أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة 28 - صـ 1832

جلسة 19 من ديسمبر سنة 1977

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة مصطفى الفقى وعضوية السادة المستشارين/  حافظ رفقى، وجميل الزينى، ومحمود وحسن حسين، ومحمود حمدى عبد العزيز.

(313)
الطعن رقم 735 لسنة 43 القضائية

(1، 2، 3) نقل. مسئولية. "مسئولية تعاقدية". تعويض. نقض.
(1) مسئولية أمين النقل. مسئولية تعاقدية. إلتزامه بتعويض الشاحن عما لحقه من خسارة وما فاته من كسب ما لم يتفق على إعفائه من المسئولية أو تخفيفيها. المادتان 217؛ 221 مدنى.
(2) تعيين عناصر الضرر. خضوعه لرقابة محكمة النقض.
(3) خلو سند الشحن من الاتفاق على إعفاء هيئة السكك الحديدية من المسئولية أو الاتفاق على أعمال قرار وزير النقل 230 لسنة 1966 بشأن شروط نقل البضائع والتعويضات الاتفاقية. أثره. عدم اعتبار أحكام هذا القرار مكملة لعقد النقل وبالتالى فإن المتعاقد الآخر لا يلتزم بها.
1 - لما كانت مسئولية أمين النقل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مسئولية تعاقدية ناتجة عن إخلاله بواجبه فى تنفيذ عقد النقل، ومن ثم يلزم، طبقاً لنص المادة 221 من القانون المدنى بتعويض الشاحن عما لحقه من خسارة وما فاته من كسب ما لم يتفق على إعفائه من المسئولية أو تخفيفها وفقاًَ لنص المادة 217 من القانون المشار إليه.
2 - تعيين العناصر المكونة للضرر والتى يجب أن تدخل فى حساب التعويض تعد من مسائل القانون التى تخضع لرقابة محكمة النقض.
3 - إذ كان الثابت من الأوراق أن سندات شحن البضائع موضوع النزاع، قد خلت من أى إتفاق على إعفاء المطعون ضدها الأولى - هيئة السكك الحديدية من المسئولية عن فقد أو تلف البضائع المشحونة أو التخفيف منها، كما خلت من أى عبارة تفيد قبول الطرفين أعمال أحكام قرار وزير النقل سالف الذكر أو الإحالة إليه، وإذ كان هذا القرار صدر بالتطبيق لنص المادة 4 من القانون 366 لسنة 1956، بإنشاء الهيئة العامة للسكك الحديدية والتى خولت لمجلس إدارة الهيئة وضع شروط نقل البضائع وقواعد التعويضات الاتفاقية واعتمادها من وزير المواصلات (والنقل حاليا) عملاً بالمادة 7 من القانون المشار إليه، فإن مفاد هذه النصوص كما تدل عليه عبارة" "التعويضات الاتفاقية " أن المشرع رأى أن يسند لمجلس إدارة الهيئة العامة للسكك الحديدية وضع الشروط والقواعد المنظمة لنقل البضائع وكيفية تقدير التعويض عنها والتى يتعين على المسئولين فى الهيئة مراعاتها والنص أو الإحالة إليها فى عقود النقل التى تبرمها مع الغير، فإذا أهملوا أو أغفلوا ذلك، فإن تلك الشروط والقواعد لا تعتبر مكملة لعقود النقل ولا يلزم بها المتعاقد الآخر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن إستوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 335 سنة 71 تجارى كلى شمال القاهرة على المطعون ضدهم طلب فيها القضاء أولاً: بإلزام المطعون ضدها الأولى بطريق التضامن مع باقى المطعون ضدهم بأن يؤدوا له مبلغ 6733 جنيه و900 مليماً ثانياً: بإلزام المطعون ضدها الأولى بأن تؤدى له بخلاف المبلغ السابق مبلغ 2033 جنيه و 104 مليم ثالثاً: بإلزام كل من المطعون ضدهم بالفوائد القانونية بواقع 5% اعتبارا من تاريخ المطالبة الرسمية وقال الطاعن تبياناً لدعواه أنه قام بشحن إحدى عشر رسالة من الخضروات من الوجه القبلى إلى الإسكندرية عن طريق السكك الحديدية، وأنه قام بالتأمين على هذه البضاعة وفقاً لنظام التأمين الجبرى الذى اتفقت عليه الهيئة العامة للسكك الحديد مع مجموعة شركات تأمين نقل البضائع، وقد تراخت المطعون ضدها الأولى فى نقل الخضروات مما أدى إلى تلفها، وحررت محاضر إثبات حالة ومعاينة لكل رسالة، فاضطره ذلك إلى إقامة دعواه الحالية بطلباته السابقة. وبتاريخ 27/ 1/ 1971 قضت محكمة أول درجة بندب خبير لبيان قيمة ما تلف من البضاعة وسببه، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة فى 24/ 5/ 1972 بإلزام المطعون ضدها الأولى، بأن تؤدى للطاعن مبلغ 8767 جنيه و704 مليم متضامنة مع باقى المطعون ضدهم بالتضامن فيما بين الآخرين فى مبلغ 6500 من المبلغ سالف الذكر والفوائد بواقع 5% سنوياً من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً - استأنفت مجموعة شركات التامين هذا الحكم بالاستئناف رقم 357 لسنة 89 ق كما استأنفته الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية بالاستئناف رقم 353 سنة 89 ق كما استأنفه الطاعن استئنافاً فرعياً قيد برقم 539 سنة 89 ق، بالنسبة لما قضى به من فوائد من وقت صيرورة الحكم نهائياً طالباً أن يكون القضاء بها من تاريخ المطالبة الرسمية، وبعد أن قررت محكمة استئناف القاهرة ضم هذه الاستئنافات الثلاثة، قضت بتاريخ 31/ 5/ 1973 أولاً: برفض الاستئناف الفرعى. ثانياً: فى الاستئنافين الأصليين بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الهيئة العامة لسكك حديد مصر متضامنة مع مجموعة شركات التأمين بالتضامن فيما بينهما بأن يدفعوا للطاعن مبلغ 4840 جنيهاً و950 مليماً وفوائده بواقع 5% سنوياً من تاريخ الحكم - طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقول أنه أسس قضاءه برفض طلب الطاعن تعويضه عما فاته من كسب بسبب تلف الخضروات، على أن شحنها عن طريق السكك الحديدية يتضمن قبوله لشروط إعفاء المطعون ضدها الأولى من المسئولية عن هذا الشقق من التعويض طبقاً لما نص عليه البند 3 من الأحكام العامة للمادة 26 من قرار وزير النقل رقم 230 سنة 66، الذى يعتبر مكملاً لعقد النقل فى حين أن السندات التى شحنت بمقتضاها البضاعة قد خلت من هذه الشروط من الإشارة إلى نص تلك المادة، والتزام الطاعن بها ومن ثم لا يعتبر هذا النص مكملاً لعقد النقل ولا يحاح به الطاعن، هذا فضلاً عن أن القانون رقم 366 لسنة 1956 بإنشاء هيئة سكك حديد مصر، لا يتضمن نصاً يسمح لوزير النقل بإصداره ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أنه لما كانت مسئولية أمين النقل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مسئولية تعاقدية ناتجة عن إخلاله بواجبه فى تنفيذ عقد النقل، ومن ثم يلزم، طبقاً لنص المادة 221 من القانون المدنى بتعويض الشاحن عما لحقه من خسارة وما فاته من كسب ما لم يتفق على إعفائه من المسئولية أو تخفيفها وفقاًَ لنص المادة 217 من القانون المشار إليه ولما كان تعيين العناصر المكونة للضرر والتى يجب أن تدخل فى حساب التعويض تعد من مسائل القانون التى تخضع لرقابة محكمة النقض، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص فى قضائه إلى عدم أحقية الطاعن فى المطالبة بما فاته من كسب بسبب تلف البضائع التى شحنها وأن حقه يقتصر على المطالبة بتعويضه عما لحقه من خسارة فحسب، بالتطبيق لنص البند الثالث من الأحكام العامة للمادة 26 من قرار وزير النقل رقم 230 الصادر بتاريخ 16/ 4/ 1966 الذى إعتبره الحكم مكملاً لعقد النقل وملزماً لطرفيه، فإن هذا الذى انتهى إليه الحكم ينطوى على خطأ فى تطبيق القانون ذلك أن الثابت من الأوراق أن سندات شحن البضائع موضوع النزاع، قد خلت من أى اتفاق على إعفاء المطعون ضدها الأولى من المسئولية عن فقد أو تلف البضائع المشحونة أو التخفيف منها، كما خلت من أى عبارة تفيد قبول الطرفين أعمال أحكام قرار وزير النقل سالف الذكر أو الإحالة إليه، وإذ كان هذا القرار صدر بالتطبيق لنص المادة 4 من القانون 366 لسنة 1956، بإنشاء الهيئة العامة للسكك الحديدية والتى خولت لمجلس إدارة الهيئة وضع شروط نقل البضائع وقواعد التعويضات الاتفاقية وإعتمادها من وزير المواصلات (النقل حالياً ) عملاً بالمادة 7 من القانون المشار إليه، فإن قضاء هذه النصوص كما تدل عليه عبارة "التعويضات الاتفاقية " أن المشرع رأى أن يسند لمجلس إدارة الهيئة العامة للسكك الحديدية وضع الشروط والقواعد المنظمة لنقل البضائع وكيفية تقدير التعويض عنها، والتى يتعين على المسئولين فى البيئة مراعاته والنص أو الإحالة إليها فى عقود النقل التى تبرمها مع الغير، فإذا أهملوا أو أغفلوا ذلك، فإن تلك الشروط والقواعد لا تعتبر مكملة لعقود النقل ولا يلزم بها المتعاقد الآخر، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه فى هذا الخصوص.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم وهو بسبيل تقدير التعويض عما لحقه من خسارة قدر أجرة النقل تقديرا جرافيا بمبلغ 230 جنيهاً و 520 مليماً بواقع 5% من قيمة البضاعة التالفة فى حين أن الثابت من سندات الشحن الإحدى عشر المقدمة من الطاعن أن أجرة النقل المدفوعة فعلاً عن هذه البضائع هو مبلغ 696 جنيهاً و 670 مليماً، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أطرح الثابت فى هذه السندات غير المجحودة من المطعون ضدهم، ولجأ إلى التقدير الجزافى فى هذا الصدد تحكماً منه وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى بدوره صحيح، ذلك أنه بالرجوع إلى مدونات الحكم المطعون فيه يبين أنه بعد أن حدد سعر التكلفة للبضائع التالفة أورد بأسبابه "يضاف لذلك مصاريف الشحن والحزم وأجرة النقل وتقدر المحكمة هذا بواقع 5% من قيمة البضاعة أى 230 جنيهاً و 520 مليماً" ولما كان الثابت بسندات شحن البضائع موضوع التداعى والتى قدمها الطاعن ضمن مستنداته لمحكمة الموضوع، ولم تجحدها المطعون ضدها أنه دفع لها مبلغ 696 جنيها و670 مليما مقابل نقل تلك البضائع، فإن الحكم المطعون فيه إذ أطرح هذه السندات غير المحجوزة، وعمد إلى تقدير أجرة النقل مضافاً إليها مصاريف الشحن والحزم تقديراً جزافياً يقل عما دفعه الطاعن فعلاً، فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق بما يعيبه ويوجب نقضه فى هذا الخصوص أيضاً والإحالة دون حاجة إلى بحث باقى أسباب الطعن.