أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 21 - صـ 985

جلسة 18 من أكتوبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين حسن عزام، وعضوية السادة المستشارين/ محمود كامل عطيفة، والدكتور أحمد محمد إبراهيم، والدكتور محمد محمد حسنين، وطه الصديق دنانة.

(234)
الطعن رقم 998 لسنة 40 القضائية

( أ ) دعوى جنائية. "تحريكها". نيابة عامة. "القيود التى ترد على حقها فى رفع الدعوى الجنائية". جلب. مواد مخدرة. تهريب جمركى.
لا قيد على حرية النيابة العامة فى رفع الدعوى الجنائية عن جريمة الجلب أو غيرها من الجرائم الواردة بالقانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 40 لسنة 1966. مثال.
(ب، ج) تفتيش. "الدفع ببطلانه". إثبات. "اعتراف". حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". مواد مخدرة.
(ب) بطلان التفتيش لا يحول دون أخذ القاضى بعناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التى أسفر عنها التفتيش ومنها الاعتراف اللاحق للمتهم بحيازته ذات المخدر الذى كشف التفتيش عن وجوده لديه.
(ج) تقدير قيمة الاعتراف الذى يصدر من المتهم أثر تفتيش باطل. أمر موضوعى.
1 - الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقا للقانون وأن اختصاصها فى هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا باستثناء من نص الشارع. ولما كانت النيابة العامة قد أقامت الدعوى الجنائية ضد الطاعن بوصف أنه جلب إلى أراضى الجمهورية العربية المتحدة جواهر مخدرة "حشيشا" دون الحصول على ترخيص كتابى بذلك من الجهة المختصة. وطلبت معاقبته طبقا للمواد (1 و2 و3 و33 و42) من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966، وقد دان الحكم الطاعن على مقتضى أحكام هذا القانون الذى خلا من أى قيد على حرية النيابة فى رفع الدعوى الجنائية عن جريمة الجلب أو غيرها من الجرائم الواردة به وهى جرائم مستقلة ومتميزة بعناصرها القانونية عن جرائم التهريب الجمركى المنصوص عليها فى القانون رقم 66 لسنة 1963، فإن النعى على الحكم بالبطلان فى الإجراءات لخلو الأوراق من إذن مدير عام الجمارك برفع الدعوى إعمالاً لحكم القانون الأخير يكون على غير سند من القانون.
2 - إن بطلان التفتيش لا يحول دون اخذ القانون بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنة والمؤدية الى النتيجة التى اسفر عنها التفتيش، ومن هذه العناصر الاعتراف اللاحق للمتهم بحيازته ذات المخدر الذى ظهر من التفتيش وجوده لديه.
3 - إن تقدير قيمة الاعتراف الذى يصدر من المتهم إثر تفتيش باطل وتحديد مدى صلة هذا الاعتراف بواقعة التفتيش وما نتج عنها هو من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما ينكشف لها من ظروف الدعوى.


الوقائع:

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 7/ 5/ 1969 بدائرة قسم الميناء محافظة الاسكندرية: جلب إلى أراضى الجمهورية العربية المتحدة جوهراً مخدراً "حشيشاً" دون الحصول على ترخيص كتابى بذلك من الجهة الإدارية المختصة. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للمواد (1 و2 و3 و33/ 1 و36 و42) من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول 1 المرافق، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه ثلاثة آلاف جنية وبمصادرة المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة جلب مواد مخدرة إلى أراضى الجمهورية العربية المتحدة، قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه بطلان فى الإجراءات، ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش تأسيسا على أن الواقعة لم تكن فى حالة تلبس، وأن من باشر الإجراءات هو أحد مأمورى الضبط القضائى بمدرية أمن إسكندرية وهو ليس من موظفى الجمارك الذين يحق لهم تفتيش الأشخاص والأمتعة داخل الدائرة الجمركية دون التقييد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية, غير أن الحكم رد على الدفع آخذا الطاعن باعترافه أمام النيابة وهو اعتراف باطل عملاً بالقاعدة المقررة من أن كل ما بنى على الباطل فهو باطل، هذا إلى أن الواقعة لا تخرج فى تكييفها القانونى الصحيح عن كونها جريمة تهريب جمركى لا يجوز اتخاذ أية إجراءات فيها أو رفع الدعوى الجنائية إلا بناء على طلب كتابى من مدير عام الجمارك أو من ينيبه إعمالاً للمادة 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 وهو ما لم يتحقق فى هذه الدعوى مما كان يتعين معه القضاء بعدم قبولها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة جلب مواد مخدرة إلى أراضى الجمهورية العربية التى دان بها عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان إجراءات القبض والتفتيش ورد بقوله "إن المحكمة تطرح هذا الدفع ذلك أنه علاوة على اطمئنانها على صحة ما جاء بأقوال الشهود من أن المتهم قد أقر قبل تفتيشه بإحرازه المخدر المضبوط، فإن ما ذهب إليه الدفاع من إطلاق القول بعدم الاعتداد بالاعتراف إذا ما جاء تالياً لتفتيش باطل إنما يتضمن تقريرا خاطئا لا يتفق وحكم القانون. والمحكمة وهذا من شئونها ترى أن اعتراف المتهم التفصيلى فى تحقيقات النيابة رغم عدوله عنه اعتراف سليم مستقل عن التفتيش يعتد به، ويزيدها مع سائر عناصر الإثبات يقيناً بثبوت التهمة ضده" وهذا الذى أورده الحكم الصحيح فى القانون، ذلك أن بطلان التفتيش - بفرض وقوعه - لا يحول دون أخذ القاضى بجميع عناصر الإثبات الأخرى المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التى أسفر عنها التفتيش، ومن هذه العناصر الاعتراف اللاحق للمتهم بحيازته ذات المخدر الذى ظهر من التفتيش وجوده لديه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ الطاعن باعترافه أمام النيابة باعتباره دليلا مستقلا عن التفتيش، وكان تقدير قيمة الاعتراف الذى يصدر من المتهم إثر تفتيش باطل، وتحديد مدى صلة هذا الاعتراف بواقعة التفتيش وما نتج عنها هو من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن من دعوى الخطأ فى تطبيق القانون يضحى غير سديد. لما كان ذلك، وكانت النيابة العامة قد أقامت الدعوى الجنائية ضد الطاعن بوصف أنه جلب إلى أراضى الجمهورية العربية المتحدة جواهر مخدرة (حشيشا) دون الحصول على ترخيص كتابى بذلك من الجهة المختصة. وطلبت معاقبته طبقا للمواد1 و2 و33 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 وقد دان الحكم الطاعن على مقتضى أحكام هذا القانون الذى خلا من أى قيد على حرية النيابة فى رفع الدعوى الجنائية عن جريمة الجلب أو غيرها من الجرائم الواردة به، وهى جرائم مستقلة ومتميزة بعناصرها القانونية عن جرائم التهريب الجمركى المنصوص عليها فى القانون رقم 66 لسنة 1963 وكان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون، وأن اختصاصها فى هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا باستثناء من نص الشارع، فإن النعى على الحكم بالبطلان فى الإجراءات لخلو الأوراق من إذن مدير عام الجمارك برفع الدعوى إعمالاً لحكم القانون رقم 66 لسنة 1963 يكون على غير سند من القانون. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.