أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 12 - صـ 251

جلسة 20 من فبراير سنة 1961

برياسة السيد / محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد عطية اسماعيل، وعادل يونس، وعبد الحسيب عدى، وحسن خالد المستشارين.

(45)
الطعن رقم 2413 لسنة 30 القضائية

(أ) إثبات. دفاع. نقض.
إثبات صحة الأوراق. الطعن بالتزوير فرعيا. هو من وسائل الدفاع التى تخضع لتقدير محكمة الموضوع. عدم التزامها بإجابته عند اقتناعها بصحة الأوراق التى أنكرها المتهم. لا إشراف لمحكمة النقض على هذا التقدير.
رأى الخبير. المحكمة هى الخبير الأعلى. نطاق هذا المبدأ.
طالب التأجيل. متى لا يعاب على المحكمة الإلتفات عنه؟
(ب) دفاع.
طلب ضم أوراق. إستحالة تحقيقه لا تمنع من إدانة المتهم عند كفاية الأدلة القائمة فى الدعوى.
(جـ) تحقيق:
جواز الإطلاع على الأوراق فى غيبة المتهم. كل ما للمتهم أن يتمسك بما قد يكون فى هذا الإجراء من نقص أو عيب.
( د) اختلاس أموال أميرية. صفة مأمور التحصيل.
يكفى قيام المتهم بعملية التحصيل بحسب توزيع الأعمال فى المصلحة الحكومية. لا يشترط الندب الكتابى.
1 - الطعن بالتزوير فى ورقة من أوراق الدعوى المقدمة فيها - على ما يبين من المذكرة الإيضاحية المصاحبة لمشروع قانون الإجراءات الجنائية عن الفصل الخاص بدعوى التزوير الفرعية - هو من وسائل الدفاع التى تخضع لتقدير محكمة الموضوع التى لا تلتزم بإجابته، لأن الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة فى تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث، وهى الخبير الأعلى فى كل ما تستطيع هى أن تفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها مادامت المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحتة التى لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء رأى فيها - فمتى قدرت أن المتهم هو الذى كتب القسائم التى أنكرها، فإنها تكون بذلك قد فصلت فى أمر موضوع لا إشراف لمحكمة النقض عليه، ولا يعدو ما طلبه الدفاع فى شأن تمكين المتهم من الطعن بالتزوير فى القسائم المذكورة أن يكون طلبا للتأجيل لاتخاذ إجراء لا تلتزم المحكمة بالاستجابة إليه، ومادام أنها استخلصت من وقائع الدعوى عدم الحاجة إليه، فلا يصح أن يعاب عليها إلتفاتها عنه.
2 - إستحالة تحقيق ما طلبه المتهم بشأن ضم بعض الأوراق لا تمنع من إدانته مادامت الأدلة القائمة من الدعوى تكفى لها.
3 - يجوز للنيابة أن تقوم بالاطلاع على الأوراق فى مرحلة التحقيق فى غيبة المتهم إذا هى رأت لذلك موجبا، ولا يبطل غياب المتهم هذا الإجراء. وكل ما يكون له هو أن يتمسك لدى محكمة الموضوع بما قد يكون فيه من نقض أو عيب حتى تقدره المحكمة وهى على بينة من أمره - كما هو الشأن فى سائر الأدلة.
4 - لا يشترط لكى يعتبر الشخص من مأمورى التحصيل المشار إليهم فى المادة 112 من قانون العقوبات أن يندب بأمر كتابى - بل يكفى عند توزيع الأعمال فى المصلحة الحكومية أن يقوم الموظف بعملية التحصيل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفا عموميا إختلس مبلغ 37 جنيها و 100 مليم بخلاف القسيمتين اللتين لم يستدل عليهما حالة كونه من مأمورى التحصيل وسرق وأتلف دفتر قسائم تحصيل وقسائم تحصيل أخرى مبينة بالمحضر وأوراق دفتر مراجعة وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 111، 112، 118، 119 من قانون العقوبات وجنحة بالمادة 152/ 1 من القانون المذكور ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بمواد الإتهام والمادة 17 بالنسبة للتهمة الأولى بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسمائة جنيه وبعزله من وظيفته وببراءته من التهمة الثانية عملا بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى أوجه الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة اختلاس أموال وأوراق للدولة بوصفه من مأمورى التحصيل قد انطوى على إخلال بحق الدفاع كما أخطأ فى تطبيق القانون ذلك أن المدافع عنه طلب تمكينه من الطعن بالتزوير على الإيصالات الثلاثة المتعلقة بالإختلاس الذى وقع يوم 23 من مايو سنة 1955 والتى أنكر صدورها منه طبقا للمادة 295 من قانون الإجراءات الجنائية كما طلب ضم جميع الأوراق التى توصلت منها اللجنة التى شكلت لفحص أعماله إلى نسبة الإختلاس إليه المقول بحصوله فى أيام 10 و 11 و 31 من أغسطس سنة 1955 تأسيسا على أن عمل رئيس تلك اللجنة محل شك كبير نظرا إلى توليه رئاسة قلم المراجعة فى الأيام التى نسبت فيها حوادث الإختلاس إلى الطاعن وإلى أن الإطلاع على تلك الأوراق فى التحقيق لم يشمل جميع ما ينبغى الاطلاع عليه وقد تم ذلك فى غيبة الطاعن. وقد التفت الحكم عن هذين الطلبين لعلة غير سائغة إذ بنى رفضه للطلب الأول على قيام التشابه التام بين الكتابة الثابتة بالقسائم المطعون عليها وتوقيعات الطاعن بالقسائم السابقة واللاحقة عليها مما يغنى عن ندب خبير للمضاهاة، دون أن يبين الحكم أوجه التشابه حتى تتحقق رقابة محكمة النقض على صحة هذا الإستخلاص. وبرر الحكم إطراحه للسبب الخاص بضم الأوراق باطمئنانه إلى أعمال اللجنة، وكان من المتعين على المحكمة أن تتولى بنفسها الإطلاع على القضايا والأوراق المتعلقة بالإختلاس المنسوب إلى الطاعن لأن الأصل هو طرح الدليل على بساط البحث فى الجلسة حتى يتناوله الخصوم بالمناقشة. ولا يغنى عن طلب تمكين الطاعن من الطعن بالتزوير أن تقول المحكمة إنها قامت بتحقيق هذا الإدعاء بنفسها وانتهت إلى فساده لما فى الالتفات عن هذا الطلب من حرمان للطاعن من تقديم أدلته على تزوير الأوراق المطعون عليها منه بالطريق الذى رسمه القانون. كما التفت الحكم عن الإستجابة إلى ما طلبه المدافع عن الطاعن من مناقشة كل من السيد / عباس حلمى كاتب المراجعة فى الأيام المقول بحصول الإختلاس فيها والسيد/ صديق عفت لما أسفر عنه التحقيق بالجلسة من أن نظام العمل فى التحصيل بالمحكمة التى وقع الإختلاس بها لا يمكن المحصل من اختلاس أى مبلغ يحصله نظرا إلى رقابة كاتب المراجعة على عمليته يوميا وإشراف رئيس الحسابات عليها وقد برر الحكم رفضه لهذا الطلب بعدم الحاجة إلى إستدعاء كاتب المراجعة الذى أحيل إلى المعاش والاكتفاء بسماع كاتب المراجعة يوم 31/ 8/ 1955 وبأن الخطأ الذى يفترضه الدفاع فى العملية الحسابية - دون ثمة دليل عليه - ما كان ليحول بين الطاعن وتوريد جميع المبالغ التى حصلها يوم 23/ 5/ 1954 دون أن يحتجز جنيهين و 700 مليم، وهو رد ينطوى على سوء فهم لمرامى الدفاع من ذلك الطلب الذى يتجه إلى كشف الغموض الذى اكتنف الحادث لاحتمال أن تكشف المناقشة عن وقوع خطأ مادى أو تصرف غير عمدى ينتفى به القصد الجنائى فى حق الطاعن. هذا إلى أن الحكم قد اعتبر الطاعن من مأمورى التحصيل دون أن يكون مندوبا لذلك ندبا قانونيا سليما لأن الندب الشفوى من رئيس القلم لا ينتج أثره لصدوره ممن لا يملكه - وهو ما أثاره الطاعن فى دفاعه - ومصلحته من انتفاء هذه الصفة واضحة لأنه بسقوطها عنه كانت تستطيع المحكمة وقد أعملت فى حقه المادة 17 من قانون العقوبات أن تنزل بالعقوبة إلى ما دون الحد الذى نزلت إليه، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله إنه "فى أول شهور نوفمبر سنة 1955 بدائرة قسم ثان بندر المنصورة من أعمال مديرية الدقهلية كشف محمد حامد سلامه أمين قلم الحفظ بالمحكمة الكلية فقد دفتر قسائم التحصيل 155 ع. ح محاكم التى تبدأ من 692001 وتنتهى 692200 الذى استعمل فى التحصيل فى المدة من 25/ 8/ 1955 إلى 1/ 9/ 1955 كما تبين فقد الورقتين رقم 41 و 42 من دفتر المراجعة فأبلغ رئاسة المحكمة التى أبلغت بدورها الوزارة بالأمر وقام السيد محمد عوف مفتش الأقلام بفحص الأمر وتبين له أن الورقتين الفاقدتين من دفتر المراجعة خاصتان بالقسائم ومن مراجعة الأوراق الخاصة بهذه القسائم الموجودة بقلم الكتاب والمحضرين تبين له اختلاس مبلغ 20 جنيها من المحصل فى يوم 31/ 8/ 1955 وأن المتهم محمد فاروق محمد صبح (الطاعن) الكاتب بمحكمة المنصورة الابتدائية هو الذى كان يقوم بعملية التحصيل فى ذلك اليوم وأثر ذلك أبلغ محمد حامد سلامه أيضا فى 29/ 11/ 1955 بأنه تبين فقد دفترى قسائم التحصيل من رقم 691201 إلى يوم (كذا) 691400 ومن رقم 691401 إلى رقم 691600 عن المدد من 4/ 8/ 1955 إلى 10/ 8/ 1955 وأن الورقتين رقم 34 و 35 من دفتر المراجعة وهما خاصتان بهذه القسائم فقد فقدتا بنزعهما فألفت لجنة برئاسة محمد عوف مفتش الأقلام وعضوية على حسن وأحمد ماهر الموظفين بالمحكمة لبحث عمل المتهم وأمر ضياع دفاتر قسائم التحصيل وأوراق دفتر المراجعة وباشرت اللجنة عملها ثم باشرت النيابة ثم المحكمة التحقيق وثبت من ذلك أن المتهم محمد فاروق الكاتب بالمحكمة فى المدة من 23/ 5/ 1954 إلى 21/ 8/ 1955 فى المكان سالف الذكر بصفته موظفا عموميا ومندوبا للتحصيل قد إختلس من المبالغ التى حصلها مبلغ 37 جنيها و 100 مليم عدا القسيمتين رقم 46161 و 691548 اللتين لم يستدل عليهما من ذلك 2 ج و 700 مليم فى 23/ 5/ 1954 و 5 جنيهات فى 10/ 8/ 1955 و 9 جنيهات و 400 مليم فى 11/ 8/ 1955 و 20 جنيها فى 31/ 8/ 1955 وقام المتهم برد هذه المبالغ أثناء التحقيق كما ثبت أن دفتر قسائم التحصيل الذى يبدأ من 692001 وينتهى برقم 692200 وقسائم تحصيل أخرى مثبتة بالأوراق وأربعة أوراق من دفتر المراجعة مرقومة برقم 34 و 35 و 41 و 42 على التوالى قد سرقت وأتلفت ولم تسفر التحقيقات عن معرفة مقترف هذه الجريمة الأخيرة، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال الشهود ومن اطلاع المحكمة على البعض من قسائم التحصيل التى حصرها الشاهد الأول واللجنة التى كان يرأسها - وهى التى أمكن ضمه لملف الدعوى - والتى كان الطاعن قد حررها عن المبالغ التى حصلها فى الأيام التى وقع فيها الإختلاس وحوافظ توريد الطاعن للتحصيلات ومن اعتراف هذا الأخير بالتحقيقات بأنه هو الذى كان مندوبا لعملية التحصيل فى أيام 23/ 5/ 1954 و 10 و 11 و 31 من أغسطس سنة 1955 وهى أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وتتوافر بها كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها. وعرض الحكم لدفاع الطاعن الموضوعى ففنده وأثبت إناطة عملية التحصيل به فى الأيام التى وقع الإختلاس فيها وذلك من إقراره فى مختلف أدوار التحقيق وأمام المحكمة بتكليفه من رئيسه بالقيام بعملية التحصيل فى تلك الأيام ومن شهاده رئيسه فى هذا الشأن ولم يشترط الحكم لتوافر صفة مأمور التحصيل فى حق الطاعن أن يكون الندب للتحصيل بأمر كتابى رسمى من المحكمة لما لرئيس حسابات المحكمة الذى ندبه من سلطة الإدارة والإشراف على عملية التحصيل فى المحكمة وأنه بحسب ترتيب توزيع الأعمال الذى كان الطاعن مأمورا بمقتضاه شفهيا بالتحصيل وجرى العمل به، فإنه يكون منوطا به فى هذا الترتيب أمر تحصيل الرسوم وتوريدها لخزانة المحكمة وأنه بحكم هذا الترتيب وبموجب هذه الصفة الفعلية استلم لحساب الحكومة جميع المبالغ المنسوب له إختلاسها. ودلل الحكم على توافر القصد الجنائى فى حق الطاعن بأدلة سائغة منتجة وتناول ما أثاره المدافع عن الطاعن فى وجوه طعنه فأثبت اطلاع المحكمة على القسائم الزرقاء رقم 46162 و 46163 و 46164 مجموعة رقم 19 وأنه بعرضها على الطاعن أنكر توقيعه عليها أو تحريره لها، إلا أن المحكمة لاحظت تشابه تاما بين الكتابة الثابتة بهذه القسائم الثلاث والإمضاءات المنسوبة للمتهم عليها وبين كتاباته وتوقيعاته الثابتة بالقسائم السابقة عليها واللاحقة عليها الخاصة بعملية التحصيل عن يوم 23/ 5/ 1954 والسابق ذكرها والتى اعترف المتهم بصدورها منه بما لا يدع مجالا لأى شك أمام المحكمة فى أن المتهم هو محررها والموقع عليها دون حاجة لندب خبير للمضاهاة وترى أنه ما قصد بإنكاره هذا سوى الرغبة فى تعطيل الفصل فى الدعوى والتنصل من إتلاف القسائم الفاقدة. ثم رد على طلب الدفاع تمكين الطاعن من الطعن بالتزوير فى القسائم المذكورة فى قوله إنه "كان للمتهم من بدء قيام الدعوى مباشرة هذا الإجراء والطعن بتزوير القسائم عملا بالمادة 295 من قانون الإجراءات الجنائية ولكنه لم يفعل وقد قامت المحكمة من جانبها بتحقيق هذا الإدعاء بنفسها وانتهت إلى فساده وإلى صحة هذه القسائم الثلاث وصدورها من المتهم وفق ما سلف بيانه". وهو رد سائغ، وعرض لما طلبه من ضم الأوراق التى تحت نظر اللجنة فقال "فقد أمرت المحكمة بضمها وقد ضمت فعلا القسيمة رقم 539323 المتضمنة تحصيل المتهم 5ج و 10 م يوم 23/ 5/ 1954 قيمة أمانة الخبير فريد بانوب واطلع عليها المتهم وأقر أنها محررة بخطة كما ضمت بعض أوراق التحصيل التى أمكن ضمها والمرفق بها الصور الزرقاء لقسائم التحصيل التى حررها فى أيام 23/ 5/ 1954 و 10 و 11 و 31/ 8/ 1955 وناظرتها وعرضتها على المتهم والدفاع حسبما سلف بيانه وبذلك تكون المحكمة عملت ما فى استطاعتها لاستجابة طلب الدفاع وقد تعذر ضم باقى الأوراق لتسليم بعضه إلى أصحابه ولسرقة البعض الآخر حسبما هو ثابت بشهادة صادق عبد الرحمن كبير كتاب المحكمة الكلية بالجلسة أمام المحكمة". ثم تناول الحكم طلب سماع الشاهدين اللذين تمسك الدفاع بسماعهما فى قوله "وحيث إنه عن طلب الدفاع إستدعاء عباس حلمى كاتب المراجعة يوم 23/ 5/ 1954 وصديق عفت كاتب الدفتر خانة لمناقشة أولهما عن كيفية قيامه بعملية المراجعة لاحتمال أن ما حدث كان نتيجة خطأ لا ينطوى على التعمد اللازم لتوافر القصد الجنائى ومناقشة ثانيهما بشأن استلامه دفتر المراجعة ودفتر القسائم من المتهم فترى المحكمة أنه لا حاجة إلى استدعاء الأول الذى أحيل إلى المعاش وقد اكتفت بطلب سماع شهادة صبحى أحمد شرف الدين كاتب المراجعة يوم 31/ 8/ 1955 عن كيفية القيام بالمراجعة ولأن الخطأ الذى يفترض الدفاع فى العملية الحسابية والذى لا دليل عليه ما كان ليحول بين المتهم وبين توريد جميع المبالغ التى حصلها يوم 23/ 5/ 1954 بدون أن يحتجز 2ج و 700 مليم على ما سبق بيانه كما لا ترى المحكمة داعيا لاستدعاء الثانى لسماع أقواله بشأن التهمة الثانية قبل المتهم (سرقة الأوراق وإتلافها) إذ لم تر ثبوتها فى حقه...، لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم سديدا فى القانون ذلك أن الطعن بالتزوير بطريق التبعية للدعوى الأصلية فقد نظمت أحكامه بالمواد 295 وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية - التى كانت فى مشروع القانون المذكور المواد 586 إلى 590 - وقد توخى الشارع فى ذلك تبسيط الإجراءات ولم ينشأ الأخذ بما ورد فى قانون المرافعات عن دعوى التزوير الفرعية وجاء فى المذكرة الإيضاحية المصاحبة لمشروع القانون عن الفصل الخاص بدعوى التزوير الفرعية ما يلى "والطعن بالتزوير لا يترتب عليه حتما وجوب السير فى تحقيقه كما أنه لا يترتب عليه دائما إيقاف الدعوى الأصلية لحين الفصل فى دعوى التزوير بل إن الجهة المنظورة أمامها الدعوى الأصلية هى التى تقدر هذين الأمرين وتأمر بما تراه فيهما حسبما تستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها فإذا رأت شبهة التزوير أحالت الأوراق إلى النيابة العمومية للسير فى التحقيق حسب القانون ولا يترتب على السير فى تحقيق دعوى التزوير وجوب إيقاف الدعوى الأصلية فإن هذا الإيقاف لا يكون إلا إذا كان الفصل فى الدعوى المذكورة يتوقف على الورقة التى يجرى التحقيق فيها "ويبين مما تقدم أن الطعن بالتزوير فى ورقة من أوراق الدعوى المقدمة فيها هو من وسائل الدفاع التى تخضع لتقدير محكمة الموضوع التى لا تلتزم بإجابته لأن الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة فى تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث وهى الخبير الأعلى فى كل ما تستطيع هى أن تفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها مادامت المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحت التى لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء رأى فيها، ومتى تقرر ذلك، وكانت المحكمة قد قدرت أن الطاعن هو الذى كتب القسائم التى أنكرها، فإنها تكون بذلك قد فصلت فى أمر موضوعى لا إشراف لمحكمة النقض عليه ولا يعدو ما طلبه الدفاع فى هذا الصدد أن يكون طلبا للتأجيل لاتخاذ إجراء لا تلتزم المحكمة فى الأصل بالاستجابة إليه طالما أنها استخلصت من وقائع الدعوى عدم الحاجة إليه فلا يصح أن يعاب على المحكمة التفاتها عنه، فضلا عن أنه لا مصلحة للطاعن فى هذا النعى لأن العقوبة المقضى بها محمولة على وقائع الإختلاس الأخرى التى أثبت الحكم بأدلة سائغة وقوعها منه. لما كان ذلك، وكان ما رد به الحكم على طلب ضم الأوراق التى كانت أمام اللجنة سديدا إذ أنه من المقرر أن استحالة تحقيق هذا الوجه من الدفاع لا تمنع من الإدانة مادامت الأدلة القائمة فى الدعوى تكفى لها كما هو الحال فى الدعوى المطروحة، وكان يجوز للنيابة أن تقوم بالاطلاع على الأوراق فى مرحلة التحقيق فى غيبة المتهم إذا هى رأت لذلك موجبا ولا يبطل غياب المتهم هذا الإجراء، وكل ما يكون له هو أن يتمسك لدى محكمة الموضوع بما قد يكون فيه من نقص أو عيب حتى تقدره المحكمة وهى على بينة من أمره كما هو الشأن فى سائر الأدلة وكان الحكم قد برر رفضه سماع الشاهدين اللذين طلب الدفاع سماعهما بما يصلح سندا لهذا الرفض ذلك أنه وإن كان القانون قد أوجب سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أن للمحكمة إذا كانت قد وضحت لديها الواقعة أو كان الأمر المطلوب تحقيقه لا ينتج نتيجة تتعارض منطقيا مع صحة دليل من أدلة الإثبات التى اعتمدها قاضى الموضوع واطمأن إلى كفايتها فى تكوين رأيه فإنه لها ألا تلتفت إليه أو أن تخصه برد صريح ومع ذلك فقد بينت المحكمة علة رفض الطلب وهى غير ملزمة أصلا بأن ترد عليه ولا أن تبين علة رفضه، وكان لا يشترط لكى تعتبر الشخص من مأمورى التحصيل المشار إليهم فى المادة 112 من قانون العقوبات أن يندب بأمر كتابى بل يكفى عند توزيع الأعمال فى المصلحة الحكومية أن يقوم الموظف بعملية التحصيل. لما كان ما تقدم، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه يكون غير سديد.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.