أحكام النقض - المكتب الفني- جنائي
العدد الثالث - السنة 16 - صـ 662

جلسة 4 من أكتوبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ توفيق الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، حسين سامح، ومحمود عباس العمراوى، ومحمد أبو الفضل.

(127)
الطعن رقم 737 لسنة 35 القضائية

(أ) وصف التهمة. قتل عمد. ضرب أفضي إلى موت. دفاع. "الاخلال بحق الدفاع". "ما لا يوفره".
عدم تقيد المحكمة بوصف النيابة للواقعة. عليها تمحيصها وردها إلى الوصف الصحيح. شرط ذلك: وحدة الفعل المادي المكون للجريمتين وعدم إضافة عناصر جديدة. المحكمة غير ملزمة بلفت نظر الدفاع إلى التعديل عند استبعاد أحد عناصر الجريمة فحسب.
مثال: تعديل الوصف من القتل العمد إلى الضرب المفضي إلى الموت. عدم التنبيه إليه. لا إخلال بحق الدفاع.
(ب) رابطة السببية. قصد احتمالى. ضرب أفضى إلى موت. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
علاقة السببية في المواد الجنائية. طبيعتها: علاقة مادية، تبدأ بالفعل الضار وترتبط معنويا بما يجب على الجاني أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله العمدي. ثبوت قيام هذه العلاقة. مسألة موضوعية. مثال.
(جـ) سبق الإصرار. مسئولية جنائية.
سبق الاصرار المبني على ثبوت اتفاق المتهمين على ضرب المجنى عليه.
أثره: مساءلة كل متهم عن نتيجة الضرب الذي حصل الاتفاق عليه سواء ما وقع منه أو من زملائه. إدانة الحكم كلا من الطاعنين بجناية الضرب المفضي إلى الموت من جراء بعض الضربات التي أحدثوها بالمجني عليه، صحيح. ما دام قد أثبت توافر ظرفي سبق الاصرار والترصد مما يتضمن اتفاقهم السابق على ضرب المجني عليه.
(د) حكم "تسبيبه. ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل". قتل عمد. ضرب أفضي إلى موت.
الخطأ في الاسناد. لا يعيب الحكم. ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. مثال.
(هـ) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات" خبرة". شهود".
مطابقة أقوال الشهود لمضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية عدم تناقض جماع الدليل القولي مع الدليل الفني تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق مثال.
(و) نقض "الطعن بالنقض". "التقرير به".
التقرير بالطعن. أثره: دخول الطعن في حوزة محكمة النقض. لا يغني عنه أى إجراء آخر. اثر تخلفه، عدم قبول الطعن شكلا.
(ز، ح) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "شهود".
(ز) وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروك لتقدير محكمة الموضوع، لا تثريب عليها إن هي أخذت بقول الشاهد دون قول آخر له.
(ح) تناقض الشهود. لا يعيب الحكم. ما دام قد أورد أقوالهم بما لا تناقض فيه.
1 - الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائيا بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم الذي ترى انطباقه على واقعة الدعوى - وإذا كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساسا للوصف الجديد الذي دان الطاعنين به، وكان مرد التعديل هو عدم توافر الدليل على ثبوت نية القتل لدى المحكوم عليهم واستبقاء ظرفي سبق الاصرار والترصد المشددين دون أن يتضمن التعديل اسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولي. فإن الوصف الذى نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت الطاعنين مرتكبي جريمة الضرب المفضي إلى الموت لا يجافي التطبيق السليم في شئ، ولا محل لما يثيره المتهم من دعوى الاخلال بحق الدفاع إذ أ المحكمة لا تلتزم في مثل هذه الحالة تنبيه المتهم والمدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل في الوصف نتيجة استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى.
2 - علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجانى، وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمدا. ثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها، ومتي فصل في شأنها اثباتا أو نفيا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه، فإذا كان الحكم المطعون فيه قد دلل على أن اعتداء الطاعنين وإحداث إصابات برأس المجني عليه قد ساهم في وفاته بأدلة تؤدى إلى ما انتهى إليه، فإنه لا يقبل من الطاعنين المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أن سبق الإصرار المبني على ثبوت اتفاق المتهمين على ضرب المجني عليه يجعل كلا منهم مسئولا عن نتيجة الضرب الذى حصل الاتفاق عليه سواء ما وقع منه أو من زملائه - ومن ثم فإن الحكم إذا دان الطاعنين بجناية الضرب المفضي إلى الموت من جراء بعض الضربات التي أحدثوها بالمجني عليه يكون صحيحا ما دام قد أثبت توافر ظرفي سبق الاصرار والترصد واتفاقهم السابق على ضرب المجني عليه، ولا موجب في هذه الحالة لبيان الصلة بين الاصابة التي أحدثها كل منهم بالمجني عليه وبين الوفاة.
4 - الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. فإذا كان الحكم قد أورد أقوال الشهود بما لا تناقض فيه وأثبت في حق الطاعنين جميعا تواجدهم على مسرح الجريمة ومساهمتهم في الاعتداء على المجني عليه مع توافر ظرفى سبق الاصرار والترصد في حقهم مما من شأنه أن يجعلهم مسئولين عن نتيجة الاعتداء فإن الخطأ على فرض حصوله ما دام متعلقا بالأفعال التي وقعت من كل من الطاعنين وآلة الاعتداء التي استعملها لا يعد مؤثرا في عقيدة المحكمة، ومن ثم فإن نعي الطاعنين في هذا الصدد يكون في غير محله.
5 - ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق. ولما كان الضرب بالفأس لا يستتبع حتما أن تكون الاصابة الناتجة عنه قطعية بل يصح أن تكون رضية, وكان الحكم المطعون فيه لم يورد فيما حصله من أقوال الشهود أن الاعتداء على المجنى عليه كان بالجزء بالحاد من الفأس، وكان مضمون التقرير الطبى الشرعى لا يتعارض مع جماع الدليل القولى الذى عول عليه الحكم وأقام قضاءه عليه. فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
6 - التقرير بالطعن كما رسمه القانون هو الذى يترتب عليه دخول الطعن في حوزة محكمة النقض واتصالها به بناء على اعلان ذي الشأن عن رغبته فيه، فإن عدم التقرير بالطعن لا يحمل للطعن قائمة لا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه تقديم الطاعن الأسباب إلى قلم الكتاب في الميعاد أو أي إجراء آخر.
7 - وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم متروك لتقدير محكمة الموضوع. ولا تثريب عليها إذ هي أخذت بقول الشاهد دون قول آخر له.
8 - لا يعيب الحكم تناقض الشهود ما دام قد أورد أقوالهم بما لا تناقض فيه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في يوم 10 أكتوبر سنة 1958 بدائرة مركز العياط مديرية الجيزة, قتلوا عمدا حسن سيد نعيم مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وترصدوا له في زراعة أذرة في طريق مروره إلى حقله حتى إذا ما ظفروا به انهالو عليه ضربا بفأس وعصي قاصدين قتله فأصيب بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته، وطلب إلى غرفة الاتهام إحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات. فقررت بذلك. وقد ادعي نجل المجني عليه مدنيا قبل الطاعنين الثلاثة بالتضامن وطلب القضاء له بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضوريا بتاريخ 24 يناير سنة 1965 عملا بالمادة 236/ 1 - 2 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 منه بالنسبة إلى المتهم الثاني (أولا) بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثالث بالحبس لمدة خمس سنوات. (ثانيا) بمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وذلك على اعتبار أن التهمة الموجهة إليهم هي ضرب أفضى إلى الموت مع إلزامهم متضامنين أن يدفعوا إلى المدعي بالحق المدني مبلغ قرش واحد والمصاريف المدنية وخمسة جنيهات أتعابا للمحاماة. فطعن المحكوم عليهما الثاني والثالث وحدهما في هذا الحكم بطريق النقض وقدم الحاضر عن المحكوم عليهم الثلاثة تقريرا بالأسباب.... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الأول وإن قدم الأسباب في الميعاد إلا أنه لم يقرر بالطعن في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم طبقا للمادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، ولما كان التقرير بالطعن الذي رسمه القانون هو الذى يترتب عليه دخول الطعن في حوزة محكمة النقض واتصالها به بناء على إعلان ذي الشأن عن رغبته فيه، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة ولا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه أي إجراء آخر، ومن ثم يتعين عدم قبول الطعن شكلا.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعنين الثاني والثالث قد استوفي الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعنين جميعا ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانهم بجريمة الضرب المفضي إلى موت مع سبق الإصرار والترصد قد أخل بحق الدفاع وشابه القصور والتناقض وفساد الاستدلال وانطوي على خطأ في تطبيق القانون, ذلك بأنهم قدموا إلى المحاكمة بوصف أنهم قتلوا المجني عليه عمدا مع سبق الاصرار والترصد ودارت المحاكمة على أساس هذه الواقعة المحددة إلا أن المحكمة أدانتهم بتهمة ضرب المجني عليه ضربا أفضي إلى موته وهو تعديل في وصف التهمة انتهت إليه المحكمة دون أن تلفت الطاعنين أو المدافع عنهم إلى هذا التعديل مما يعيب الاجراءات بما يبطلها، هذا وأن من مؤدى ما أورده الحكم من أقوال شهود الإثبات أن أحد المتهمين كان يحمل فأسا استعملت في إرتكاب الحادث مع أن الثابت من التقرير الطبي الشرعي أن إصابات المجني عليه جميعها رضية وفات الحكم رفع هذا التناقض كما أنه لم يعن ببيان ما إذا كان الضرب بالفأس بالجزء الحاد منها أم لا، كما أن الحكم عول في إدانة الطاعنين على أقوال أرملة المجني عليه وابنه رغم أن أقوال كل منهما بمحضر جمع الاستدلالات تخالف أقواله بمحضر تحقيق النيابة وأقواله بالجلسة في تحديد نوع الآلة المستعملة في الاعتداء وأورد الحكم مؤدى أقوال كل من هذين الشاهدين بما يخالف أقواله الثابتة في الأوراق كذلك فإن الحكم لم يدلل علي قيام علاقة السببية بين الاصابات التي نسب إلى الطاعنين إحداثها بالمجني عليه وبين الوفاة رغم ما هو ثابت من التقرير الطبى الشرعي من أن وفاة المجني عليه نشأت عن كسور بعظام الرأس والنزيف الضاغط على المخ وما صاحب ذلك من إلتهاب رئوي حاد شعبي والمعروف إن الالتهاب الرئوى ليس من المضاعفات التي تنشأ من مثل الاصابات المنسوب للطاعنين إحداثهما بالمجني عليه وكان يتعين على المحكمة والأمر كذلك أن تبين الصلة بين الالتهاب الرئوي وبين تلك الاصابات ولكنها أغفلت ذلك البيان، وأخيرا فإنه إزاء ما ثبت من تقرير الصفة التشريحية عن سبب وفاة المجني عليه وما جاء بأقوال الشهود الإثبات أن الطاعن الثالث قد أحدث إصابة المجني عليه بذراعه فانه لا صلة لهذا الطاعن باحداث الاصابات التي أودت بحياة المجني عليه وأن المحكمة إذ دانته بجريمة الضرب الذى أفضى إلى موت لم تورد أي دليل على صلة الطاعن الثالث بالوفاة, وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بما يبطله ويوجب نقضه.
وحيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعن بوصف أنهم قتلوا المجني عليه عمدا مع سبق الاصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وترصدوه في زراعة أذره في طريق مروره إلى حقله حتى إذا ما ظفروا به إنهالوا عليه ضربا بفأس وعصي قاصدين قتله فأصيب بالاصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعى والتى أودت بحياته وطلبت النيابة العامة من محكمة جنايات الجيزة معاقبة الطاعنين بالمواد 230 و321 و232 من قانون العقوبات. وبعد أن سمعت محكمة الجنايات الدعوى انتهت بحكمها المطعون فيه إلى إدانتهم بأنهم ضربوا المجني عليه عمدا بعصى وفأس ضربا أفضى إلى موته دون أن يقصدوا من ذلك قتله وكان ذلك عن سبق إصرار وترصد وعاقبتهم بالمادة 236/ 1 - 2 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من ذات القانون بالنسبة إلى المحكوم عليه الثاني (الطاعن الثاني) وقد بين الحكم المطعون فيه واقعة الدعوى بما محصله أن مشاجرة حدثت بين أسرة المجني عليه وأسرة الطاعنين فأثارت حفيظتهم ضد المجني عليه فبيتوا النية على الانتقام منه بضربه وفي صباح اليوم التالي لهذه المشاجرة إذ كان المجني عليه وزوجته وابنهما في طريقهم إلى الحقل يمتطي المجنى عليه دابته خرج عليهم المتهمون من مخبئهم وكان الطاعنان الأول والثالث قد تزود كل منهما بعصا وحمل الطاعن الثاني فأسا صغيرا "مسحة" وفاجأوا المجنى عليه وانهالوا عليه ضربا بتلك الأدوات فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياته، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لدية على هذا النحو أدلة مستمدة من أقوال الشهود ومما ثبت من التقرير الطبى الابتدائى وتقرير الصفة التشريحية ومن اعتراف المتهم الثاني (الطاعن الثاني) في التحقيقات باشتباكه مع المجني عليه وهي أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وتتوافر بها كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت المقترنة بظرفي سبق الإصرار والترصد. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض إلى التكييف القانوني للواقعة في قوله. " وحيث إن الاتهام ذهب إلى أن المتهمين إذ أقدموا على الاعتداء على المجني عليه على الصورة السابق بيانها بآلات تعد قاتلة إذا ما استعملت إنما كانوا ينتوون قتل المجني عليه عن عمد وتري المحكمة أن تزود المتهمين بعصي وفأس صغيرة ومفأجأتهم المجني عليه بالضرب لا يفيد بذاته أنهم قصدوا إزهاق روح المجني عليه وترى المحكمة أخذا بظروف الدعوى وقيام شجار في اليوم السابق بين أخ المتهم الثاني (الطاعن الثاني) وابن المجني عليه أنهم إنما انتووا مجرد رد الاعتداء وإيذائه دون قصد إزهاق روحه". لما كان ذلك، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائيا بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متي رأت أن ترد الواقعة بعمد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم الذي تري انطباقه على واقعة الدعوى وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة - والتي كانت مطروحة بالجلسة - هي بذاتها الواقعة التي اتخدها الحكم المطعون فيه أساسا للوصف الجديد الذي دان الطاعنين به وكان مرد التعديل هو عدم توافر الدليل على ثبوت نية القتل لدي المحكوم عليهم واستيقاء ظرفي سبق الإصرار والترصد المشددين دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولي فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت الطاعنين مرتكبي جريمة الضرب المفضي إلى الموت - هذا التعديل لا يجافي التطبيق السليم في شئ ولا محل لما يثيره الطاعن الثالث من دعوى الإخلال بحق الدفاع إذ أن المحكمة لا تلتزم في مثل هذه الحالة تنبيه المتهم أو المدافع عنه إلي ما أجرته من تعديل في الوصف نتيجة استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى، ومن ذلك فالثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن هذا الطاعن نازع في توافر نية القتل وطلب اعتبار الواقعة ضربا أفضى إلى الموت وهو ما انتهت إليه المحكمة. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن الثالث بهذا الخصوص من نعي على الحكم المطعون فيه لا يكون سديدا, لما كان ما تقدم، وكان ما يثيره الطاعنون في طعنهم من أن الحكم المطعون فيه اعتمد في الإدانة على التقرير الشرعي وأقوال الشهود رغم ما يبين هذه الأدلة من تعارض إذ شهد الشهود بأن أحد المتهمين استعمل فأسا في الاعتداء في حين ثبت من التقرير الطبي الشرعي أن جميع اصابات المجني عليه رضية ولم يرفع الحكم بهذا التناقض أو يعن ببيان أي جزء من الفأس وقع الاعتداء به - مردودا عليه بأنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضا يستعصي على الملائمة والتوفيق. لما كان ذلك، وكان الضرب بالفأس لا يستتبع حتما أن تكون الإصابة الناتجة عنه قطعية بل يصح أن تكون رضية، وكان الحكم المطعون فيه لم يورد فيما حصله من أقوال الشهود أن الاعتداء على المجني عليه كان بالجزء الحاد من الفأس، ولما كان من حق محكمة الموضوع أن تأخذ من الأدلة ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وكان مضمون التقرير الطبى الشرعى لا يتعارض مع جماع الدليل القولي الذي عول عليه الحكم وأقام قضاءه عليه، فإن النعي على الحكم في هذه الخصوصية يكون غير سديد، لما كان ما تقدم، وكان ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه من قالة الفساد في الاستدلال إذ عول في إدانتهما على أقوال أرملة المجني عليه وابنه مع أن أقوال كل منهما في محضر جمع الاستدلالات تخالف أقواله بمحضر تحقيق النيابة وبالجلسة بالنسبة إلى تحديد نوع الآلة المستعلمة في الاعتداء وما أورده الحكم من هذه الأقوال يخالف الثابت في الأوراق في هذه الخصوصية فإنه مردود بأنه من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم متروك لتقدير محكمة الموضوع ولا تثريب عليها إذ هي أخذت بقول الشاهد دون آخر له. ولا يعيب الحكم تناقض الشهود ما دام قد أورد أقوالهم بما لا تناقض فيه، وأن الخطأ في الاسناد لا يعيب الحكم ما لا يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيد المحكمة. وإذ ما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد أقوال الشهود بما لا تناقض فيه وأثبت في حق الطاعنين جميعا تواجدهم على مسرح الجريمة ومساهمتهم في الاعتداء على المجني عليه مع توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد في حقهم مما من شأنه أن يجعلهم مسئولين عن نتيجة الإعتداء فإن الخطأ على فرض حصوله ما دام متعلقا بالأفعال التي وقعت من كل من الطاعنين وآلة الاعتداء التي استعملها لا يعد مؤثرا في عقيدة المحكمة. ومن ثم فإن نعي الطاعنين في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون في قد دلل على أن إعتداء الطاعنين وإحداث إصابات برأس المجني عليه قد ساهم في وفاته بأدلة تؤدي إلى ما انتهي إليه وإذ ما كان ذلك، وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني، وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمدا، وكان ثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها، ومتي فصل في شأنها إثباتا أو نفيا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهي إليه، لما كان ذلك، فإنه لا يقبل من الطاعنين المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. هذا فضلا عما هو ثابت بمحضر جلسة المحاكمة من أن الطاعنين لم يثيروا في دفاعهم أي اعتراض على ما أثبته التقرير الطبي الشرعى في هذا الشأن. ومن ثم فإن الحكمة لم تكن ملزمة بالرد على دفاع لم يثر أمامها. لما كان ذلك، فإن نعي الطاعنين في هذا الخصوص لا يكون مقبولا. لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أن سبق الإصرار المبني على ثبوت اتفاق المتهمين على ضرب المجني عليه يجعل كلا منهم مسئولا عن نتيجة الضرب الذي حصل الاتفاق عليه سواء ما وقع منه أو من زملائه فان الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجناية الضرب المفضى إلى الموت من جراء بعض الضربات التي أحدثوها بالمجني عليه يكون صحيحا ما دام قد أثبت توافر ظرفي سبق الاصرار والترصد واتفاقهم السابق على ضرب المجني عليه، ومن ثم فإنه لا موجب في هذه الحالة لبيان الصلة بين الاصابة التي أحدثها كل منهم بالمجني عليه وبين الوفاة، لما كان ذلك، فإن ما ينعاه الطاعن الثالث في هذا الصدد يكون غير سديد - لما كان ما تقدم جميعه، فان الطاعنين الثاني والثالث برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.