أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 28 - صـ 1693

جلسة 16 من نوفمبر سنة 1977

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجورى، وصلاح نصار ومحمود رمضان وإبراهيم فراج.

(291)
الطعن رقم 237 لسنة 44 القضائية

(1) نقض. محاماة. وكالة.
توكيل المطعون عليه محامياً غير مقيد أمام النقض. توكيل الأخير محامياً مقبول أمامها وتقديمه مذكرة بدفاع المطعون عليه. لا خطأ.
(2) بطلان. إعلان.
بطلان أوراق التكليف بالحضور لعيب في الإعلان. نسبي مقرر لمصلحة من شرع له. ليس لغيره التمسك به.
(3) استئناف " اعتبار الاستئناف كأن لم يكن 22. نظام عام.تجزئة.
اعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانه خلال ثلاثين يوماً- غير متعلق بالنظام العام. ليس لغير من شرع له التمسك به ولو كان الموضوع غير قابل للتجزئة.
(4) إعلان. موطن.
إغفال الخصم إخطار خصمه بتجنيده في الجيش. أثره. صحة إعلانه في موطنه الأصلي.
(5) إيجار " إيجار الأماكن ". حكم " ما يعد قصوراً".
تمسك الخصم وهو أحد أقارب المستأجر من الدرجة الثالثة بأنه أقام مدة سنة سابقة على تركه العين المؤجرة في تاريخ لاحق لنفاذ القانون 52 لسنة 1969.
(6) محكمة الموضوع. نقض.
إغفال الحكم بحث ما قدم من مستندات تأييداً لهذا الدفاع الجوهري قصور.
تحصيل فهم الواقع في الدعوى من سلطة قاضي الموضوع. تكييف هذا الفهم وتطبيق القانون عليه. خضوعه لرقابة محكمة النقض.
1- مفاد نص المادتين 211، 78 من قانون المرافعات والمادة 90 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968، أن كل ما اشترطه المشرع هو أن يوقع محام مقبول أمام محكمة النقض على ما يرى المطعون عليه تقديمه من مذكرات ومستندات أمام محكمة النقض، ولم يستوجب أن يصدر التوكيل إلى هذا المحامي منه مباشرة أو من محام آخر مقبول أمام محكمة النقض، واستثناءاً من قواعد الوكالة المدنية وأخذاً بما تقتضيه الوكالة بالخصومة فإن للوكيل المحامي أن ينيب عنه تحت مسئوليته محامياً آخر في الحضور أو المرافعة أو غير ذلك من إجراءات التقاضي دون حاجة لتوكيل خاص ما لم يكن ممنوعاً من الإنابة صراحة في التوكيل، لما كان ذلك وكان الثابت أنه وإن كان التوكيل المودع صادر من المطعون عليهما الأولين إلى محام غير مقيد أمام محكمة النقض إلا أن هذا التوكيل يخوله الإذن بتوكيل غيره فيما تضمنه عقد الوكالة ومن ينيبه الحضور والمرافعة أمام محكمة النقض، وقد أناب عنه محامياً مقبولاً أمام محكمة النقض في التوقيع على مذكرة دفاع المطعون عليهما المذكورين وإيداعها قلم كتاب المحكمة، ومن ثم فإن هذه الإجراءات ليس فيها ما يعاب ويكون طلب استبعاد المذكرة لا محل له.
2- بطلان أوراق التكليف بالحضور في الإعلان هو - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - بطلان نسبي مقرر لمصلحة من شرع حمايته، وليس متعلقاً بالنظام العام، فلا يجوز لغير الخصم الذي بطل إعلانه الدفع به.
3- إذ كان ميعاد الثلاثين يوماً المحددة بالمادة 70 من قانون المرافعات هو ميعاد حضور وكان الجزاء المقرر فيها بعدم مراعاته وهو - اعتبار الاستئناف كأن لم يكن - إذا لم يتم تكليف المستأنف عليه بالحضور هو جزاء لا يتعلق بالنظام العام، ولا يملك التمسك به غير من شرع لمصلحته ولو كان له مصلحة في ذلك أو كان الموضوع غير قابل للتجزئة.
4- إنه وإن كانت المادة 13/6 من قانون المرافعات قد نصت على تسليم صورة الإعلان فيما يتعلق بأفراد القوات المسلحة ومن في حكمهم بواساطة النيابة العامة إلى الإدارة القضائية المختصة إلا أن مؤدى المادتين 10، 12 من قانون المرافعات هو وجوب توجيه الإعلان ابتداء إلى الشخص في موطنه، وإذ ألغى الخصم موطنه الأصلي ولم يخبر خصمه بذلك صح إعلانه فيه بما مفاده أن القانون يفرض على الشخص أن يخطر خصومه بموطنه الأصلي الجديد وإلا تحمل مغبة إعلانهم له في موطنه السابق، ولما كان الثابت أن الطاعن أعلن بصحيفة الاستئناف في موطنه الأصلي، فإن تجنيده في مرحلة لاحقة على تدخله في الدعوى لا يؤثر في صحة الإعلان طالما لم يخبر خصمه بذلك.
5- إذ كان الواقع في الدعوى أن الطاعن أسس دفاعه على سند من القول بأنه يمت بصلة قرابة من الدرجة الثالثة لزوجة المستأجر الأصلي - المطعون عليه الثالث - وأنه أقام مدة سنة سابقة على تركة العين المؤجرة وأن شغل المستأجر الأصلي للعين أستمر حتى سنة 1969 وأنه بهذه المثابة تكون قد تحققت فيه شرائط المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 وإذ كان ما خلص إليه الحكم من اعتبار الإجازة الأصلية منقضية عند مغادرة المطعون عليه الثالث الجمهورية في سنة 1967 ودون أن يبين كيف يستقيم هذا القول الذي انتهى إليه مع دلالة المستندات المقدمة من الطاعن والتي لم يعرض لها رغم أنها تنطوى على دفاع جوهري ومؤثر قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فان الأسباب التي أقيم عليها بها ثغرة يتطرق منها التخاذل إلى مقومات الحكم بحيث لا يتماسك معها قضاؤه.
6- وإن كان لقاضي الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى من الأدلة المقدمة وفي وزن الأدلة وتقديرها وترجيح بعضها على البعض الآخر إلا أنه يخضع لرقابة محكمة النقض في تكييف هذا الفهم وفي تطبيق ما ينبغي تطبيقه من أحكام القانون، بحيث لا يجوز له أن يطرح ما يقدم إليه تقديماً صحيحاً من الأدلة أو الأوراق المؤثرة في حقوق الخصوم ودون أن يدون في حكمه بأسباب خاصة ما يبرر هذا الإطراح .


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهما الأول والثانية أقاما الدعوى رقم 248 سنة 1970 مدني أمام محكمة الجيزة الابتدائية ضد المطعون عليه الثالث طالبين الحكم بإخلائه من الشقة الموضحة بصحيفة الدعوى وتسليمها إليهما، وقالا بياناً لدعوهما أنه بموجب عقد مؤرخ 26/7/1959 استأجر المطعون عليه المذكور الشقة رقم 5 من العقار رقم 22 أ شارع مراد بالجيزة الذي آلت ملكيته إليهما، وإذ غادر المستأجر وعائلته الديار محتفظاً بالشقة، وفوجئا بوجود قريب لزوجة المستأجر تنازل له عنها، رغم إن عقد الإيجار لا يجيز التنازل أو التأجير من الباطن فقد أقاما الدعوى - طلب الطاعن قبوله خصماً متدخلاً طالباً رفض الدعوى. وبتاريخ 25/2/1971 حكمت المحكمة بقبول التدخل، وبإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الخصم المتدخل - الطاعن - إقامته مع المستأجر الأصلي إقامة دائمة في شقة النزاع لمدة سنة سابقة على تاريخ مغادرته للديار، وبعد سماع شهود الطرفين عادت وحكمت في 23/12/1971 برفض الدعوى. استأنف المطعون عليهما الأولين هذا الحكم بالاستئناف رقم 337 سنة 89 ق. القاهرة طالبين إلغاءه والحكم بطلباتهما. دفع الطاعن باعتبار الاستئناف كأن لم يكن ، وبتاريخ 27/6/1972 حكمت محكمة الاستئناف برفض الدفع. وبقبول الاستئناف شكلاً - ثم عادت وحكمت بتاريخ 31/1/1974 بإلغاء الحكم المستأنف وإخلاء الطاعن والمطعون عليه الثالث من العين المؤجرة وتسليمها للمطعون عليهما الأولين. طعن الطاعن في هذا الحكم والحكم الصادر في 27/6/1972 بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن طلب استبعاد المذكرة المقدمة من المطعون عليهما الأول والثانية استناداً إلى أن المحامي الموكل عنهما بموجب التوكيل المودع ليس محامياً مقبولاً أمام محكمة النقض، ولا يملك تمثيلهما أمام هذه المحكمة، ويتعين بالتالي استبعاد المذكرة المقدمة منها.وحيث إن الطلب في غير محله، ذلك أن النص في المادة 261 من قانون المرافعات على أن " المذكرات وحوافظ المستندات التي تودع باسم الخصم يجب أن تكون من أصل وصور بقدر عدد خصومه وأن تكون موقعه من محاميه المقبول أمام محكمة النقض"، وفي المادة 78 من ذات القانون على أنه " يجوز للوكيل أن ينيب غيره من المحامين إن لم يكن ممنوعاً من الإنابة صراحة في التوكيل" وفي المادة 90 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 على أن " للمحامي سواء كان خصماً أصلياً أو وكيلاً في دعوى أن ينيب عنه في الحضور أو في المرافعة أو في غير ذلك من إجراءات التقاضي محامياً أخر تحت مسئوليته دون توكيل خاص ما لم يكن في التوكيل ما يمنع ذلك ". يدل على أن كل ما يشترطه المشرع هو أن يوقع محام مقبول أمام محكمة النقض، على ما يرى المطعون عليه تقديمه من مذكرات ومستندات أمام محكمة النقض، ولم يستوجب أن يصدر التوكيل إلى هذا المحامي منه مباشرة أو من محام آخر مقبول أمام محكمة النقض، واستثناءاً من قواعد الوكالة المدنية وأخذاً بما تقتضيه الوكالة بالخصومة فإن للوكيل المحامي أن ينيب عنه تحت مسئوليته محامياً آخر في الحضور أو المرافعة أو غير ذلك من إجراءات التقاضي دون حاجة لتوكيل خاص ما لم يكن ممنوعاً من الإنابة صراحة في التوكيل، لما كان ذلك وكان الثابت أنه وإن كان التوكيل المودع صادر من المطعون عليهما الأولين إلى محام غير مقيد أمام محكمة النقض إلا أن هذا التوكيل يخوله الإذن بتوكيل غيره فيما تضمنه عقد الوكالة ومن ينيبه الحضور والمرافعة أمام محكمة النقض، وقد أناب عنه محامياً مقبولاً أمام محكمة النقض في التوقيع على مذكرة دفاع المطعون عليهما المذكورين وإيداعها قلم كتاب المحكمة، ومن ثم فإن هذه الإجراءات ليس فيها ما يعاب ويكون طلب استبعاد المذكرة لا محل له.وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب، ينعي الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الصادر في 27/6/1972 برفض الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن مخالفة القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق من خمسة وجوه: (أولها) أن الحكم بسط اختيار الطاعن والمطعون عليه الثالث للمحل المختار الذي حدداه في إنذارهما للمطعون عليه الأول المؤرخ 12/1/1970 إلى جميع الدعاوى وفي جميع مراحل التقاضي متجافياً بذلك مع الدلالات الصريحة لعباراته التي تقطع بتوقيت هذا الاختيار بالفترة التي كان النزاع قد احتدم فيها بين الطرفين ووصل أمره إلى الشرطة. (وثانيها) أن الحكم أجاز إعلان المطعون عليه الثالث في الموطن المختار المبين في الإنذار سالف الذكر السابق على التقاضي بالمخالفة لما نصت عليه المادة 214/1 من قانون المرافعات التي تستوجب إعلان الطعن لشخص الخصم أو في موطنه وتقصر جواز الإعلان في الموطن المختار المبين في ورقة إعلان الحكم دون غيرها من الأوراق. ( وثالثها) أنه لم يتم إعلان صحيفة الاستئناف للطاعن والمطعون عليه الثالث إعلاناً صحيحاً خلال الثلاثة أشهر التالية لتقديمها إلى قلم الكتاب بما كان يتعين معه الاستجابة لطلب الطاعن باعتبار الاستئناف كأن لم يكن عملاً بالمادتين 70، 240 من قانون المرافعات. والثابت أن الطاعن تمسك بتوقيع هذا الجزاء قبل التكلم في الموضوع، وكان حضوره نتيجة علمه بالجلسة بطريقة عارضة. ( ورابعها ) تمسك الطاعن ببطلان إعلانه بصحيفة الاستئناف وإعادة إعلانه بها على شقة النزاع رغم ثبوت أنه كان مجنداً وقتئذ ولا يقع إعلانه صحيحاً بتسليم الصحيفة بواسطة النيابة العامة إلى الإدارة القضائية بالقوات المسلحة عملاً بالمادة 13/6 من قانون المرافعات وقد رفض الحكم المطعون فيه ذلك تأسيساً على أنه لم يخطر المطعون عليه بتجنيده وهو قيد لم يتضمنه التشريع. ( وخامسها) أن الحكم استند في قضائه إلى نص المادة 218 من قانون المرافعات بمقولة أن الطعن تم في الميعاد بالنسبة للمطعون عليه الثالث بما يجعل اختصام الطاعن صحيحاً في القانون باعتبار أن الحكم المستأنف صادر في موضوع غير قابل للتجزئة، في حين أن نطاق هذه المادة لا يمتد إلى الجزاء الذي أوجبته المادة 70 من ذات القانون.
وحيث إن النعي مردود في الأوجه الثلاثة الأولى بأنه لما كان بطلان أوراق التكليف بالحضور لعيب في الإعلان هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بطلان نسبي مقرر لمصلحة من شرع حمايته، وليس متعلقاً بالنظام العام، فلا يجوز لغير الخصم الذي بطل إعلانه الدفع به، وكان ميعاد الثلاثين يوماً المحددة بالمادة 70 من قانون المرافعات هو ميعاد حضور، وكان الجزاء المقرر فيها لعدم مراعاته - وهو اعتبار الاستئناف كأن لم يكن - إذا لم يتم تكليف المستأنف عليه بالحضور هو جزاء لا يتعلق بالنظام العام، ولا يملك التمسك به غير من شرع لمصلحته ولو كان له مصلحة في ذلك أو كان الموضوع غير قابل للتجزئة. لما كان ذلك، وكان الثابت بالحكم المطعون فيه أن المطعون عليه الثالث لم يحضر أمام محكمة الاستئناف، ولم يدفع الدعوى بأي دفاع - ومن ثم لا يجوز للطاعن أن يدفع ببطلان الإعلان أو يتمسك به في خصوص صحة إعلان المطعون عليه الثالث وإعادة إعلانه بصحيفة الاستئناف غير منتج ولا جدوى منه. والنعي سديد في وجهه الرابع ذلك أنه وإن كانت المادة 13/6 من قانون المرافعات قد نصت على تسليم صورة الإعلان فيما يتعلق بأفراد القوات المسلحة ومن في حكمهم بواساطة النيابة العامة إلى الإدارة القضائية المختصة إلا أن مؤدى المادتين 10، 12 من قانون المرافعات هو وجوب توجيه الإعلان ابتداء إلى الشخص في موطنه، وإذ ألغى الخصم موطنه الأصلي ولم يخبر خصمه بذلك صح إعلانه فيه، بما مفاده أن القانون يفرض على الشخص أن يخطر خصومه بموطنه الأصلي الجديد وإلا تحمل مغبة إعلانهم له في موطنه السابق. ولما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع المبدى من الطاعن باعتبار الاستئناف كأن لم يكن بقوله " ومن حيث إنه في خصوص الدفع بالنسبة للمستأنف عليه الثاني - الطاعن - فإنه مردود بأن - المستندين المقدمين منه لهذه المحكمة وأحدهما شهادة مؤرخة 15/5/1972 من قائد الوحدة بأنه قيد في 2/8/1971 والثاني شهادة إثبات تجنيده مؤرخة 16/8/1972 من قائد الوحدة تثبت أنه مجند من 2/8/1971. ولما كان تجنيده لاحقاً لرفع الدعوى في 18/3/1970 أمام محكمة أول درجة، ولاحقاً لحضوره أمام محكمة أول درجة بجلسة 21/1/1971 وطلبه قبوله خصماً منضماً - للمدعى عليه - المطعون عليه الثالث في طلب رفض الدعوى فإنه لا ينتفع من حكم الفقرة السادسة من المادة 13 من قانون المرافعات ، ذلك أنه حتى يمكن له الانتفاع بها كان واجباً عليه أن يخبر خصمه بأنه جند، وتاريخ تجنيده ، وبغير هذا الإخبار فإن الإعلانات تكون صحيحة في حقه متى أجريت طبقاً للقواعد العامة في قانون المرافعات...". لما كان ما تقدم ، وكان الثابت أن الطاعن أعلن بصحيفة الاستئناف في موطنه الأصلي، فإن تجنيده في مرحلة لاحقة على تدخله في الدعوى لا يؤثر في صحة الإعلان طالما لم يخبر خصمه بذلك... وإذ كان الحكم المطعون فيه قد واجه دفع الطاعن ببطلان إعلانه بوصفه مجنداً بالقوات المسلحة ورد عليه بأسباب لا خطأ فيها قانوناً فإن النعي بهذا الوجه يكون على غير أساس.والنعي غير منتج في وجهه الخامس لأنه - أياً كان وجه الرأي فيه - ينصب على أسباب زائدة لا حاجة بالحكم عليها بعد أن استقام قضاءه على ما استظهره من أسباب سليمة من صحة إعلان وإعادة إعلان الطاعن بصحيفة الاستئناف في الميعاد القانوني. ويكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 31/1/1974 الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم بنى قضاءه بالإخلاء على سند من أن المطعون عليه الثالث غادره وأسرته جمهورية مصر مهاجراً في سنة 1967 ولم تتضمن أوراق الدعوى ما يفيد عودته، وأنه ترك الشقة استئجاره ولم يعد ينتفع بها من هذا التاريخ ورتب الحكم على ذلك أن العلاقة الإيجارية قد انقطعت منذ هذه المغادرة، وأن سداد الطاعن للأجرة بالإيصالات المقدمة لا يقيده باعتباره أصبح المستأجر للشقة عملاً بالمادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 إذ ليس لهذا القانون من أثر رجعي طالما حصلت واقعة الترك قبله، في حين أن دلالة صدور إيصالات دفع الأجرة من سنة 1967 حتى سنة 1969 باسم المستأجر الأصلي هو استمرار عقد الإيجار، كما أن الصورة الرسمية للشكوى رقم 7446 لسنة 1969 إداري الجيزة تفيد أن المستأجر الأصلي لم يكن قد انتوى الهجرة عند مغادرته البلاد سنة 1967 وأنه أبقى الشقة لحسابه، بل أن المؤجر أقام الدعوى رقم 1116 لسنة 1968 مستعجل الجيزة ضد المستأجر الأصلي طالباً طرده وانتهت بينهما صلحاً بعد أن سدد الأجرة المتأخرة، وهو ما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وقد جره ذلك إلى تقرير قانوني خاطئ هو عدم انطباق المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 مع أن دلالة المستندات المقدمة تعنى بقاء الإجارة الأصلية حتى سريان هذا القانون وبالتالي أحقية الطاعن في البقاء بشقة النزاع لتوافر شرائط انطباق المادة في حقه.وحيث إن النعي في محله، ذلك أنه لما كان الواقع في الدعوى أن الطاعن أسس دفاعه على سند من القول بأنه يمت بصلة قرابة من الدرجة الثالثة لزوجة المستأجر الأصلي - المطعون عليه الثالث - وأنه أقام مدة سنة سابقة على تركة العين المؤجرة، وأن شغل المستأجر الأصلي للعين أستمر حتى سنة 1969 وأنه بهذه المثابة تكون قد تحققت فيه شرائط المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 وكان من بين ما أيد به دفاعه إيصالات الأجرة الموقع عليها من المالك والصادرة لصالح المستأجر الأصلي، بما ثبت من الصورة الرسمية للشكوى رقم 7446 لسنة 1969 إداري الجيزة، وكان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بالإخلاء إلى علاقة المستأجر الأصلي بالمطعون عليهما الأولين قد انتهت بمغادرته البلاد في 6/4/1967، وأنه ترك العين مهاجراً من هذا التاريخ تبعاً لأنه لم يستدل على عودته، ورتب على ذلك عدم انطباق المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - لما كان ذلك، وكان البين من المستندات المقدمة بملف الطعن والتي كانت معروضة على محكمة الموضوع أن دفاع الطاعن أنصب على أن المستأجر الأصلي لم يكن قد انتوى الهجرة النهائية عند المغادرة ولم تنته العلاقة الإيجارية بدليل أن وصول الأجرة ظلت تصدر باسمه حتى شهر نوفمبر سنة 1969، وأن الثابت من أقوال المطعون عليه الأول - المالك في الشكوى رقم 7446 لسنة 1969 إداري الجيزة بتاريخ 15/12/1969 أن المطعون عليه الثالث هو المستأجر وأنه يستهدف ببلاغه الحفاظ على حقوق ذلك المستأجر أثناء غيبته ، وأنه يظاهر ذلك إقامة الدعوى رقم 1116 لسنة 1968 مستعجل الجيزة ضد المطعون عليه الثالث لتخلفه عن سداد إيجار شهري يوليو وأغسطس سنة 1968 ، وإنهاء هذه الدعوى صلحا بترك الخصومة في 22/9/1968. لما كان ما تقدم فإنه وإن كان لقاضي الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى من الأدلة المقدمة وفي وزن الأدلة وتقديرها وترجيح بعضها على البعض الآخر إلا أنه يخضع لرقابة محكمة النقض في تكييف هذا الفهم وفي تطبيق ما ينبغي تطبيقه من أحكام القانون، بحيث لا يجوز له أن يطرح ما يقدم إليه تقديماً صحيحاً من الأدلة أو الأوراق المؤثرة في حقوق الخصوم ودون أن يدون في حكمه بأسباب خاصة ما يبرر هذا الإطراح ، وإذ كان ما خلص إليه الحكم من اعتبار الإجازة الأصلية منقضية عند مغادرة المطعون عليه الثالث الجمهورية في سنة 1967 - ودون أن يبين كيف يستقيم هذا القول الذي انتهى إليه مع دلالة المستندات المقدمة من الطاعن والتي لم يعرض لها رغم أنها تنطوى على دفاع جوهري ومؤثر قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن الأسباب التي أقيم عليها بها ثغرة يتطرق منها التخاذل إلى مقومات الحكم بحيث لا يتماسك معها قضاؤه، بما يستوجب معه نقضه دون حاجة للتعرض لباقي الأسباب على أن يكون مع النقض إحالة.