أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة 28 - صـ 1882

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1977

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة مصطفى الفقى وعضوية السادة المستشارين/  حافظ رفقى، وجميل الزينى، ومحمود حسن حسين، وعاصم المراغى.

(322)
الطعن رقم 496 لسنة 44 القضائية

(1) موطن. محكمة الموضوع. اختصاص "اختصاص محلى".
موطن الأعمال. قيامه طالما بقى النشاط التجارى مستمراً وله مظهره الواقعى. تقدير توافر العناصر الواقعية لموطن الأعمال من سلطة محكمة الموضوع.
(2) حكم. "حجية الحكم الجنائى". اختصاص. "الاختصاص المحلى".
حجية الحكم الجنائى أمام المحاكم المدنية. شرطها. قضاء المحكمة الجنائية بعدم الاختصاص المحلى لا تتقيد به المحكمة المدنية عند تحديد الاختصاص المحلى فى الدعوى المدنية المتعلقة بذات الواقعة.
(3) دعوى. "وقف الدعوى". نظام عام.
الدعوى المدنية. وجوب الحكم بوقف السير فيها عند رفع الدعوى الجنائية عن ذات الفعل حتى يفصل نهائياً فى الدعوى الجنائية. تعلق هذه القاعدة بالنظام العام. لا يغير من ذلك أن تكون الدعوى الجنائية قد رفعت أثناء نظر الاستئناف فى الدعوى المدنية.
1 - تجيز المادة 41 من القانون المدنى اعتبار محل التجارة - بالنسبة للأعمال المتعلقة بها - موطناً للتاجر بجانب موطنه الأصلى للمحكمة التى أفصح عنها الشارع من أن قاعدة تعدد الموطن تعتد بالأمر الواقع وتستجيب لحاجة المتعاملين، وإذ كان موطن الأعمال يعتبر قائماً ما بقى النشاط التجارى مستمراً وله مظهره الواقعى الذى يدل عليه والذى تستخلصه محكمة الموضوع من أوراق الدعوى وظروفها - لما لها من سلطة تقديرية - وحسبها أن تورد فى حكمها الأدلة المسوغة لاستخلاصها. فإن الجدل فى هذا الشأن يعتبر جدلاً موضوعياً حول تقدير العناصر الواقعية لمواطن لأعمال وهو ما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض ويكون النعى - بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية محلياً بنظر الدعوى على غير أساس.
2 - مفاد نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات أن الحكم الجنائى لا تكون له حجية أمام المحاكم المدنية إلا إذا كان قد فصل فى موضوع الدعوى الجنائية بالإدانة أو بالبراءة، ولما كان الحكم الجنائى الصادر من محكمة جنح قسم الجيزة - والذى يتمسك به الطاعن - قد وقف عند حد القضاء بعدم الاختصاص المحلى، فإن المحكمة المدنية لا تتقيد به سيما وأن قواعد الاختصاص المحلى فى المسائل الجنائية تختلف عنها فى المسائل المدنية والتجارية.
3 - مؤدى نص المادة 265/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية إذا ترتب على الفعل الواحد مسئوليتان جنائية ومدنية، ورفعت دعوى المسئولية المدنية أمام المحكمة المدنية، فإن رفع الدعوى الجنائية، سواء قبل رفع الدعوى المدنية أو أثناء السير فيها، يوجب على المحكمة المدنية أن توقف السير فى الدعوى المرفوعة أمامها إلى أن يتم الفصل نهائياً فى الدعوى الجنائية، وهذا الحكم متعلق بالنظام العام ويجوز التمسك به فى أية حالة تكون عليها الدعوى، ويعتبر نتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضى المدنى بالحكم الجنائى فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانونى ونسبتها إلى فاعلها والذى نصت عليه المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية، لما كان ذلك وكان يبين مما سجله الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد أقام أمام محكمة جنح عابدين، جنحة مباشرة يتهم فيها المطعون ضده بالاعتياد على الإقراض بالربا الفاحش وأن الشيك موضوع الدعوى المدنية الحالية يخفى فوائد ربوية وأنه لم يفصل فى هذه الدعوى الجنائية بعد، وكان سعر الفائدة الذى يثبت حصول الإقراض به يشكل الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية، ويتقيد فى شأنه القاضى المدنى بما يقضى به فى جريمة الإقراض بفوائد ربوية المنسوبة إلى المطعون ضده، فإنه كان يتعين على محكمة الاستئناف أن توقف السير فى الدعوى المدنية إلى أن يتم الفصل نهائياً فى الدعوى الجنائية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بمقولة إن رفع الدعوى الجنائية جاء لاحقاً على رفع الاستئناف يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون ضده استصدر من السيد/  رئيس محكمة الجيزة الابتدائية أمر الأداء رقم 10 لسنة 1973 تجارى كلى الجيزة قاضياً بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ ألف جنيه تأسيساً على أن هذا الأخير يداين الطاعن بهذا المبلغ بمقتضى شيك مسحوب على بنك بور سعيد فرخ محمد فريد مؤرخ 30/ 6/ 1971 وأن البنك رفض فى 28/ 8/ 1972 صرف قيمة الشيك لمضى أكثر من عام ولأن حساب الطاعن مسدد. استأنف الطاعن هذا الأمر بالاستئناف رقم 480 سنة 90 ق تجارى القاهرة. وبتاريخ 14/ 3/ 1974 قضت محكمة استئناف القاهرة بتأييد أمر الأداء. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله وفى بيان ذلك يقول أنه تمسك بعدم اختصاص محكمة الجيزة الابتدائية بنظر الدعوى تأسيساً على أن الثابت بالأوراق أنه يزاول نشاطه التجارى بمحله الكائن فى شارع عبد الخالق ثروت ويعتبر موطناً بالنسبة لهذا النشاط وفقاً لنص المادة 41 من القانون المدنى إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفع استناداً إلى أن الفاترينة التى أودعها الطاعن بفندق شيراتون تعتبر موطناً له يصح إعلانه فيه وتتحدد بمقتضاه المحكمة المختصة بنظر الدعوى فى حين أن هذه الفاترينة مخصصة لمجرد الإعلان عن تجارته ولا يزاول فيها أى نشاط ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون والخطأ فى تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله ذلك أنه لما كانت المادة 41 من القانون المدنى تجيز اعتبار محل التجارة - بالنسبة للأعمال المتعلقة بها - موطناً للتاجر بجانب موطنه الأصلى للمحكمة التى أفصح عنها الشارع من أن قاعدة تعدد الموطن تعتد بالأمر الواقع وتستجيب لحاجة المتعاملين، وإذ كان موطن الأعمال يعتبر قائماً ما بقى النشاط التجارى مستمراً وله مظهره الواقعى الذى يدل عليه والذى تستخلصه محكمة الموضوع من أوراق الدعوى وظروفها - لما لها من سلطة تقديرية - وحسبها أن تورد فى حكمها الأدلة المسوغة لاستخلاصها. لما كان ذلك وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد بأسبابه أن الثابت من صورة محضر الحجز الموقع بتاريخ 13/ 9/ 1973 وفاء لقيمة أمر الأداء موضوع الإستئناف أن ذلك الحجز توقع بمحل المستأنف الكائن بفندق شيراتون وقد توقع على بضائع بلغت اثنين وثلاثين وحدة قيمتها تزيد عن قيمة أمر الأداء. لما كان هذا وكانت المادة 41 من القانون المدنى تنص على أنه "يعتبر المكان الذى يباشر فيه الشخص تجارة أو حرفة موطناً بالنسبة إلى إدارة الأعمال المتعلقة بهذه التجارة أو الحرفة " لما كان هذا فإن محل المستأنف الكائن بفندق شيراتون والتابع لمحكمة الجيزة يكون موطناً بالنسبة لأعماله التجارية......." وكان هذا الذى استخلصه الحكم من الأوراق من اعتبار محل الطاعن الكائن بفندق شيراتون موطناً له بالنسبة لأعماله التجارية، يدخل فى سلطة محكمة الموضوع التقديرية ومبنى على أدلة وأسباب سائغة فإن الجدل فى هذا الشأن يعتبر جدلاً موضوعياً حول تقدير العناصر الواقعية لمواطن لأعمال وهو مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض ويضحى النعى بهذا السبب على غير أساس
وحيث أن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله، وفى بيان ذلك يقول إن المطعون ضده كان قد أقام عليه إدعاء مباشر أمام محكمة جنح الجيزة عن ذات الشيك وقد دفع أمامها بعدم اختصاصها جنائياً ومدنياً بنظر الجنحة المباشرة لعدم إقامته بدائرة تلك المحكمة وأنه ليس له محل بفندق شيراتون بالمعنى المنصوص عليه فى المادة 41 من القانون المدنى وإذ قبلت المحكمة الجنائية هذا الدفع وقضت بعدم الاختصاص فإن حكمها الجنائى تمتد حجيته إلى مكان الواقعة التى هى عنصر من عناصر الوصف القانونى للاتهام بما كان يتعين معه على المحكمة المدنية أن تلتزم به أعمالاً لنص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات وإذ أهدر الحكم المطعون فيه حجية الحكم الجنائى المشار إليه، فقد أخطأ فى تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سديد ذلك أن مفاد نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات أن الحكم الجنائى لا تكون له حجية أمام المحاكم المدنية إلا إذا كان قد فصل فى موضوع الدعوى الجنائية بالإدانة أو بالبراءة، ولما كان الحكم الجنائى الصادر من محكمة جنح قسم الجيزة - والذى يتمسك به الطاعن - قد وقف عند حد القضاء بعدم الاختصاص المحلى، فإن المحكمة المدنية لا تتقيد به سيما وأن قواعد الاختصاص المحلى فى المسائل الجنائية تختلف عنها فى المسائل المدنية والتجارية ومن ثم يكون النعى بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله والإخلال بحق الدفاع والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك يقول أنه طلب من المحكمة الاستئنافية الحكم بوقف الدعوى المدنية حتى يفصل فى الجنحة المباشرة المرفوعة منه على المطعون ضده والمؤسسة على كون الشيك موضوع المطالبة الحالية ناتج عن عملية اقتراض بربا فاحش والتى لم يفصل فيها وبعد وإذ رفض الحكم المطعون فيه وقف الدعوى المدنية تأسيساً على أن الدعوى الجنائية رفعت بعد رفع الاستئناف يكون قد خالف نص المادة 265/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية التى توجب الوقف سواء رفعت الدعوى الجنائية قبل الدعوى المدنية أو أثناء سيرها.
وحيث إن هذا النعى سديد ذلك أن مؤدى نص المادة 265/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية إنه إذا ترتب على الفعل الواحد مسئوليتان جنائية ومدنية ورفعت دعوى المسئولية المدنية أمام المحكمة المدنية فإن رفع الدعوى الجنائية، سواء قبل رفع الدعوى المدنية أو أثناء السير فيها، يوجب على المحكمة المدنية أن توقف السير فى الدعوى المرفوعة أمامها إلى أن يتم الفصل نهائياً فى الدعوى الجنائية، وهذا الحكم متعلق بالنظام العام ويجوز التمسك به فى أية حالة تكون عليها الدعوى، ويعتبر نتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضى المدنى بالحكم الجنائى فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانونى ونسبتها إلى فاعلها والذى نصت عليه المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية، لما كان ذلك وكان يبين مما سجله الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد أقام أمام محكمة جنح عابدين، جنحة مباشرة يتهم فيها المطعون ضده بالاعتياد على الإقراض بالربا الفاحش وأن الشيك موضوع الدعوى المدنية الحالية يخفى فوائد ربوية وأنه لم يفصل فى هذه الدعوى الجنائية بعد، وكان سعر الفائدة الذى يثبت حصول الإقراض به يشكل الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية ويتقيد فى شأنه القاضى المدنى بما يقضى به فى جريمتة الاعتياد على الإقراض بفوائد ربوية المنسوبة إلى المطعون ضده، فإنه كان يتعين على محكمة الاستئناف أن توقف السير فى الدعوى المدنية إلى أن يتم الفصل نهائياً فى الدعوى الجنائية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بقولة إن رفع الدعوى الجنائية جاء لاحقاً على رفع الاستئناف يكون قد خالف القانون مما يوجب نقضه والإحالة دون حاجة إلى بحث باقى أسباب الطعن.