أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 12 - صـ 69

جلسة 10 من يناير سنة 1961

برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: السيد أحمد عفيفى، وتوفيق أحمد الخشن، وعبد الحليم البيطاش، وحسن خالد المستشارين.

(9)
الطعن رقم 1300 لسنة 30 القضائية

تبديد. وكالة ناظر الوقف.
(أ) جريمة التبديد. أركانها.
(ب) ناظر الوقف - شرعا وفى القانون - أمين على مال الوقف ووكيل عن المستحقين. المادتان 50 و 56 من القانون 48 لسنة 1946 الخاص بأحكام الوقف.
1 - تتحقق جريمة التبديد بحصول العبث بملكية الشئ المسلم إلى الجانى بمقتضى عقد من عقود الائتمان الواردة بالمادة 341 من قانون العقوبات ومن بين هذه العقود عقد الوكالة سواء كانت بأجر أو مجانا.
2 - ناظر الوقف الذى يتسلم أعيانه وغلته إنما يتسلم ذلك بأمر من الواقف الذى عينه ناظرا أو بإذن القاضى الذى ولاه وهو أمين على ما يتسلمه من مال، ويعتبر شرعا وكيلا عن الواقف فى حياته وفى منصب الوصى بعد موته. وفى الحالين هو محاسب عن ذلك المال الذى يقبضه فإذا بدده ففعله خيانة يستوى أن يكون المال مرصودا على أفراد مستحقين أو على جهات البر. وقد حسم المشرع الخلاف بشأن التكييف القانونى لنظارة الوقف بما نص عليه فى المادة 50 من القانون رقم 48 لسنة 1946 الخاص بأحكام الوقف من أن الناظر يعتبر أمينا على مال الوقف ووكيلا عن المستحقين، كما نص فى المادة 56 منه على سريان أحكامه - فيما عدا ما استثنى منها - على جميع الأوقاف الصادرة قبل العمل به وليس حكم المادة 50 المذكورة من بين ما استثناه الشارع.


الوقائع

أقام المدعى بالحقوق المدنية، بصفته ناظرا لوقف المرحومة هيلانة عبد الملك الخيرى هذه الدعوى مباشرة أمام المحكمة الجزئية على الطاعنين المذكورين متهما إياهما بأن الأول أثناء توليه النظر على الوقف حتى 16 من أبريل سنة 1954 والثانى فى غضون المدة من 17 أبريل سنة 1954 وحتى يوم 22 نوفمبر سنة 1954 بدائرة مركز قليوب بددا المبالغ الواردة بعريضة الدعوى حالة كونها لم تسلم إليهما إلا بصفتهما ناظرين على الوقف أى وكيلين على وقف المرحومة هيلانة عبد الملك فبدداه اضرارا بالمستحقين وطلب إلى المحكمة المذكورة معاقبتهما بالمادة 341 من قانون العقوبات مع إلزامهما بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت وفى أثناء نظر هذه الدعوى أمام المحكمة المذكورة دفع الحاضر عن المتهمين بسقوط الدعوى العمومية قبل الأول بالتقادم وباعتبار المدعى المدنى تاركا دعواه وبعدم قبول الدعوى العمومية. والمحكمة قضت حضوريا بتاريخ 17 مارس سنة 1958 عملا بمادة الاتهام - أولا - برفض الدفع بسقوط الحق فى رفع الدعوى العمومية قبل المتهم الأول بالتقادم - وثانيا - برفض الدفع باعتبار المدعى المدنى تاركا دعواه. وثالثا - برفض الدفع بعدم قبول الدعوى العمومية وقبولها. ورابعا - بحبس كل من المتهمين شهرا واحدا مع الشغل وكفالة 100 قرش بالنسبة لكل لوقف التنفيذ بلا مصاريف. وخامسا - إلزامهما بأن يؤديا للمدعى بالحق المدنى بصفته قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات. فاستأنف المتهمان هذا الحكم والمحكمة الاستئنافية قضت حضوريا بتاريخ 2 ديسمبر سنة 1958 بقبوله شكلا وفى الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صدور الحكم. وحصل الطاعنان على شهادة بعدم ختم الحكم وإيداعه فى 11 من ديسمبر سنة 1958 ثم قررا الطعن فى هذا الحكم الأخير بطريق النقض... الخ.


المحكمة

.... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين لم يميز بين كنه النظارة فى الوقف الأهلى والوقف الخيرى فالوقف الأخير ليس له مستحقون وقد أطلقت الواقفة فى هذه الدعوى يد الناظر فى التصرف فجعلت له أن يزيد أن ينقص فى الصرف على أوجه الخير المسماة فى حجة الوقف وأن يصرف الباقى فى إحياء ليال خيرية إلى آخر ما جاء بالحجة وما دام الناظر يقوم بالصرف فى الأوجه التى أرادتها الواقفة فلا يسأل جنائيا عن وجود مبالغ فى ذمته، هذا إلى أن المحكمة قد أهدرت كشف الصدقات مع أنها هى المقصودة بالوقف ويضيف الطاعنان أن النظارة على الوقف ليست من العقود الواردة فى المادة 341 من قانون العقوبات على سبيل الحصر كما أن عدم وجود مستحقين للوقف الخيرى يمتنع به الضرر فلا وجه لتطبيق هذه المادة غير أن الحكم سوى خطأ بين ناظر الوقف والوصى والوكيل وهو قياس مع الفارق ويقول الطاعن الأول أنه دفع بسقوط الدعوى الجنائية بمضى المدة على أساس أن التبديد فى المدة ما بين سنة 1938 وسنة 1951 وقد مضى عليه إلى أن رفعت الدعوى أكثر من ثلاث سنوات فرد الحكم على هذا بأن التهمة وقعت ما بين سنة 1938 وسنة 1954 ورتب على هذا رفض الدفع وهو لم يستند فى إثبات تبديد المبالغ التى لم يتناولها تقرير الخبير إلا على أقوال المدعى بالحقوق المدنية لأن تقرير الخبير الذى باشر فحص الحساب مقصور على المدة المنتهية فى سنة 1951 ولم يتناول ما بعد ذلك والقضاء الجنائى لا يتقيد إلا بما ثبت بدليل يقينى كما أخطأ الحكم فيما تعرض له من بحث انتهى فيه إلى أن جريمة خيانة الأمانة ارتكبت فى واقعة الدعوى بأفعال متلاحقة تنفيذا لغرض جنائى واحد وفى اعتبارها جريمة واحدة تبدأ مدة السقوط فيها من آخر فعل من أفعال التنفيذ.
وحيث إن ناظر الوقف عندما يتسلم أعيانه وغلته إنما يتسلم ذلك بأمر من الواقف الذى عينه ناظرا أو بإذن القاضى الذى ولاه وهو أمين على ما يتسلمه من مال، ويعتبر شرعا وكيلا عن الواقف فى حياته وفى منصب الوصى بعد موته وفى الحالين هو محاسب عن ذلك المال الذى يقبضه فإذا بدده ففعله خيانة يستوى أن يكون المال مرصودا على أفراد مستحقين أو على جهات البر المبينة فى حجة الوقف، لما كان ذلك وكانت جريمة التبديد بحصول العبث بملكية الشئ المسلم إلى الجانى بمقتضى عقد من عقود الائتمان الواردة بالمادة 341 من قانون العقوبات ومن بين هذه العقود عقد الوكالة سواء كانت بأجر أو مجانا، وكان المشرع فضلا عما تقدم قد حسم الخلاف بشأن التكييف القانونى لنظارة الوقف فنص فى المادة 50 من القانون رقم 48 لسنة 1946 الخاص بأحكام الوقف على أن الناظر يعتبر أمينا على مال الوقف ووكيلا عن المستحقين كما نص فى المادة 56 منه على سريان أحكامه - فيما عدا ما استثنى منها - على جميع الأوقاف الصادرة قبل العمل به وليس حكم المادة 50 المذكورة من بين ما استثناه الشارع، لما كان ذلك وكانت الوقائع كما اثبتها الحكم تفيد أن نية الطاعنين أنصرفت إلى إضافة بعض غلة الوقف إلى ملكهما وأنهما تصرفا فيه على هذا الاعتبار فى غير الأوجه المبينة بحجة الوقف مما يتحقق به الضرر وتقوم به جريمة خيانة الأمانة كما هى معرفة به فى القانون ولما كان الحكم قد تعرض لما أبداه الدفاع من أنه كان للناظر على الوقف أن يزيد أو ينقص فى الصرف على أوجه الخير المسماة بحجة الوقف ورد عليه بحق بقوله بأن ذلك لا يبيح له الاستيلاء على مال الوقف" ولما كان ما تقدم وكانت المحكمة لم تتجاوز سلطتها التقديرية فى إهدارها كشفا ببعض المبالغ التى قيل إنها صرفت وعدم الاعتداد به للاسباب السائغة التى ذكرتها - لما كان ذلك - وكان الحكم قد رد على الدفع بسقوط الدعوى الجنائية بمضى المدة قائلا: "يبين أن الجريمة التى ارتكبها المتهم الأول هى من الجرائم ذات الأفعال المتكررة إذ أنها تمت بوقائع متعددة فاختلاسه كان على دفعات وليس دفعة واحدة وقد وقعت هذه الجرائم اعتداء على حق واحد ولغرض إجرامى واحد ومن ثم تبدا مدة سقوط الحق فى رفع الدعوى العمومية من سنة 1954 وقد حركت الدعوى العمومية قبله فى 30/ 7/ 1955" وما ذكره الحكم من ذلك صحيح فى القانون ومنتج فى رفض هذا الدفع - لما كان كل ذلك وكان الحكم قد اطمأن إلى أقوال المدعى بالحقوق المدنية وأخذ بها فيها وقع من تبديد بعد الفترة التى تناولها تقرير الخبير فلا وجه لمصادرة المحكمة فى اعتقادها ومن ثم فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.