذكر إنما يفترض علم المستأنف علماً يقينياً بالجلسة المحددة لنظر استئنافه والتى أقام هو صحيفتها وتخلفه عن الحضور فيها، إذ أن تخلفه عن حضور هذه الجلسة بالذات من شأنه أن يدل على أنه غير جاد فى طعنه فلا تلزم المحكمة بتحقيق موضوعه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى باعتبار الاستئناف كأن لم يكن وحجب نفسه بذلك عن بحث الموضوع فإنه يتعين نقضه والإحالة.