أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 12 - صـ 83

جلسة 16 من يناير سنة 1961

برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: السيد أحمد عفيفى، وتوفيق أحمد الخشن، وعبد الحليم البيطاش، ومحمود اسماعيل المستشارين.

(12)
الطعن رقم 1589 لسنة 30 القضائية

دفاع. طلب المعاينة: نقض. الحكم فى الطعن: سلطة محكمة الإعادة.
عدم التزام المحكمة بإجراء المعاينة رغم نقض الحكم لقصوره فى الرد على طلبها - مادامت لم تر لزوما لها وبررت رفض القيام بها بأسباب سائغة.
نقض الحكم لقصوره فى الرد على طلب المعاينة لا يلزم محكمة
الإعادة بأن تجرى المعاينة التى طلبها الدفاع مادامت لم تر لزوما لها وبررت رفض طلبها بأسباب سائغة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أحرزا مخدرات (حشيشا) فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من غرفة الاتهام إحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 1 و 2 و 33/ ج و 35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة1952والجدول 1 الملحق به. فقررت بذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا - عملا بمواد الاتهام بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريم كل منهما ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المادة المخدرة المضبوطة. فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض وقضى فيه بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى محكمة الجنايات لتقضى فيها من جديد دائرة أخرى. والمحكمة المذكورة للمرة الثانية قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريم كل منهما ثلاثة آلاف جنيه وبمصادرة المادة المخدرة المضبوطة. فطعن المحكوم عليهما للمرة الثانية فى هذا الحكم بطريق النقض الخ....


المحكمة

... حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه جاء مشوبا بالقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفى بيان ذلك يقول الطاعنان فى السبب الأول إنهما سبق أن طعنا على الحكم الذى سبق أن صدر فى الدعوى بتاريخ 13/10/ 1957 إستنادا إلى أن الحكم المذكور أخل بحق الدفاع لأنهما طلبا إعادة المعاينة لاثبات أنه كان فى وسع الطاعن الأول وهو جالس فى مكانه بالمقهى أن يرى القوة وهى قادمة فيتخلص من المخدر الذى كان معه وذلك خلافا للرسم المرفق بالأوراق وقد قبل هذا الطعن وأعيدت القضية للفصل فيها مجددا - ويقول الطاعنان بأنهما تمسكا عند نظر القضية بعد الإعادة بجلسة 6/ 6/ 1959 بطلب إجراء المعاينة ولكن الحكم رد على على الدفاع ردا قاصرا، ويقول الطاعنان فى السبب الثانى بتلفيق الاتهام وأن الحكم أغفل شهادة بشرى حنا ومحمد عبد السلام عماره وقد كانا موجودين وقت الضبط ولم يقرر واحد منهما أنه شاهد المخدر بيد الطاعن الأول أو أن الطاعن الثانى كان موجودا، ويضيف الطاعنان أن هناك أدلة لصالح الطاعن سكت الحكم عن الرد عليها منها 1 - أن الضابط جميل حنا مسيحة شهد بأن الطاعن الأول كان يمسك تربة الحشيش والمطواة - وأن العينة كانت مع الطاعن الثانى - مع أنه ذكر بأنه علم من المصدر السرى أن الثانى هو الذى يبيع الحشيش فكان مع المتعين أن تكون العينة مع المشترى (الطاعن الأول)، هذا فضلا عن أن المطواة لم يوجد بها أثر للحشيش 2 - وأن وزن تربة الحشيش 200 جرام وهذا ينقص عن الوزن المعتاد، وأن الطاعن الأول لم يكن يحمل سوى مبلغ زهيد لا يفى بثمن ما كان يعتزم شراءه فمن أين له يشترى هذه الكمية وأن رواية الضابط عن كيفية إلقاء الطاعن للحشيش لا يمكن أن يكون من نتيجته استقرار المخدر تحت الكرسى الذى يجلس عليه الطاعن، كما أن واقعة جلوس الطاعن على كرسى مشكوك فيها وأن الضابط جميل حنا لم يسلم إلى اليوزباشى حسن شلبى جميع المضبوطات حيث لم يسلمه سوى قطعتين من الحشيش ولم يسلمه تربة الحشيش، وأنه لم يرد للمقهى ذكر فى التحريات أو أن الطاعن الثانى يباشر نشاطه فيها، ويقول الطاعنان فى السبب الثالث إن الحكم أخل بحق الدفاع فلم يرد على الأدلة التى ساقاها - وهى ما سلف ذكره، ويقول الطاعنان فى السبب الرابع إن الطاعن الثانى لم يكن موجودا ساعة الحادث بل كان فى القاهرة بدليل الشهادة الطبية التى قدمها، والقول بأنه هرب عند قدوم القوة لا دليل عليه ولو صح لتحرر عنه محضر.
وحيث إنه فيما يتعلق بما يثيره الطاعن فى السبب الأول فإنه يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه بعد أن أورد ما أجمع عليه شهود الإثبات من "أن المتهمين كانوا جالسين داخل المقهى على منضدة إلى يسار الداخل وأنهم لم يكونوا يستطيعون رؤية القادم نحوهم من الخارج أثناء قدومه لأن شريط السكة الحديد وسورها العالى يقع فى مواجهة المقهى وهم كانوا بداخله" - بعد أن أورد الحكم ما تقدم، قال ما يأتى "وحيث إن قول شهود الإثبات الثلاثة بأن المتهمين كانوا وقت الحادث بداخل المقهى - لا يتيسر لهم رؤية قاصدهم خارج المقهى، فقول لا ترتب عليه المحكمة شيئا لأن الرؤية والتنبه لها أمور تختلف باختلاف الناس - وقد يكون الجالس منشغلا بخاطر أو فكر أو حساب فلا يتنبه لمن حوله ثم ماذا يجديه التنبيه وقد أحيط به وانتشر رجال المباحث خارج المكان متربصين له وتفاوت الناس بديهة وحيلة فيها يفجؤهم من أمور شتى مسلم به ولا يستقيم معه ترتيب شئ عليه". ولما كان ظاهر من هذا الرد أن المحكمة لم تر فى طلب المعاينة إلا إثارة الشبهة حول أدلة الثبوت التى اقتنعت بها المحكمة وأنها لا تتجه إلى نفى الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة على النحو الذى رواه شهود الإثبات، وكان نقض الحكم لقصوره فى الرد على طلب المعاينة لا يلزم محكمة الإعادة بأن تجرى المعاينة التى طلبها الدفاع مادامت لم تر لزوما لها وبررت رفض طلبها بأسباب سائغة، لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الوجه لا يكون مقبولا. أما ما يثيره الطاعنان فى الوجه الثانى فهو جدل موضوعى لا يسوغ الخوض فيه أمام هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان ما ذهب إليه الدفاع من تلفيق الاتهام لا يقتضى ردا صريحا إذ يكفى أن تعول المحكمة على أدلة الإدانة التى أوردت لها أسبابا سائغة - ففى ذلك ما يتضمن أنها أطرحت هذا الدفاع، وكان الحكم قد رد على ما أبداه الدفاع من الشك فى جدية التحريات وقال فى ذلك "إن الضابط... ... ... شهد بأنه قام بنفسه بمراقبة المتهم، وعدم العثور بمنزله على مخدرات لا يدل على عدم جدية التحريات، وترى المحكمة من دلائل الدعوى أن تحريات الضابط كانت جدية". ولما كانت المحكمة فى حدود سلطتها التقديرية قد أقرت سلطة التحقيق فى شأن جدية التحريات، فإن ما يثيره الطاعنان فى هذا الوجه لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد أيضا على دفاع الطاعن الثانى من أنه لم يكن موجودا وقت القبض لتغيبه بالقاهرة للعلاج وفند هذا الدفاع - استنادا إلى ما قرره شهود الحادث من أنه كان موجودا عند وقوع الحادث ولكنه تمكن من الهرب واطرحت بعد ذلك الشهادة الطبية المقدمة منه. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الوجه لا يكون سديدا.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد استظهر قصد الاتجار بالنسبة للطاعنين فيما كانا يحرزانه من مواد مخدرة، ولما كانت المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسرى على واقعة الدعوى، ولما كان القانون رقم 182 لسنة 1960 هو القانون الأصلح للمتهم بما جاء فى نصوصه من عقوبات أخف، وهو الواجب التطبيق عملا بالمادة الخامسة من قانون العقوبات. لما كان ذلك، فإنه يتعين نقض الحكم نقضا جزئيا وتطبيق المادة 34 من القانون الجديد فى خصوص العقوبة المقيدة للحرية وتقدير ما يستحقه كل من المتهمين بعشر سنوات أشغال شاقة بالإضافة إلى العقوبات الأخرى المقضى بها.