أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 21 - صـ 942

جلسة 4 من أكتوبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين حسن عزام، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية، ومحمود كامل عطيفة، والدكتور أحمد محمد إبراهيم، وعبد الحميد الشربينى.

(222)
الطعن رقم 954 لسنة 40 القضائية

(أ، ب) تزوير. "الإدعاء بالتزوير". إثبات. "إثبات بوجه عام". "شهادة". "خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل".
( أ ) تقدير الدليل. حق لمحكمة الموضوع.
عدم التزام المحكمة الجنائية باتباع قواعد الإثبات المدنية والتجارية. تعيينها خبيراً فى دعوى التزوير. غير لازم. متى أقامت حكمها على ما يسوغه.
حق محكمة الموضوع استخلاص صحة السند المدعى تزويره، من فحصها للسند. ومن إقرار الطاعنة.
(ب) إطراح الحكم لدفاع المتهمة وأقوال شهودها وعدم اعتداده بشكواها للشرطة للتدليل على أنها وقعت ببصمتها على بياض على السند المدعى تزويره. تقدير موضوعى. ما دام له ما يؤيده.
1 - إن محكمة الموضوع هى صاحبة الحق فى تقديره كل دليل يطرح عليها، تفصل فيه على الوجه الذى ترتاح إليه، على ضوء ما تسمعه من أقوال الخصوم والشهود، وما تشاهده بنفسها، وهى فى سبيل تكوين عقيدتها، غير ملزمة بإتباع قواعد معينة مما نص عليها قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية، ومن ذلك تعيين خبير فى دعاوى التزوير، متى كان الأمر ثابتا لديها للاعتبارات السائغة التى أخذت بها. وإذ كان ذلك, وكانت محكمة الموضوع فى حدود هذا الحق قد قامت بفحص السند المطعون عليه بالتزوير وانتهت فى حكمها المطعون فيه، إلى أنه ثبت لها من الإطلاع على ذلك السند، أنه قد كتب كتابة طبيعية وأنه لا خلاف فى المراد بين بصمة الإصبع وبصمة الختم، وإنه إزاء إقرار الطاعنة بصحة بصمتها على الإيصال منذ الوهلة الأولى وعدم انكارها لها، فإنها تستخلص من ذلك صحة الإيصال، فإن ما ذهبت إليه المحكمة، يدخل ضمن حقها فى فحص الدليل وتقديره، مما تستقل به ولا معقب عليها فيه.
2 - إطراح الحكم المطعون فيه لدفاع الطاعنة وأقوال شهودها وعدم اعتداده بالشكوى التى تقدمت بها إلى الشرطة بعد إقامة الدعوى، مستشهدة فيها بهؤلاء الشهود، للتدليل على أنها وقعت ببصمتها على بياض على السند الذى تحرر عليه إيصال الأمانة - المدعى تزويره - من الأمور الموضوعية التى تستقل بتقديرها محكمة الموضوع بلا معقب عليها، ما دامت الأسباب التى قام عليها استخلاصها تؤدى إلى ما انتهت إليه.


الوقائع"

أقام المدعى بالحق المدنى دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة البلينا الجزئية ضد الطاعنة بوصف أنه فى يوم 26/ 8/ 1966 سلم الطاعنة مبلغ 350 جنيه على سبيل الأمانة لتوصيلها إلى شقيقه بالقاهرة فاختلسته لنفسها إضرار به. وطلب عقابها بالمادة 341 من قانون العقوبات وإلزامها بأن تدفع له مبلغ 50 جنيه على سبيل التعويض. وأمام المحكمة المذكورة دفع الحاضر مع المتهمة بعدم الاختصاص محليا بنظر الدعوى ثم قضت المحكمة بعدم الاختصاص محليا بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة الساحل الجزئية. وأمام محكمة الساحل الجزئية عدل المدعى بالحق المدنى طلب التعويض إلى مبلغ 51 ج. و بتاريخ 4/ 4/ 1968 قضت المحكمة الأخيرة عملا بمادة الاتهام بحبس المتهمة ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة خمسمائة قرش لوقف التنفيذ وإلزامها بأن تدفع للمدعى بالحق المدنى مبلغ 51 جنيه والمصرفات ومبلغ مائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنفت المتهمة هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للدعوى الجنائية وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم. وبالنسبة للدعوى المدنية بتأييد الحكم المستأنف ألزمت المتهمة مصروفات الدعوى المدنية الاستئنافية ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماه. فطعنت المحكوم عليها فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة التبديد قد إنطوى على قصور فى التسبيب وإخلال بحق الدفاع وفساد فى الاستدلال؛ ذلك لأن دفاع الطاعنة قام على أن أخ المدعى بالحق المدنى تمكن من الحصول على بصمة إصبعها على ورقة بيضاء بطريق الغش والتضليل وملأ المدعى بالحق المدنى الفراغ الذى يعلو البصمة ببيانات إيصال الأمانة ثم اصطنع ختما باسم الطاعنة وبصم به على ذات الورقة فوق بصمة إصبعها وكان الحبر الذى استعمل فى بصمة الختم غير الذى استعمل فى بصمة الإصبع وأقامت المحكمة قضاءها بإدانة الطاعنة على أنها اعترفت ببصمة إصبعها دون أن تبحث واقعة تزوير الختم التى ترتبط بواقعة بصمة الأصبع ومن شأنها إن صحت أن تؤدى إلى القول بصحة دفاعها فى شأن انتزاع بصمة إصبعها وإغفال المحكمة تحقيق واقعتى تزوير الختم وظروف توقيع الطاعنة ببصمتها على السند موضوع جريمة التبديد يجعل حكمها معيبا، هذا فضلا عن أنها نصبت من نفسها خبيرا فى مسألة فنية لا تملك الفصل فيها وأيضا فإن المحكمة قالت فى حكمها المطعون فيه إن الطاعنة لم تقدم شكواها إلى الشرطة عن ظروف توقيعها ببصمتها على الورقة المقدمة من المدعى بالحق المدنى إلا بعد إقامة الدعوى واستندت إلى ذلك فى إطراح أقوال شهود الطاعنة، فى حين أن هذا التصرف من جانب الطاعنة هو الذى يتفق مع منطق الأمور لأنها لم تعلم بأن أخ المدعى بالحق المدنى قد خدعها عندما حصل على بصمة إصبعها على تلك الورقة إلا بعد أن أقيمت عليها الدعوى, كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به أركان جريمة التبديد التى دان الطاعنة بها وأورد على ذلك ما ينتجه من وجوه الأدلة المستمدة من الأوراق كما استعرض الأسانيد التى اعتمد عليها فى إطراح دفاع الطاعنة وأقوال شهودها من أنها وقعت ببصمتها على بياض واستخلص فى تدليل سليم صحة سند الأمانة المطعون عليها بالتزوير، ولما كانت محكمة الموضوع هى صاحبة الحق فى تقدير كل دليل يطرح عليها تفصل فيه على الوجه الذى ترتاح إليه على ضوء ما تسمعه من أقوال الخصوم والشهود وما تشاهده بنفسها وهى فى سبيل تكوين عقيدتها فى الدعوى غير ملزمة بإتباع قواعد معينة مما نص عليها قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية ومن ذلك تعيين خبير فى دعاوى التزوير متى كان الأمر ثابتا لديها للاعتبارات السائغة التى أخذت بها، وإذ كانت محكمة الموضوع فى حدود هذا الحق قد قامت بفحص السند المطعون عليه بالتزوير وانتهت فى حكمها المطعون فيه إلى أنه ثبت لها من الاطلاع على ذلك الإيصال أنه قد كتب كتابة طبيعية وأنه لا خلاف فى المداد بين بصمة الإصبع وبصمة الختم وأنه إزاء إقرار الطاعنة بصحة بصمتها على الإيصال منذ الوهلة الأولى وعدم إنكارها لها فإنها تستخلص من ذلك صحة الإيصال، فإن ذلك يدخل ضمن حقها فى فحص الدليل وتقديره مما تستقل به ولا معقب عليها فيه، كما أن إطراح الحكم المطعون فيه لدفاع الطاعنة وأقوال شهودها وعدم اعتداده بالشكوى التى تقدمت بها إلى الشرطة بعد إقامة الدعوى مستشهدة فيها بهؤلاء الشهود لتدلل على أنها وقعت ببصمتها على بياض على الورقة التى تحرر عليها إيصال الأمانة فهو من الأمور الموضوعية التى تستقل بتقديرها محكمة الموضوع بلا معقب عليها ما دامت الأسباب التى قام عليها إستخلاصها تؤدى إلى ما انتهت إليه - كما هو الشأن فى الدعوى المطروحة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن على غير أساس متعين الرفض.