أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 21 - صـ 946

جلسة 4 من أكتوبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين حسن عزام، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية، ومحمود كامل عطيفة، والدكتور أحمد محمد إبراهيم، وطه الصديق دنانة.

(223)
الطعن رقم 955 لسنة 40 القضائية

(أ، ب) ضرب. "ضرب بسيط". إثبات. "شهادة". "خبرة". "إثبات بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبب غير معيب". جريمة. "أركانها".
( أ ) كفاية كون الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على المواءمة والتوفيق. قول المجنى عليه أنه ضرب ضربة واحدة. لا يستعصى على التوفيق مع ما ورد بالتقرير الطبى من أن به إصابتين.
انطباق نص المادة 242 عقوبات. سواء أسفر الضرب عن إصابة أو أكثر أو لم يحدث إصابة على الإطلاق. أو كان الضرب باليد مرة واحدة.
مؤاخذة المتهم بالمادة 242 عقوبات. لا تتطلب بيان الحكم لمواقع الإصابات ولا لأثرها ولا لدرجة جسامتها.
(ب) حق محكمة الموضوع تكوين عقيدتها من أدلة الدعوى وعناصرها.
استدلالها على حدوث الاعتداء من تشاجر المتهم والمجنى عليه حسبما قرره الشهود. لا عيب.
1 - من المقرر إنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى، بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى، تناقضا يستعصى على المواءمة والتوفيق. وإذ كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من شهادة المجنى عليه من أن الطاعن قد اعتدى عليه بالضرب، فأحدث إصابته التى بينها التقرير الطبى، فإنه يستوى بعد ذلك أن يكون ذلك الاعتداء قد أسفر عن إصابة واحدة أو أكثر أو لم يترك بالمجنى عليه أى أثر على الإطلاق، ذلك بأنه لا يشترط لتوافر جريمة الضرب التى تقع تحت نص المادة (242) من قانون العقوبات، أن يحدث الاعتداء جرحا أو ينشأ عنه مرض أو عجز، بل يعد الفعل ضربا ولو حدث باليد مرة واحدة، سواء ترك أثر أو لم يترك، ومن ثم فإنه لا يلزم لصحة الحكم بالإدانة بمقتضى تلك المادة، أن يبين مواقع الإصابات التى أنزلها المتهم بالمجنى عليه ولا أثرها ولا درجة جسامتها، وعليه فإن ما يثيره الطاعن ـ من عدم اتساق أقوال المجنى عليه مع التقرير الفني, لما قرره المجنى عليه من أن الطاعن ضربه ضربة واحدة بعصا فى حين أثبت التقرير الطبى وجود إصابتين به - يكون غير سديد.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر فى الدعوى مباشرة كانت أو غير مباشرة, وأن تأخذ من أى بينة أو قرينة ترتاح إليها دليلا لحكمها، لأن تقدير الدليل موكول لها، ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها فى ذلك، ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم أن يستدل من حصول التشاجر على حدوث الاعتداء، ما دام أن الطاعن لا يمارى فيما أورده الحكم من أن الشهود شهدوا بحدوث تشاجر بينه وبين المجنى عليه.


الوقائع:

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 3/ 2/ 1967 بدائرة مركز أبو طشت محافظة قنا: أحدث عمدا بمحمد جاد الكريم محمود الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى والتى تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوما. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات قنا قضت حضورياً عملا بمادة الاتهام بحبس المتهم شهرين مع الشغل. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب التى تقرر لعلاجه مدة لا تزيد على عشرين يوما، جاء مشوبا بالبطلان والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال, ذلك بأن الحكم المطعون فيه عول فى إدانة الطاعن على أقوال المجنى عليه دون أن تسمع شهادته فى الجلسة كما أن الحكم لم يورد تفصيلا مؤدى هذه الأقوال رغم عدم إتساقها مع الدليل الفنى إذ يقرر المجنى عليه أن الطاعن ضربه ضربة واحدة بعصا، فى حين أثبت التقرير الطبى وجود إصابتين به، ثم أن الحكم عول فى الإدانة على ما شهد به كل من محمد حسن على وجاد الكريم شلبى وزكى فاوى ومحمود إبراهيم أبو زيد من تشاجر الطاعن والجنى عليه رغم أنهم نفوا عن الطاعن تهمة الاعتداء على المجنى عليه، وفى كل ذلك ما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافه العناصر القانونية للجريمة التى دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة. لما كان ذلك، وكانت المادة (289) من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 قد خولت للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذ قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ويستوى أن يكون القبول صريحا أو ضمنيا بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه. ولما كان البين من الإطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يتمسك أيهما بسماع الشاهد الغائب مما يستفاد منه التنازل الضمنى عن سماعه، فإن المحكمة لا تكون مخطئة إذا هى عولت على أقواله فى التحقيقات دون سماعه ما دامت أقواله كانت مطروحة على بساط البحث فى الجلسة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد أقوال المجنى عليه بقوله "وحيث إن الواقعة ثبتت ثبوتا يقينيا فى حق المتهم الثانى (الطاعن) من أقوال المجنى عليه محمد جاد الكريم الذى قرر أن المتهم اعتدى عليه بالضرب بشمروخ.." وهذا الذى أورده الحكم كاف فى مجال إيراد مؤدى شهادة المجنى عليه ويكون النعى على الحكم بالقصور غير سديد. لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على المواءمة والتوفيق. ولما كان ما أورده الحكم من شهادة المجنى عليه من أن الطاعن قد اعتدى على المجنى عليه بالضرب فأحدث إصابته التى بينها التقرير الطبى، فإنه يستوى بعد ذلك أن يكون ذلك الاعتداء قد أسفر عن إصابة واحدة أو أكثر أولم يترك بالمجنى عليه أى أثر على الإطلاق، ذلك بأنه لا يشترط لتوافر جريمة الضرب التى تقع تحت نص المادة 242 من قانون العقوبات أن يحدث الاعتداء جرحا أو ينشأ عنه مرض أو عجز بل يعد الفعل ضربا ولو حصل باليد مرة واحدة سواء ترك أثر أو لم يترك وعلى ذلك فلا يلزم لصحة الحكم بالإدانة بمقتضى تلك المادة أن يبين مواقع الإصابات التى أنزلها المتهم بالمجنى عليه ولا أثرها ولا درجة جسامتها، وبذا فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم أنه لم يسند إلى أى من الشهود محمد حسن على وجاد الكريم شلبى وزكى فاوى ومحمود إبراهيم أبو زيد أنه رأى الطاعن يعتدى على المجنى عليه، ولما كان الطاعن لا يمارى فيما أورده الحكم من أن هؤلاء الشهود شهدوا بحدوث تشاجر بينه وبين المجنى عليه فلا يعيب الحكم أن يستدل من التشاجر على حدوث الاعتداء، ذلك بأنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر فى الدعوى مباشرة كانت أو غير مباشرة وأن تأخذ من أى بينة أو قرينة ترتاح إليها دليلا لحكمها، لأن تقدير الدليل موكول لها ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها فى ذلك، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن يكون على غير أساس واجب الرفض موضوعا.