أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 12 - صـ 246

جلسة 20 من فبراير سنة 1961

برياسة السيد مصطفى كامل المستشار، وبحضور السادة: السيد أحمد عفيفى، وتوفيق أحمد الخشن، وعبد الحليم البيطاش، ومحمود اسماعيل المستشارين.

(43)
الطعن رقم 2411 لسنة 30 القضائية

(أ) مسئولية جنائية. ضرب. عاهة.
مسئولية المتهم عن العاهة ولو رفض المجنى عليه إجراء الجراحة لما قدره من خطرها على حياته.
(ب) دفاع. الرد الضمنى.
الدفاع الموضوعى الذى يكفى فيه الرد الضمنى. مثال.
1 - رفض المجنى عليه إجراء الجراحة، لما قدره من خطرها على حياته، هو من خالص حقه، وإذ انتفى عنه سوء القصد فقد تعينت مساءلة المتهم عن العاهة باعتبارها من نتيجة عمله.
2 - ما أثاره المتهم فى دفاعه من أن إصابة المجنى عليه كانت سابقة على الحادث وما ساقه من قرائن على ذلك إنما هو من قبيل الجدل الموضوعى الذى لا يقبل منه أمام محكمة النقض، وهو باعتباره دفاعا موضوعيا لم تكن المحكمة ملزمة بالرد عليه استقلالا إكتفاء بأخذها بأدلة الإثبات القائمة فى الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما: المتهم الأول أحدث عمدا بالمتهم الثانى الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى نشأ لديه بسببها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى كسر بعظام الأنف والحاجز الأنفى مع ميل كبير للناحية اليسرى يضيق من مجرى الأنف الأيسر ويتسع الأيمن مما يعوق حركة الشهيق والزفير ويعرضه للنزلات الأنفية والصدرية ويقلل من كفاءته وقدرته على العمل بنحو 15% وأحدث عمدا بالمتهم الثانى الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة تزيد على العشرين يوما. والمتهم الثانى: أحدث عمدا بالمتهم الأول الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى والتى تقرر لعلاجها مدة لا تقل عن العشرين يوما. وطلبت من غرفة الإتهام إحالتهما على محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 240/ 1 و 241/ 1 من قانون العقوبات بالنسبة للأول و 242/ 1 من نفس القانون بالنسبة للثانى. فأمرت الغرفة بذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بالمادتين 240/ 1 و 242/ 1 مع تطبيق المادتين 32/ 2 و 17 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول وبمادة الإتهام بالنسبة إلى المتهم الثانى. بحبس المتهم الأول سنتين مع الشغل لما أسند إليه. وبتغريم المتهم الثانى ثلاثة جنيهات.
فطعن المحكوم عليه الأول فى هذا الحكم بطريق النقض. وقضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون في وإحالة القضية إلى محكمة الجنايات لتحكم فيها مجددا هيئة أخرى. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بالمادتين 240/ 1 و 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول بالحبس مع الشغل لمدة سنتين.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض "للمرة الثانية"... إلخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى الطعن هو الخطأ فى القانون وفى الإسناد والقصور فى التسبيب ذلك بأن الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ دان الطاعن بجناية إحداث عاهة مستديمة رغم ما ثبت من التقرير الطبى الشرعى من إمكان تدارك هذه الحالة بإجراء جراحة بدأ بها المجنى عليه بغير خطر على حياته وليس يحق للمجنى عليه أن يمتنع تعنتا عن إجراء هذه الجراحة للإضرار بالطاعن هذا إلى أن الحكم قد أخطأ فى الإسناد بأن نسب إلى الشاهدين هاشم محمد المنيرى وفتح الله عبد الستار أنهما شهدا فى التحقيقات وبالجلسة بأن الطاعن قذف المجنى عليه بمجبرة مع أن أقوالهما بالجلسة قد خلت من ذلك كما أنه قصر فى الرد على ما دفع به الطاعن من أن إصابة المجنى عليه كانت قديمة مستدلا على ذلك بأن ضربه بقاعدة محبرة من شأنه أن يحدث به إصابات أشد جسامة من التى شوهدت به، فضل عما يمكن أن تسببه الإصابة الشديدة من إغماء ونزيف مما لم يحدث.
وحيث إن الحكم المطعون فيه رد على ما طلبه الدفاع من اعتبار الواقعة جنحة استنادا إلى ما جاء بالتقرير الطبى الشرعى من إمكان زوال العاهة بالجراحة بقوله "وبما أن المجنى عليه قرر أمام المحكمة بجلسة 9 من أبريل سنة 1960 بأنه لن يجرى هذه العملية ومن ثم يتعين مؤاخذة المتهم طبقا لحالة المجنى عليه الراهنة لأن المتهم مسئول عن هذه النتيجة التى جاءت محتملة لفعله مادام أن المجنى عليه قد قدر أن مثل العملية قد تعرض حياته للخطر وهو حر فى هذا التقدير ورفض على هذا الأساس إجراءها". لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم من أن رفض المجنى عليه لإجراء الجراحة إنما كان لما قدره من خطرها على حياته، وكان هذا التقدير من خالص حقه وإذ انتفى عنه سوء القصد فقد تعينت مساءلته عن العاهة باعتبارها نتيجة عمله، ولما كان ما أورده الحكم عن أقوال الشاهدين له أصله الثابت بالتحقيقات، وكان ما أثاره الطاعن فى دفاعه من أن إصابة المجنى عليه كانت سابقة على الحادث وما ساقه من قرائن على ذلك إنما هو من قبيل الجدل الموضوعى الذى لا يقبل منه أمام محكمة النقض، وهو باعتباره دفاعا موضوعيا لم تكن ملزمة بالرد عليه استقلالا إكتفاء بأخذها بأدلة الإثبات القائمة فى الدعوى، ومن ثم فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.