أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 12 - صـ 241

جلسة 20 من فبراير سنة 1961

برياسة السيد مصطفى كامل المستشار، وبحضور السادة: السيد أحمد عفيفى، وتوفيق أحمد الخشن، وعبد الحليم البيطاش، ومحمود اسماعيل المستشارين.

(42)
الطعن رقم 2372 لسنة 30 القضائية

رشوة.
(أ) الغرض منها. الإخلال بواجب التبليغ عن الجرائم. كون هذا الإخلال يشكل جريمة فى ذاته. حكم القانون لا يتغير. المادة 108 عقوبات.
(ب) عدم الاختصاص المكانى لا شأن له بواجب التبليغ عن الجرائم. المادة 26 أ. ج.
(جـ) رشوة. توافر الجريمة: ولو كان العطاء سابقا أو معاصرا أو لاحقا مادام الامتناع عن أداء واجبات الوظيفة أو الإخلال بها كان بناء على إتفاق سابق. مثال.
1 - عددت المادة 104 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 صور الرشوة، وجاء نصها مطلقا من كل قيد ليتسع مدلولة لاستيعاب كل عبث يمس لأعمال التى يقوم بها الموظف وكل تصرف أو سلوك ينتسب إلى هذه الأعمال ويعد واجبا من واجبات أدائها على الوجه السوى الذى يكفل دائما أن تجرى على سنن قويم. ومتى تقرر ذلك وكان الامتناع عن أداء واجب التبليغ عن جريمة السرقة يعتبر إخلالا خطيرا بواجبات الوظيفة التى تفرض على المتهم بمقتضى المادة 26 من قانون الإجراءات الجنائية التبليغ عن الجرائم التى يعلم بها أثناء تأدية عمله أو بسبب تأديته، ويستوى أمرها فى حكم القانون مع امتناع الموظف أو المستخدم العام عن أى عمل من أعمال وظيفته. وكان حكم القانون لا يتغير ولو كان الإخلال بالواجب جريمة فى ذاته - وهو ما تؤكده المادة 108 من قانون العقوبات - فإنه إذا تقاضى الموظف جعلا مقابل هذا الإخلال كان فعله رشوة مستوجبة للعقاب. ويكون من عرض الجعل لهذا الغرض راشيا مستحقا للعقوبة.
2 - عدم الاختصاص المكانى لا شأن له بالإخلال بالواجب العام للتبليغ عن الجرائم.
3 - نصت المادة 104 من قانون العقوبات على عقاب الموظف إذا طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدا أو عطية للامتناع عن عمل من أعمال وظيفته أو للإخلال بواجباتها أو لمكافأته على ما وقع منه من ذلك. يستوى الحال أن يكون العطاء سابقا أو معاصرا للامتناع أو الإخلال أو أن يكون لاحقا عليه، مادام الامتناع أو الإخلال كان تنفيذا لاتفاق سابق، إذ أن نية الإتجار بالوظيفة فى هذه الحالة تكون قائمة منذ بداية الأمر بدلالة تعمد الإخلال بواجباتها، فإذا كان الحكم قد ربط بعلاقة السببية بين تحرير السند وبين الإخلال بواجب التبليغ عن السرقة مما يفيد أن عرض الرشوة إنما كان متفقا عليه من قبل، فإن ما يثيره المتهم من أن تحرير السند بمبلغ الرشوة لا حق على الإخلال بواجبات الوظيفة الموجب لعرض الرشوة يكون عديم الجدوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما المتهم الأول: باعتباره مستخدما عموميا (خفير نظامى) اختلس أوراقا مسلمة إليه بسبب وظيفته بأن اختلس بلاغا مسلما إليه لتوصيله للنقطة مؤشرا عليه من نائب العمدة بإحالته إليها وباعتباره مستخدما عموميا قبل رشوة للامتناع عن أداء عمل وظيفته بأن قبل من المتهم الثانى تعهده بأن يدفع له مبلغ عشرة جنيهات بموجب كمبيالة حررها لصالحه على سبيل الرشوة وذلك فى مقابل اختلاسه بلاغا محالا إلى نقطة البوليس ضد صهر المتهم الثانى وابنه باتهامهما بالسرقة وإخلاء سبيلهما والمتهم الثانى عرض الرشوة على مستخدم عمومى ليمتنع عن أداء عمل من أعمال وظيفته وذلك بأن تعهد بأن يدفع للمتهم الأول مبلغ عشرة جنيهات حرر بها كمبيالة على نفسه مقابل اختلاس المتهم الأول البلاغ المقدم ضد صهره وابنه باتهامهما بالسرقة وإخلاء سبيلهما وأحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 104 و 109 مكرر و 110 و 111 و 112 و 118 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بمواد الإتهام ماعدا المادتين 109 مكرر و 111 وبدلا عنهما المادتين 103 مكرر و 107 مع تطبيق المادة 17 من القانون المذكور للمتهمين والمادة 32/ 2 من قانون العقوبات للمتهم الأول بمعاقبته بالسجن لمدة 5 سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف من الجنيهات وبعزله من وظيفته لما أسند إليه وبمعاقبة المتهم الثانى بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ألفين من الجنيهات وبمصادرة الكمبيالة المضبوطة فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن لم يقدم أسبابا لطعنه فيكون طعنه غير مقبول شكلا.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الثانى فد استوفى الشكل المقرر بالقانون
وحيث إن مبنى هذا الطعن هو أن الحكم المطعون فيه جاء مشوبا بالقصور فى بيان العمل الذى يعتبر من أعمال وظيفة الخفير المتهم الأول والذى قدمت الرشوة من أجله، والفعل المنسوب إلى الطاعن لا تتحقق به أركان جريمة الرشوة لأن العمل المطلوب إلى الخفير أداؤه جريمة ولا يمكن أن تدخل الأعمال الإجرامية فى أعمال الوظيفة، هذا فضلا عن خروج مكان ضبط واقعة السرقة المقول بعرض الرشوة من أجل اختلاس البلاغ المقدم عنها عن الإختصاص المكانى لنائب العمدة الذى أشر على البلاغ مما تعتبر معه تأشيرته باطلة قانونا، كما جاء الحكم قاصرا فى الرد على ما دفع به الطاعن من أن الحكم فى قضية السرقة حاز قوة الشئ المقضى، وفى الرد على دفاع الطاعن من أن المتهم الأول قام من جانبه بإجابة ما طلب منه أداؤه قبل تحرير الكمبيالة بمبلغ الرشوة المعروض.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى فى قوله "إن الطاعن الأول" الخفير داعى الإنصاف الحفنى" أبلغ العمدة الشيخ حسن علوان فى 29/ 7/ 1958 بسرقة أخشاب مملوكة للحكومة ضبطها عند المدعو محمد حموده وابنه محمد من عزبة الخزان، فانتقل العمدة إلى مكان وجودها وعاينها، وظهر له أنها من الأخشاب المملوكة للحكومة، فأشر على البلاغ المقدم من الخفير المبلغ وسلمه إياه مع المعاينة التى أجراها كما سلمه إقرارا من الخفير السعيد حسن رضوان بحراسة هذه الأخشاب المسروقة لحين إجراء المعاينة بمعرفة ضابط النقطة، وكلف الخفير المتهم بالتوقيع على هذا الإقرار كما كلفه بأخذ المتهمين والبلاغ والتوجه إلى النقطة لإبلاغ الحادث ونظرا لعلاقة النسب بين المتهم الثانى على محمد سلامة "الطاعن" وبين المتهمين بالسرقة، فقد حرر على محمد سلامه سندا بمبلغ عشرة جنيهات لصالح الخفير داعى الإنصاف، وقام بإيداعه لدى محمد عبد الرازق حجازى وذلك مقابل عدم التبليغ عن سرقة الأخشاب، وبعد ذلك صرف الخفير - المتهم الأول - زميله السعيد رضوان حسن بحجة أنه سيتولى هو عنه حراسة الخشب المسروق، كما أنه أعدم البلاغ بما تضمنه من تأشير وما تحرر عليه من معاينة العمدة ولم يبلغ الحادث إلى النقطة كما كان قد كلفه العمدة وذلك بعد تحرير السند لصالحه وإيداعه أمانة لدى محمد عبد الرازق حجازى، ولما علم العمدة بذلك بعد أيام قليلة أبلغ الحادث إلى الجهات المختصة" واستند الحكم فى ثبوت هذه الواقعة على الطاعن إلى أقوال على حسن علوان والسعيد رضوان حسن ومحمد عبد الرازق حجازى والباز السيد العزومى وهى أدلة سائغة مؤدية إلى النتيجة التى انتهى إليها الحكم، ولما كانت الواقعة على هذه الصورة التى أوردها الحكم تتوافر بها كافة العناصر القانونية لجناية عرض الرشوة التى دين الطاعن بها من حصول العرض لمستخدم عام هو الطاعن الأول - وهو خفير نظامى - للإخلال - بواجبات وظيفته بالامتناع عن أداء واجب التبليغ عن جريمة السرقة المكلف به قانونا، وهو يعتبر إخلالا خطيرا بواجبات الوظيفة التى تفرض عليه بمقتضى المادة 26 من قانون الإجراءات الجنائية التبليغ عن الجرائم التى يعلم بها أثناء تأدية عمله أو بسبب تأديته، ويستوى أمرها فى حكم القانون مع امتناع الموظف أر المستخدم العام عن أى عمل من أعمال وظيفته تطبيقا لنص المادة 104 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 التى عددت صور الرشوة وجاء نصها مطلقا من كل قيد ليتسع لاستيعاب كل عبث يمس الأعمال التى يقوم بها الموظف وكل تصرف أو سلوك ينتسب إلى هذه الأعمال، ويعد واجبا من واجبات أدائها على الوجه السوى الذى يكفل دائما أن تجرى على سنن قويم فإذ تقاضى الموظف جعلا مقابل هذا الإخلال كان فعله رشوة مستوجبة للعقاب. ويكون من عرض الجعل لهذا الغرض راشيا مستحقا للعقوبة. لما كان ذلك، وكان حكم القانون لا يتغير ولو كان الإخلال بالواجب جريمة فى ذاته وهو ما تؤكده المادة 108 من قانون العقوبات التى تنص على أنه إذا كان الغرض من الرشوة إرتكاب فعل يعاقب عليه القانون بعقوبة أشد من العقوبة المقررة لجريمة الرشوة، فيعاقب الراشى والمرتشى والوسيط بالعقوبة المقررة لذلك الفعل مع الغرامة المقررة للرشوة. لما كان ما تقدم، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يكون سديدا، ولما كان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بعدم الإختصاص المكانى لنائب العمدة فى ضبط السرقة، وكان عدم الإختصاص المكانى لا شأن له بالإخلال بالواجب العام لهذا التبليغ، وكان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بقوة الشئ المقضى فى قضية السرقة ولم يتمسك بضم قضية السرقة، وكانت هذه القضية منقطعة الصلة بجريمة الرشوة أيا كان الحكم الصادر فيها، فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إنه لا جدوى مما يثيره الطاعن من أن تحرير السند بمبلغ الرشوة لا حق على الإخلال الموجب لعرض الرشوة، ذلك لأن القانون رقم 69 لسنة 1953 نص فى المادة 104 منه على عقاب الموظف إذا طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدا عطية للامتناع عن عمل من أعمال وظيفته أو للإخلال بواجباتها أو لمكافأته على ما وقع منه من ذلك ويستوى الحال أن يكون العطاء سابقا أو معاصرا للامتناع أو الإخلال، أو أن يكون العطاء لاحقا عليه مادام الامتناع أو الإخلال كان تنفيذا لاتفاق سابق، إذ أن نية الإتجار بالوظيفة فى هذه الحالة تكون قائمة منذ بداية الأمر بدلالة تعمد الإخلال بواجبات الوظيفة، وقد ربط الحكم بعلاقة السببية بين تحرير السند وبين الإخلال بواجب التبليغ عن السرقة مما يفيد أن عرض الرشوة إنما كان متفقا عليه من قبل الإخلال بالواجب. لما كان ما تقدم، فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الشأن لا يكون له محل.
وحيث إنه لما ذكر يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.