أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 21 - صـ 1001

جلسة 26 من أكتوبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمود عباس العمراوى، وعضوية السادة المستشارين/ أنور أحمد خلف، وإبراهيم الديوانى، ومحمد السيد الرفاعى، ومصطفى الأسيوطى.

(239)
الطعن رقم 975 لسنة 40 القضائية

(أ، ب،ج) قتل عمد. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام". "خبرة".
( أ ) تطابق أقوال الشهود مع مضمون الدليل الفنى فى كل جزئية منه غير لازم.
(ب) ليس على الحكم أن يورد إلا ما له أثر فى حكمه.
(ج) خطأ الحكم فى تحديد نوع السلاح النارى المستعمل فى جريمة القتل العمد لا يعيبه ما دام ليس له أثر فى قيامها.
1 - ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى فى كل جزئية منه بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
2 - من المقرر أنه ليس على الحكم إلا أن يورد ما له أثر فى حكمه.
3 - إن خطأ الحكم فى تحديد نوع السلاح النارى عند استخلاصه توافر نية القتل لا يعيبه ما دام أن ذلك ليس له أثر فى قيام الجريمة التى دان الطاعنين بها.


الوقائع:

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم فى يوم 29 يونيو سنة 1968 بدائرة مركز أخميم محافظة سوهاج: (المتهم الأول) شرع فى قتل رشاد رضوان أبو همام عمدا بأن أطلق عليه عيارا ناريا من بندقيته التى كان يحملها قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجنى عليه بالعلاج. (المتهم الثانى) شرع فى قتل موسى دياب أبو همام عمدا بأن أطلق عليه عيارا ناريا من بندقية كان حاملاً لها قاصد من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركه المجنى عليه بالعلاج. (المتهم الثالث) شرع فى قتل محمد جوده أبو همام عمدا بأن أطلق على المجنى عليه عيارين ناريين من مسدسه قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركه المجنى عليه بالعلاج. (المتهمان الرابع والخامس) شرعا فى قتل حسين دياب موسى عمدا بأن أطلقا عليه عيارين من بندقيتين مع كل منهما قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو مداركة المجنى عليه بالعلاج. والمتهم الرابع أيضاً - أحرز سلاحا ناريا مششخناً (بندقية) بدون ترخيص وأحرز ذخيرة (طلقة) مما تستعمل فى السلاح النارى سالف الذكر ولم يكن مرخصا بحمله. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد (45 و46 و234/ )1 من قانون العقوبات و1/ 1 و6 و26/ 2 و30 من القانون 394 لسنة 1954، المعدل بالقانونين 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والبند (ب) من القسم الأول من الجدول رقم 3 المرفق، فقرر بذلك. وادعى مرسى دياب موسى بحق مدنى قبل المتهمين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت، كما ادعى رشاد محمد رضوان مدنيا بمبلغ مائة جنية قبل المتهم الأول. ومحكمة جنايات سوهاج حضورياً عملاً بمواد الاتهام بالنسبة للمتهمين الأول والثانى والمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة لباقى المتهمين (أولاً) بمعاقبة المتهمين الأول والثانى بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات. (ثانياً) فى الدعوى المدنية بإلزام المتهم الأول بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى رشاد محمد رضوان مبروك مبلغ مائة جنيه والمصاريف وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة وبإلزام المتهم الثانى بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى مرسى دياب أبو حمامة مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة (ثالثاً) براءة كل من المتهمين الثالث والرابع والخامس مما أسند إليهم. فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة الشروع فى القتل العمد قد شابه قصور وتناقض فى التسبيب، ذلك بأنه تساند فى إدانتهما إلى التقرير الطبى الشرعى دون أن يعنى ببيان هذا الدليل بياناً كافياً يتضح منه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة إذ أغفل بيان مسار العيارين الناريين اللذين أطلقا على المجنى عليهما، كما تساند الحكم إلى الدليلين القولى والفنى دون أن يتفطن إلى قيام تعارض بينهما ولم يعن بالتالى برفعه إذ أن مؤدى أقوال شهود الإثبات حسبما حصله الحكم أن الطاعن الأول أطلق العيار النارى وهو فى مواجهة المجنى عليه رشاد محمد رضوان فى حين أثبت التقرير الطبى الشرعى أن مسار هذا العيار كان من الأمام للخلف ومن اليسار قليلاً إلى اليمين، واقتصر الحكم فى تحصيله لأقوال المجنى عليه مرسى دياب على مجرد إطلاق الطاعن الثانى عياراً نارياً أصابه فى فخذه الأيمن، والبادى من أقوال هذا الشاهد فى جميع مراحل التحقيق أن الطاعن المذكور كان فى مواجهتة وإلى يمينه حال إطلاق النار، ولزوم ذلك أن يكون مسار العيار من اليمين ومن اليسار ومن أعلى إلى أسفل، فى حين حدد التقرير الطبى الشرعى هذا المسار على أنه من اليسار لليمين بمستوى أفقى تقريبا، هذا بالإضافة إلى أن الحكم بعد أن ذكر فى مجال تبيانه للواقعة وأدلة الثبوت أن الطاعنين أطلقا عيارين ناريين على المجنى عليهما من بندقيتين عاد فأورد فى مجال استظهار نية القتل لدى الطاعنين أنهما استعملا بندقية ومسدساً.
وحيث إنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد فى مؤدى أقوال المجنى رشاد محمد رضوان أن الطاعن الأول كان فى مواجهته عندما أطلق عليه العيار النارى كما أورد فى مؤدى أقوال المجنى عليه مرسى دياب أبو حمامة أن الطاعن الثانى أطلق عليه مقذوفاً وقت خروجه فى صباح يوم الحادث وأثناء اتجاهه إلى حقله فأصابه فى فخذه الأيمن كما أورد الحكم فى مضمون التقرير الطبى الشرعى أن بالمجنى عليه رشاد محمد رصوان فتحة دخول عيار نارى بين الضلع السابع والثامن من الجهة اليمنى بجانب عظمة القفص الصدرى ولا يوجد مكان خروج، وأن بالمجنى عليه مرسى دياب أبو حمامة فتحة دخول عيار نارى بالجهة الخارجية للفخذ الأيمن، وفتحة خروج المقذوف بالجهة الداخلية لنفس الفخذ كما أصيب بعيار نارى فى فخذه الأيسر وأن اتجاه المقذوفين فى الجسم فى الوضع الطبيعى القائم لكل من الطرفين السفليين كل على حدة من اليسار لليمين بمستوى أفقى تقريباً مع ملاحظة أن هذين الطرفين أعضاء متحركة مما يتعذر معه القطع بموقف الضارب من المضروب. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم مما يتلاءم به فحوى الدليلين القولى والفنى بغير تناقض, ذلك أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى فى كل جزئية منه بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق، ولما كان من المقرر أنه ليس على الحكم إلا أن يورد ما له أثر فى حكمه سيما وأن الدفاع عن الطاعنين لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بالتناقض بين الدليلين القولى والفنى. لما كان ما تقدم، وكان خطأ الحكم فى تحديد نوع السلاح - عند استخلاصه لتوافر نية القتل - لا يعيبه مادام ذلك ليس له أثر فى قيام الجريمة التى دان الطاعنين بها. لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعاً.