أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 12 - صـ 73

جلسة 10 من يناير سنة 1961

برياسة السيد مصطفى كامل المستشار، وبحضور السادة: السيد أحمد عفيفى، وتوفيق أحمد الخشن، وعبد الحليم البيطاش، ومحمود اسماعيل المستشارين.

(10)
الطعن رقم 1567 لسنة 30 القضائية

استدلال. قانون عقوبات ضريبى. تهريب جمركى: مأمور الضبط القضائى ذوو الاختصاص الخاص: من لهم هذه الصفة؟ قانون. الإلغاء الضمنى مالا يوفره:
ما ورد فى المادة السادسة من ق 623 لسنة 1955 لا يعارض ما نصت عليه المادة الأولى من الق 114 لسنة 1953. وإنما تكملها. علة ذلك.
ما ورد فى المادتين السادسة والسابعة من القانون رقم 623 لسنة 1955 بأحكام التهريب الجمركى لا يفيد إلغاء ما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 114 لسنة 1953 من إسباغ صفة مأمورى الضبط القضائى على ضباط وضباط الصف بمصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصايد فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها فى الأقسام والجهات الخاضعة لاختصاص مصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد، وذلك لعدم وجود أى تعارض من القانون 623 لسنة 1955 تفيد بجلاء أن ذكر الفئتين المنصوص عليهما فيها لم يرد على سبيل الحصر وإنما قصد الشارع أن تثبت هذه الصفة لفئات أخرى من الموظفين نصت عليهم قوانين أخرى فى شأن جرائم التهريب أيضا - الأمر الذى ينتهى معه التفسير الصحيح إلى أن المادة السادسة من القانون 623 لسنة 1955 تكمل نص المادة الأولى من القانون رقم 114 لسنة 1953.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز حشيشا فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1، 2، 33ج، 35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول فصدر قرارها بذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام ما عدا المادة 33ج وبدلا عنها المادة 34 مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة وبتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

... حيث إن محصل أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وشابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والتناقض، وفى بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم اعتبر الشهود الثلاثة العريف مصطفى محمد مطر والجندى فتحى محجوب والصول أحمد فضل المولى من مأمورى الضبط القضائى عملا بالقانون رقم 114 سنة 1953 لأنهم من سرية حرس الجمارك فلهم حق القبض وتفتيش الأمتعة والأشخاص فى حدود الدائرة الجمركية مع أنه ليست لهم هذه الصفة بمقتضى القانون 623 سنة 1955. وهذا القانون بمقتضى المادة 7 ألغى أحكام التهريب المنصوص عليها فى اللائحة الجمركية، كما نص على إلغاء كل ما يخالفه من أحكام. ويقول الطاعن بأن الحكم استند فى صحة التفتيش إلى أنه قد تم على مشهد من السيد/ محمود مكى مأمور تفتيش الركاب وهو من رجال الضبطية القضائية طبقا للقانون 623 سنة 1955، ويقول الطاعن بأن هذا لا يصحح التفتيش لأنه لم يكن فى حالة تلبس تجيز ضبطه واقتياده إلى السيد/ مكى، كما أنه لا يكفى أن يقع التفتيش على مشهد من المذكور بل يجب أن يجريه بنفسه أو تحت إشرافه - ويقول الطاعن - بأن الحكم اعتبر مرور الطاعن داخل الدائرة الجمركية رضاء من جانبه بالخضوع للاجراءات التى وضعتها مصلحة خفر السواحل تنظيما لعملها ومنها تفتيش الأشخاص، ويضيف تعقيبا على ذلك بأن هذا عود إلى حكم القانون رقم 114 سنة 1953 الذى ألغاه القانون رقم 623 سنة 1955، هذا فضلا عن أن الرضاء بالتفتيش يجب أن يكون صريحا ويجب أن يكون من وقع عليه التفتيش على بينة من أن من يريد إجراءه يملك إجراءه قانونا، وهذا ما لم يثبته الحكم ويعتبر قصورا فى التسبيب، كذلك يضيف الطاعن أن ما ذكره الحكم من اعترافه للصول أحمد فضل المولى واستعطافه للسيد/ محمود مكى لكى لا يضبطه حفظا لمستقبله باطل أيضا لأنه إن صح فإنما كان بناء على ضبط باطل. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه اكتفى بالقول بأن التفتيش تم على مشهد من السيد/ محمود مكى ولم يرد على دفاعه المستند إلى الملابسات الجوهرية للتفتيش ولم يذكر الحكم كيف مع وجود هذه الملابسات يكون التفتيش قد تم تحت إشراف المذكور - ويقول الطاعن فى صدد الفساد فى الاستدلال إن الحكم استند إلى أدلة متناقضة - إذ بينما يقول الصول فى أقواله أمام المحكمة بأنه عثر مع الطاعن على خمس لفافات إحداها فى جيب القميص والباقى فى البالطو، إذا بالتحليل يسفر عن وجود آثار للحشيش بجيوب القميص ولم يعثر على أثر منه بجيوب البالطو، كما أن السيد/ مكى قرر فى تحقيق النيابة أن الصول فضل المولى سلمه خمس لفافات فى حين أن الذى أرسل للتحليل أربع لفافات فقط.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله "أن المتهم أراد الخروج من الباب رقم 2 لصالة التفتيش، وكان يقف به العريف مصطفى السيد مطر والجندى فتحى محجوب بلتاجى بسرية حرس الجمارك وأراد العريف المذكور تفتيشه لما لاحظه عليه من ارتباك فأبى فأبلغ العريف ذلك للصول أحمد فضل المولى وعلى الأثر صحبه الصول إلى مكتب السيد/ محمود لطفى مكى مأمور تفتيش الركاب وأثناء توجههما إلى هذا المكتب اعترف له المتهم بأنه يحمل حشيشا وأخبره أن "حقه محفوظ" ولما وصلا المكتب أبلغ الصول المأمور أن المتهم يحمل مواد مخدرة فأمره بتفتيشه على مشهد منه ففعل وضبط باحد جيبى معطفه لفافة حشيش وبأحد جيوب قميصه ورقه بها أربع لفافات حشيش. وقد أقر المتهم فى التحقيقات بضبط اللفافات الخمس معه وإنما ادعى أنها دست عليه فى الباخرة فى معطفه - وثبت من تقرير التحليل أن اللفافات الخمس المضبوطة تحوى مادة الحشيش وأن وزنها 7.8 جراما وأنه عثر بمنقوع محتويات كل من الجيوب الثلاثة لقميص المتهم على آثار حشيش "وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة فى حق الطاعن أدلة مستمدة من شهادة الشهود المتقدم ذكرهم ومن أقوال الطاعن ومن تقرير التحليل الكيميائى وهى أدلة سائغة تتوافر بها كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز المخدر بغير ترخيص وتؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها الحكم، ثم عرض الحكم للدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه بقوله "إن هذا الدفع غير سديد فى القانون وذلك لأن هؤلاء الشهود الثلاثة من سرية حرس الجمارك التابعة لمصلحة خفر السواحل وقد أسبغ القانون رقم 114 سنة 1953 صفة مأمورى الضبط القضائى على رجال خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد من ضباط وضباط صف - والعريف والصول من بينهم، وإذن فلهما حق القبض وحق التفتيش للأمتعة والأشخاص فى حدود الدائرة المركزية، ومن جهة أخرى فإن السيد/ محمود لطفى مكى مأمور تفتيش الركاب وهو الذى تم التفتيش بأمره وعلى مشهد منه من موظفى مصلحة الجمارك وله طبقا للمادة 6 من القانون 623 سنة 1955 صفة الضبط القضائى، ومن ناحية أخرى فإن قبول المتهم المرور بالمنطقة الجمركية يفيد رضاؤه مقدما بالنظم التى وضعتها مصلحة خفر السواحل تنظيما لعملها ومنعا للتهريب ومن بينها تفتيش الأشخاص والأمتعة داخل الدائرة الجمركية، فرضاء المتهم بالمرور من هذه المنطقة يعتبر رضاء منه بالخضوع لهذه الاجراءات ومنهما تفتيش شخصه فلا وجه إذن له للطعن عليه "وهذا الذى انتهى إليه الحكم وأسس عليه قضاءه برفض الدفع استنادا إلى أن رجال حرس الجمارك لهم صفة الضبطية القضائية مما يخول لهم تفتيش الأشخاص والأمتعة فى نطاق الدائرة الجمركية صحيح فى القانون، ويصح الإستناد إليه فى التقرير بصحة القبض والتفتيش لأن أحكام اللائحة الجمركية الصادرة فى 13/ 3/ 1909 وأحكام القانون رقم 114 سنة 1953 تخول رجال خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد من ضباط وضباط صف ولموظفى الجمارك وعمالها على وجه العموم صفة مأمورى الضبط القضائى وخول لهم حق تفتيش الأشخاص والأمتعة فى حدود الدائرة الجمركية التى يباشرون أعمالهم فيها بغض النظر عن رضاء الشخص بهذا التفتيش أو عدم رضائه. ولما كان العريف مصطفى السيد مطر المعين للوقوف بباب الجمرك وهو فى الوقت نفسه من قوة حرس الجمارك قد حاول تفتيش الطاعن لما بدا عليه من اضطراب أثار شبهته فيه فلما امتنع سلمه للصول أحمد فضل المولى الذى اقتاده بدوره إلى مكتب مأمور تفتيش الركاب وقام بتفتيشه بأمر من المأمور المذكور، فإن التفتيش يكون صحيحا لا مخالفة فيه للقانون. أما القول بأن القانون رقم 623 سنة 1955 قد قصر صفة الضبطية القضائية على موظفى مصلحة الجمارك وكل موظف يصدر بتعيينه قرار من وزير المالية والاقتصاد وأن المادة السابعة منه نصت على إلغاء كل ما خالف هذا القانون من أحكام بحيث لم يعد لحرس الجمارك صفة الضبطية القضائية فإنه مردود بأن ما ورد فى المادة السابعة سالفة الذكر من أنه " تلغى أحكام التهريب المنصوص عليها باللائحة الجمركية المشار إليها - الصادرة فى 2/ 4/ 1884 - كما يلغى كل ما يخالف هذا القانون من أحكام: وما ورد فى المادة السادسة من هذا القانون من أن لموظفى مصلحة الجمارك ولكل موظف يصدر بتعيينه قرار من وزير المالية والاقتصاد صفة مأمورى الضبط القضائى لإثبات الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون، ما ورد فى هاتين المادتين لا يفيد إلغاء ما نصت عليه المادة الأولى من القانون 114 سنة 1953 من إسباغ صفة مأمورى الضبط القضائى على ضباط وضباط الصف بمصلحة السواحل وحرس الجمارك والمصائد فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها فى الأقسام والجهات الخاضعة لاختصاص مصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد وذلك لعدم وجود أى تعارض بين القانونين فى هذا الخصوص بل إن صياغة المادة السادسة من القانون 623 سنة 1955 تفيد بجلاء أن الفئتين المنصوص عليهما فيها لم ترد على سبيل الحصر وإنما قصد الشارع أن تثبت هذه الصفة لفئات أخرى من الموظفين نصت عليهم قوانين أخرى فى شأن جرائم التهريب أيضا الأمر الذى ينتهى معه التفسير الصحيح إلى أن المادة السادسة من القانون 623 سنة 1955 تكمل نص المادة الأولى من القانون رقم 114 سنة 1953 - ومتى تقرر ذلك وثبت أن الصول أحمد فضل المولى الذى تولى تفتيش الطاعن من رجال الضبط القضائى وله حق تفتيش الطاعن من رجال الضبط القضائى وله حق تفتيش الطاعن فى الدائرة الجمركية فلا جدوى للطاعن من القول بأن مأمور تفتيش الركاب لم يجر التفتيش بنفسه ولم يقع تحت اشرافه، طالما أن الصول المذكور يملك هذا الحق - كذلك لا جدوى له بعد ذلك مما يثيره فى شأن لزوم رضائه بالتفتيش بالدائرة الجمركية رضاء صريحا. لما كان ما تقدم، وكان الحكم مع كل ذلك قد أثبت على الطاعن - أخذا بشهادة السيد/ محمود مكى - أن التفتيش تم فى مكتبه وعلى مشهد منه وهو من رجال الضبط القضائى، فإن التفتيش يكون قد وقع تحت إشرافه ويكون قد تم وفقا لأحكام القانون دون حاجة للبحث فى حكم الاعتراف الصادر من الطاعن للصول أحمد فضل المولى وللسيد/ محمود لطفى مكى بضبط الجوهر المخدر معه واعترافه بعد ذلك لنائب مأمور قسم مينا الاسكندرية بهذه الواقعة وبحث ما إذا كانت هذه الاعترافات مستقلة عن إجراءات القبض والتفتيش أو غير مستقلة عنها. أما ما يزعمه الطاعن من قيام تناقض فى أسباب الحكم فإنه غير صحيح لأن وجود آثار المخدر فى جيوب القميص دون جيوب المعطف لا ينفى إحراز الطاعن للمخدر الذى ثبت وجوده موضوعا بداخل لفافات من الورق، بل يقطع باحرازه له. وأما اللفافات المضبوطة فقد ثبت من تقرير التحليل أن عددها خمس خلافا لما يدعيه الطاعن فى طعنه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.