أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة 28 - صـ 1784

جلسة 14 من ديسمبر سنة 1977

برئاسة السيد المستشار : محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجورى، وصلاح نصار، ومحمود رمضان، وإبراهيم فراج.

(305)
الطعن رقم 655 لسنة 43 القضائية

(1) حكم "حجية الحكم الجنائى". إيجار "إيجار الأماكن".
الحكم الصادر ببراءة المؤجر من تهمة تقاضى خلو الرجل استناداً إلى أن ما تقاضاه هو مقابل إعداد المكان المؤجر كصيدلية. لا حجية له فى تجديد تاريخ الإعداد أو مباشرة النشاط بالصيدلية بالفعل توطئة لتطبيق أحكام بيع الجدك.
(2) حكم "حجية الحكم الجنائى". إيجار "إيجار الأماكن".
القضاء السابق بأن لمشترى الجدك حق مطالبة المؤجر بفرق الأجرة بعد تخفيضها بناء على حوالة هذا الحق إليه من المستأجر الأصلى فى عقد بيع الجدك لا يحول دون الحكم بإخلائه من المكان المؤجر لعدم توافر شروط بيع الجدك طالما أن الحكم السابق لم يعرض للفصل فى صحته.
(3) إيجار "إيجار الأماكن ".
المتجر فى معنى المادة 594/ 2 مدنى بشأن بيع الجدك. ماهيته.
(4) إثبات "إجراءات الإثبات". بطلان. نقض" السبب الجديد ".
بطلان إجراءات التحقيق. عدم جواز التحدى به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(5) دعوى " الطلبات فى الدعوى". حكم "تسبيب الحكم."
الطلب الذى تلتزم المحكمة ببيان سبب رفضها له وهو الطلب الصريح الجازم الدال على تصميم صاحبه عليه.
1 - مفاد نص المادتان 546 من قانون الإجراءات الجنائية و102 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968، أن الحكم الصادر فى المواد الجنائية يكون له حجية فى الدعوى المدنية أمام المحكمة كلما كان قد فصل فصلاً لازماً فى وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجنائية وفى الوصف القانونى لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية فى هذه الأمور فإنه يمتنع على المحكمة أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتد بها وتلتزمها فى بحث الحقوق المدنية المتصلة بها كى لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائى السابق له. ولما كان الثابت من الحكم الجنائى الصادر فى القضية رقم 372 لسنة 1968 جنح بندر دمنهور أن الدعوى الجنائية أقيمت فيها ضد المطعون عليها الأولى لأنها بصفتها مؤجرة تقاضت من المطعون عليه الثانى مبلغ مائتى جنيه كخلو رجل وطلبت النيابة العامة عقابها بالمادة 16/ 2 من القانون رقم 121 لسنة 1974 المعدل بالقانون رقم 22 لسنة 1962، وقضت محكمة الجنح فى 12/ 1/ 1969 ببراءتها مما أسند إليها. استناداً إلى ما ثبت من أقوال أحد الشهود من أن المطعون عليها الأولى وإن تقاضت المبلغ من المطعون عليه الثانى إلا أنه لم يكن باعتباره "خلو رجل" وإنما بقصد إعداد المحل المؤجر لاستغلاله صيدلية كمقابل للنفقات غير العادية التى يتطلبها هذا الإعداد، فإن حجية هذا الحكم الجنائى بهذه المثابة تقتصر على أن المبلغ الذى تقاضته المؤجرة لم يدفع على سبيل خلو الرجل وإنما فى مقابل الإتفاق على إعداد معين ولا تمتد هذه الحجية إلى تحديد تاريخ الإعداد أو مباشرة الصيدلية نشاطها الفعلى، ولا يستطيل إلى تعيين ما قامت به فعلاً كل من المؤجرة والمستأجر فى سبيل هذا الإعداد إذ أن الحكم الجنائى لم يتعرض لذلك فى أسبابه ولم يكن فصله فيها لازماً، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على سند من عدم توافر شرائط انطباق الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدنى لأن الصيدلية لم تكن معدة عند البيع والتنازل لمزاولة النشاط فيها وهو ما لم يتعرض له الحكم الجنائى، وكان القاضى المدنى لا يرتبط بالحكم الجنائى إلا فى الوقائع التى قضى فيها الحكم وكان فصله فيها ضرورياً فإن النعى بهذا الوجه يكون على غير أساس.
2 - إذ كان المقرر أنه لا حجية للحكم إلا فيما يكون قضى فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية سواء فى المنطوق أو فى الأسباب المتصلة به إتصالاً وثيقاً والتى لا يقوم المنطوق بدونها، وكان البين من الحكم الصادر فى الدعوى رقم 636 لسنة 1967 مدنى دمنهور الابتدائية أنه انتهى إلى أن للطاعن صفة فى إقامة دعواه باقتضاء فروق الأجرة المستحقة بناء على حوالة الحق الصادرة إليه من المطعون عليه الثانى طبقاً للثابت فى عقد بيع المتجر المؤرخ 20/ 9/ 1966 دون أن يعرض للإقرار بصحة ذلك العقد أو يقضى بالإبقاء عليه بالنسبة للطاعن أو يتصدى للفصل فى صحته، ويكون قضاء الحكم المطعون فيه بإخلاء الطاعن من العين وعدم الإبقاء على عقد الإيجار وعدم إقرار التنازل لا يعارض قضاء الحكم الآخر ولا مخالفة فيه لحجيته لاختلاف الموضوع فى الدعويين.
3 - إذ كان يشترط لأعمال حكم المادة 594/ 2 من القانون المدنى أن يكون متجر أو مصنع مملوك لشخص ومقام على عقار مملوك لشخص آخر، ويكون مالك المتجر مستأجراً لهذا العقار، وممنوعاً فى عقد الإيجار من التأجير من الباطن أو من التنازل عن الإيجار وكان المتجر فى معنى المادة المشار إليها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يشمل جميع العناصر من ثابت ومنقول ومن مقومات مادية ومعنوية فى وقت معاً، ويتوقف تحديد العناصر التى لا غنى عنها لوجود المحل التجارى على نوع التجارة التى يزاولها المحل، وهذا التحديد متروك لقاضى الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً. لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه استند فى قضائه على أن الصيدلية المتنازل عنها لم يكن لها وجود ولم تزاول نشاطها منذ إبرام عقد الإيجار وحتى حصول التنازل استخلاصاً من أقوال شاهدى المطعون عليها الأولى واستناداً إلى قصر الفترة الفاصلة بين إبرام العقد وبين حصول التنازل إستخلاصا من أقوال شاهدى المطعون عليها الأولى وإستنادا إلى قصر الفترة الفاصلة بين إبرام العقد وبين حصول التنازل إذ لم تتجاوز تسعة عشر يوماً، وإن الإعداد لإنشاء صيدلية يستغرق وقتاً أطول خاصة وأن مفهوم عقد التنازل ذاته إن رخصة إنشاء الصيدلية لما تصدر بعد، وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله سنده من الأوراق، فإن النعى عليه بأن الصيدلية كانت معدة إعداداً كاملاً عند التأجير أخذاً بتحقيقات الجنحة أو أقوال شاهدى الطاعن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى تقدير الأدلة وفى حق المحكمة فى استنباط الواقع منها.
4 - التحدى ببطلان إجراءات التحقيق، لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 - إذ كان المقرر قانوناً أن الطلب الذى تلتزم المحكمة ببيان سبب رفضها له هو الطلب الذى يقدم إليها فى صيغة صريحة جازمة تدل على تصميم صاحبه عليه، وكان الطاعن لم يتمسك بطلباته المشار إليها بسبب النعى طلب ضم أوراق وإجراء المعاينة فى صيغة صريحة جازمة تدل على تصميمه عليها، فإنه لا يصح له أن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه ضرب صفحاً عنها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى رقم 563 لسنة 1967 مدنى أمام محكمة دمنهور الابتدائية ضد الطاعن والمطعون عليه الثانى بطلب الحكم بإخلائهما من المحل المؤجر منها للمطعون عليه الثانى وتسليمه لها خالياً مما يشغله وقالت بياناً لها أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 9/ 1966 استأجر منها المطعون عليه الثانى محلاً من ثلاث أبواب بملكها الكائن بشارع ....... بقصد استعماله صيدلية وإذ تنازل عن عقد الإيجار للطاعن دون إذن كتابى فقد أقامت الدعوى. وبتاريخ 18/ 10/ 1970 حكمت المحكمة برفض الدعوى استأنفت المطعون عليها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 422 سنة 36 ق الإسكندرية مأمورية دمنهور طالبة القضاء لها بطلباتها وبتاريخ 22/ 5/ 1972 حكمت محكمة الاستئناف بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها الأولى أن المطعون عليه الثانى لم يكن قد أنشأ فى المحل استئجاره منها متجراً (صيدلية) بمقوماته المادية قبل التصرف الحاصل فى 20/ 9/ 1966، وليثبت الطاعن والمطعون عليه الثانى أن العين قد أنشئ بها المتجر بمقوماته قبل ذلك التصرف، وبعد سماع شهود الطرفين عادت فحكمت بتاريخ 23/ 4/ 1973 بإلغاء الحكم المستأنف وبإخلاء الطاعن والمطعون عليه الثانى من العين المؤجرة. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم بنى قضاءه، على سند من القول بأن التنازل عن العين المؤجرة، تم قبل إعدادها كصيدلية ومزاولة النشاط فيها، وهو بذلك قد خالف حجية الأحكام من وجهين: (الأول) أنه قضى ببراءة المطعون عليها الأولى فى القضية رقم 372 لسنة 68 جنح بندر دمنهور تأسيساً على أن المبلغ الذى تقاضته من المطعون عليه الثانى عند التأجير ليس خلو رجل، وإنما مقابل إعداد العين المؤجرة لتكون صيدلية، مما كان يتعين معه على الحكم أن يتلزم بهذا القضاء وينتهى إلى أن الصيدلية كانت عند التأجير ليس خلو رجل، وإنما مقابل إعداد العين المؤجرة لتكون صيدلية، مما كان يتعين معه على الحكم أن يلتزم بهذا القضاء وينتهى إلى أن الصيدلية كانت عند التأجير وعند البيع معدة للاستغلال.(الثانى) تمسك الطاعن أمام محكمة الاستئناف بان الحكم الصادر فى الدعوى رقم 636 لسنة 1967 مدنى دمنهور الابتدائية التى أقامها ضد المطعون عليها الأولى مطالباً بفروق الأجرة انتهى إلى أن له مصلحة فى رفعها استناداً إلى صحة عقد بيع المتجر الصادر إليه من المطعون عليه الثانى، غير أن الحكم خالف هذه الحجية وقضى بإخلائه وعدم الإبقاء على عقد الإيجار وعقد التنازل، رغم سبق القضاء بصحته فى الحكم الآخر.
وحيث إن النعى مردود فى وجهه الأول بأن النص فى المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه" يكون للحكم الجنائى الصادر من المحكمة الجنائية فى موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو بالإدانة قوة الشئ المحكوم فيه أمام المحاكم المدنية فى الدعاوى التى لم يكن قد فصل فيها نهائياً فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانونى ونسبتها إلى فاعلها، ويكون للحكم بالبراءة وهذه القوة سواء بنى على انتفاء التهمة أو على عدم كفاية الأدلة، ولا تكون له هذه القوة إذا كان مبنياً على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون" وفى المادة 102 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 على أنه "لا يرتبط القاضى المدنى بالحكم الجنائى إلا فى الوقائع التى فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً" يدل على أن الحكم الصادر فى المواد الجنائية يكون له حجية فى الدعوى المدنية أمام المحكمة كلما كان قد فصل فصلا لازما فى وقوع الفعل المكون للاساس المشترك بين الدعويين المدنية والجنائية وفى الوصف القانونى لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية فى هذه الأمور فإنه يمتنع على المحكمة المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتد بها وتلتزمها فى بحث الحقوق المدنية المتصلة بها كى لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائى السابق له. ولما كان الثابت من الحكم الجنائى الصادر فى القضيه رقم 372 لسنة 1968 جنح بندر دمنهور أن الدعوى الجنائية الصادر فى القضية رقم 372 لسنة 1968 جنح بندر دمنهور أن الدعوى الجنائية أقيمت فيها ضد المطعون عليها الأولى لأنها بصفتها موجرة تقاضت من المطعون عليه الثانى مبلغ مائتى جنيه كخلو رجل وطلبت النيابة العامة عقابها بالمادة 16/ 2 من القانون رقم 121 لسنة 1947 المعدل بالقانون رقم 22 لسنة 1962، وقضت محكمة الجنح فى 12/ 1/ 1969 ببراءتها مما أسند إليها. استناداً إلى ما ثبت من أقوال أحد الشهود من أن المطعون عليها الأولى وإن تقاضت المبلغ من المطعون عليه الثانى إلا أنه لم يكن باعتباره "خلو رجل" وإنما يقصد إعداد المحل المؤجر لاستغلاله صيدلية، كمقابل للنفقات غير العادية التى يتطلبها هذا الإعداد، فإن حجية هذا الحكم الجنائى بهذه المثابة تقتصر على أن المبلغ الذى تقاضته المؤجرة لم يدفع على سبيل خلو الرجل وإنما فى مقابل الإتفاق على إعداد معين، ولا تمتد هذه الحجية إلى تحديد تاريخ الإعداد، أو مباشرة الصيدلية نشاطها الفعلى، ولا تستطيل إلى تعيين ما قامت به فعلاً كل من المؤجرة والمستأجر فى سبيل هذا الإعداد إذ أن الحكم الجنائى لم يتعرض لذلك فى أسبابه ولم يكن فصله فيها لازماً، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على سند من عدم توافر شرائط انطباق الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدنى لأن الصيدلية لم تكن معدة عند البيع والتنازل لمزاولة النشاط فيها وهو ما لم يتعرض له الحكم الجنائى، وكان القاضى المدنى لا يرتبط بالحكم الجنائى إلا فى الوقائع التى قضى فيها الحكم وكان فصله فيها ضرورياً فإن النعى بهذا الوجه يكون على غير أساس. والنعى غير سديد فى وجهه الثانى، ذلك أنه لما كان المقرر أنه لا حجية للحكم إلا فيما يكون قضى فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية سواء فى المنطوق أو فى الأسباب المتصلة به اتصالاً وثيقاً والتى لا يقوم المنطوق بدونها، وكان البين من الحكم الصادر فى الدعوى رقم 636 لسنة 1967 مدنى دمنهور الابتدائية أنه إنتهى إلى أن للطاعن صفة فى إقامة دعواه باقتضاء فروق الأجرة المستحقة بناء على حوالة الحق الصادرة إليه من المطعون عليه الثانى طبقاً للثابت فى عقد بيع المتجر المؤرخ 20/ 9/ 1966، دون أن يعرض للإقرار بصحة ذلك العقد أو يقضى بالإبقاء عليه بالنسبة للطاعن أو يتصدى للفصل فى صحته ويكون قضاء الحكم المطعون فيه بإخلاء الطاعن من العين وعدم الإبقاء على عقد الإيجار وعدم إقرار التنازل لا يعارض قضاء الحكم الآخر، ولا مخالفة فيه لحجيته لاختلاف الموضوع فى الدعويين ويكون النعى فى هذا الوجه أيضاً فى غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى الإسناد والفساد فى الاستدلال، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم اعتمد على أقوال شاهدى المطعون عليها الأولى أمام محكمة الموضوع، وذهب إلى أن إعداد أى مكان لمباشرة نشاط تجارى يستلزم مدة معقولة أطول من الفترة الفاصلة بين إبرام عقد الإيجار وعقد بيع المتجر، كما استشف من أقوال أحد الشهود فى قضية الجنحة السابق الإشارة إليها أن مساهمة المطعون عليها الأولى كانت قاصرة على تزويد الجدران بالبلاط ولا يكفى هذا العمل للقول بأن الصيدلية كانت معدة للاستغلال، وإبداء الحكم قالته بأن عقد التنازل تضمن أن رخصة الصيدلية لم تكن قد صدرت بعد، فى حين أن الثابت من عقد التنازل وجود الجدك كاملاً، بما يفيد شموله عناصر المحل التجارى الجوهرية المادية، وهى كافية بذاتها للقول بوجود المتجر وبيعه، وقد تأيد ذلك بتحقيقات الجنحة وأقوال شاهدى الطاعن وأقوال المطعون عليها الأولى ذاتها فيها. هذا إلى وجود تناقض بين أقوال شاهدى المطعون عليها الأولى أمام محكمة الاستئناف اللذين قررا أن الحوائط كانت عند التأجير بالطوب الأحمر وبين أقوال الشاهد فى تحقيقات الجنحة الذى استند إليه الحكم الذى ذهب إلى أن الحوائط تم تغطيتها بالبلاط وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون والخطأ فى الإسناد والفساد فى الاستدلال.
وحيث إن النعى غير سديد، ذلك أنه لما كان يشترط لأعمال حكم المادة 594/ 2 من القانون المدنى أن يكون هناك متجر أو مصنع مملوك لشخص ومقام على عقار مملوك لشخص آخر، ويكون مالك المتجر مستأجراً لهذا العقار، وممنوعاً فى عقد الإيجار من التأجير من الباطن أو من المتنازل عن الإيجار وكان المتجر فى معنى المادة المشار إليها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يشمل جميع العناصر من ثابت ومنقول ومن مقومات مادية ومعنوية فى وقت معاً، ويتوقف تحديد العناصر التى لا غنى عنها لوجود المحل التجارى على نوع التجارة التى يزاولها المحل، وهذا التحديد متروك - لقاضى الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً. لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه إستند فى قضائه على أن الصيدلية المتنازل عنها لم يكن لها وجود ولم تزاول نشاطها منذ إبرام عقد الإيجار وحتى حصول التنازل، استخلاصاً من أقوال شاهدى المطعون عليها الأولى، واستناداً إلى قصر الفترة الفاصلة بين إبرام العقد وبين حصول التنازل إذ لم تتجاوز تسعة عشر يوماً، وإن الإعداد لإنشاء صيدلية يستغرق وقتاً أطول خاصة وأن مفهوم عقد التنازل ذاته أن رخصة إنشاء الصيدلية لما تصدر بعد، وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله سنده من الأوراق، فإن النعى عليه بأن الصيدلية كانت معدة إعداداً كاملاً عند التأجير أخذاً بتحقيقات الجنحة أو أقوال شاهدى الطاعن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى تقدير الأدلة وفى حق المحكمة فى استنباط الواقع منها، ويكون النعى بمخالفة القانون والفساد فى الاستدلال والخطأ فى الإسناد على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعن فيه بطلان الإجراءات والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك يقول أن محكمة الاستئناف أحالت الدعوى إلى التحقيق ثم قام بإجرائه السيد المستشار عضو اليسار دون أن ينتدب من المحكمة بإجرائه بالمخالفة لنص المادة الثالثة من قانون الإثبات، فيكون التحقيق الذى تم باطلاً، ويبطل الحكم المطعون فيه الذى إستند إليه. هذا إلى أنه تمسك أمام المحكمة بضم ملف ترخيص الصيدلية وملف مجلس المراجعة وبإجراء المعاينة تبين أن الصيدلية كانت معدة إعداداً تاماً فى تاريخ التنازل، غير أن المحكمة لم تستجب لهذه الطلبات وتحقق أوجه دفاعه مما يعيب الحكم بالقصور.
وحيث إن النعى فى شقه الأول غير مقبول، ذلك أن التحدى ببطلان إجراءات التحقيق لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض. والنعى فى شقه الثانى مردود بأنه لما كان من المقرر قانوناً أن الطلب الذى تلتزم المحكمة ببيان سبب رفضها له هو الطلب الذى يقدم إليها فى صيغة صريحة جازمة تدل على تصميم صاحبه عليه، وكان الطاعن لم يتمسك بطلباته المشار إليها فى سبب النعى فى صيغة صريحة جازمة تدل على تصميمه عليها، فإنه لا يصح له أن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه ضرب صفحاً عنها. هذا إلى أنه متى كانت الأوراق المقدمة فى الدعوى أمام محكمة الموضوع كافية لتكوين عقيدتها فلا تثريب عليها إذ هى لم تأمر بضم أوراق أخرى استجابة لطلب أحد الخصوم ويكون النعى على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم انتهى إلى نفى حالة الضرورة رغم ثبوتها من سفر المطعون عليه الثانى للخارج، ومن تغيير طبيعة عمله إلى التدريس، وإنهاء نشاط البائع أو تغييره إلى نوع آخر من النشاط يكفى لقيام حالة الضرورة، ودون بحث بواعثها، وهو ما يعيبه بالخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن النعى غير منتج، ذلك أنه لما كان من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه إذا بنى الحكم على دعامتين كل منهما مستقلة عن الأخرى، وكان يصح بناء الحكم على إحداهما وحدها، فإن النعى عليه فى الدعامة الأخرى يكون غير منتج. وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإخلاء الطاعن من العين المؤجرة على انتفاء الشرط الأول من شروط تطبيق المادة 594/ 2 من القانون المدنى وهو وجود المتجر أو المصنع على التفصيل الوارد فى الرد على السبب الثانى، وكان هذا يكفى لحمل قضاء الحكم، فإن النعى على ما انتهى إليه بشأن نفى حالة الضرورة - أياً كان وجه الرأى فيه - يكون غير منتج.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.