أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 12 - صـ 297

جلسة 6 من مارس سنة 1961

برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: السيد أحمد عفيفى، وتوفيق أحمد الخشن، وعبد الحليم البيطاش، ومحمود اسماعيل المستشارين.

(55)
الطعن رقم 2415 لسنة 30 القضائية

رشوة. أركانها. اختصاص الموظف.
(أ) أركان الشروع فى الرشوة لا تختلف عن أركان الجريمة التامة.
(ب) يشترط للتجريم أن يكون العمل داخلا كليا أو جزئيا فى الاختصاص القانونى للوظيفة.
1 - لا صحة لما تضمنه الطعن من أنه لا يشترط للعقاب اختصاص الموظف بالعمل موضوع المساومة فى حالة الشروع فى الرشوة، لأن الشروع هو بدء تنفيذ الجريمة بأركانها المعرفة بها فى القانون، ومادام الاختصاص أو الزعم به شرطا فى الجريمة التامة فالأمر لا يختلف فى حالة الشروع. وهذا المعنى مستفاد من إحالة المادة 109 مكررا من القانون رقم 69 سنة 1953 على المادة 103 منه بما تضمنته من شرط الاختصاص.
2 - إنه مع التسليم بأنه لا يشترط لاعتبار الموظف مختصا بالعمل أن يكون اختصاصه شاملا للعمل كله بل يكفى أن يكون له فيه نصيب، إلا أنه يشترط فى هذا العمل أن يدخل كليا أو جزئيا فى الاختصاص القانونى للوظيفة، إما لأن القوانين أو اللوائح تخول الموظف سلطة مباشرته وإما لأنه من أعمال الخدمة العامة التى يكلف بها من رؤسائه تكليفا صحيحا. أما حيث لا يكون للموظف أن يقوم بالعمل أو بنصيب منه فى الحدود السابقة فلا جريمة.


الوقائع

اتهمت نيابة أمن الدولة المطعون ضده بأنه فى ليلة أول يونيه سنة 1957 عرض رشوة على مستخدم عمومى للإخلال بواجبات وظيفته وذلك بأن قدم للعسكرى خفاجة محمد خفاجة (حارس حجز مركز زفتى) مبلغ ثلاثين قرشا على سبيل الرشوة لإخراجه من الحجز ولكن المستخدم العمومى لم يقبل الرشوة منه. وطلبت إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 104 و 109 مكررا و 110 و 111 من قانون العقوبات المعدل بالقانون رقم 69 لسنة 1953. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا ببراءة المتهم عبد المنعم السيد زمزم مما أسند إليه. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى القانون بأن قضى ببراءة المتهم على أساس أن العسكرى الذى عرضت عليه الرشوة لم يكن مختصا بفتح باب الحجز الذى طلب منه فتحه ولم يكن ذلك فى استطاعته وأنه يشترط للعقاب أن تعرض الرشوة على موظف لأداء عمل من أعمال وظيفته ولو كان العمل حقا أو للامتناع عن عمل من الأعمال المذكورة وما ذهب إليه الحكم ينطوى على خطأ فى تطبيق القانون ذلك بأن القانون رقم 69 لسنة 1953 قد تغيرت نظرته إلى جريمة الرشوة فلم يقتصر على حالة قيام الإختصاص فى شأن العمل موضوع المساومة بل اكتفى فى جريمة الراشى بأن يكون المرتشى قد زعم اختصاصه بأداء العمل أو أوهم بذلك ولم يشترط نص المادة 109 مكررا من القانون اختصاص الموظف بالعمل المطلوب وهو شرط يبدو غريبا فى جريمة الشروع التى يعاقب فيها على مجرد عرض الرشوة أى على مجرد محاولة شراء ذمة الموظف مختصا كان أو غير مختص على أنه فى ظل القانون القديم كان يكفى للعقاب أن يكون للموظف علاقة بالعمل المطلوب وإذ كان العسكرى مكلفا بحراسة باب الحجز فقد كانت له علاقة بفتحه بطريق أو بآخر رغم وجود مفتاحه مع غيره فضلا عن أن مسئوليته قد تستدعى أن يطلب المفتاح من حامله.
وحيث إنه لا صحة لما تضمنه الطعن من أنه لا يشترط للعقاب اختصاص الموظف بالعمل موضوع المساومة فى حالة الشروع فى الرشوة لأن الشروع هو بدء فى تنفيذ الجريمة بأركانها المعرفة بها فى القانون ومادام الإختصاص أو الزعم به شرطا فى الجريمة التامة فالأمر لا يختلف فى حالة الشروع وهذا المعنى مستفاد من إحالة المادة 109 مكررا من القانون سالف الذكر فى بيان المقصود من الرشوة على المادة 103 منه بما تضمنته من شرط الإختصاص فلا جريمة إذن كلما كان العمل المراد القيام به أو الإمتناع عنه لا يدخل فى اختصاص الموظف ولم يزعم هذا الأخير أنه من اختصاصه. لما كان ذلك، وكان ما قيل من أنه لا يشترط لاعتبار الموظف مختصا بالعمل أن يكون اختصاصه شاملا للعمل كله بل يكفى أن يكون له فيه نصيب فإنه مع التسليم به، إلا أنه يشترط فى هذا العمل أن يدخل كليا أو جزئيا فى الاختصاص القانونى للوظيفة إما لأن القوانين أو اللوائح تخول الموظف سلطة مباشرته وإما لأنه عن أعمال الخدمة العامة التى يكلف بها من رؤسائه تكليفا صحيحا، أما حيث لا يكون للموظف أن يقوم بالعمل أو بنصيب منه فى الحدود السابقة فلا جريمة - لما كان ما تقدم وكانت المحكمة قد استظهرت فى حدود سلطتها التقديرية أن العمل الذى طلب من العسكرى أداؤه لم يكن داخلا فى اختصاصه ولا كان فى استطاعته فعله وكان تقديرها فى ذلك سائغا لحمل النتيجة القانونية التى انتهت إليها فإنه لا يقبل من الطاعن ما يثيره فى هذا الشأن أما قول الطاعنة بأن الحارس يستطيع فتح الباب بطريقة أو بأخرى فإن هذا لا يضفى عليه اختصاصا ولا يجعل له فى الاختصاص نصيب كما أن صلته بحامل مفتاح الحجز وإمكان الحصول على هذا المفتاح من حامله تسامحا فهو ضرب من ضروب الصلات الخاصة ولا شأن له بالاختصاص الوظيفى الذى رتب عليه الشارع مسئولية الموظف جنائيا - لما كان كل ذلك، وكان الحكم قد خلص من استعراض وقائع الدعوى إلى القول " بأن المحكمة ترى مع افتراض صحة الواقعة المسندة للمتهم أنه لا عقاب عليه فى هذه الحالة إذ يشترط لكى تكون جريمة الرشوة معاقبا عليها أن يكون العطاء قد قدم للموظف ليؤدى عملا من أعمال وظيفته ولو كان العمل حقا أو ليمتنع عن عمل من الأعمال المذكورة فإذا ما ثبت من التحقيقات ومما أدلى به العسكرى خفاجه محمد خفاجه والأمباشى عبد الفتاح معتوق بالجلسة أن العسكرى المذكور كانت مأموريته قاصرة على حراسة باب الحجز من الخارج وليس من اختصاصه ولا فى استطاعته فتح هذا الباب إذ أن مفتاحه مودع لدى الأمباشى عبد الفتاح معتوق وهو المنوب فى تلك الليلة والمنوط به القيام بهذه المأمورية - إذا ما ثبت ذلك وأقدم المتهم على إعطاء العسكرى المذكور مبلغا من المال وطلب من لقاء ذلك فتح باب الحجز على فرض صحة هذه الواقعة فإن ما فعله المتهم لا يقع تحت طائلة العقاب...". وكانت المحكمة قد أصابت بذلك الذى قالته وجه التطبيق الصحيح للقانون حين انتهت إلى نفى مسئولية المتهم، لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.