أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 12 - صـ 272

جلسة 27 من فبراير سنة 1961

برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: السيد أحمد عفيفى، وتوفيق أحمد الخشن، وعبد الحليم البيطاش، ومحمود اسماعيل المستشارين.

(49)
الطعن رقم 2379 لسنة 30 القضائية

أمن الدولة. الجرائم الماسة به من الداخل. حكم. "تسبيبه". نقض.
قصور الحكم فى بيان عناصر جريمتى الإنضمام إلى جمعية ترمى إلى قلب نظم الدولة الأساسية والاجتماعية والإقتصادية بالقوة والترويج لأى مذهب يهدف إلى ذلك. نسبة تهمة الشيوعية إلى المتهم لا يزيل عيب القصور لعدم توضيحه مدى مطابقة الأغراض المنشودة للأهداف المؤثمة وعدم استظهاره عنصر الإلتجاء إلى القوة أو الإرهاب أو إلى أية وسيلة أخرى غير مشروعة لتحقيقها. تهمة "الشيوعية" اصطلاح لم تتضمنه نصوص القانون ولم تورد له تعريفا.
نقض. الخروج عن قاعدة نسبية أثر الطعن بسبب اتصال العيب الذى شاب الحكم بغير من قبل طعنه شكلا. نقض الحكم أيضا بالنسبة لمن لم يقدم أسبابا لطعنه. المادة 42 من القانون 57 لسنة 1959.
إذا كان الحكم وإن أورد فى بيانه لمضمون الأوراق والكتب المضبوطة بعض الأغراض المنشودة، فإنه لم يوضح مدى مطابقتها للأهداف المؤثمة فى القانون - فهو لم يستظهر من واقع هذه المطبوعات أو من ظروف الدعوى وأقوال الشهود التى حصلها أن الإلتجاء إلى القوة أو الإرهاب أو إلى أية وسيلة أخرى غير مشروعة كان ملحوظا فى تحقيقها الأمر الواجب توافره للعقاب على جريمتى الإنضمام إلى أى جمعية ترمى إلى قلب نظم الدولة الأساسية والإجتماعية والإقتصادية بالقوة، والترويج لأى مذهب يهدف إلى ذلك - اللتين دين بهما الطاعن الثانى، ولا يغير من الأمر ما ذهب إليه الحكم من نسبة تهمة الشيوعية إليه لأن ذكر هذا الإصطلاح - الذى لم تتضمنه نصوص القانون ولم تورد له تعريفا - لا يغنى عن بيان العناصر التى تتألف منها الجرائم التى استند إليها الحكم فى الإدانة كما هى معرفة به فى القانون. ولما كان هذا القصور الذى شاب الحكم يتناول مركز الطاعن الأول الذى لم يقدم أسبابا لطعنه، فإنه يتعين نقض الحكم للطاعنين معا عملا بالمادة 42 من القانون رقم 58 لسنة 1959.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم إنضموا إلى جمعية فى الإقليم المصرى ترمى إلى سيطرة طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات وإلى القضاء على طبقة اجتماعية وقلب نظم الدولة الأساسية "الاجتماعية والاقتصادية" وهدم النظم الأساسية للهيئة الإجتماعية وكان استعمال القوة والعنف والوسائل غير المشروعة ملحوظا فى ذلك بأن انضموا إلى منظمة الحزب الشيوعى المصرى التى تهدف إلى تطبيق المبادئ الشيوعية وتنادى بالقضاء على الطبقات الاجتماعية وتحقق سيادة الطبقة العاملة وحكمها المطلق وإلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج ونقلها للدولة كل ذلك عن طريق خلق مجتمع شيوعى بالأسلوب الثورى الذى اتبع فى الثورة الروسية وبتحريض العمال على الإغتصاب والإعتداء على حق الغير فى العمل وتحريضهم على بغض طائفة الملاك والرأسماليين تحريضا من شأنه تكدير السلم العام وروجوا فى الإقليم المصرى لتغيير المبادئ والنظم للهيئة الاجتماعية ولقلب نظام الدولة الأساسية "الاجتماعية والاقتصادية" وكان استعمال القوة والإرهاب والوسائل غير المشروعة ملحوظا فى ذلك بأن انضموا إلى منظمة الحزب الشيوعى المصرى سالفة الذكر وهى تعمل على تحقيق هذه الأهداف وترويج تلك المبادئ وتحبيذها بتكوين اللجان والخلايا وترويج الأفكار وتوزيع النشرات التى تدعو إلى هذه المبادئ. والمتهمان الأول والثانى حازا وأحرزا مطبوعات تتضمن تحبيذا وترويجا للجريمة المنصوص عليها فى المادة 98 ب عقوبات موضوع التهمة السابقة وذلك بأن حازا نشرات صادرة من منظمة الحزب الشيوعى المصرى سالف الذكر. وكانت هذه المطبوعات معدة للتوزيع واطلاع الغير عليها. وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم طبقا للمواد 98أ/ 3 و 98هـ والجنحة 98ب و 98هـ من قانون العقوبات والأول والثانى بالمادتين 98ب مكررة و 98هـ من ذات القانون ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهمين الأول والثانى بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثانى بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبغرامة قدرها خمسون جنيها وبحل منظمة الحزب الشيوعى المصرى وبمصادرة المضبوطات وببراءة المتهم الثالث مما أسند إليه عملا بالمادتين 304/ 1 و 381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية.
فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض الخ...


المحكمة

... من حيث إن الطعن المقدم من الطاعن الثانى قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث إن مما ينعاه هذا الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ فى القانون إذ قضى بمعاقبته بالمواد 98/ أ و98ب و 98ب مكرر و 98هـ من قانون العقوبات ولم يبين من مقومات وجود الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون فلم يستظهر أن القوة والإرهاب والوسائل غير المشروعة كان ملحوظا فى تنفيذها. ولما كان الحكم قد قصر فى التدليل على توفر هذه الشروط أو أحدها فى حق الطاعن فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه اتخذ من المطبوعات المضبوطة لدى المتهمين الأول والثانى دليلا أساسيا فى الدعوى ومع ذلك فقد اكتفى فى وصفها بقوله إنه "بان من الاطلاع على الأوراق التى ضبطت مع المتهم الأول أن الكتب السبعة التى استخرجت من جيبه تشتمل على لائحة الحزب الشيوعى المصرى وأن الورقة الخطية - وهى المكتوبة بخط الطاعن الثانى - فهى موجهة إلى من يدعى الرفيق أحمد وعبارتها (تسلم البوستة كما اتفقنا واحدة سلمها إلى الرفيق بتاع قسم الرمل والثانية سلمها ليحيى وسيقابلك اليوم الساعة ثمانية يوم الخميس على محطة ثروت الثالثة وسأقابلك أنا على محطة السيوف الساعة ثمانية ونصف باكر الخميس لتسلمها إلى الرفيق نعيم الذى سيأخذ اللفة الكبيرة) وأما الأوراق الأخرى المضبوطة بحقيبة المتهم الأول فهى عبارة عن أعداد من جريدة اتحاد الشعب العدد 20 الصادر فى 2/ 3/ 1959 وعليها شعارات (من أجل الدفاع عن الإستقلال الوطنى والسلام العالمى، وحدة عربية شاملة متحررة ديمقراطية الحريات السياسية والنقابية للشعب - رفع مستوى معيشة الطبقات الشعبية - وحدة العمال والفلاحين - جبهة وطنية متحدة - الخ ثم نسخ من بيان إلى الشعب بتوقيع الحزب الشيوعى المصرى السكرتارية المركزية ومؤرخ فى 12 من مارس سنة 1959 وهو يتضمن خطاب إلى المواطنين خاص بسحق العدوان الدموى الذى قام به الخائن الشواف الخ". ثم قال الحكم فى تحصيله للأدلة: "ومن حيث إنه لما تقدم ترى المحكمة أن التهمة ثابتة قبل المتهم الأول من اعترافه فى تحقيق النيابة ومن ضبطه محرزا لهذه الأوراق التى تنطبق بأنه منضم إلى الحزب الشيوعى المصرى ومن أقوال الشهود الملخصة أقوالهم فيما تقدم، كما أن التهمة ثابتة قبل المتهم الثانى - الطاعن الثانى - من معلومات الصاغ سعيد محمد عقل التى أدلى بها فى التحقيقات والأوراق بأن الاسم الحركى حسين هو إسم للمتهم الثانى الطالب بكلية التجارة بالإسكندرية وقد تأيدت هذه الأقوال بما ثبت من المضاهاة هو أن الورقة الخطية المضبوطة مع المتهم الأول هى بخط هذا المتهم الثانى ومن ضبط كتاب بمنزله من تأليف عفيف البزرى الشيوعى الهارب إلى العراق". لما كان ذلك، وكان الحكم وإن أورد فى بيانه لمضمون الأوراق والكتب المضبوطة بعض الأغراض المنشودة فإنه لم يوضح مدى مطابقتها للأهداف المؤثمة فى القانون ولم يستظهر من واقع هذه المطبوعات أو من ظروف الدعوى وأقوال لشهود التى حصلها أن الإلتجاء إلى القوة أو الإرهاب أو إلى أية وسيلة أخرى غير مشروعة كان ملحوظا فى تحقيقها الأمر الواجب توافره للعقاب على جريمتى الإنضمام إلى أى جمعية ترمى إلى قلب نظم الدولة الأساسية والاجتماعية والإقتصادية - بالقوة، والترويج لأى مذهب يهدف إلى ذلك، اللتين دين بهما الطاعن. ولا يغير من الأمر ما ذهب إليه الحكم من نسبة تهمة الشيوعية إليه لأن ذكر هذا الاصطلاح - الذى لم تتضمنه نصوص القانون ولم تورد له تعريفا - لا يغنى عن بيان العناصر التى تتألف منها الجرائم التى استند إليها الحكم فى الإدانة - كما هى معرفة به فى القانون - لما كان ما تقدم، وكان هذا القصور الذى شاب الحكم يتناول مركز الطاعن الأول الذى لم يقدم أسبابا لطعنه، فإنه يتعين نقض الحكم للطاعنين معا عملا بالمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 والإحالة.