أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 12 - صـ 87

جلسة 16 من يناير سنة 1961

برياسة السيد مصطفى كامل المستشار، وبحضور السادة: محمد عطية اسماعيل، وعادل يونس، وعبد الحسيب عدى، وحسن خالد المستشارين.

(13)
الطعن رقم 1598 لسنة 30 القضائية

إثبات. قتل عمد. نية إزهاق الروح:
لا يقيد المحكمة فى استخلاصها. ما ذكره شهود الاثبات بخصوصها.
قول بعض شهود الإثبات إنهم لا يعرفون قصد المتهم من إطلاق النار على المجنى عليهما، وقول البعض الآخر إنه لم يكن يقصد قتلا - لا يقيد حرية المحكمة فى استخلاص قصد القتل من كافة ظروف الدعوى وملابساتها. [(1)]


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه شرع فى قتل المجنى عليه عمدا وذلك بأن أطلق عليه عيارا ناريا من مسدسه قاصدا قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو إسعاف المجنى عليه بالعلاج وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هى أنه فى الزمان والمكان سالفى الذكر شرع فى قتل المجنى عليه الآخر عمدا بأن أطلق عليه عيارا من المسدس المذكور قاصدا قتله عندما حاول الإمساك به وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو عدم إحكام الرماية.
وطلبت من غرفة الإتهام إحالة المتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 45 و 46 و 234/ 1 - 2 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة ذلك ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بمواد الإتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى الطعن قصور فى التسبيب، ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يبين نية القتل عند الطاعن بيانا وافيا يفيد أن هذه النية انصرفت إلى إزهاق روح المجنى عليهما، خاصة وقد قرر هذان الأخيران وشهود الإثبات فى جلسة المحاكمة أن نية القتل منتفية وأنه كان فى وسع الطاعن تحقيق هذه النية لو أراد، كذلك أغفل الحكم الرد على دفاع جوهرى للطاعن يتضمن أنه جاء بالتقرير الطبى أن مستوى العيار الذى أصاب المجنى عليه الأول أفقى فى حين أن الثابت بالأوراق أن الطاعن كان يقف أسفل المجنى عليه بحوالى ثمانية أمتار وقت إطلاقه النار عليه الأمر الذى لا يتفق مع وصف الإصابة بأنها أفقية وعدم الرد على هذا الدفاع يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله "إنه حدث فى يوم 29/ 11/ 1956 بناحية الحلفاية بحرى مركز نجع حمادى أن كان مدنى محمد بدوى يروى زراعته من ماكينة رى المتهم كمال محمد على فكار الذى عارضه فى هذا الأمر مع أنه قبض منه أجرة الرى فتشاحنا سويا وقدم ابراهيم أحمد رضوان ومحمود مغربى سالم ومحمود أحمد ابراهيم سعد ومحمد عبد الرحيم محمد وفضوا المشادة فأسرع المتهم إلى مبنى الماكينة وعاد فورا حاملا مسدسه قاصدا من ذلك الاعتداء على مدنى محمد بدوى فتصدى له ابراهيم أحمد أحمد أايمهتسقنفلتاىنبمنبلانتأحمد رضوان بقصد منعه من ذلك ولكنه صوب نحو الأخير المسدس وأطلق عليه منه عيارا ناريا قاصدا قتله فأصابه فى كتفه الأيمن وتقدم بعد ذلك محمود مغربى سالم إلى المتهم ليحول بينه وبين إطلاق النار فما كان منه إلا أن بادره كذلك باطلاق عيار نارى عليه قاصدا قتله وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو عدم إحكام الرماية ثم فر إلى منزله. وبعد ذلك أبلغت النيابة بالحادث فباشرت تحقيقه". وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة فى حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات المتقدم ذكرهم ومن أقوال الخفير النظامى السمان أحمد عبد القوى وما جاء بالتقريرين لطبيين الابتدائى والشرعى عن نتيجة الكشف على المجنى عليه ابراهيم أحمد رضوان وما دلت عليه معاينة مكان الحادث وهى أدلة سائغة مؤدية إلى النتيجة التى انتهى إليها الحكم. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل لدى الطاعن فى قوله "إن المحكمة تستخلص قيام نية القتل لدى المتهم من إسراعه إلى منزله وعودته بعد فترة قصيرة بعد أن أعد سلاحه النارى (المسدس) وهو آلة قاتلة بطبيعتها تسلح به وقدم إلى مكان الحادث مدفوعا إلى ذلك باهتياج نفسه عندما تشاحن معه مدنى محمد بدوى ورغبة فى التخلص منه فلما حال المجنى عليه ابراهيم أحمد رضوان بينه وبين ذلك صوب متعمدا سلاحه النارى نحو مقتل منه من مسافة بضعة أو عدة أمتار وأطلق عليه العيار النارى فأصابه فى كتفه الأيمن. ولما تقدم منه المجنى عليه الآخر محمود مغربى سالم صوب كذلك نحو رأسه المسدس وأطلق عليه منه عيارا ناريا مر بجوار أذنه الأمر الذى يفيد حتما أن المتهم انتوى إزهاق روح المجنى عليهما وإن كانت وفاتهما لم تحدث فإن ذلك كان بسبب لا دخل لإرادته فيه وهو إسعاف المجنى عليه الأول بالعلاج وعدم إحكام الرماية بالنسبة للمجنى عليه الثانى. كما قال الحكم فى موضع آخر" إنه وإن كان بعض شهود الإثبات قد قرروا أنهم لا يعرفون قصد المتهم من إطلاق العيارين الناريين ونفى بعضهم أنه قصد من ذلك قتل المجنى عليهما إلا أن المحكمة ترى أن قول هؤلاء الشهود مرده عدم وجود نزاع سابق بين المتهم والمجنى عليهما وليس من شأنه أن يقيد حرية المحكمة فى استخلاص قصد القتل من كافة ظروف الدعوى وملابساتها وقد استدلت المحكمة على توافر تلك النية من عناصر الدعوى طبقا لما سبق البيان". ولما كانت نية القتل أمرا خفيا لا يدرك بالحس الظاهر إنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى وبالامارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها المتهم وتنم عما يضمره فى نفسه، فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى المطروحة أمام المحكمة موكول لقاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية، ولما كانت الأدلة والقرائن التى ساقها الحكم للاستدلال بها على توافر نية القتل من شأنها أن تؤدى عقلا إلى ثبوتها فى حق الطاعن، أما قول بعض شهود الإثبات بجلسة المحاكمة أنهم لا يعرفون قصد الطاعن من إطلاق النار على المجنى عليهما، وقول البعض الآخر إنه لم يكن يقصد قتلا، فإن هذا القول لا يقيد حرية المحكمة فى استخلاص قصد القتل من كافة ظروف الدعوى وملابساتها. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أشار إلى ما جاء بالتقارير الطبية بقوله "وجاء بالتقرير الطبى الابتدائى أنه وجد بالمجنى عليه فتحة دخول عيار نارى بأعلى الكتف الأيمن من الأمام وفتحة الخروج أعلى الكتف المذكور وإلى الداخل قليلا من فتحة الخروج وكسور بعظام الكتف من مرور المقذوف وورد بالتقرير الطبى الشرعى أن المجنى عليه أصيب فى كتفه الأيمن بمقذوف عيار نارى ولا يوجد بالإصابة ولا بالملابس علامات كافية للدلالة على اتجاه العيار بالضبط وكل ما يمكن تقريره بصفة حاسمة من الوجهة الفنية أن المجنى عليه أصيب بمقذوف نارى أطلق عليه من مسافة تعدت مدى علامات قرب الإطلاق ومن الممكن أن تكون المسافة بضعة أو عدة أمتار". ولما كان مفاد ذلك أن التقرير الطبى الشرعى لم يجزم برأى فنى فيما يتعلق باتجاه المقذوف النارى فلا تعارض بين الدليل القولى والفنى، وليس المحكمة ملزمة بالرد على كل دفاع موضوعى يبديه المتهم اكتفاء بأخذها بأدلة الإدانة. لما كان ذلك، فإن ما ينعاه الطاعن فى طعنه لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.


[(1)] مبدأ الطعن 1040/ 21ق - (جلسة 5/ 11/ 1951) - القاعدة 54 - مج الأحكام - السنة الثالثة - صفحة 144.